المحرر موضوع: الحكيم في القاهرة: مبادرة لمصالحة إقليمية بعد فشل التسوية الداخلية  (زيارة 1065 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31484
    • مشاهدة الملف الشخصي
الحكيم في القاهرة: مبادرة لمصالحة إقليمية بعد فشل التسوية الداخلية
حلّ عمار الحكيم رئيس كتلة المواطن في البرلمان العراقي بالقاهرة، الاثنين، في إطار جولة عربية تضم إلى جانب مصر عددا من دول المغرب العربي، ويسوق خلالها لمبادرة عراقية لعقد اجتماع إقليمي يضم مصر والعراق وإيران وتركيا والسعودية للعمل على حل أزمات المنطقة عبر الحوار.
العرب/ عنكاوا كوم [نُشر في 2017/04/20]

البحث عن سند
القاهرة - كشفت مصادر متابعة لزيارة عمار الحكيم، رئيس كتلة المواطن في البرلمان العراقي إلى مصر، أن القيادي الشيعي يحاول تمييز نفسه عن القيادات السياسية الشيعية الأخرى في العراق، من خلال الاستقواء ببيئة عربية حاضنة تخفف من اتهامه بالموالاة لإيران.
واعتبرت هذه المصادر أن المبادرة التي تحدث عنها لإنجاح مصالحة إقليمية لا تستند على معطيات صلبة ولا تتجاوز واقعها الإعلامي البحت، وأن زيارته إلى القاهرة بعد عمان والجولة التي ستقوده إلى بعض دول المغرب العربي هي محاولة لجس نبض العواصم العربية من أجل تعييش العرب مع واقع الهيمنة الإيرانية على قرار بغداد.

وكشف الحكيم، الأربعاء، عن مبادرة عراقية لعقد اجتماع إقليمي يضم مصر والعراق وإيران وتركيا والسعودية للعمل على حل أزمات المنطقة عبر الحوار.

وقال الحكيم، وهو رئيس الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، “لقد طرحت على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مبادرة عراقية بعقد اجتماع إقليمي يضم مصر والعراق وإيران وتركيا والسعودية للعمل على حل أزمات المنطقة عبر الحوار”، مضيفا أننا “اقترحنا دراسة هذا المقترح إذا ما ارتأت مصر أنه خطوة صحيحة من منطلق أن مصر قوية ومؤثرة ولها دور ريادي في المنطقة”.

غير أن مصادر في مصر اعتبرت أن اهتمام القاهرة باستقبال رجل الدين الشاب بما في ذلك اجتماع عمار الحكيم مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، يعكس توقا مصريا للعب دور فاعل لاستكشاف إمكانات مقاربة الحالة العراقية من موقف يقع بين السعودية وإيران.

ودون إبداء رأي صريح في المبادرة، أعربت الخارجية المصرية عن “مساندة مصر لكل جهد مخلص يستهدف تحقيق المصالحة الوطنية في العراق، ووقف نزيف الدماء بين أبناء الشعب العراقي، وتوحيد كل الجهود لمكافحة الإرهاب، وإعادة بناء الدولة، وعودة العراق إلى ممارسة دوره في الدفاع عن الأمن القومي العربي، بما يعزز الاستقرار والسلام في المنطقة”. وشددت الخارجية على “الموقف المصري الداعم لوحدة العراق وسيادته على كامل أراضيه”.

ورأت أوساط مصرية متابعة أن القاهرة حريصة على الحفاظ على العلاقات الجيدة والتي شهدت تحسنا مع الرياض في الآونة الأخيرة، وأن استماعها للمسؤول العراقي لا يعدو كونه استطلاعيا ولا يروم القيام بأي مبادرات في هذا البلد تتجاوز السياسة السعودية.

ونبهت هذه الأوساط إلى مواكبة مصر للجهود السعودية لتطبيع العلاقات السعودية العراقية، خصوصا منذ الزيارة اللافتة التي قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد في فبراير الماضي، وأن ليست للقاهرة أجندة خاصة في العراق منفصلة عن المزاج الخليجي العام.

إلا أن الحكيم حاول تقديم نفسه كطرف يدعو إلى نزع الفتنة بين السنة والشيعة، مشيرا بعد لقاء جمعه وشيخ الأزهر أحمد الطيب إلى أن الإرهاب نتيجة الفكر التكفيري، وهو ما يحتاج إلى مراجعات من الأزهر والنجف عبر عقد لقاء بين أئمتهما ليشيعا الاعتدال والفكر الإسلامي المعتدل، واصفا الأزهر الشريف بأنه مدرسة اعتدال ووسطية وتوازن.

الحكيم يطرح مبادرة لعقد اجتماع إقليمي يضم مصر والعراق وإيران وتركيا والسعودية للعمل على حل أزمات المنطقة
ويرى خبراء أميركيون في الشؤون العراقية أن الإدارة الأميركية تعمل على بناء استراتيجية جديدة في العراق تقوم على مبدئي تقوية الدولة ومحاصرة النفوذ الإيراني في العراق، وأن رعاية واشنطن العسكرية المباشرة لمعركة الموصل ضد تنظيم داعش تتواكب مع جهود دبلوماسية مع كافة دول المنطقة لرفد العراق بمنظومات اقتصادية وسياسية تستهدف إعادة إعمار المناطق المنكوبة من جهة، كما تعمل على تصويب النظام السياسي العراقي لجهة إعادة التوازن الداخلي من جهة أخرى، بما يمنع من عودة “داعش” أو أي شكل من أشكال التطرف التي تتأسس على “مظلومية” السنة في البلد. ورأى هؤلاء أن القاهرة مدركة تماما لجهود واشنطن في هذا الصدد.

ورغم أن الحكيم نفى أن يكون حاملا لرسائل من إيران إلى مصر، إلا أن مراجع عراقية متخصصة رأت في مناورة الحكيم محاولة إيرانية للتسلل إلى المنطقة العربية ومحاولة اللعب على التناقضات الداخلية، خصوصا وأن مساعي سابقة كان قد أعلن عنها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في يناير الماضي باءت بالفشل، حين ذكر أنه وسيط بين إيران والسعودية. وقوبلت تصريحاته بالإهمال من الرياض.

وترى هذه المراجع أن حسابات الحكيم محلية عراقية ليست مرتبطة بأي أجواء إقليمية توحي بإمكانية انعقاد أي اجتماع بين هذه الدول وفق الصيغة التي تحدث عنها.

ورأت هذه الأوساط أن موقف القمة العربية في البحر الميت من التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية وضع سقفا لأي تطبيع عربي إيراني لا يأخذ بعين الاعتبار تبدلا جذريا ملموسا في سياسة إيران الإقليمية، فيما ذكّرت مصادر سعودية، تعليقا على مبادرة الحكيم، بتصريحات الجبير الذي ما فتئ يردد أن “إيران تعرف ما عليها أن تفعل” لتطبيع العلاقات مع السعودية.

ولفتت مصادر عراقية إلى أن الحكيم يسعى من القاهرة لاستعادة الزخم الذي فقده بعد اعترافه شخصيا بفشل مشروع “التسوية التاريخية” الذي اقترحه للمصالحة بين الشيعة والسنة في العراق، عازيا ذلك آنذاك إلى عدم الاستجابة الكافية من المحيط الإقليمي خاصة بعد لقاء إسطنبول في مارس الماضي، والذي جمع عددا كبيرا من القيادات السياسية السنية.

ورأت هذه المصادر أن الحكيم يعود ويحاول تسويق مبادرته في القاهرة من خلال اللعب على وتر الخلاف المصري التركي الراهن.

غير أن مراقبين اعتبروا أن المشروع الذي طرحه الحكيم لم يكن بالدرجة التي يمكن أن تجذب الأطراف السنية إليه، مشيرين إلى أن الحكيم من خلال مشروعه “التسوية التاريخية” يسعى إلى إعادة إنتاج نظام المحاصصة، مستفيدا من تداعيات الأحداث التي جعلت من العرب السنة الطرف الأضعف في معادلة الحكم.

وكان عمار الحكيم اعتبر أن لقاء إسطنبول أضر بمصالح الشخصيات السنية المشاركة فيه، عازيا “تشدد مطالب السنة” إلى رهان التيارات السياسية السنية على الإدارة الأميركية الجديدة في مواجهة الهيمنة الإيرانية على مراكز القرار في بغداد.

وبخصوص زيارة القاهرة، أوضحت الخارجية المصرية أن زيارة الحكيم تأتي “في إطار تواصل مصر مع مختلف أطياف الشعب العراقي والقوى السياسية على الساحة العراقية، والداعم لكل جهد يستهدف تحقيق المصالحة الوطنية في العراق”.

ويروج مقربون من الحكيم أن الرجل يمثل الكتلة الشيعية السياسية العربية التي تتميز عن الكتل الشيعية الأخرى الموالية لإيران بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، فيما تلفت مصادر في القاهرة إلى أن اهتمام القاهرة بزيارة الحكيم يأتي ضمن جهود مصر لاستعادة العراق للحضن العربي، خصوصا أن ثوابت الأمن القومي المصري الاستراتيجي تعتمد تاريخيا على بوابات سوريا والعراق.