المحرر موضوع: الريمونتادا العربيّة!  (زيارة 1041 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
الريمونتادا العربيّة!
« في: 18:28 20/04/2017 »
الريمونتادا العربيّة!

مقدمة :
ريمونتادا    Remontada كلمة إسپانية تعني التعافي والعودة!
اُستخدمت لوصف المعارك الأهلية وحركات التمرّد بين القرنين الـ16 و الـ19 ,عندما كان إقليما (الباسك وكاتالونيا) يسعيان للإستقلال بعيداً عن الحكم الملكي الإسپاني!
لاحقاً أضحت (الريمونتادا) كلمة أدبية لدى اُدباء اللغة اللاتينية / بابلو نيرودا , پيدرو الگورون ,غابريال ميرو ,لدى وصفهم المعارك المَلحميّة التي إنتصر فيها طرف على آخر بعد أن كان مكسوراً مدحورا !
في كرة القدم اُستخدم المصطلح على إستحياء في ثمانينات القرن الماضي ثمّ عادَ بقوة هذه الأيام بعد إنتصار البارسا (برشلونة) التأريخي في مباراة الإياب (في الكامب نو) على خصمهم (پاريس سان جيرمان) بنتيجة مذهلة هي ( 6 ــ 1 ) ,بينما كانوا قد خسروا ذهاباً بأربعة أهداف نظيفة!
فالريمونتادا إذاً هي العودة الظافرة بالنصر المُستحيل!
هذا يشبه فكرة طائر الفينيق (أو العنقاء) الإسطوري الفرعوني الذي يعود من تحت رماد الحريق ليصبح مثلاً يُحتذى للتحدّي والتجدّد والإنبعاث والإندفاع نحو النصر!
***
العرب يحتاجون ريمونتادا حقيقيّة!
طالما تغنّى العرب (حتى أنّهم بالغوا كثيراً في ذلك) بماضيهم المجيد التليد الذي سيطروا فيه على جزء مهم من العالَم القديم!
وما فتأؤوا يردّدون القول :أنّ  سيطرتهم إمتدت من حدود الصين شرقاً الى الأندلس (إسبانيا) غرباً!
أنا لستُ ضدّ التغنّي بالأمجاد ,لكن على أن يكون المجد المقصود وقتها قد نفع البشرية ونهض بأحوالها / إختراع الكهرباء مثلاً!
وأيضاً بشرط أن لايكون التغنّي بالأمجاد هو الشغل الشاغل لشعوب هي نائمة اليوم في العسل وتستورد كلّ إحتياجاتها من الإبرة الى الطائرة من الغرب الكافر الملعون عندهم طيلة الوقت!
هنا سيكون التغنّي بالأمجاد إضاعة لفرص النهوض ,ومجرد مرض سرطاني يودي بحياة المريض إذا لم يُستأصل على الفور!
الريمونتادا العربيّة المطلوبة للنهوض هي ريمونتادا علمية ,إجتماعيّة ,فكرية ,وحتى نفسيّة تخلصنا من قيود وتابوهات الفكر العربي!
***
العرب لا يريدون التعلّم من الآخرين!
يقول د.مراد وهبة عن رؤية المسلمين للغرب (الرابط 2) مايلي:
[لقد إنتهت الحروب بين العالمين الإسلامي والمسيحي باستيلاء الأخير على غرناطة في إسبانيا آخر معاقل المسلمين في أوربا عام 1492.مع
ذلك كان لدى العالم المَسيحي شعور خفي بأنّه مهدد من العالم الإسلامي.
فبدأ بدراسة اللغات والثقافات في الشرق الأوسط!
على عكس ذلك نجد العالم الإسلامي لم تكن لديه الرغبة في أن يكون على وعي بالحضارةالغربية المتقدمة!
 ولا أدلّ على ذلك من كون ترجمة المؤلفات اليونانيّة إلى العربية لم يقم بها (غالباً) سوى مسيحيين ويهود .بينما تركزَ إنشغال المسلمين بكيفية التعامل مع الآخرين من غير المسلمين.فخيّروهم بين ثلاث :
الدخول في الاسلام أو دفع الجزية أو الموت] إنتهى!
هل يحتاج هذا النصّ أيّ تعليق لنعرف عن أيّ ثقافة فاشلة نحن نتحدّث؟
***
ما العمَل ؟
لأجلِ الخروج من هذا المأزق والمستنقع والوحل الذي وضعَ العرب (والمسلمين) أنفسهم فيه هم يحتاجون أولاً الى :التصالح مع النفس!
هذا لن يحدث دون قراءة التأريخ من جديد بنظرة واقعيّة محايدة تعترف بالأخطاء (إذ لا توجد أمّة منزّهة في هذا المجال) ,ثمّ عرض المشاكل والتداعيات والنتائج الحاليّة لمبضع الجرّاح المختص ليقوم باللازم!
نذكر في هذا المجال إعتراف الألمان بجرائم النازية .بينما إنكار أردوغان الإسلامي لإبادة العثمانيين للأرمن قبل قرن من الزمان!
لو رضينا بالإعتراف والتصالح مع النفس ,فسوف تكون الخطوة رقم واحد هي عزل الدين عن الدولة ,أو سلوك الدرب العِلماني .والتخلّص من تقديس الطغاة والقتلة .كما التحلّص من كراهيّة الآخر المختلف!
وأوّل نتيجة ستكون توفير نصف الدخل القومي الذي يُصرف حالياً على مظاهر التديّن المخادعة دون وعي بذلك ,وتحويله للصناعة والزراعة والتعليم والصحة ورفاهية الناس!
ثمّ أنّ عالَم اليوم (في ظلّ العولمة) سائر نحو الإنفتاح والتكامل مع بعضه!
والذي لا يرى في الآخرين سوى أعداء يجب قتلهم (خصوصاً إذا كان حاله مثل العرب مُستهلكين لا مُنتجين) ,سيكون كمثل مَنْ يحكم على نفسه بالإعدام وينتظر مَن يسحب الكرسي من تحت قدميه!
***
الخلاصة :
الرمونتادا التي حققها البرشلونيين قبل بضعة أسابيع ضد باريس سان جيرمان الفرنسي,إستحال تكرارها مع الـ UV / اليوفونتوس الإيطالي!
من جهة أخرى ,رغم النهضة التكنلوجيّة العالميّة الشاملة  في الإتصالات والمعلومات ,لكنّ الريمونتادا العربية التي أحلم بها تكاد تكون مستحيلة في ظلّ سيادة فكر المشايخ (الشرفاء) والثقافة الأبويّة الذكوريّة وتحييد نصف المجتمع (النساء) ,وكراهيّة كلّ شيء مختلف حتى لو كان بفكر عربي. تبعاً للقاعدة الإسلاميّة القائلة :
[إنّ كلّ جديد بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار]!
أتمنّى أن أكون واهماً في هذا المجال ,ليقول النشيء الجديد كلمته يوماً ويسلك طريق العِلم والمعرفة والإنفتاح الحضاري على الجميع!

[الخلاص الحقيقي أن نخلّص الماضي ,نحوّل كلّ (ذلك ما كان) الى (ذلك ما أردتُ) ,هذا فقط ما اُسميه خلاصاً] هكذا تكلّم زرادشت/ نيتشه!
***
الروابط :
الأوّل :عبد العزيز الرباح / الريمونتادا
https://www.alarabiya.net/ar/sport/2013/12/10/%D8

الثاني : د.مراد وهبة / رؤيتي للقرن الـ 21
http://www.civicegypt.org/?p=46034

رعد الحافظ
20 أبريل 2017