معركة صفين المسيحية
وانا اقرأ احدى المقالات على هذا الموقع, خطر ببالي سؤالين افتراضين مرتبطين ببعضهما. الاول, اليس نحن المسيحيين محظوظين لكوننا اقلية مضطهدة؟ والثاني المرتبط جدليا بالاول, لو كنا نحن المسيحيين اغلبية في بلد مثل العراق, ما الذي كان سيحدث؟ لا تستغربوا من هذه الاسئلة. انا فقط اتجرأ باخراجها من العقل الباطني لاغلب رواد هذا الموقع.
الجواب على السؤال الاول بكل بساطة هو ان يرحل بعضنا الى شواطئ امنة والبعض الاخر يبقى في مناطقه بمذلة التي اعتاد عليها الى حين الرحيل. اما الجواب على السؤال الثاني فهو اسهل للاجابة, هو ان المسيحيين ذو الاغلبية المذهبية سينهالون باضطهاد الاقلية المذهبية, وستقام محاكم التفتيش ثم الصلب على الاوتاد والحرق. لا يغرنكم بعض المثقفين ذوي الشهادات العليا من شعبنا الذين يكتبون هنا عن الاخوة المسيحية, لانهم اول من سوف يحمل المشاعل والسيوف ليقودوا الغوغاء وهم ينادون باسم المسيح والشعب المسيحي كما حصل في اوربا. اما البقية الباقية من اقلية الشعب المسيحي سيعودون مرة اخرى الى الكهوف ينتظرون المسلمين لانقاذهم من اخوتهم في الدين.
معركة صفين في 37 هجرية اي في القرن السابع الميلادي وغيرها من المعارك الاسلامية الاسلامية لها اسباب جذورها مسيحية. كان حاكم الشام معاوية بن ابي سفيان يشعر بانه اكثر استحقاقا بالخلافة من امام المسلمين علي بن ابي طالب لانه كان يمثل الاغلبية.
بالتأكيد اغلب قراء هذا الموقع على اطلاع بالقصة, لكن سردها باختصار مشوق وفيها كثير من العبر وبالاخص لنا نحن المسيحيين في العراق. منها بدأت الانشقاقات المذهبية في الاسلام بفرقة الخوارج وظهور الاسلام السياسي. ولا زال الصراع المذهبي المسيس في الاسلام الى يومنا هذا يجلب الحروب والويلات على الشعوب الاسلامية وغيرها في كل مكان.
كان جيش الامام علي بن ابي طالب على وشك الانتصارعلى جيش معاوية بن ابي سفيان رغم قلة عدده. فتفتق ذهن معاوية عن خطة مذهلة لانقاذ نفسه, وهي: من لا يقبل بتحكيم القرأن (الله) فهو ليس مسلم. امر عمرو بن عاص قائد جيش معاوية برفع المصاحف على أسنة الرماح ليحتكموا بكلام الله. توقف جيش الامام علي عن القتال وهم يرون المصاحف تعلو أسنة الرماح.
لم يفلح الامام علي في اقناع قومه بأنها خدعة ومكيدة رغم حكمته وبلاغته. حيث قال كلمته المشهورة " انها كلمة حق يراد بها باطل, انهم والله ما رفعوها, انهم يعرفونها ولا يعملون بها, انها الخديعة والوهن والمكيدة". لكن من يجرأ ان يخالف كلام الله!. اضطر الامام علي على قبول بالمفاوضات, ارسل رجل كبير في السن طيب القلب اسمه ابا موسى الاشعري نائبا عنه, ومن جانب معاوية كان قائده العسكري والسياسي المخضرم عمرو من عاص. اقنع عمرو ابا موسى ان يخلعا الامام علي ومعاوية من مناصبهما لوأد الفتنة والاقتتال, فطلب عمرو من الاشعري ان يبدأ اولا بخلع الامام علي لكونه اكبر سنا. فأعلن الاشعري امام الجمع, انني اخلع الامام علي من الخلافة كما اخلع هذا المحبس من اصبعي , لكن السياسي المخادع عمرو بن عاص قال بعده انا اثبت معاوية ابن ابي سفيان كما اثبت هذا المحبس في اصبعي. من هنا بدأت معركة صفين الحقيقية بل معارك الطائفية في الاسلام.
لكن واقعة صفين ورفع المصاحف على اسنة الرماح ليست اختراع اسلامي بحت, وانما مسيحية ايضا, بل ان المسيحية سبقت الاسلام في رفع الصلبان والاناجيل والقتل في الحروب المذهبية. ابتداءا من مجلس افسس وكلسيدون في القرن الرابع الميلادي, حيث هاج وماج رجال الدين والرهبان والعامة في قتل بعضهم البعض بالالاف, واستمر الاقتتال المسيحي المسيحي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ليصبح مجرد تخمين حساب الضحايا يتطلب تقريبه بعدد من الملايين.
قد يستغرب البعض عندما نذكر بان الطريقة التي مارستها الكنيسة الكاثوليكية في كرواتيا حليفة المانيا الهتلرية خلال الحرب العالمية الثانية في تحويل الصرب الارذودكس الى الكاثوليكية بشروط لا تختلف عن شروط داعش الحالية. قد لا تكون هذه مجرد مصادفة!. كان رجال دين الكاثوليك يعطون لسكان الارذودكس في كرواتيا ثلاث شروط , قارنوها بشروط داعش.
"القبول بالايمان الكاثوليكي
او الخروج بعد ترك ممتلكاتهم خلفهم
او تنظيفهم بمكنسة معدنية (اي قتلهم)"
عدد قتلى الصرب الارذودكس الذين تم قتلهم بيد الكاثوليك يقدر 700000 ولكن الحكومة الصربية تقدرهم بمليون ونصف.
حرب الثلاثين سنه في اوربا بين الكاثوليك والبروتستان ابتداءا من سنة 1618 حيث قتل ما يقارب 30% من سكان اوربا والتي كان فيها قتل الاطفال واغتصاب النساء وتدمير البنى التحتية شائع, كلها باسم الدين المسيحي.هذا غيض من فيض
الامبراطورية الرومانية الكاثوليكية شنت حروب شعواء على شعوب مسالمة حول العالم, قتلت ونكلت بالابرياء وافنت ثقافاتهم وسرقت ثرواتهم لتحيلهم الى اشباح كاثوليكية بائسة تابعين للامبراطورية الرومانية وحاليا الامبراطورية الفاتيكانية . ولازالت المسيحية في حالة حرب داخلية والتي افرزت لحسن الحظ الليبرالية في الغرب رغم مساؤها فكبحت جماح المؤسسة الكاثوليكية. هل الاعتذار المتكرر لبابا الروما عن ابادة الشعوب ستمسحها من ذاكرة الناس ومن كتب التاريخ؟ لا اعتقد
لكن كنيسة الرومانية الحديثة لم تعد تستعمل القوة العسكرية, استبدلت الجيوش والاسلحة الفتاكة التي كانت تستعملها سابقا بقوة رخوة اكثر فتكا من سابقتها. قوة المال والمصالح والسياسة ضد الشعوب الصغيرة لتذيقها مزيد من الاضطهاد .
تقسيم شعبنا الى ملل وشلل لم يروي ضمئها بعد. لا تطيق قرية تسمى بغير التسمية التي هي تريدها ولا مختار الا الذي هي تنصبه. ترفع الاناجيل في وجوهنا كلما اختلفنا معها في تسميتنا.
صدق امام المسلمين عندما قال:
"كلمة حق يراد بها باطل"