المحرر موضوع: قرية بيبوزي  (زيارة 2390 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قرية بيبوزي
« في: 17:25 22/06/2017 »
قرية بيبوزي

منذر حبيب كلّه

بيبوزي قرية  قديمة تقع  بين وهاد (اقليم شمكان) المتميز بكثافة اشجار الغابات المتزاحمة والمتراكمة فوق بعضها البعض تلك الاشجار القديمة الباسقة الخضراء والجبال الشاهقة الشديدة الانحدار والعالية  والتي يصعب تسلق كثيرا من قممها  وتسحر الناظر اليها من بعيد مروجها وبساتينها والطرق  الملتوية المؤدية اليها وسواقي المياه  المنسابة سيحا تحيط بالقرية من مدخلها الشمالي  الى نهاية مقاطعتها  جنوبا ،ومااجملها وهي تنساب بهدوء تارة و بقوة مرة اخرى فتتمايل وتتعرج  قرب الكنيسة ودور القرية لتحييها وتضيف اليها رونقا وجمالا ، ونهيرها العميق مغطى بالاشجار المختلفة وخاصة القوغ  والذي يسمى محليا ( سبيندار ) وبالسريانية ( خورتا ) والاحراش والبردي الكثيفة حتى ان الخنازير البرية الموجودة بكثرة هناك قد لايمكن رؤيتها بسهولة لكثافة الاشجار وتداخلها مع بعضها البعض ، وتحيط بالقرية من الجهة الشمالية ثلاثة قمم يسميها اهل القرية ( سي جقل وهي نقاط حدود القرية المعروفة لدى سكان القرية المجاورة والتي تعتبر حق شرعي لاراضي القرية ومراعيها  ) ، تربض  القرية وارضها التي تحمل دورها وكنيستها   كالاسد أمام عرينه شامخة  فوق قلعة محصنة نوعا ما  يصعب تسلقها من جهة الجنوب والغرب لوعورة المنحدر الجبلي وان   بيادر  القرية لازالت محاطة  بصخور تسمى ( كفري kavre) ؟؟،
كنيسة القرية قديمة  وتسمى ( مارت شموني ) تم بنائها سنة 600ميلادية تقريبا وعلى الطقس النسطوري حيث ان مذبحها كان  يتجه نحو الشمال ، حيث تم جرفها في عمليات الانفال سيئة الصيت وترحيل سكان القرية الى قصبة اتروش القريبة ، الا ان سكان القرية لم يمكثوا هناك كثيرا حتى نزحوا الى قضاء عين سفني وبغداد ومناطق اخرى . ومن الجدير بالذكر ان القرية تعرضت الى العديد من الاضطهادات حالها حال بقية البلدات والقرى في شمكان وعموم اقليم مركا المسيحية ، ففي سنة 1960 تم حرق القرية وكنيستها من قبل عصابات محلية سائبة  فنهبت وسلبت ودمرت بيوتها ومزارها وحرقت بساتينها وسرقت مواشيها الكثيرة من الاغنام والماعز والابقار والبغال والحمير والعدد الخاصة بالزراعة والبساتين وجعلوها  خرائب واطلال بعد ان هجروها اهلها المسالمين قسرا لاحول لهم ولا قوة بسبب شدة الهجمة الشرسة وكثرة اعداد المهاجمين في تلك المنطقة المعزولة والبعيدة عن  سلطة القانون والدولة التي كانت ضعيفة غير قادرة على حماية تلك المناطق الجبلية .
خدم كنيسة القرية القس يوسف عبيا من القوش للفترة من 1917 الى 1920حيث التقى المطران مار داؤد فرنسيس في الموصل حيث كان تحت الاقامة الجبرية وعرض المطران على القس عبيا الخدمة في قرية بيبوزي المجاورة لقصبة اتروش وقد بقي فيها يمارس الخدمة الكهنوتية حتى سنة 1920 م
وهناك وضع القس يوسف عبيا الصلاة التي تقال في ختام القداس الذي يقام في عيد مارت شموني الواقع في اول ثلاثاء من شهر ايار
لقد ضمن الصلاة طلبات من مارت شموني واولادها السبعة وهم ( كدي ومقوي وترسي وحبصون وحبرون وباكوس ويونادب ) حيث افرد لكل منهم مربعا مستقلا يخصه بالطلبات وفي المربع الختامي يقول "
بصلوات هؤلاء الشهداء تحل بركات يسوع المسيح على الجميع ، وينجيكم من كل مكروه وضيق ، ويملأ قلوبكم الايمان لترثوا ملكوت السماء  في النهاية ( المصدر مباخر وبخور للقس يوسف عبيا اعداد وتقديم نوئيل قيا بلو )
هذا بالاضافة الى ان سكان القرية تعرضوا للاصابة بالامراض المعدية والاوبئة على مر الازمنة ومنها التيفوئيد والحصبة والكوليرا والتي كانت تقتل الكثير من ابنائها .
وللاعتزاز الشديد بتذكار شفيعتهم مارت شموني يتم ولحد هذا اليوم احياء ذكراها في  اول ثلاثاء من شهر ايار سنويا وبحضور جموع غفيرة من المؤمنين من سكان عين سفني والقرى المجاورة من تلان وآزخ وهرماش الشقيقات للقرية في اقليم شمكان وابرشيتهم التابعة الى العمادية في الوقت الحاضر ، ويقومون بتحضير الهريسة ( بسهرهم طوال  ليلة العيد )  وتقديم القرابين من الذبائح وتوزيعها للزوار بعد حضور قداس التذكار بالمناسبة ، وبعدها يتبادل السكان العلاقات الاجتماعية والسياحة حول البلدة جماعات وعوائل بمحبة المسيح ومريم العذراء وشفيعة القرية مارت شموني  وزيارة مزاراتها والتمتع بالاجواء الربيعية والربوع الساحرة والمنطقة الجميلة والمناظر الخلابة والاغتسال بمياه العيون الباردة السيحية الجارية وكانها ذاهبة لتؤدي واجبا حياتيا مطلوبا كتلك القوافل السائرة وسط الظلام وشدة الحرارة في انحاء الارض الاخرى .
بعد احداث 2003 م تم بناء كنيسة جديدة وعدد من الدور السكنية وهي حاليا قرية عامرة يسكنها اهلها الذين يتبادلون السكن والانتقال من عين سفني الى بيبوزي يعانون مشقة الطرق الملتوية عبر الجبال والتي يقدر طولها 20 كيلومتر تقريبا من القرية الى الشيخان .
لسكان القرية محبة كبيرة لشفيعتهم مارت شموني واولادها الشهداء السبعة وتتميز  بوجود سبعة مزارات متناثرة  على اطراف القرية وقممها الجبلية حيث يرى الزائر اثار ضريح قديم في تلك المزارات ،
يمتهن سكان القرية الزراعة بشقيها النباتي والحيواني ففي الوقت الذي يقومون بزراعة بساتينهم من مختلف اشجار الفاكهة والخضر والتبوغ والحنطة والشعير والبقوليات ومنها تسقى من العيون المعروفة (عين كلي  ، ابونا ،دماثا ) وكلها موجودة في وهدة بيبوزي المحاددة لقرية حسنكة .
 تمتاز قرية بيبوزي بالاضافة الى زراعة الاشجار المثمرة والاشجار البرية كالبلوط والعفص والكمثرى البرية وحبة الخضراء والزعرور  بتربية النحل وانتاج اجود انواع العسل النقي واللذيذ  ويوجد الكثير من مربي النحل لديهم مناحل وخلايا حديثة ( لانكستروث )  ،
وتوجد شواخص اثرية تدل على وجود قرية اثرية قديمة كانت تسمى قولي ويحكمها امير يدعى ميرا قولي، وحسب اقوال الشيوخ الكبار يذكرون  عثورهم  على اللقى والاواني الفخارية وبعض القطع الاثرية وان ايدي العابثين قد امتدت على اثارها في مطلع التسعينيات من القرن الماضي  قدم الى القرية مجموعة من  مجهولي الهوية  طلبوا من شباب القرية حفر الارض في مكان محدد بواسطة خرائط دلالة كانت بحوزتهم  وعثروا على صندوق كبير يحتوي الكثير من الكتب القديمة وتم الحفر بمكان اخر بنفس الطريقة وعثروا على صندوق اخر لم يسمحوا لاحد بفتحه ، واغلب الظن انهم كانوا من اليهود لان القرية كان يسكنها اليهود قديما  وحسب  ما تناقله الاباء من الاجداد ،
ويذكر المختار يوسف بولص بانه قصد القوش يوما  مشيا على الاقدام لاستحصال نتيجته حيث كان طالبا في ثانوية القوش في الستينيات من القرن الماضي مستغرقا تسع ساعات  مع مجموعة من ابناء القرية عبر الاحراش والطرق الجبلية .
ويضيف المختار ان القرية تعرضت الى هجرة جماعية قسرية في سنة 1961 بسبب هجوم العصابات  عليها فسلبت القرية ونهبتها وتم سرقة مواشي القرية ، ومن الجدير بالذكر ان بيبوزي كانت تتميز في تربية المواشي  من الابقار والاغنام .
وعين تسمى ( اينا دماثا)  كانت تستخدم لسقي البساتين وكذلك للشرب واحتياجات اهل القرية لسقي المواشي التي كانت القرية تشتهر بتربيتها  كالابقار والاغنام والماعز .وكذلك للاستحمام حيث يتم تقسيم الاوقات بين النساء والرجال  كل يوم سبت صباحا للنساء وعصرا للرجال ويسخن الماء بالخشب وبقايا الاشجار  .
ومن الجدير بالذكر  ان اهالي القرية  كانوا يسمعون تراتيل  مارت شموني واولادها ليلة عيدها  في الكنيسة والمزارات حتى ان احد  السكان من ابناء قرية يوسف جعفر المجاورة من الاخوة المسلمين قال انني شاهدت بام عيني سبعة مواقع للضوء هي سبعة مزارات لمارت شموني متجهة الى كنيسة مارت شموني في القرية ليلة تذكار مارت شموني ( شيرا )ولوقع الحادثة على نفسه تبرع بكبش كضحية ليقدمه للمحتفلين بتذكار مارت شموني ،
يوجد سن صخري شمال غرب القرية يسمى ( كفرا دبشتا ) مشهور باحتوائه خلايا برية للنحل الا انه من الصعب جني العسل منها بسبب صعوبة تسلق السن الصخري
ويوجد عين أخرى تسمى ( اينا دشاثا ) تقع شمال القرية فما ان يستحم المصاب بالحمى بمائها حتى يتعافى فهي مشهورة كون مائها يعالج المرضى ويقصدونها مرضى  سكان القرى القريبة طلبا للشفاء .
يذكر جان فييه في كتابه اشور المسيحية
كان لاهالي قرية بيبوزي حصة كبيرة في  المذابح التي ارتكبها عمران بن محمد  والتي طالت المنطقة لمحاولة المذكور وضع يده على الاراضي والاملاك واغتصابها بالقوة ظلما وعدوانا .
ويذكر  توما اسقف المرج في كتابه الرؤساء صفحة 195الفصل الحادي والعشرون ، مجيء عمران بن محمد الى بلاد مركا هذه ، وكيف انه اغتصب قرى كثيرة وقتل اصحابها ، وقد وطد العزم على القضاء على القديس ( قرياقوس )ايضا واستملاك هذا الدير قال " (كان ثمة رجل اسماعيلي شرير اسمه عمران بن محمد وقد ذكرته في قصة ربان جبرائيل ، هذا كان رجلا شرسا عاتيا سفاحا ، وشرع يتوغل في هذه البلاد ابتداءا من بيث بوزاي التي قتل سكانها )
في عام 1218 تمت كتابة مخطوطة للانجيل في دير بيث عاوي لكنيسة بيبوزي بناءا على امر صادر من مارعوديشو مطران مقاطعة مركا .وذكرت نفس المعلومة في كتاب الرؤساء لتوما المرجي
في عام 1720طلب الشماس الانجيلي بادو بن بتو من ابناء قرية بيبوزي من خطاطي القوش كتابة مخطوطة انجيل لترسل لكنيسة القديس كريستوف في ديزيه( دزي )
كنيسة "بي بوزي " ومعها سبعة معابد صغيرة مكرسة على اسم القديسة شموني وابناؤها السبعة المعروفين ب المكابيين
في عام 1868تمت كتابة مخطوطة سفر الرسائل في القوش وفق طلب قدمه الراهب قرياقوس من رهبان دير الربان هرمزد لتغطي حاجات كنيسة القديسة شموني في قرية بيبوزي
في عام 1888 قام الراهب نيقولا المقيم في بيبوزي  بنسخ كتاب تفسير مواعظ الانبا عيساي الذي كتبه داود القطري ثم ارسله الى دير الربان هرمزد .
اخيرا تبقى هذه القرية صامدة بوجه اعدائها وتقلبات الاوضاع وتسارع الاحداث باقية بتصميم وتضحيات ابنائها الغيارى الذين فضلوا البقاء والمحافظة عليها وحراستها من ان تدنسها ايادي طامعة فيها عبر التاريخ .
المصادر "
 كتاب الرؤوساء  لتوما المرجي
اشور المسيحية  جان فييه
زيارة ميدانية الى قرية بيبوزي وبرفقة الاخ سلام نيسان واللقاء بمختار القرية ولفيف من السكان

ملاحظة " اقدم شكري وتقديري للاخ سلام نيسان من سكان القرية سابقا  والمتواجد في القوش حاليا  لمساعدتي في اعداد هذه المقالة وتحمل عناء السفر الى القرية  لعدة مرات وزيارة المواقع الاثارية واجراء الحوار  مه ومع  مجموعة من سكان القرية المتواجدين هناك .



غير متصل سـامي البـازي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قرية بيبوزي
« رد #1 في: 14:26 24/06/2017 »
مرحبا استاذ حبيب منذر
واضح جداً هذا العناء الذي بذلته لاجل تقديم صورة جميلة عن تاريخ هذه القرية الآشورية، بارك الله فيك وفي مسعاك وجهدك المميز. في اعتقادي يجب ان يكون لكل قرية في ارض آشور تاريخ موثق، واتمنى ان يكون تقريرك هذا فاتحة لكل القرى.

غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قرية بيبوزي
« رد #2 في: 02:36 25/06/2017 »

شكرا عزيزي سامي لردك وتعليقك على مقالتي ( قرية بيبوز ي) ، اتفق معك في موضوع توثيق تاريخي لقرانا القديمة وكتابة تاريخها وموقعها وتراثها ووضعها الاجتماعي بين الماضي والحاضر
وانا شخصيا مستمر بالكتابة والتحقيق البلداني لتلك القرى العزيزة  وقبلها كتبت عن قرى وبلدات  كثيرة اخرى  ارجو ان تكون قد اطلعت عليه
ولك ارق واجمل التحيات

غير متصل Gabriel Gabriel

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 306
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قرية بيبوزي
« رد #3 في: 10:59 26/06/2017 »
الاستاذ منذر حبيب كله المحترم
تحية طيبة،
انا من المتابعين لمقالاتك حول قرانا وبلداتنا، لكن في رايي المتواضع ان المقالات لا تفي بالغرض، لان المقال يضيع في خضم هذا الكم الهائل من المقالات، لذا ارى من الضروري ان يتم تجميع كل ما كتبت وما ستكتب مستقبلا عن القرى والبلدات في كتاب، لان الكتاب يبقى مصدر ولا يضيع، وتقبل جل احترامي وتقديري لشخصك الكريم ولجهودك

غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قرية بيبوزي
« رد #4 في: 18:49 26/06/2017 »
شكرا على تعليقك رابي شوكت ، انا فكرت في  تنظيم تلك المقالات بكتاب ولكن احيانا الرغبة في ايصال  معلومة للقاري الكريم بسرعة وان الكثير من الشباب لايهتموا بكتاب صادر حديثا وانا النت قد يسهل الوصول الى المعلومة ، وشكرا للاهتمام صديقي العزيز ولك تحياتي الطيبة
وشكرا لموقع عنكاوا الاغر

غير متصل Gabriel Gabriel

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 306
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قرية بيبوزي
« رد #5 في: 10:08 27/06/2017 »
ههههههههه ...مع حبنا واحترامنا لرابي شوكت الا اننا لسنا هو ... مع تقديري لجوابكم