المحرر موضوع: قصة قصيرة على شفير الحياة  (زيارة 1738 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مشلين بطرس

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
  • الجنس: أنثى
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قصة قصيرة على شفير الحياة
« في: 20:33 20/07/2017 »

على شفير الحياة
قصة قصيرة

مشلين بطرس

تسرع بخطاك ذارعاً الغرفة بضجيج دخانك، تطقطق أصابعك، يتفصد منك تعب الحياة، توقظ كتاباً من غفوته، تقلب صفحاته، فيصله توترك، وتشمئز الحروف من يأسك. بريق ما يشدني إليه، أستطلع ما عساه أن يكون؟؟ أوه ... إنه مسدس، ومتخم بالرصاص أيضاً، ترى من وضعه هنا؟؟ تتساءل، فيغمزك بطرف عينه. يبدد رنين الهاتف هواجسك ويزيد من نبض قلبك، علهم قبلوني في العمل أحدث نفسي بتشاؤل يقص أجنحته التأجيل إلى وقت لاحق. الأفضل أن أنتحر..... تسحب سكيناً، تعين جهة القلب هدفاً، تقبّل نظراتك اليائسة الكتب والمجلدات قبلة الوداع، وتأخذك الأجنحة إلى ما بعد الكون. ضجيج يهدر بين تلافيف دماغي، أغوص أكثر، أرى ما حدث وما سيحدث، يكبلون يدي، يكممون فمي، مسدس يقف لرأسي بالمرصاد..... هيا أطلق الرصاصة ولاتكن جباناً. يطلق كأسٌ مائه على وجهي، لهاث، صرير أسنان، همس، وكلمات باولو "آمن وإن لم يؤمن بك أحد" توقف عملية الرحيل. نسمة صيف تعانق نافذتك، وتداعب بأناملها ريحانتك، فيتسلل عبقها إلى بوابتيك، ثمّ على الرصيف هناك تقابل الرجل الذي يقف منذ زمن ماداً كفه بانتظار هطول الأموال. شاركني في التسول أيها الصديق، ولترى كيف تتحسن أحوالك!! ينقدني الشحاد كلماته تلك كلما رآني. دوي انفجار أرعب الناس وهرول بك مسرعاً إلى المنزل ... أحمدُ الله على عودتي سالماً، أحتضن أوراقي، أعانق كتبي، أفتح التلفاز، أشلاء هنا، ودماء هناك، تصرخ كالمجنون ضارباً الأرض بقدميك ... تزوي كصعلوك يرتجف خوفاً لا حول له ولاقوة. شراع أسطول الحرية يقترب من شواطئك، ويدعوك لولوجه، تجتمع بالأصدقاء، فيبحر بكم إلى شواطئ صمته العفنة، ويردد أحدهم ما قاله دويستوفسكي: "لو توقف إنقاذ العالم على موت طفل واحد علينا أن نمنع هذا الموت". وبلمح الومضة نرى بغداد تحترق، وسجناء غوانتانمو وأبو غريب يغرقون في قاع الظلام. يصفق ضوء الشمعة على قالب الحلوى، ويعزف على ذوبانها موسيقى ميلادك، ويحتفل أهلك بيومك هذا، تفتح هدايا عيدك، تعانق الأحبة بمحبة غير مصدق أنهم من الموت ناجون. دوي انفجار ثانٍ يسقط كتاباً من على عرشه، فتخرج من دفتيه سحابة دخان كثيف، تركلك بعيداً عنها، فترتعد أوصالك، وتسيل دموعك، تبعد ما علق عليك من غبار، ثمّ وبعد مواربة، تفتح نافذة الكتاب لترى ما حدث، فتصلك قهقهات صاخبة تصدرها تلك القنبلة التي ألقيت على هيروشيما ونجازاكي، وتبتلي كريتك الأرضية بسعال خانق، فأحتضنُها، وأتنهد غيمة تمطر آلاماً، وتبكي نفسي أرواحاً على جرائم محاكم التفتيش، ويذرف عقلي دمعاً على موت سقراط عنوةً. تتدحرج مني الكرة، وتتضخم كمارد صارخةً: سأنفجر حقداً عليك أيها الإنسان، لقد أشبعتني من دمائك في كل مكان، وأتخمتني أشلائك في كل زمان، فهل أنت وحش أم حقاً أنك إنسان؟؟ يداهم منزلك ظلام دامس، تتلمس شاحن الكهرباء، تعيد الكُرة إلى مكانها في المكتبة تشرب نقطة من هدوء، وبتؤدة يتسلل ذاك المسدس إلى يديك، غمزةٌ أخرى منه تطلق شرارات التشظي في نفسك، وبغضب تضغط مفتاح الموت، تخرج رصاصة، وتلحق بها الثانية على عجل....، تتحسس نفسك، نعم، ما زلتُ على قيد الحياة!! تتنهد بعمق، وتفرغ المخزن من محتوياته لتجد أن كل الرصاصات صُنعت من الورق المقوى، تفتحها الواحدة تلو الأخرى، وقد كتب عليها أن الوقت اللاحق قد حان، وأن مكتب العمل بانتظارك.
شلين بطرس:


غير متصل متي كلـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 373
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قصة قصيرة على شفير الحياة
« رد #1 في: 23:23 21/07/2017 »
نص جميل يستحق  الثناء .. المزيد