المحرر موضوع: حوار مع الاب بولص حداد حول المسيحيين من ابناء شعبنا في الاردن  (زيارة 1088 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل غازي عزيز التلاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاب بولص حداد راعي خورنة مار جاورجيوس في الفحيص
العراقيون في قلوبنا قبل ان يكونوا في ديارنا وادعوهم لكي يكونوا اقوياء في الايمان والمواطنة
حوار مع الاب بولص حداد حول المسيحيين من ابناء شعبنا في الاردن

حاوره : غازي عزيز التلاني
الفحيص - الاردن

التقيته في مكتبه غارقا بين الملفات والقوائم التي اعدها عن اللاجئين العراقيين ، يبحث عن هذا الاسم وعن شخص لم يرد اسمه ضمن قائمة المساعدات لهذا الشهر ، وبنشاط وحيوية يرفع هذه القائمة ويضع تلك ويبحث في اخرى من اجل ان يأخذ كل لاجئ مسيحي حقه من المساعدات الانسانية ، انه شخص يمتلئ بالحيوية والنشاط التي قلما نجدها في اناس كثيرين .. انه الاب الخوري بولص حداد راعي خورنة مار جاورجيوس للروم الكاثوليك حيث يتولى هذا الانسان المتواضع عملية تنسيق المساعدات التي تقدمها عدة جهات للأسر المسيحية العراقية الهاربة من بطش التنظيمات الارهابية في الوطن، عندما رآني داخلا اليه رحب بي ودعاني الى الجلوس حيث كنا على موعد مع بعض من اجل ان نتحاور في مجموعة مواضيع التي تهم ابناء شعبنا من اللاجئين المسيحيين في الاردن وفي منطقة الفحيص بالتحديد حيث بدأنا حوارنا بالتعريف بنفسه حيث قال:
انا الاب بولص حداد خوري وارشمندريت في كنيسة الروم الكاثوليك في الاردن ومسؤول عن القيمية العامة عن اموال كنيسة الروم الكاثوليك في الاردن ، يعني القائم العام لأموال الابرشية. وكاهن في الفحيص وفي صافوط .
س/ كونك كاهن ومسؤول رعية ، ما هو رأيك بما تراه من نزيف الهجرة المستمرة والخطيرة لمسيحيي العراق بصورة خاصة ومسيحيي الشرق بصورة عامة ، والذي يهدد الوجود المسيحي التاريخي الاصيل في الشرق ؟
الاب بولص حداد / اكيد نحن نأسف كثيرا لما يحدث في العراق وفي الشرق كله سواء كان في العراق او سوريا او لبنان وما يحدث مؤخرا في مصر ، ونأمل ان لا تستمر الامور بهذا المنحى الخطير ، لأن وجود التعصب والتطرف الديني في هذه المناطق وخصوصا في العراق ادى الى ان ينزح المسيحيون ويخرجون من العراق تاركين ارض الاباء والاجداد والتي تعني الكثير لهم لأنها ارضهم التاريخية وهم شعبها الاصيل، ونحن في الاردن نتأثر بهذا الوضع لأننا كلنا في النهاية نكون المسيحية المشرقية سواء في الاردن او العراق او سوريا او لبنان ، ولكننا بكل تأكيد نعلم ان هذا النزوح والخروج من الوطن هو قسري وليس برغبة المواطن العراقي وهو فوق ارادتهم وطاقتهم. ونأمل ان ترجع الحكومة العراقية حكومة قوية ونظام قوي يوفر للمواطن الامن لكي يتمكن المسيحيون من العودة الى بلادهم وديارهم وبيوتهم وارضهم ارض الاباء والاجداد، لأنها تحمل عبق التاريخ ولها رمزية حتى في التاريخ الوجداني الانساني .
هذا النزيف والهجرة الى الغرب الى اوروبا واستراليا واميركا وغيرها تعمل على المدى البعيد على تغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة وربما للعالم ، فنحن ولدنا على هذه الارض ان كانت في العراق او الاردن ونحمل رسالة وعلينا ان نؤدي هذه الرسالة والتي هي ان نكون ملح ونور في العالم الذي نعيش نحن فيه .
س/ هل فكرتم ان تحثوا المسيحي العراقي او المشرقي التشبث بأرضه على الرغم من التهجير والاضطهاد ، لأن هذا الاضطهاد ليس وليد اليوم بل كان وليد 1400 سنة مرت واجدادنا ايضا تعرضوا للاضطهاد والتهجير ولكنهم بقوا متمسكين بأرضهم ؟
الاب بولص / نعم نحن نعلم ان هذا الاضطهاد ليس بجديد بل انه قديم جديد ، ولكن كلما كان نظام الحكم قوي في البلد ، اي بلد، كلما كنا نحن المسيحيون نعيش بسلام وامان ، وكلما ضعف النظام عانت الاقليات العرقية والدينية الاضطهاد ، هذه هي المعادلة في بلادنا ، نحن نتألم لهذه الهجرة القسرية والتي ليست بأرادتنا ، ونحن نحث جميع المسيحيين في الشرق ان يتمسكوا ببلادهم وارضهم التاريخية وان يبقوا ، ولكن من ناحية اخرى عندما نرى ان افراد الاسرة الواحدة يقتل امام بعضها البعض فهذا ليس سهلا ابدا ، ولهذا فهناك شيء اقوى من الانسان يجعله يهاجر ويترك بلده ، من جهة اخرى نحن نأمل انه عندما تستقر الامور في البلاد ويعود الامن والسلام الى العراق ان يعود الذين هاجروا الى بلادهم ، لأن من تركوا بلادهم هي اعداد كبيرة جدا وهذا امر محزن يؤلم القلب والضمير .
س/ بخصوص المسيحيين العراقيين في الفحيص كونك انت مسؤول عنهم ، هل لديكم احصائية خاصة بهم ؟
الاب بولص / عدد العائلات الموجودة في الفحيص الان هو 262 عائلة وهذا العدد في زيادة ونقصان حسب العوائل التي تهاجر من الاردن الى الخارج او العوائل الجديدة التي تأتي الى الاردن ، في بعض المراحل وصل العدد الى 300 عائلة في الفحيص فقط وهذا كان في الشهر الماضي حيث سافرت بعض العائلات التي كانت هنا من 3 سنوات . في التسعينات كان هناك اعداد من اللاجئين المسيحيين ولكن محدودة ، ومن 2014 و 2015 والى الان الاعداد اكثر وهذه الاشهر الاخيرة هي القمة في الاعداد سواء في الفحيص او مناطق اخرى من الاردن ، في الثمانينات كانوا يأتون من بغداد بشكل اكبر ، ولكن الان معظمهم من الموصل . والان العدد الاكبر هم في منطقة الهاشمي والماركا. والعراقيين منتشرين في اربع او خمس مناطق رئيسية مثل الحسين واللوبيدة والدواوير والماركا والهاشمي . وكل منطقة فيها ما لا يقل عن 300 عائلة .
س / من اين تصلكم المساعدات التي تقدمونها للعراقيين، ولماذا كنيسة الروم الكاثوليك هي من تقوم بهذه المهمة الجبارة ؟
الاب بولص / هنا الرب هو الذي استعملنا وكنا نحن اداة طيعة بين يدي الله ، نحن ككنيسة او كرعية لا تسمح ماليتنا ان نعمل بعض الاصلاحات في الكنيسة في بعض الاحيان فكيف بمساعدة اللاجئين ، ولكن نشكر الله بهذا الموضوع بالذات حيث نتلقى الدعم بشكل غير طبيعي ببركة الله ، الرعية الاردنية دعمت في السنة الاولى بشكل غير طبيعي من خلال تقديم المواد الغذائية او من خلال تقديم مبالغ نقدية او مواد عينية ومنزلية وعندما ضعفت قدرة ابناء الرعية على الدعم لم نتمكن من توفير اللازم ، جاءتنا منظمات خيرية حيث هم من اتى الينا وطرحوا مبادرة مساعدتنا في هذا العمل ، فأنا اؤمن بأن هذا العمل هو في يد الله ونحن الكنيسة الوحيدة حتى على مستوى الاردن تقريبا في هذا العمل وبهذه الكمية والنوعية ، لأن هذا العمل ذات كلفة عالية جدا وقد تتراوح ما بين خمسة الاف دينار الى سبعة الاف دينار اردني شهريا ، ولكن مع هذا فان يد الله معنا وهي تعمل بشكل عجيب.
الجهات التي تساعدنا في هذا العمل هي سفارة الفاتيكان وبعض المنظمات الانسانية وخاصة الاميركية والكوبونات التي تم توزيعها اليوم هي من تقديم سفارة الفاتيكان .
س / هل هناك وسيلة معينة تتبعونها في توزيع المساعدات على العوائل العراقية ، حيث ان هناك بعض العوائل حالتها المادية افضل من غيرها ؟
الاب بولص / نحن صنفنا اللوائح بحسب المنطقة التي جاء منها اللاجيء ، حيث الموصل لهم الاولوية ، ولهم المساعدة الاكبر بغض النظر عن حالتهم المادية . اما المناطق الاخرى مثل دهوك واربيل وبغداد هذه المناطق لم تعاني مثل ما عانت الموصل والمساعدات ومنها القسائم الشرائية التي نمنحها للعوائل نصنفها حسب عدد افراد العائلة الواحدة .
س / كيف ترى اندماج المسيحي العراقي في المجتمع المسيحي الاردني وتقبل المواطن الاردني للمسيحي العراقي ؟
الاب بولص / اعتقد ان المسيحي العراقي يحاول ان يندمج في المجتمع المسيحي الاردني لأن العادات والتقاليد هي واحدة تقريبا بين العراق والاردن . الا ان هناك بعض الحالات التي يصاب بها بخيبة أمل حيث يصدم ببعض الامور التي تختلف بحسب طبيعة المجتمع ولكن عموما الاحظ ان هناك اندماج .
وبخصوص تقبل المواطن الاردني للعراقي ، نعم هناك تقبل لا بل يشعر معه في مأساته والوضع الذي هو فيه ، حتى اذا لم يساعد من خلال جيبه يتعاطف معه من خلال نفسه وروحه ويؤازره ، ولكن هناك بعض الحالات الاستثنائية الشاذة وغير مقبولة مسيحيا وانسانيا.
س / اليوم هو الاحد وقد لاحظت ان عدد الناس القادمين الى الكنيسة كبير جدا وليس كبقية الايام ، هل هذا لأن هناك توزيع الكوبونات (قسام شرائية) ؟ وهل فكرتم بعلاج هذه الحالة ؟
الاب بولص / هناك البعض يأتي الى الكنيسة عندما يحتاج الكنيسة كتوزيع الكوبونات للاسف ، ولكن الاغلبية يأتون بصورة مستمرة وانا الاحظ هذا الشيء ولكن ربما البعض بسبب بعد الكنيسة عن سكنهم لا يأتون بصورة مستمرة ، ولكن المفروض انهم هربوا من بلادهم من الارهاب فأنهم يجب يكونوا اكثر انتماء واكثر تمسك بايمانهم .
وقد حاولنا ان نجد الحلول لهذه الحالة من خلال التعليم المسيحي للاطفال كل يوم ثلاثاء وللكبار هناك درس الكتاب المقدس ، وهذه الاشياء تجعلهم يتقربون من الكنيسة اكثر.
س / اين هو دور الكاريتاس من كل هذا العمل؟ حيث نلاحظ ان ما يقدم للمسيحي العراقي لا يوازي ما يقدم للسوري مثلا؟
الاب بولص / الكاريتاس هي منظمة تابعة للكنيسة الكاثوليكية وكانت تقدم مساعدات وخدمات كثيرة للاجئين العراقيين ولكن بالسنة الاخيرة وبسبب نقص الدعم المالي لها تقلصت خدماتها للعراقيين واقتصرت على بعض الحالات الصحية ولكن من المؤمل ان يصل دعم كبير للكاريتاس لكي تعود الى نشاطها السابق وتقدم يد العون للاجئين العراقيين ، كما يجب ان لا ننسى ان الكاريتاس تتحمل تكاليف اجور الدراسة للطلبة العراقيين وهذا امر جدير بالتقدير لأن عدد الطلبة كبير وكلفة الطالب الواحد ايضا مكلفة حيث تصل الى 700 دينار للطالب الواحد ونحن ككنيسة ندعم بكلفة النقل للطلبة ، ولكن على العموم القادم هو الافضل.
س / هل من كلمة اخيرة تريد ان تقولها للعراقيين ؟
الاب بولص / العراقيون هم في قلوبنا قبل ان يكونوا في ديارنا وسنكون سندا لهم في محنتهم ، وادعوهم لكي يكونوا ثابتين في ايمانهم وان لا ينسوا وطنهم اينما ذهبوا ، لا بل ان يفكروا بالعودة اليه عندما يسوده الامان والسلام وادعوهم لكي يكونوا اقوياء في الايمان والمواطنة .