أفكار تراودني
بقلم الكاتبة حياة تشغلني افكاري المتعددة المتنوعة بشكلٍ دائم فتعصف عاصفة قوية في عقلي وأنها تكمن في الغيوم وتطير في الرياح وتسقط مع هطول الامطار وانا مثل طفلة مذعورة منعزلة عن السلام. لا يمكنني ان افهمها او ارتبها او أتعامل معها او اتغلب عليها بل أقف في منتصف العاصفة حتى تأتي إلي فكرة واحدة كصاعقة وأحاول الإلمام بها وفي ذلك الحين تنير تلك الفكرة للسامع وتروق له وتتوقف العاصفة لفترة وجيزة وعلى هذا المنوال تسير حياتي اليومية في التعامل مع افكاري. اتنهد واهدئ الأفكار المستديمة واستمر في المضي قدما حتى لا أصاب بالتشنج.
لن ابوح بكنه أسراري فهو جوهر ذاتي ويستحق الحفاظ عليه ورغم المعضلة التي أمنى بها ارتأي الالتزام بالرواقية والعزلة في سيرتي ليس لان الحياء يكبحني بل انني احمي روحي من الخيبة والخيانة. أفسر لا شخصيتي فحسب، بل شخصية يمتلكها الكثيرون وهم نفوس غير مرئية امام الاغلبية المكفوفين وذوي الآراء غير المدروسة وكلهم يختبئون خلف الظلام بطبيعتهم إلا انهم ليسوا جبناء ولا يرضخون لإرادة الاخرين بل يمتلكون الشجاعة كمحرك العرائس يسيطرون على الأمور من حولهم ويجذبون الاخرين بفتن غموضهم.
ماذا عن المكفوفين في عالمنا؟ هل الابطال المذكورين لدودين في هذه الأفكار؟ من ناحية أود القول إنهم فعلا يمثلون هذه النظرية الساذجة لأنها تقوى مكانتنا في هذا العالم العملاق وتثبت ثقتنا بأنفسنا بيد ان هؤلاء الأشخاص لديهم مكانة مهمة في هذا الكون لأنهم وبشكل خاص يعوضون قصورنا والعكس. يوجد اعتقاد سائد في العالم المعاصر بأن يحكم على العالم المنفتحون ويترك المتقوقعين يعيشون في ذعرهم منكفئين وهذه هي الصورة النمطية التي نراها امامنا كما تبدو لنا الحقيقة رغم وجود حقيقة أخرى مسكوت عليها. اذ يمكن للشخص المنطوي ان يقود الاخرين قيادة قوية كما يمكن للمنبسط الانكماش امام مصائب الحياة. قد يكون المتقوقع ملهما فيبدو الشخص المنبسط العادي ضئيلا بجانبه.
في نهاية المطاف لا يمكننا أن نعرف أي شخص بناء على افتراضاتنا فحسب بل يجب علينا ألا نحكم على الأخرين ولا نستخف بهم بل ينبغي علينا التعرف عليهم عن كثب. ولا يمكن الحكم على الكتاب من غلافه.