زقزقات تهزهز الروح
د.غاده البندك
كانت غارقة بيأسها المرير امام نافذة يتسلل منها بصيص الفجر المنبلج للتو، وتحاول اقناع نفسها بالاستفاقة والاستعانة بأشعة الشمس كي تنهض وتتوشح التفاؤل، حين لفت انتباهها عصفور يتيم يزقزق عند النافذة. ارتبكت مشاعرها هل تبكي على وحدته ام على وحدتها...؟؟
لم يطل ارتباك مشاعرها طويلا فسرعان مازال حين سمعته يزقزق فرحا مرحبا بالحياة بلا هموم ولا قلق، حتى انها تخيلت العصفوراليتيم قد جاء خصيصا من اجلها تاركا عشه الدافيء ليغازلها ويذكرها بالوجود. كم اخجلها زعيق سعادته وحفزها على القيام لكنها مازلت تحت مخدر الغفيان. استمر العصفور يغني ويدغدغ كيانها محركا فيه الرغبة بالحياة. وباصراره على البقاء قريبا منها جلب لها مزيدا من العصافير المزقزقة حتى غدت شرفتها مسرحا لفرقة راقصة مهللة تعزف سيمفونية تسبيح لائقة الاكرام لاله الصباح.
رن المنبه عشر مرات دون ان تأبه له الا ان سيمفونية الطبيعة بدأت تهزهز روحها وتعيد اليها ذاكرة النبض والحب والعيش، لكن قلبها المتالم كان عاجزا عن دفعها للايمان اكثر او للتصديق ان المحبة ستنتصر،.الى ان تنبهت لعصفورين بأجنجة ملونة بالابيض والاسود يتراقصان امام ناظريها وفجأة يسقط منهما شيئا ما على ارضية الشرفة...! هكذا اخيرا تحرك فيها الحماس للقيام من التصاقها المرير بفراش مبلل بالكآبة ..فتحت بابها للضوء اخيرا فشعشع في كيانها وغمر روحها بالنشوى. نظرت فإذا بريشتين متلاصقتين قد سقطتا اثناء رقص العصفورين معا ً، لتبقيا علامة هزهزات عصافير فرح بريء تركاها ورحلا يبثان مزيدا من الفرح الى شرف اخرى هجرها الحب والناس ...