المحرر موضوع: صراع إقليمي ودولي على تركة داعش في سوريا والعراق  (زيارة 959 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31448
    • مشاهدة الملف الشخصي
صراع إقليمي ودولي على تركة داعش في سوريا والعراق
لمعركة الحدود الدائرة في نطاق الحرب على تنظيم الدولة الإسلامة في سوريا والعراق بعد استراتيجي يتجاوز البلدين ليتصل بصراع النفوذ الذي تخوضه قوى إقليمية ودولية عن طريق أذرع محلية تناط بها مهمّة تأمين مصالح حيوية بعيدة المدى لتلك القوى المتصارعة.
العرب/ عنكاوا كوم  [نُشر في 2017/06/29]

غبار معركة جديدة في الأفق
واشنطن – تركز كل القوى العسكرية المشاركة في المعارك على الأراضي السورية جهودها لفرض وجودها في شرق البلاد في محاولة للسيطرة على الأراضي التي تمت استعادتها من تنظيم الدولة الإسلامية وفي نفس الوقت ضمان حدود مع العراق الذي يعتبر بالنسبة إلى إيران وحلفائها ممرا بريا.

ويبدو السباق الحالي للسيطرة على الأراضي في سوريا وكأنه تنافس بين إيران والولايات المتحدة أساسا. وقد أحدثت كل منهما محورا خاصا بها، من خلال تواجد أميركي يمتد من الشمال إلى الجنوب من ناحية، وتمركز إيراني من الشرق إلى الغرب من ناحية ثانية.

وتكشف التقارير الدولية عن سباق يجري بين القوى العراقية المؤيدة للغرب وتلك المؤيدة لإيران للسيطرة على الطرقات في المناطق التي يتم تحريرها من تنظيم داعش في غرب العراق. وتقول جريدة التايمز اللندنية إن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قد منح شركة مقاولات أميركية عقدا لإعادة بناء خط الطريق السريع بين بغداد والحدود الأردنية.

وتتحدث الأنباء عن أن الميليشيات الشيعية قد عملت على شق طرقات خاصة بها في اتجاه الحدود في الشمال وهي تعمل على فتح طريق نحو دمشق عبر المناطق التي تسيطر عليها من الحدود الإيرانية بالقرب من مدينة بعقوبة في الشرق في اتجاه الحدود مع سوريا من خلال معبر أم جريس.

وتقول التايمز إن النزاع الدولي يشتد حول خطط إيران للسيطرة على طريق يؤمّن لطهران العبور نحو البحر الأبيض المتوسط من خلال العراق وسوريا والمناطق التي يسيطر عليها حزب الله في لبنان.

إبراهيم محمد إبراهيم: سوريا أصبحت مختبرا لكل التقاطعات والمخططات الدولية
ويقول معين الكاظمي، القيادي في قوات بدر المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي إن قوات الحشد الشعبي باتت تسيطر تماما على الطريق الذي يستخدمه داعش لنقل عتاده وعناصره عبر الحدود العراقية السورية. ويكشف الكاظمي "هذه الطريق ستعيد العلاقات ما بين سوريا وجنوب لبنان".

وتنقل صحيفة التايمز عن المحلل الساسي العراقي هشام الهاشمي قوله إن لإيران مصلحة في الترويج لطريق تسيطر عليها على حساب تلك التي يخطط لها الأميركيون، معتبرا أن "الطريق الدولية قد تضر بمصالح إيران وستعمل طهران على بقاء الطريق بين دمشق وطهران مفتوحة".

وبات ظهور قاسم السليماني قائد فيلق القدس التابع لقوات الحرس الثوري الإيراني مؤشرا على أولويات إيران في سوريا والعراق. ويقول مركز ستراتفور الأميركي للأبحاث الأمنية والإستراتيجية إنه لمعرفة هذه الأولويات لا بد من تتبع تحركات القائد العسكري الإيراني.

في سبتمبر 2016، ظهر قاسم السليماني في جنوب حلب قبل أن تبدأ القوات الموالية لنظام بشار الأسد هجومها الأخير الذي أدى إلى تطبيق الحصار على المدينة واستعادة السيطرة عليها. وبعد ذلك بسبعة أشهر، شوهد في محافظة حماة شمال سوريا مع ميليشيات موالية تدعمها إيران، كانت تستعد لمواجهة معركة شرسة مع فصائل المعارضة على مشارف المركز الإقليمي هناك.

وفي 12 يونيو الماضي، قام سليماني بزيارة وحدات الميليشيات الأفغانية التي تقودها إيران على الحدود بين سوريا والعراق، معبرا عن شكره وامتنانه لهم على انتصاراتهم الأخيرة التي حققوها في المنطقة. وفي هذه المرة، أعطى وجوده إشارة غير مباشرة إلى القوات لمواصلة سباقهم نحو الحدود العراقية.

الفائز بالسباق
تدخل فصائل المعارضة السورية، بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في مواجهة ضد قوات الأسد، المدعومة من إيران وروسيا، لاستعادة السيطرة على المواقع التي تمت استعادتها من تنظيم الدولة الإسلامية. لكن على الرغم من اتضاح خط نهاية السباق أمام كل من الفريقين، إلا أن لكل منهما مصالحه الخاصة التي تجعله على استعداد تام للمخاطرة بقتال منافسه لضمان تأمين تلك المناطق.

ويرى إبراهيم محمد إبراهيم، مدير المركز الإعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا، أن سوريا أصبحت مختبرا لكل التقاطعات والمخططات الدولية. ويعتقد إبراهيم أن الميليشيات الإيرانية موجودة منذ 6 سنوات وهي تحارب وتسيطر وتعتقل، لكن ما يحصل اليوم على الحدود العراقية السورية هو محاولة إضفاء شرعية على هذا الوجود عبر فرض واقع جديد.

ويقول لـ”العرب” مبينا “لكن هذا وحسب المعطيات والقراءات لن يحصل بسبب تعارضه مع مصالح العديد من مراكز القرار الدولية والإقليمية، وإصرار النظام وإيران في هذا الاتجاه لا يمكن استبعاد حرب أميركية إيرانية".

وطبقا للوضع القائم، اضطرت إيران إلى الاعتماد الكامل على النقل البحري (الذي هو عرضة للاعتراض من قبل القوات البحرية الدولية) والنقل الجوي (الذي يتسم بقدرته المحدودة وصعوبة إخفائه) لتزويد القوات الموالية في سوريا ومقاتلي حزب الله في لبنان بالموارد اللازمة.

محمود الحمزة: إيران تخطط أبعد من سوريا لتفرض مشروعا إقليميا
ولكن إذا تم إنشاء هذا الممر البري، فمن شأنه أن يُحدث تغييرا جذريا في طرق الإمدادات، مما سيزيد بشكل كبير من كمية العتاد والأفراد التي سترسلها إيران إلى المنطقة الغربية في الوقت الذي ستؤسس فيه ترابطا إقليميا قويا عبر الشرق الأوسط.

وبالفعل بدأت إيران بالدعوة إلى إنشاء هذا الممر الذي سيربط عاصمتها بسوريا وصولا إلى الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، لكنه لن يأخذ حيز التنفيذ إلا إذا سيطرت قواتها الموالية وحلفاؤها من السوريين على الحدود العراقية.

ويرى المعارض السوري محمد يحيى مكتبي أن هذه الخطوة ليست مستغربة وتنسجم تماما مع مشروع إيران التوسعي (مشروع تصدير الثورة) في المنطقة. ويقول لـ”العرب” موضحا “هذا المشروع قائم على زعزعة الأمن والاستقرار وبث الفتن والقلاقل في بلدان المنطقة؛ وكل ذلك تحت عنوان محاربة الإرهاب لكن في حقيقة الأمر إيران وحرسها الثوري رعاة للإرهاب من خلال نشرهم ودعمهم للميليشيات الطائفية في سوريا والعراق واليمن ولبنان”.

ويؤكد مكتبي أن إيران تريد “المحافظة على الطريق الواصلة بين طهران إلى الضاحية الجنوبية في لبنان عبر العراق وسوريا للاستمرار في كذبة ‘محور المقاومة والممانعة’ عند الشعوب العربية، وهذا كله يحدث في ظل عدم تحويل زخم تصريحات مسؤولي الإدارة الأميركية ضد إيران وممارساتها إلى أفعال حقيقية، تلجم هذه الممارسات العدوانية التوسعية وتضع حداً لإجرام إيران”.

وفي ظل المعارك المحتدمة، تركز الولايات المتحدة فقط على هدفها الرئيسي وهو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية. ومن ثم، فإن تحرك القوات الموالية للنظام ومواصلة زحفها نحو الشرق يزيد من مخاوف واشنطن من تداخل ذلك مع جهود التحالف بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم داعش.

وتنقسم هذه الجهود حاليا إلى عمليتين: الهجوم على الرقة، بقيادة قوات سوريا الديمقراطية والزحف البطيء نحو الشمال الشرقي باتجاه وادي نهر الفرات، الذي تقوده تشكيلات المعارضة بدعم أميركي مثل جيش مغاوير الثورة. ومع اقتراب القوات الموالية لنظام بشار الأسد لهذه المناطق يزداد خطر وقوعها في اشتباكات مع القوات الأميركية وإرباك عمليات تطهير المناطق من داعش التي يقوم بها المعارضون في المنطقة.

ولكن حدث ما لا يُحمد عقباه. ففي غضون الأسابيع القليلة الماضية، قصفت الهجمات المدفعية والغارات الجوية لقوات النظام مواقع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة بالقرب من مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي.

وفي 18 يونيو أسقط التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة طائرة مقاتلة سورية من طراز سو-22 بريف الرقة الجنوبي بعد أن أصابت قوات المعارضة بالقرب من المدينة. وكنتيجة لذلك أعلنت روسيا في اليوم التالي تعليق “قناة الاتصال الجوي” بينها وبين القوات الأميركية وهددت باستهداف طائرات التحالف الأميركي في المجال الجوي غرب نهر الفرات.

وفي الجنوب، بالقرب من الحدود الأردنية، ضربت طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قافلة للجيش السوري وفصيلا مسلحا يدعمه الحرس الثوري الإيراني كانا يتجهان صوب قاعدة التنف حيث تتمركز قوات أميركية خاصة. وأسقطت طائرة مقاتلة أميركية طائرة من دون طيار إيرانية بعد أن اقتربت من مواقع عسكرية أميركية في المنطقة.


محمد يحيى مكتبي: إيران تريد طريقا بين طهران وبيروت عبر العراق وسوريا

السباق النهائي
وقف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وفصائل المعارضة كالشوكة في الحلق بالنسبة إلى القوات الموالية لنظام بشار الأسد في شرق سوريا، لكنه على الأرجح لن يستطيع عرقلة زحف حلفاء النظام نحو الحدود. ومن ناحية، لم تنته قوات سوريا الديمقراطية بعد من معركتها في الرقة والتي قد تستمر لعدة أشهر أخرى، مما سيتيح الفرصة أمام القوات الموالية للنظام للتحرك باتجاه مدينة دير الزور. ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من الدعاية الإعلامية التي صورت وصول قوات الأسد، برفقة السليماني، إلى الحدود العراقية شرق التنف، لكنها سلطت الضوء في الوقت نفسه على ضعف قوة فصائل المعارضين للنظام في المنطقة. وتحظى القوات الموالية بفرصة أفضل في الوقت الحاضر للوصول إلى مواقع تنظيم الدولة الإسلامية على طول وادي نهر الفرات والاستيلاء عليها مقارنة بالفرصة المتاحة أمام قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة.

وبغض النظر عن نهاية السباق إلى الحدود العراقية بفوز أحد الأطراف، يكمن الخطر الأكبر في احتمال حدوث اشتباكات شرسة بين قوات النظام وفصائل المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة في منافسة ستحتدم بغرض الاستحواذ على الأرض. وفي هذا الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وطهران، يمكن لهذه المناوشات أن تزيد من العداء.

ويؤكد الباحث السياسي السوري محمود الحمزة أن إيران تخطط أبعد من سوريا فهي تسعى عن طريق هذه الميليشيات العسكرية والأحزاب السياسية التي تحمل رايات طائفية والتي زرعتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن لضرب الدول العربية. ويقول لـ”العرب” “تريد إيران أن تؤسس إمبراطورية فارسية باستخدام خلايا نائمة في سوريا مثلما تستخدمها في العراق وفي اليمن، وتريد إيران أن تفتح ممرات تربط هذه الدول برا بأراضيها لسهولة التحرك”.

وكان الحرس الثوري الإيراني قد ألقى بالاتهامات التي تدين واشنطن بتدبيرها للهجوم الإرهابي المزدوج الذي تم تنفيذه في طهران في 7 يونيو، بينما تفكر الولايات المتحدة في فرض عقوبات جديدة على إيران. لذلك، وعلى الرغم من أن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية تقترب من نهايتها، فثمة معركة جديدة وشرسة يمكن أن تظهر في الأفق إذا لم تأخذ القوات المتنافسة في حرب شرق سوريا حذرها. ويرى مراقبون أن قضية الطرق الدولية من وإلى بغداد تعبر عن عمق الصراع الذي ستشهده البلاد بعد القضاء على داعش وتعكس الصراع الدائر حول مستقبل النفوذ الايراني، ليس في العراق فقط، بل في سوريا ولبنان والمنطقة عموما.