المحرر موضوع: طريق وطريق الشاعر الكبير شيركو بيكه س أمام طريق مسدود ما هي المعاني لاكتشاف الذات أو الخداع؟  (زيارة 550 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عصمت شاهين الدوسكي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
طريق وطريق
الشاعر الكبير شيركو بيكه س أمام طريق مسدود
ما هي المعاني لاكتشاف الذات  أو الخداع؟



عصمت شاهين الدوسكي

إن الشاعر "شيركو بيكه س" معروف ببيئته ، يتحسسها بشكل عميق ويدركها بأدق تفاصيلها وهذا المزيج الذي يشكل المأزق الإدراكي والذي لا غنى عنه في نفس الوقت ، يقف أمامه مشدوهاً مع الهواجس التي تساوره بصور متغيرة ومشاهد حية للبشر في ظل الحياة ، تكاد تكون طبيعية بالنسبة للبعض أما بالنسبة للشاعر فهي جزء من هذا العالم الذي يحمل معاني عميقة غير أن إدراكه للبعض صعب جداً وحين يتفاعل الشاعر "شيركو بيكه س" بخياله يحلق بعيداً لإيجاد طريق في عوالم قصيدته " طريق مسدود " التي ترجمها الشاعر الكردي الكبير بدل رفو ، يعني إن ما يطرحه الشاعر " بيكه س " قريب من عالمه الفكري الاجتماعي برموز ناشطة تكون فيه الأشياء الخارجية مفردات لغة تجريدية خيالية ، هذه النواحي الفكرية تتهاوى كالخيال لكن بعد أن يحقق المعنى بمقتضى الهواجس والأحلام وإن كان عنوان القصيدة حزيناً كئيباً " طريق مسدود " يستهل بنوع من اليأس فإنه قد لمس عن كثب عدم استقرار وعدم فاعلية الصورة البشرية في الحياة للوصول خارج نطاق السكون وما يعني إن الأفكار الخيالية لها مساحة واسعة تتم غالبا صورها عن طريق الإشارات إلى خارج نطاق الوعي " لكي أقابل الله " لكن هذا التوسع الحديث في أفضل حالاته يعبر عن التحليل النفسي وعن الرؤى الفكرية لصور الواقع من خلال الخيال البعيد ما دام غير واقع على الأرض كصورة حقيقية ومن خلال الدلالات الذاتية " أقف، أنغرس، أنبت، أنفض" وهي رؤى تدريجية للقوة والسكون الطويل ثم كأوراق الشجر ينفض يتساقط وبقوة فكرية متقدة لا تأتي من تحليل دقيق للصور والأغراض والدوافع فقط بل من أزمة أخلاقية إنسانية إدراكية يخلق بدلاً عنها رؤية خيالية مطلقة تتحكم عن طريقها بقوة أكيدة وعصية على التحديد بنتائج الأفعال " رأسه الآخر عند صليب المسيح " النضج الداخلي للشاعر "شيركو بيكه س" تفصح من خلال تجاربه الشعرية عن الطبيعة الشائكة للنفس البشرية البعيدة أو القريبة من النضج والإدراك .
(( كل مرة لكي أقابل الله
   أقف..أصطف..أقف
   أنغرس..أنبت..أنفض
   الطابور طويل
   رأسه يبتدئ من أنفالي
   ورأسه الآخر عند صليب المسيح
   ولا ينتهي ))
ربما يمكن أن نصل إلى التفاعل المقنع بين الشر والعواقب بين الجريمة والعقاب بين القصور في الطاقة البشرية لتغير الأفكار التي توصل إلى واقع أفضل خاصة حينما " يحين دوري " وهي أسباب خفية لخطيئة البشر أمام الحق والعدل أمام الأمان والسلام أمام المحبة والتسامح والوئام أمام الله التي تقف برمتها أمام " عرشه المقدس " وهي صورة ذكية أخلاقية يعالجها الشاعر ويشركنا فيها ،لتفاصيل مسألة أخلاقية كبيرة ومهمة متداخلة أي إن كل شخص ينظر إلى نفسه كما يريدان يراه الله عن ما يراه المجتمع في أفضل حالاته ، رغم أن كل واحد من البشر ولو اشترك همساً فكراً أو لمسة أو حركة بفعل مشين وتستر عليه بمزيد من الأفعال لو كشفت لتزلزل الكيان الاجتماعي "ينهض ويغادر " الله يعرف ما بالنفوس وهو أقرب إلينا من حبل الوريد فالأفعال البشرية الخبيثة والسلوك الذي يحاول أن يطويه الإنسان تكشف عن حقيقته حتى لو حجبتها صورته الاجتماعية المرموقة، وهي صور شعرية تندرج ضمن اطر أخلاقية نفسية ضمن واقع يحتاج إلى الارتقاء بعيدا عن الضعف والذل والتراجع والانكسار.
(( ولما يحين دوري
   بعد الجميع
   وعلى وشك الوصول
   إلى عرشه المقدس
   إذ ينهض ويغادر ))
هذه الأفكار تسلط الضوء على آليات كيفية تحقيق الحلم في عالم الخيال الخلاق إن صعب تحقيقه على الواقع وهي آليات ضعف وقوة في نفس الوقت فهذا التصور والتخيل المبالغ فيه يمكن أن يتعاظم تأثيره إن سنحت أفعال ناشطة وفكر واعي لعمل واحد فعال لكل إنسان ، فالله عنده علم الغيب  هو الأول والآخر " أعرف من أنت ، ولماذا أتيت " إن النص الشعري لم يستخدم لمنطق نفعي ذاتي بل يجسد مضامين فعل إنساني لمسألة أخلاقية تحتاج إلى حل معلن ظاهره " لأحل القضية الكردية " فالمأزق الذي يعيشه الشاعر قد يكون على شيء من المأساوية يحتاج إلى حل قدري من الله " يقول للشيء كن فيكون " ما دامت القضية على الأرض ما زالت مأساوية بأقدار إنسانية تفتقر إلى العوامل التي تتجاوز نطاق المنفعة الشخصية والحزبية والكتلية ، يعطيها الشاعر بعداً أخلاقياً عميقاً قوياً فبلا أخلاق لا يتحقق شيء على الأرض بل يغدو كل واحد يغني على ليلاه بعيدا عن القضية والمبادئ والأخلاق والمثل العليا التي تسمو بالإنسان .
(( وهو يقول لي :
   أعرف من أنت
   ولماذا أتيت
   اعذرني
   لأحل القضية الكردية
   حتى عندي ! ))
الشاعر " شيركو بيكه س" يجسد من خلال صوره الشعرية معاني اكتشاف الذات أو خداع الذات التي تنبع من أصول قوة متعاظمة لأفعال أخلاقية ومن جذور هينة لا أخلاقية ، وهي ليست قسوة مفرطة لعدم الوصول إلى حل المسائل والمشاكل والقضايا المهمة على الأرض التي تلامس فكر وروح ومشاعر البشر مهما كانت مضامينها وعناوينها فالطرق المسدودة والمفتوحة هي مصورة في الأصل في أخلاق وأفكار وسلوك ورؤى الإنسان التي تأتيه بشعور ووخزت ضمير تمنحه القوة ليحمل قبس من نور لفتح كل طريق مسدود .
*****************************************
شيركو بيكه س:
-   يعتبر أشهر شاعرٍ كوردي حالياً.
-   من مواليد/1940/ مدينة السليمانية- كردستان العراق.
-   صدرت له أول مجموعة شعرية عام 1968، كما صدرت له حتى الآن أكثر من 18 مجموعة شعرية، ما بين قصائد قصيرة "بوستر" وقصائد ملحمية طويلة.
-   كذلك كتب مسرحيتين شعريتين، وترجم رواية "الشيخ والبحر" لأرنست همنغواي من العربية إلى الكردية.
-   تُرجمت منتخبات من قصائده، على شكل دواوين، إلى اللغات: الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الألمانية، السويدية، الدانمركية، المجرية، الفارسية، التركية، العربية. وتُرجمت له سبع مجاميع شعرية إلى اللغة العربية.وثمةَ أُخرى أيضاً قيد الترجمة.
-   وهو أول شاعر كردي ينال جائزة أدبية عالمية (جائزة توخولسكي السويدية العالمية عام 1988
-   ودع الحياة في كردستان العراق