المحرر موضوع: الحكومات الحزبية في إقليم كوردستان ــ و ــ اليوبيل الفضي !  (زيارة 747 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسين حسن نرمو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الحكومات الحزبية في إقليم كوردستان ــ و ــ اليوبيل الفضي !

حسين حسن نرمو

مضى على تشكيل أول حكومة كوردستانية في العراق قرابة ربع قرن من الزمن ،
تلك الخطوة الحكومية ، سبقتها بأشهر ، وتحديدا ً في 19 / 5 / 1992 أول
تجربة انتخابية لبرلمان إقليمي ، بعد الفراغ الإداري الذي حصل ، أثر قرار
من نظام صدام حسين آنذاك ، بسحب الإدارات المركزية من كافة مناطق الإقليم
، حيث الأخير تمتع بالحماية الدولية من قاعدة إنجرليك التركية ، لا سيما
من الأمريكان والبريطانيين ، وفق قرار أممي من الأمم المتحدة ، أُتِخذ
حينذاك بعد الهجرة المليونية  للأكراد خارج حدودهم ، باتجاه الدول
المجاورة ( تركيا + أيران ) ، خوفا ً من التعرض مرة ً أخرى بعد حلبجة ،
لهجوم كيمياوي ، وبالغازات السامة من قبل النظام حينذاك ، ذات السُلطة
المُطلقة لمحاربة ومقاتلة معارضيه دائما ً ...
فاز الحزبان الرئيسيان الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني بنسب
متقاربة جدا  أكثر من 50 ــ 51 % و 49 ــ 50 % ، هذا بعد عدم حصول
الأحزاب الأخرى على نسبة 7 % من أصوات الناخبين ، مما كان وفق الاعتماد
على مبادئ بعض القوانين الدولية الخاصة بالانتخابات ، لم تتمكن الأحزاب
الصغيرة من الحصول على مقاعد برلمانية أو حتى المشاركة في أول حكومة أو
حتى حكومات فيما بعد على الأقل قبل اقتتال الأخوة عام 1994 ...
ربّما تجنبا ً للاصطدام أو الاقتتال حينذاك ، وعدم تنازلهما ( الحزبين )
لبعضهما البعض ، وفق مبدأ الأكثرية والذي يحق له تشكيل الحكومة ، أو
الأقلية للذهاب إلى خانة المعارضة ، اتفق الحزبان الرئيسيان الاتحاد
الديمقراطي والديمقراطي الكوردستاني على تشكيل حكومة بالمناصفة ( ففتي ــ
ففتي ) ، لتوزيع المناصب بين رئيس البرلمان ( المرحوم جوهر نامق )
للديمقراطي و ( د . فؤاد معصوم ) للاتحاد ... للأسف طبعا ً ، امتد
المحاصصة أو المناصفة من الرئيس أو الوزير إلى المرؤوس أو حتى الفراش ،
لتشمل جميع القطاعات من القوات العسكرية ( البيشمه ركه ) ، والشرطة ،
والآسايش ، وجميع الدوائر بالمدراء ونوابهم وحتى الموظفين ، كذلك شمل
السلك التعليمي وهذا كان أخطر ما يكون ، لنجد مدراء المدارس ، والمعلمين
، وأرضية المدارس ، والاعداديات ، والمعاهد ، والجامعات كُلها خاضعة
لميدان العمل الحزبي ، بذلك خسرنا الكثير من المصداقية ، كذلك افتقر
الإقليم إلى الاعتماد على نظام مؤسساتي ، كان الأولى به ، أي الإقليم ،
أن يكون القدوَة للعراق الجديد ، لا سيما بعد سقوط النظام عام 2003 في
النظام والإدارة والاقتصاد والسياسة و ... و ... .
لكن ! للأسف طبعا ً ، أصبحنا قدوَة ً لكن ! في مجالات أخرى ربّما تكون
مسيئة أو معرقلة لمسيرة التقدم والازدهار ، نعم أصبح قادة السياسة رؤوسا
ً كبيرة في ميدان الاحتكار والاستثمار المزيّف والفساد المالي والاداري و
... و ... .
وهكذا نتيجة السياسة غير المدروسة بشكل جيد ، والتداخل الحزبي مع
الإدارات ، امتلك الإقليم جيوشا ً من الموظفين ، والمتقاعدين ( الحزبيين
) ، والعسكريين ،  والزيرفانيين ، والعساكر الخاصة ، هؤلاء جُلهم ،
وبأعداد تفوق الفعليين بكثير ، وبرواتب محسوبة على كاهل الحكومات
الكوردستانية المتعاقبة ، وعلى مدار أكثر من عقدين من الزمن ، منهم مئات
الآلاف من الفضائيين ، أو الذين يستلمون أكثر من راتب ، وربمّا برواتب
متعددة ... هكذا بانت بعد التدقيق ، وفق العملية البايوميترية الأخيرة
للحكومة الكوردستانية الحالية ، بأخذ بصمات ومعلومات محسوبيها ، حيث لم
يحضر أصلا ً أكثر من 300 ألف منتسب من الذين يستلمون رواتبهم من الحكومة
( يعني هؤلاء كلهم فائضين وباسمين أو أكثر كانوا يستلمون أكثر من راتب )
... للأسف بدلا ً من الاستغناء عن هذه الظاهرة المسيئة والتي باتت معروفة
على مستوى الفساد المالي والإداري ب ( تحت الحائط  ــ  بن ديوار ــ أي
المزوّرين ) ، بدأ المتنفذين الحزبيين من إيجاد وسيلة أخرى ، لتسجيل
الكثير ، ولا سيما في القوات العسكرية ( البيشمه ركه ) قبل الدعاية
الانتخابية والاستفتاء على مصير الإقليم ومدى إمكانية الاستقلال من
عَدَمِه ِ ، بهذا سيكون هنالك التفاف آخر من الاحزاب المتنفذة على
الحكومة الحالية ، نأسف لاستمرار مثل هذا التحايل ، أو الحِيَل على
أنفسهم أولا ً ، باعتبارهم الراعين ، والمؤيدين ، والسائرين نحو
الاستقلال كدولة أو ككيان مستقل عن العراق الجديد ...
أثبتت الحكومات الحزبية عدم كفاءتها وأداءها السليم ، بدءا ً من ( الففتي
ففتية ) بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني بعد الانتخابات
التاريخية عام 1992 وإلى عام 1994 ، العام المشؤوم على العلاقات الكوردية
ــ الكوردية حيث الاقتتال الداخلي ، مرورا ً بالحكومات الحزبية الضيقة
بين أربيل والسليمانية بعد الاقتتال بسنوات ، أي حكومتين كوردستانيتين في
الإقليم إلى ما بعد سقوط بغداد ونظام صدام حسين ، وصولا ً إلى الحكومات ،
بعد توحيدهما  في حكومة واحدة مشتركة ، ومرات موسّعة بمشاركة بقية
الأحزاب الكوردستانية الصغيرة ( أي حكومات حزبية ) ، لا سيما بعد
الانشقاق الذي حصل في الاتحاد الوطني و ولادة حركة التغيير بقيادة
المرحوم نوشيروان مصطفى ، وطبعا ً الحكومات الحزبية مستمرة لحد الآن ...
نعم كُل الحكومات التي حَكَمَت في إقليم كوردستان من عام 1992 ولحد الآن
( مع غياب شبه المطلق لدور المعارضة ) ، عَمَلَت و قدمت خدمات جليلة ،
غالبيتها لصالح الأحزاب المشاركة في تلك الحكومات ، لا سيما في مجال
المحسوبية ، والمنسوبية في التعينات الزائدة على الميلاك الحكومي الرسمي
، سواءا ً في أصناف البيشمه ركه ، أو الشرطة ، أو الآسايش ، هذا ناهيك عن
الوظائف المدنية ، وإحالة الكثير من المسؤولين الحزبيين إلى التقاعد على
كاهل الحكومة ، وبدرجات خاصة من معاون مدير عام وصولا ً إلى الدرجات
الخاصة جدا ً ( الوزير ) ، عدا الآخرين بدرجات دنيا  .. أما في مجال
الاستثمار ، كانت وربمّا لحد الآن ، هنالك دائرة خاصة مغلقة عديمة
الشفافية أمام أنظار الرقابة التشريعية وحتى الرقابة المالية ، حيث هناك
شكوك وغموض واسع ، وعدم معرفة الدوائر المعنية بالعقود المبرمة مع
الشركات النفطية الكثيرة والمتعددة ، فاقت عدد هذه الشركات بالعشرات ...
حينما أرادت جهات معنية ومحسوبة على الرقابة التشريعية ، لتطالب
بالشفافية ، خاصة ً في مجال قطاع النفط ... لكن ! دَفَعَت تلك الجهات
ضريبة الإبعاد عن العملية التشريعية ، لا بل عن العملية السياسية
بِرِمَتها ، منها طرد الوزراء ، وعدم قبول برأس العملية التشريعية ،
وإبعاده بالقوة عن ( قُبَة البرلمان ) في عاصمة البرلمان  ، ليُصبح
الإقليم دون برلمان و تشريع لِما يقارب العامين ، وربمّا تستمر عملية
التعليق هذه إلى موعد الانتخابات المقرّر إجراءها في السادس من نوفمبر
القادم ...
الخلاصة ــ كُل الحكومات الحزبية في إقليم كوردستان ، ولفترة ما يقارب 25
عاما ً ، ( حيث المفروض على الحكومة الحالية الاحتفال باليوبيل الفضي
لتأسيسها قريبا ً جدا ً ) ، نعم رغم العمل المتواصل للحكومات ، تارة ً في
كُل إقليم كوردستان ، وأخرى منفصلة ً في السُليمانية و أربيل ... لكنها
للأسف لم تتمكن الكابينات الحكومية من خلق ، أو أيجاد نظام مؤسساتي سليم
ومعافى من التدخلات الحزبية ( هذا ما يعرفه السيدان نيجيرفان البارزاني
وقباد الطالباني  رجلا دولة في الإقليم ، رئيس الحكومة ونائبه ، وربمّا
أعترفا ويعترفون بذلك أيضا ً ، ولأكثر من مرة أمام جهات ذات العلاقة )
... لكن ! ليس بمقدورهما على الأقل في الفترة الحالية عمل أي شئ في
الاتجاه الآخر ، هنا أقصد العمل بنظام مؤسساتي ... ولكن ! أيضا ً نعتقد
بأن الوقت قد حان جدا ً ،  و لا سيما نحن على أبواب انتخابات رئاسة إقليم
كوردستان والانتخابات البرلمانية القادمة في نوفمبر القادم ، هذا ناهيك
هنالك استفتاء على المَحَك حول مصير الإقليم وإمكانية الحصول على
الاستقلال من العراق وتأسيس كيان خاص ( دولة ) ، نعم نقول قد حان ، بأن
نعتمد في المستقبل وبعد اليوبيل الفضي للحكومات على تشكيل حكومة إدارية
مدنية تكنوقراطية ، بعيدة كُل البعد عن الأحزاب الكوردستانية ، تعمل هذه
الحكومة ، بمساعدة رئاسة الإقليم والأحزاب على وضع اللبنات الأولى ، لخلق
،  وتأسيس ، والعمل بنظام مؤسساتي سليم ، إسوة بالدول والديمقراطيات
العالمية ، ونعتقد أيضا ً ، بأن فترة الخمسة والعشرين عاما ً ، كافيا ً
للتلاعب ، والفساد بالمال العام ، ويكفي للرؤوس الحاكمة ، وما تم جمعه من
الأموال لمئات السنين ، وأجيالا ً كثيرة من الأولاد ، والأحفاد ،
وأولادهم ، وأحفادهم وهلم جراااااااااااا ...
دهوك في
16 / 6 / 2017
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com