المحرر موضوع: محلة ٧٣١ زقاق ٦٢ دار ١٢  (زيارة 1812 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Furat yosip

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 90
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
محلة ٧٣١ زقاق ٦٢ دار ١٢
« في: 12:02 05/05/2017 »


محلة ٧٣١ زقاق ٦٢ دار ١٢


فرات يوسپ

يعود الزمان بي لوهلة عندما غفيت لقيلولة خريف دافىء وانا اتفرج على جهاز التلفاز ذي الصوت الخافت والوقت قد قارب الظهيرة وأشعة الشمس في أوجها والطيور في قمة نشاطها وفجأةً قاطع نومي صوتها الصغير كجسدها إنها ابنتي ذات السبعة أعوام وهي تسألني عن سبب غفوتي في هذا الوقت من الظهيرة .... فهي قد ولدت في بلاد الغربة التي لاتعرف النوم .
فأخبرتها بأنني تذكرت وطني الذي كنا ننام من امانه وعلى وهج أشعة شمسه الرائعة . ولهذا نعست وغفوت يا صغيرتي .
تذكرت ظهيرة يوم الجمعة التي غالبا ما كانت مشمسة وكسولة ومليئة بالراحة والتفرج على جهاز التلفاز .تذكرت عندما كنا نحاول مرارا وتكرارا ان نلعب مباراة تنافسية مع المناطق الاخرى للعبة كرة القدم وكانت دائما تبوء محاولتنا بالفشل لعدم اكتمال عدد اللاعبين من كلا الفريقين لانشغالهم بأمور اخرى .
تذكرت السمك الذي كان يشويه ابي في التنور وذلك طبعا بعد ان تصنع أمي الخبز الاشوري ( الگردهية ) او الخبز العربي اللذيذ .
تذكرت أصدقائي مازن من الموصل وبسام من القوش وسرمد من تلكيف ودگلص جلوايا الاشوري  وگارو الأرمني وعدنان التركماني ومراد السرياني وماجد الفيللي  وعباس الشيعي ومصطفى السني ومروان الكردي ومحمد اللبناني ومحمود الفلسطيني وقيس الصابئي  وانمار من البو ناصر ( جماعة صدام حسين الله يرحمه او لايرحمه فهذا الامر يعود الى الله وحده ) تذكرتهم جميعا كنا نلعب سوية في محلة كانت تدعى ٧٣١ في يوم من الأيام كان لنا زقاق نعشقه كان يدعى ٦٢ وكان لنا بيت نجتمع عنده وبالتحديد عند الصبّة الكونكريتة لماذا لا ادري ؟ التي كانت مسرحا للسكائر والعلچ وحب شمسي قمر والحكايات والمعلومات التي كانت في الغالب مؤلفة من قبلنا والنكت الخفيفة منها والثقيلة .والذي كان رقمه ١٢ كنا نحتفل بعيد السومكا الاشوري وعيد الصليب والقيامة نضئ الصلبان ونوزع الكليچة اللذيذة التي كانت محلتنا  تمتلئ برائحتها الزكية ... العيد كان للجميع كنا نحتفل سعداء بسطاء آمنين . كنا نتلهف لاكل الهريسة من أيد جيران العمر هريسة العباس الشهيرة للشيعة بنكهة الدارسين . نتبادل الزهور في عيد رأس السنة الاشورية ونضع السنابل الخضراء على باب بيتنا مرحبين بالربيع وهذا كنا نفعله في عيد نوروز الكردي .تذكرتهم وحينها اشتقت الى وطني الذي عشقته قبل الكل عشقت سمائه الملئ بالنجوم تتوسطها الشمس عشقت هفيف أشجاره العالية وضلال نخيله المقدس عشقت أنهره الخوالد عشقت الفراشات التي كانت تملئ سمائه عشقت ضحكات أمي الجميلة وهي تغني أغنية ( الحلوة فلاحة ) الريفية . عشقت حتى صوت الجرس الذي يرنه بائع النفط . عشقت تمره نبقه والزعرور . ياربي ما اشهاه النارنج والنومي حلو والچمة وما الذه الخريّط وقصب السكر والخشخاش والسيسماله . عشقت شتائه البارد الذي كنا نمشي بلا كلل او ملل الى المدرسة وأيدينا تتشقق جفافا من البرد .تذكرت الحبانية وأيام الصيف الجميلة كيف لي ان أنسى جبال اشور في شمالنا الحبيب والطبيعة الخلابة والماء العذب تذكرت سنجار ومرتفعاتها والمناظر الخلابة في جبالها وكرم اَهلها الايزيديين ومعابدهم الجميلة تذكرت ديالى والتفاح الصغير ذو الطعم الخيالي تذكرت وعشقت نينوى المقدسة التي كانت ومازالت تناديني في يقظتي و أحلامي .تذكرت بغداد ( يا عيني على بغداد ) فقد تركت قلبي ينبض فيها وحدها .  شارع السعدون شارع النهر سوگ الصفافير شارع المتنبي الوگفة ( سوگ الحرامية ) باب الشرجي الأعظمية الكرادة الجادرية بغداد الجديدة الغدير كمپ الگيلاني كم ساره الدورة الميدان الزعفرانية وغيرها من المناطق التي كانت تضاهي الجنة في جمالها .
عفوك يا وطني لأنني نسيت منك الكثير في سنين الغربة الغريبة  واعتذر منك يا وطني او ما تبقى منك لأنني اتحدث عنك قليلا هذه الأيام فذكراك تقتلني وبعدك انهكني واتعبني وجعلني بما يسمى شاعرا بعدما كنت اتلفظ واتهجى احرف اسمي .اسف على بعدي اسف على شجني اسف على حيرتي وهجري وعجزي .
فلازلت ياوطني جميلا غنيا عفيفا سميا خالدا مقدسا .
ذكريات عادت بي الى الماضي الملئ بالحب والوفاء والصداقة المفقودة في الغربة المزيفة .
وعندها قالت لي ابنتي ببراءة الصغار العفوية تعال نرجع الى بلاد الأحلام . أخبرتها اي بلاد احلام تتحدثين عنها ؟
فأخبرتني بلاد الأحلام التي كانت تدعى ( وطنك ).




غير متصل زاهـر دودا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 267
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: محلة ٧٣١ زقاق ٦٢ دار ١٢
« رد #1 في: 23:11 06/05/2017 »
الشاعر الصديق فرات يوسب المحترم
تحية طيبة
شكرا لك ودامت هذه المشاعر و الاحاسيس الراقية النبيلة في وصف الجنة ... واقول :
بلاد الاحلام ( وطني ) اصبح خيالا نوصفه بالكلام الجميل كالجنة الموعودة. وموعد اللقاء لا نعرف مصداقيته ولكننا نقرؤه عند وصف الجنة في الكتب الدينية السماوية والارضية ونتمنى نيلها في الحياة الاخرة
لم نكن نعلم اننا كنا في الجنة ، يا صغيرتي الملاك الجميل ويا صديقي الشاعر الاصيل ، وبثمالتنا من ثمار خيراتها الوفيرة تقاعسنا لينالها الاشرار جاعلين منا سفراءا لها نوصفها (الجنة) الى الشعوب الاخرى عند دول العالم !!!!
تحياتي رابي فرات عم ايقاري مع المزيد
زاهر دودا     
 

غير متصل Furat yosip

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 90
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: محلة ٧٣١ زقاق ٦٢ دار ١٢
« رد #2 في: 07:53 08/05/2017 »
اشكرك اخي وصديقي العزيز أستاذ زاهر المحترم على هذا الإطراء الجميل