المحرر موضوع: بهرا لسان حال الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) رحلة نضال طويلة وشاقة  (زيارة 1213 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

 بهرا لسان حال الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا)
رحلة نضال طويلة وشاقة
==============================
أبرم شبيرا
عودة بهرا:
--------
بعد إنقطاع دام تقريباً ثلاث سنوات عادت جريدة بهرا، لسان حال الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) بالصدور مرة أخرى وبعدد رقم 653  لتستمر مسيرتها الخامسة والثلاثين لإنطلاقها في 26/06/1982. ولهذه العودة على الساحة القومية أهمية كبيرة في سياق مسيرتنا القومية السياسية خاصة فيما يتعلق بوسائل الأعلام الحزبية ومنها الجرائد والمجلات التي قل ما نراها في مجتمعتنا "الكلداني السرياني الآشوري" لأنها في حقيقة الأمر هي تعبير عن حيوية الحزب حتى وأن كان شكلها ونوعيتها بمستوى لا تضاهي مستويات العصر التقني الراهن ولكن نظرتنا إليها تأتي من خلال أستمراريتها ومواصلتها للرسالة التي تحملها والتي هي شهادة على أثبات الوجود في هذا العالم. وإنطلاقا من هذه الأهمية الإستراتيجية في عودة صدور بهرا، وبناء على طلب المشرف عليها كتبتُ هذا الموضوع ونشر في هذا العدد من بهرا، ولتعميم الفائدة من هذا الموضوع ليكون قراءنا الأعزاء مطلعين على جانب من سيرة هذه الجريدة وجدت في إعادة نشره في موقع عنكاوه الألكتروني فائدة للجميع، المؤيدين لزوعا والمعارضين لها.
 بهرا: رحلة نضال طويلة وشاقة
----------------
كل قطار ينطلق من محطة البداية ويتوقف عبر رحلته في محطات عديدة ولفترات متفاوتة طبقا لأهمية المحطة من جهة وعدد المسافرين من مغادرين وقادمين من جهة أخرى وتنتهي رحلته في المحطة الأخيرة. وقد تتهرأ بعض أجزاء القطار ويصيبها العطل مما يتطلبها التغيير أو الترميم والصيانة لكي يعاود الرحلة مرة أخرى  بشكل سليم وبأمان. أما العكس، أي عدم التغيير أو الترميم والصيانة وتوفر الأدوات الإحتياطية له فأنه لا محال سيتحول إلى قطع من الحديد ويرمى في "السكراب". وقطار المجتمع، أي صيروته التاريخية، لا يختلف كثيرا عن القطار الآلي فله أيضا محطة البداية وله توقفات في محطات عدة تختلف أهمتها من مرحلة إلى أخرى وفيها من يستقل القطار وأيضا من يغادرها إلا انه يختلف عن القطار الآلي بأنه لا تنتهي رحلته التاريخية في المحطة الأخيرة، وإن حدث ذلك بسبب الإجهاد والعطل والتكاسل والجهل فهذا يعني نهاية قطار التاريخ وإختفاءه من مسيرته التاريخية المعروفة وبالتالي فقدان هويته الخصوصية. ولكن بتوفر مستلزمات الإصلاح والتغيير وبهمة الرجال الأوفياء والصامدين والمصرين على إستمرار المسيرة التاريخية فحتماً سيعيد قطار المجتمع مسيرته وتستمر نحو المستقبل.

ومجتمعنا "الكلدو الآشوري السرياني" أستمر قطاره وصيرورته التاريخية لألاف السنين ومن مهده البيتنهريني وحتى يومنا هذا وسار عبر مراحلة تاريخية صعبة ومميتة ولكن أستمر... وأستمر رغم جراحه المثخنة والمرتوية بدماء شهداء الأمة ورغم البوس والإفقار والحرمان والمطاردة والتنكيل والتشتت وعدم الإستقرار... إلا أنه مع هذا أستمر في مسيرته ووصل إلى محطته في الألفية الحادية والعشرين وعرفَ نفسه للعالم الآخر من خلال مؤسسات وتنظيمات وأحزاب سياسية عملت بشكل أو بآخر، نجاحاً وفشلاً ولكن صمدت رغم كل المأساة والمعاناة. والحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا)، سواء أختلفنا أو أتفقنا معها، فإن هذا التباين في الرأي حولها لا يستطيع أحد أن يحجب تجربتها النضالية القاسية والمأساوية منذ تأسيسها عام 1979، فهي تمثل صورة من صور هذه الصيرورة التاريخية لأمتنا. فمن نام على الصخور العرياء الصلدة لجبال آشور وتلحف بظلمة السماء القارصة البرد وبالكاد وجد زاده اليومي من أوراق الشجر ومن لحوم الحيوانات البرية حتى وأن كانت لحوم الثعالب والدببة هو صورة من صور هذه المسيرة التاريخية لأمتنا. ولكن هذه المسيرة التي أستمرت لزمن من 38 عاماً وعابرة لكل المآسي والفواجع لا بد أن تتهرأ وتتعب بعض من أجزاءها وبالتالي لا تستطيع إكمال مسيرتها ضمن الصيرورة التاريخية للأمة أو ستتعثر في طريقها. لهذا فأن أمر ترميمها وتجديدها وصيانتها وبشكل مستمر وأيضاً عن طريق نزول بعض من عناصرها من القطار وصعود الآخرين ضمن حركة تراتبية متناسقة أمر طبيعي لإستمرار هذه المسيرة بشكل سليم وبمنجزات ملموسة. في عام 1992 كانت أكبر وأهم محطة في تاريخ الحركة فوجدها البعض فرصة سانحة لتحقيق بعض المصالح الخاصة. فمن خلال الهامش الديموقراطي الذي توفر في الإقليم  قفز بعض العناصر في قطار زوعا وأستقلوها وتربعوا على مقاعد مريحية ولكن تبين لهم من خلال طول المسيرة ومشقاتها عجزهم عن تحمل الصعاب والتحديات والإستمرار لذلك قفزوا منها في أقرب محطة "إختياري". من هنا نؤكد بأنه من الضروري جداً لضمان إستمرار المسيرة أن تتجدد الحياة فيها وبإستمرار سواء بالقفز منها في المحطات الإختيارية أو ترك العناصر المجهدة و "التعبانه" لقطار المسيرة وصعود عناصر شابة ويافعة ومفعمة بالحيوية والنشاط والتجدد حتى يصبح أمر زيادة سرعة المسيرة بثبات أكثر وبإنجازات أكبر. أما العكس، إي بقاء العناصر المتهرأ و "التعبانة" متكرسة على مقاعد القطار ومحاولة حجزها كلها لهم ولأمد غير محدد وعدم إفساح المجال لغيرهم لتنشيط المسيرة وإفعامها بالحيوية والقوة فهو أمر خطير وغير مضمون في إستمرار مسيرة القطار والوصول إلى محطات متعددة ومختلفة.

 

محطة من المحطات النضالية لزوعا حيث كانت بهرا تنقل على ظهر الحمير والبغال وتوزع على المنضالين المقاتلين في جبال آشور
=======================================================
واليوم نرى بأن بهرا التي هي جزء من هذا القطار، أعتلتها وقادتها عناصر شابة مفعمة بالحيوية والنشاط والتجدد قادرة على حملها ووضعها على مسار مسيرتها المعروفة وقيادتها نحو أماد أبعد.. هي نفس المسيرة التي تطعمت بها أمها (زوعا) بالتجارب القاسية وتحمل الصعاب ومواجهة التحديات المميتة... نعم تلك المواجهات التي تحدت حتى ظلم وإستبداد أزلام نظام البعث المقبور. ففي قيض تموز من عام 1984 أنقض مجرموا نظام البعث المقبور على الشهيد البطل يوبرت بنيامين في منطقة حي الآثوريين في الدورة ببغداد وألقوا القبض عليه بوشاية من يهودا الإسخريوطي.. ألقي القبض عليه لا لأنه كان يحمل كلاشينكوف ولا بازوكا أو أر بي جي ... لا ... لا.. فقد كان يحمل في جعبته نسخة من جريدة بهرا جلبها معه من كركوك لكي يسلمها لرفاقه حتى يطلعوا عليها. ألقي القبض على الشهيد لأنهم يخافون جداً من سلاح أقوى وأكثر فاعلية من هذه الأسلحة وهو سلاح بهرا ... سلاح الكلمة الحرة والمستقلة والرافضة للظلم والإستبداد، سلاح الوعي القومي النابض الذي لا يمكن لأعتى دكتاتور ومستبد أن يضعه خلف القضبان أو يعلقه على المشانق. وفي نفس العام، عندما أعتقل أزلام نظام البعث المقبور مجموعة من مناضلي زوعا كانت بهرا بطلتهم الصنديد فزاملتهم في الزنزانة لتواجه التحديات المميتة وتقاومها. كان رجل الأمن  المستبد أثناء إستجوابهم يلوح بيده نسخة من بهرا وينهق نهيقاً في وجه المناضلين المسجونين سائلا عن الأسماء الذين أستلموا بهرا وقرأوها. طبعاً لغرض إستدعاءهم وزوجهم في السجن لأنهم أستلموا بهرا وقرأوها ولم يقوموا "بواجبهم الوطني" حسب قاموس البعث، في كتابة تقارير الوشاية للأمن عن الجريدة وأصحابها. غير أن صمود المناضلين المتسلحين برسالة بهرا واجهوا إستبداد رجل الأمن بالتحدي الصامت والرفض مستمدين قوتهم وصمودهم من رسالة بهرا. فبصمودهم هذا وعدم ذكر أسمي كأحد قراء جريدة بهرا الأوائل منذ عددها الأول وحتى آخرها حرموني من شرف زمالتهم في زنزانتهم. أليس من أبسط واجباتنا أن نثمن ونقدر دائماً وأبداً مثل هذه المواقف البطولية؟؟   فإنطلاقاً من هذا الواجب البسيط كنت أنا وبضعة أصدقاء شجعان من أوائل من زارهم في سجن أبو غريب في أول زيارة مسموحة لنشد على أيديهم ونعزز من أزرهم وصمودهم، وللأمانة التاريخية أذكر هؤلاء الأصدقاء الشجعان وهم كل من المرحوم أشعيا يونان ونوئيل داود توما وشاؤول شاهين الذي كان شقيقه وأبن عمه من بين المناضلين المعتقلين وطبعاً بعض من أفراد عوائلهم.
نعم... اليوم تعود بهرا مرة أخرى حاملة رسالتها الأولى ومن المؤكد أن قادتها مدركين لكل التحديات الجديدة التي يتطلبها الكثير من المواجهات والتضحيات لكي تستمر في مسيرتها. ونحن بحسب معرفتنا الشخصية بهم لنا أمل بأستمرارها بحيوية أكثر ونشاط أكبر حتى تنطلق من جديد على مسارها القومي المستقل ونحو آماد أبعد ليلتقطها الأجيال الجديدة والقادمة.