المحرر موضوع: حدادا على التاريخ نص جديد للشاعر بهنام عطاالله  (زيارة 951 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بهنام عطااالله

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1509
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من أدب النزوح والتهجير
نص جديد
         حدادا على التاريخ

(يوم دمر الظلام متحف الموصل واثار نينوى)

بهنام عطاالله

 الظلام يلف وطني
بلاد ما بين النهرين ميزوبوتاميا
دم التاريخ ما زال
يحرق في متاحف الكون والحداثة
وما زالت تلك المعاول تهدم الثقافة
وتحرق الكتب وتنشر السخافة
إنه جسدنا الذي يحرق كل حين
كفارة تحت سلطة السيف والمعول
ايقوناتنا لم تسلم من التخريب
قتلوا البشر
كسروا الأقفال
وحطموا الحجر
             * * *
بكيت وبكت...بكينا وبكوا
إننا ننعي ما تبقى من أثارنا
التي دمرها الشر وسحق الحضارة
هكذا قديما قد دون التاريخ
حين أحرقت مكتبة الاسكندرية
بلا حياء أو خجل
وهكذا تدور السنوات
وتحرق مكتبات الموصل المليئة بالكنوز
المكتبة المركزية
المكتبة العامة
مكتبة اشور بانيبال
مكتباتنا الخاصة
وتعدم الأيقونات والتماثيل والمجسمات
السومرية
الآشورية
البابلية
الأكدية
الآرامية
التي حطمت الى هشيم
إنها الفتوحات الجديدة
فتوحات العائدين من صحارى الجهل
وغزوات العابثين
الذين حولوا كل شيء الى ظلام مبين
غزاة لفظتهم شوارع العالم
لقطاء
زناة
سراق
لصوص
مطارقهم دمرت آلاف السنين
إنهم لا يعرفون الحب ولا الحنين
فما زالوا في القرون الوسطى نائمين
والساعة تؤشر عندهم حسب توقيت الظلام
الظلام فقط
لأن الحب قد لفظهم
لا ربيع لهم
لأن ربيعهم دماء
لا حياة لهم
لأن حياتهم فناء
وان موتهم انتهاء
واذا كان للحجارة قلوب بيضاء
فقلوبهم سوداء
إنهم الظلاميون
عقولهم محشوة بالسخام
هم من خلفوا وراءهم
أموات لا تحصى اسماءهم
أرامل
أيتام
فقر
جوع
نصبوا مكائد وفخاخ
نهبوا أموالنا باسم الدين والخلافة
شعبا كاملا مزقوه
شردوه...
قتلوه...
وسبوا نساءه
هم جماعة تائهة
تأمر بالقتل وتنهى عن الإشارة
وبالمعاول قد هدموا الحضارة
هم نفسهم من حطموا تماثيل الرابيوم
ومكتبة الاسكندرية
واليوم يعيد الفلم
بإخراج جديد ومهارة
***
عذرا لكم ...
عذرا ً لحضارة لم نستطع حمايتها من الظلام
عذرا لسومر
عذرا لأشور
عذرا لبابل وأسدها الشامخ
عذرا لأكد
عذرا لأرام السريان
عذرا ً لأور نمو وحمورابي وسرجون الأكدي ونبوخذ نصر واشور بانيبال وسنطروق اله الشمس ونرام سين وكوديا وشولكي
عذرا لكالح النمرود تلك التي فجرها الظلام
وجرفت بشفلات الموت والدمار
عذرا لحضر الشمس ومنبع التكوين
عذرا لكلكامش الذي ذبحته داعش
خمبابا الزمن الجديد
وشتتت عشبته المضيئة
عذرا لكم جميعا لأنكم قدمتم للعالم
كل هذه المعارف :
العلوم والقوانين
الشرائع والعمران
الطب والفلسفة
الفلك والنجوم
وأول تدوين للحرف والكلمة
وبلمحة البصر مر الظلام من هنا
دمر كل شيء
غدر بكل شيء
دمر التاريخ المؤثث ما بين الرافدين
ذبح رموزنا بحد السيف
شكرا لأمريكا وفرنسا وبريطانيا والنمسا
لأنهم حافظوا على تاريخنا وتراثنا
وحموه في متاحفهم
حينها شع نورنا على الدنيا
بالعلم والمعرفة

* نشر النص في جريدة سورايا العدد 61 الصادرة يوم الأحد 7 أيار 2017.