لعبة الاستفتاء !
كثيرة هي الالعاب في العراق، وبالأخص حينما يحين القدوم على عمل عاقبته غير محسومة النتائج، وحين تقترب ساعة الانتخابات، وحين يغرق الشعب في قرارات فيها من الدناءة ما يشيب له شعر الطفولة. والانكى عندما تصيب هذه القرارات الشعوب الاصلية المغلوبة على امرها، التي تحاول رفع عنقها فوق المياه، لاستنشاق هواء الحرية الذي حرم منها منذ عقود طوال.
وشعبا الكلداني السرياني الآشوري هو احد المتضررين على مدى التاريخ من القرارات المجحفة بحقه، سواء كانت من المركز ام الاقليم. وموضوعنا اليوم هو الاقليم وحكومته، وسبب هذه المعاملة غير العادلة مع شعبنا، ومحاولة التسلط عليهم، في مناطق سكناهم، ومد اذرعهم للسيطرة عليها، كما يحصل الان من محاولات لتقسيم سهل نينوى والاستحواذ على جزء منه لصالح الاقليم.
تاريخيا لم يقف شعبنا امام تسلل القبائل الكردية الى قراه وبلداته، بل استقبلوه بطيبة وحسن نية في اراضيهم، حتى ان البعض قد بالغ في طيبته واعطى العاملين من الاكراد في حقوله مساكن في ارضه، فكانت له موطئ قدم وسبباً في توسيع كيانه والتجاوز على القرية، وبالتالي السيطرة عليها. وتاريخيا ايضاً لم تتوانى القبائل الكردية من الانخراط تحت امرة العثمانيين، وقبول استغلالهم في ضرب كل ما يدين بدين الارمن، واعتبارهم اعدائهم ايضاً بالإضافة الى الارمن، حتى تغيرت ديمغرافية ارضنا وارض اجدادنا، وصرنا عوضاً عن السكان الاصلين، صرنا مستأجرين في عقر دارنا.
والان وبعد ان تم استكمال مخطط التغيير الديمغرافي، جاء دور الاستفتاء للسيطرة رسميا واقليميا وعالميا على الاقليم، وتحت مسمى الاستقلال، ومن دون اخذ رأي مكون شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، عن طريق احزابه الكبيرة، لا بل صاروا يحاولون فرض الامر الواقع عليه، والتدخل في شؤونه ايضاً، وهذا ما لمسناه مؤخراً من خلال التفافاتهم السياسية والعسكرية في سهل نينوى، من اجل استقطاب ابناء شعبنا ضمن قوات البيشمركة وفتح باب التسجيل لانضمام 5000 متطوع لمسك الارض في سهل نينوى… مسك الارض لصالح الاقليم وحكومته، وليس لصالح شعبنا.
ان هكذا قرار يعني اولاً: عدم اعتراف حكومة الاقليم بقوات حماية سهل نينوى، المكونة من شباب السهل نفسه، بإمكانية حماية ارضه، وثانياً: محاولة لمد ذراع الاقليم على مناطق شعبنا التي لم تكن يوما تابعة للإقليم وانما هي محاولة استغلال مصطلح “المناطق المتنازع عليها” لضم جزء من سهل نينوى اليه، او بداع حمايته، وهم الذين تركوا السكان الساكنين في قرى السهل عرضة لهجمات داعش بعد ان تركوا حمايتها وهربوا، وهي التي كانت بعهدتهم وحمايتهم لمدة عشر سنوات. لقد ولوا ادبارهم بلمح البصر، وسمحوا لداعش ان يدخل ويدمر بيوت اهلنا في جميع بلدات وقرى السهل.
من هذه التجربة العصيبة، كان لزاما على ابناء شعبنا عدم الاتكال على الغير، وصار لزاما ان يتم تشكيل قوات حماية خاصة اعضائها وقوادها من ابناء شعبنا، وهكذا تم، فكانت قوات سهل نينوى اول تشكيل مسلح يحمي ارضنا، ويمسكها بعد التحرير.
ولكن يبدو ان هذا التشكيل غير مرغوب به من قبل حكومة الاقليم، لا لشيء، وانما لتمتعه باستقلاليته. هذه الاستقلالية التي اعطى لها الكرد الالاف من الشهداء، ولكنهم، وبعد ان تمكنوا، صاروا يمنعونها الشعوب الاصلية، والتي عانت المر جراء السياسات الشوفينية من قبل الانظمة الحاكمة. فها هم اليوم يدعون الى استقطاب ابناء شعبنا للبيشمركة، تحت مسمى مسك الارض، وابعادهم عن الالتحاق بقوات حماية سهل نينوى.
الغريب في الامر ان سهل نينوى لم تتواجد فيه البيشمركة بهذه الكثافة الا بعد عام 2003، فلماذا هذا الاهتمام بهذه الارض من قبل الاقليم، وهي ليست تابعة للاقليم ؟
اننا ومن شعورنا بالمسؤولية القومية، وضرورة حماية حقوقنا على ارضنا، وليس على ارض الغير، ندعو ابناء شعبنا في سهل نينوى، وخارجه، عدم الانصياع الى هكذا استقطابات، لأنه وببساطة شديدة لا يحكك جلدك إلا ظفرك !
حكمت كاكوز منصور