المحرر موضوع: مادبا - بخديدا نص : بهنام عطاالله  (زيارة 1011 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بهنام عطااالله

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1509
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من أدب النزوح والتهجير

مادبا – بخديدا

د. بهنام عطاالله

 هذا التاريخ
يزخ على وجه المدينة مطرا ً كونيا
وعلى وجه البحار مياهه الهادئة
مادبا تغسل غبار الحضارات
وتعمق ضفة نهر الأردن الغافي
تمسح دموعها بالآس والبرتقال
وأمواج البحر الميت
أو فوق جبل (نيبو)
حيث الأراضي المقدسة
تلوح كالأفق من بعيد
ومن كنيسة الرسل / الشارع الروماني
من عمق صرختها
من سهول (موآب)
ومن بين ثنايا الهضاب والجبال
إنحدرت الحياة مهرولة
نحو حافات يقظة
محملة بهوادج النسوة
وقوفل الأمل
وما زالت تلك العربات تشق
الطريق الروماني
تنحت وترمم رخامه المرمري
بالأزاميل
في مادبا ولأول مرة
كانت عيوني ترنو نحو الشارع الإسفلتي
الأشجار / الأسواق / الوجوه الهادئة
الجوانب المتربة بالحنين
أصوات الباعة المتنافرة
هكذا يأتي الصباح متشظيا ً
حيث العربات تسرق النوم من العيون
المشاكسون والمتسكعون
يطلقون أصوت أغنياتهم العتيقة
وهورنات سياراتهم
وهي تشق قلب أسواقها وبيوتها
 *  *  *
مادبا ...
تختصر تاريخها الكوني
المتثاقل بين الماضي والحاضر
منتشية ببهجة الملائكة والقديسين
وقصرها المحروق
تحرسها الأيقونات والكنائس القديمة
ورأس يوحنا المعمدان
ذلك الذي قطعه هيرودس
لأجل هيروديا
مادبا تذكرني دائما ً
بمدرستي القديمة (الملحق) ببخديدا
الجاثمة الآن تحت وقع الظلام
تلك التي كانت تجاور
محلة (سيباي)
ومديرها إبراهيم ككي
بهدوئه وبهائه المعهود
فهل ما زال ذلك البهاء
يرفرف مع الحمائم كل صباح
في قاعة الصف الرابع (ب)
وباحة المدرسة
مع مراسيم رفع العلم
ومعلمنا خالد داؤد
في بلاد من أجله
ينحني المكان بطوله
في بخديدا
يرفرف الفجر فوق هاماتنا
مرة ثانية
حينما تردد العصافير ..
موطني ... موطني

الأردن / مادبا
4 / 12 / 2015
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مادبا: إحدى المحافظات الأردنية التي زارها الشاعر أكثر من مرة وتعلق بها وكتب عنها، حيث احتضنت بحنان أهلها الكثير من المهجرين المسيحيين العراقيين الذين هجرهم تنظيم داعش الإرهابي.
* بخديدا: بلدة الشاعر ومسقط رأسه تقع في سهل نينوى بالعراق.

* (نشرت في العدد 60 من جريدة سورايا الأربعاء 14 نيسان 2017)