المحرر موضوع: الولاية لمن ؟!  (زيارة 623 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ناهدة محمد علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 99
    • مشاهدة الملف الشخصي
الولاية لمن ؟!
« في: 19:24 10/08/2017 »

الولاية لمن ؟!
الدكتورة / ناهدة محمد علي
في دراسة أجرتها حديثاً منظمة الأمم المتحدة حول مكانة المرأة في الدول العربية وعن قناعة الرأي العام بفكرة المساواة بين الرجل والمرأة وأحقية الرجل في الولاية .
إنما تروج له الصحافة العربية عن التطور الحاصل لموقع المرأة في المجتمع العربي يبدو محض هراء ، والأغرب من هذا أن غالبية النساء العربيات لا زلن مقتنعات بأحقية الولاية للرجل وأن الدور الأساسي للمرأة هو رعاية الشؤون المنزلية وأن للرجل حق معلوم في ضرب زوجته .
أُجريت الدراسة على أربع دول عربية وهي المغرب ومصر ولبنان والأراضي الفلسطينية . وأجرت منظمة الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة ( بروموندو ) إستطلاع عام 2016 على هذه الدول الأربع وهو الأول من نوعه والذي يُلقي نظرة موثقة على وجهة نظر الرجل العربي لدوره كرجل وقناعته بفكرة المساواة ، وقد مر الإستطلاع على الفئات العمرية ما بين 18 - 59 وقد تبين من خلال هذا الإستطلاع بأن قناعة الكثير من الرجال في هذه الدول هو أن المرأة قد خُلقت لرعاية المنزل ، أما قناعة الكثير من النساء في تلك المناطق فكانت مشابهة لقناعة الرجل .
آمن 86,8 ٪ من الرجال في مصر ، 71,5 في المغرب ، 80 % في الأراضي الفلسطينية بفكرة أن وظيفة المرأة الأساسية هي رعاية المنزل والطبخ  ، كما آمن النساء بنفس الفكرة 76,7 ٪ في مصر ، 71,5٪ في المغرب . وقد آمن بفكرة إستحقاق المرأة للضرب أحياناً 53,4% من الرجال في مصر ، 38,2٪  من الرجال في المغرب 3% في لبنان 34٪ في الأراضي الفلسطينية . أما من النساء فقد آمن 32,8٪ منهن في مصر 20,6٪ في المغرب 5٪ في لبنان 36 ٪ في الأراضي الفلسطينية بفكرة إستحقاق المرأة للضرب .
أما عن فكرة أحقية الرجل بالولاية فقد آمن بها77,9 ٪ من الرجال في مصر ،76,8٪ من الرجال في المغرب ، 35٪ في لبنان ، 82٪ في الأراضي الفلسطينية . أما من النساء فقد آمن بفكرة الولاية للرجل79,1٪ من النساء في مصر ، 56,4 ٪ من النساء في المغرب ، أما في لبنان 45٪ من النساء ، 64٪ في الأراضي الفلسطينية .
لقد تبين من خلال الإستطلاع في المناطق الأربعة أن40٪ من الرجال ممارسون العنف ضد المرأة متعكزين على فكرة ( القوامة ) وحتى في المجتمعات الليبرالية مثل المغرب . ومن الغريب في الأمر أن الدراسة قد بينت أن87٪ من الرجال المصريين وأكثر من نصف النساء يؤيدن ختان الإناث ، كما أكد أكثر من نصف الرجال والنساء بأن المرأة يجب أن تتزوج من مغتصبها .
لم أشأ إضاعة القاريء بالكثير من الأرقام والإحصائيات لكنه في الدراسات الإجتماعية لا يصدُق شيء مثل الرقم والصورة ، ولم أفاجأ أنا بهذه الأرقام ،  إذ أن ما يقوله الإعلام السياسي شيء وحقيقة الأمور في مجتمعنا العربي شيء آخر . وقد لا حظنا تراجع المستوى الإقتصادي والمعيشي للدول المعنية بهذه الدراسة وقد نزل إلى قعر المجتمعات التطور التكنولوجي والمعرفي ، ولا غرابة في أن يطفو على السطح أجزاء من العرف الإجتماعي البالي ممزوجة بالكثير من الخرافات وفكرة النقاء الأمثل للمرأة بولاية الرجل أحياناً وختان الإناث أحياناً والعنف الأسري أحياناً أخرى .
إن المرأة العربية هي إسفنجة المجتمع تمتص كل الإحباط السياسي والإقتصادى للرجل ، كما أنها تمتص مشاكل الطفولة والقهر والعوز الذي يعانيه الطفل العربي ، وكانت معارك مدينة الموصل المثال الأوضح لما تعانيه المرأة العربية ، فهي ما بين الإرهاب السياسي لداعش والإرهاب العشائري لإتهامها بجرائم الشرف وإرهاب الأزواج العاطلين والذين يعانون من النكوص السياسي والإقتصادي والإجتماعي . والرجل هنا حين لا يستطيع أن يرفع يده فوق السلطة أو فوق التطرف الإرهابي أو فوق الجوع والإذلال يستطيع حتماً أن يرفع يده فوق هامة زوجته مؤكداً رجولته .
إن ثورات التحرير العربية والتي جاءت  بمفاهيم تحرير المرأة والرجل على حد سواء قد عانت هي أيضاً من النكوص السياسي وإبتدع السياسيون مطاليب جديدة شُرعنت بالدين مرة وبالتراث والتأريخ مرة أخرى ، لكنهم إستلبوا الإثنين معاً وإبتلعوا القشور وأجبروا الناس جميعاً على إبتلاعها ، فلا غرابة أن نرى دولة مثل مصر أو لبنان أو المغرب أن يتراجع فيها الفكر الإجتماعي ، فمشكلة المرأة العربية وحلولها هي النقطة الفاصلة ما بين الحضارة والتخلف .