المحرر موضوع: علي، وقفة مواجهة  (زيارة 510 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رسل جمال

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
علي، وقفة مواجهة
« في: 19:02 18/06/2017 »
علي، وقفة مواجهة

رسل جمال

عندما تقف أمام البحر معتقدآ انه لك وحدك، فانت مدعاة للسخرية، لأن الماء ملكية عامة، كذلك الامام علي "عليه السلام"  انه ملك للبشرية فهو بحر علم لا ينضب ابدآ، كيف للقلم ان يحيط بالبحر؟ وﻷن المهمة شاقة فلا بأس ان نبدأ من النهاية.

عندما هوى ذلك السيف المشؤوم على تلك الهامة الشريفة، بكل ما أوتي من غل وحقد ففلقها، جعلنا نتأمل ونبحث، في ذلك الجو العام، كيف كان ولماذا انتهت الامور الى ما انتهت اليه بهذا الشكل الدامي!

فاذا كان علي ابن عم الرسول وخليفته، وشفيع امته،وزوج ابنته، و غيرها الكثير من المناقب، فلماذ يتآمر عليه بعضهم ويقدمون على قتله في محراب صلاته.

يقول الشهرستاني في ذات الموضوع ان كل شبهة وقعت لبني ادم منذ بدء الخليقة، حتى يومنا هذا، نشأت كلها من هذه الكلمة "الرعناء" لماذا او هي ترجع الى حد تعبيره، الى انكار اﻷمر بعد الاعتراف بالحق، والى الجنوح الى الهوى في مقابله النص.

اذ مع كم الايات القرآنية، التي نزلت  بحق الامام علي عليه السلام، بالنص مرة وبالتأويل مرة اخرى، إلا ان  الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام لم يغفل  يومآ، في بيان مكانة الامام امام الناس، ولو اخذ الناس بقول الرسول الاعظم، ما قاله في علي يوم الغدير وحده لكفاهم مجادلة.

لكن أبت نار الحقد والحسد الا ان تحرق ارث الامة، واستولت تلك الانانية الحمقاء على العقول الفارغة، حتى انتهى اﻷمر بالامة الاسلامية هذا المطاف، ولان الحضارة الانسانية انما هي تراكمات لانجازات بشرية، وانجازات امه الاسلام انها تطفئ قناديلها بقوة السلاح، فاصبحنا امة مستعمرة و محط اطماع اﻷمم، بعدما كانت امة الاسلامية غازية وفاتحة!

يقول سبحانه وتعالى في كتابه"ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى" فعندما أشار الرسول، لابن عمه بوصفه دليل الامة من الحيرة، انما هي سنن ربانية، لايمكن  للمتكلمين والمتفلسفين ان يثبتوا عكس ذلك ابدا.

فالاوامر الربانية التي جاء بها الانبياء والاولياء، من العبث النظر فيها، لانها مسلمات ربانية، تغني البشرية من التخبط في بحر الظلمات، لكن من تعاسة حظ الامة وسوء طالعها، ان تولي اذنابها وتعرض عن رؤوس الحكمة، وتستولي العصبية الجاهلية عليها من جديد، فتنكر الحق وأهله، وتكثر الجدال بما لم تحط به خبرا.

انها مفارقة عميقة عبثت بماضي اﻷمة ومازالت تعبث بنا بشكل مقلق، فكانت السبب في تقهقر مكانة العرب .

ان الامام علي منظومة اخلاقية محملة بعلوم ربانية، اثقلت كاهل الدنيا فلم تطق حملها ولم تدرك كنه العقول، لذلك جلس الامام في محرابه يواجه نهايته المحتمومة، بركوع تام ولا يبالي!

بقى ساكنآ في ذلك المحراب، وهو على يقين تام بفوزه، كيف لا وهو وليد الكعبة ومن غيره وليدها؟ سجد لربه وهو مطمئن القلب، يضرب بذلك اروع مثال للمواجهة.