المحرر موضوع: الأحمدية.. فرقة تشدد على إسلامها في محيط يرفضها  (زيارة 1092 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31321
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأحمدية.. فرقة تشدد على إسلامها في محيط يرفضها
يحتدم في الجزائر نقاش حول طوائف دينية ذات توجهات صوفية بدأت تنتشر في البلاد، ويذكر أن تواجدها كان منذ سنوات لكن لم يذع صيتها إلا مؤخرا بعدما بدأت السلطات الجزائرية تتوجس منها وتسلط عليها الأضواء عبر الإعلام المحلي. من أشهر هذه الطوائف الطائفة الأحمدية التي تتضارب المواقف حولها والتي سبق أن كفرها الرئيس الأسبق للمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر أحمد حماني.
العرب/ عنكاوا كوم [نُشر في 2017/08/26،]

صلاة في الظل
الدعوة الأحمدية تنتشر في الجزائر منذ العام 2007، لكن أحدا لم يكن مدركا لوجود هذه الجماعة إلى حين صب الإعلام المحلي تركيزه وهجومه عليها اعتبارا منذ يونيو 2016

الأحمديون يشددون على أنهم مسلمون لكن منظمة التعاون الإسلامي، والجزائر عضو فيها، قررت منذ العام 1973 اعتبار اعتقادات وممارسات جماعة الأحمدية خارجة عن الدين الإسلامي

الجزائر – تقدّم الأحمدية نفسها على أنها مجموعة مسالمة تجديدية، لكن عموم المسلمين من سنّة وشيعة مجمعون على وصفها بالخروج عن الدين، مجبرين أفرادها في الكثير من الأحيان على ممارسة معتقداتهم في الظل، كما هو الحال في الجزائر.

ظهرت الجماعة الإسلامية الأحمدية في أواخر القرن التاسع عشر في شمال الهند على يد مؤسسها ميرزا غلام أحمد، وانتقلت إلى بلدان عدة منها دول عربية.

في العام 2007 انتشرت الدعوة الأحمدية إلى الجزائر بفضل محطة تلفزيونية تبثّ أفكار الجماعة، صار من الممكن التقاطها في البلاد عبر البث الفضائي، لكن أحدا هناك لم يكن مدركا لوجود هذه الجماعة إلى حين صب الإعلام المحلي تركيزه وهجومه عليها اعتبارا من يونيو 2016.

ومعظم الجزائريين مسلمون سُنّة على المذهب المالكي، والإسلام هو الدين الرسمي للدولة، لكن دستور البلاد يكفل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، شرط أن ينال مكان العبادة ترخيصا من السلطات، لكن الأحمديين في الجزائر لم يقدّموا طلبا لترخيص مسجدهم، لاعتقادهم بأن السلطات لن تمنحه لهم.

في الثاني من يونيو الماضي، أوقفت السلطات رئيس الأحمديين في الجزائر محمد فالي، وهو تاجر في الرابعة والأربعين من العمر، ومساعده، ودهمت منزليهما وصادرت جوازي سفرهما، بعدما طلبا من وزارة الداخلية ترخيصا لجمعية خيرية. ومنذ ذلك الحين لاحقت السلطات 286 شخصا من بينهم خمس نساء، تراوحت أعمارهم بين 20 و71 عاما، وفقا لمحمد فالي.

وصدرت على الموقوفين أحكام تراوحت بين السجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ والسجن أربع سنوات مع النفاذ، ما عدا ثلاثة أشخاص حكم عليهم بدفع غرامات. ويقول محاموهم إن العقوبات صدرت بموجب تهم تتعلق بمخالفات في قانون الجمعيات، لكنهم يؤكدون أن دافعها الحقيقي هو معتقدهم.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية (واج) أن يوم السبت 20 أغسطس 2017 قامت عناصر أمن دائرة ندرومة بمدينة تلمسان بتوقيف 5 أشخاص من عائلة واحدة من أتباع الطائفة الأحمدية. وجاءت العملية بعد تلقي العناصر لمعلومات مفادها أن عائلة بقرية العسة ببلدية ندرومة تتبع الطائفة الأحمدية.

وبعد عملية التفتيش للمنزل العائلي تم توقيف 5 أشخاص من بينهم رب العائلة البالغ من العمر 75 سنة وأبناءه المقيمين بفرنسا وهم رجلان (39 و 41 سنة) وامرأتان تبلغان من العمر 41 و 44 سنة حسب ذات المصدر. وأسفرت عملية التحقيق معهم عن اعترافهم بالانتماء إلى الطائفة الأحمدية بفرنسا داخل جمعية خيرية وصرح الأبناء أمام الضبطية القضائية أنهم دخلوا إلى التراب الوطني من اجل السياحة وزيارة الوالد وأنهم لم يقوموا بأي نشاط دعوي بالجزائر لفائدة الطائفة الأحمدية وفق نفس المصدر.

الدعوة الأحمدية تنتشر في الجزائر منذ العام 2007، لكن أحدا لم يكن مدركا لوجود هذه الجماعة إلى حين صب الإعلام المحلي تركيزه وهجومه عليها اعتبارا منذ يونيو 2016

مهدي آخر الزمان
تلاحق السلطات محمد فالي بعدد من التهم، منها جمع تبرعات بشكل غير مشروع وتأسيس جمعية من دون موافقة وتوزيع منشورات تضرّ بالمصلحة العامة، والتعرّض للنبي محمد وغيره من الرسل، وازدراء العقيدة والمفاهيم الإسلامية.

ويشدد الأحمديون على أنهم مسلمون، يؤمنون مثل سائر المسلمين بنبوّة محمد ومن سبقوه من الأنبياء، والقرآن وما سبقه من كتب منزلة، لكنهم يقولون إن مؤسس الجماعة ميرزا غلام أحمد هو “المهديّ المنتظر الذي نُقلت عن النبي محمد روايات تتحدث عن مجيئه آخر الزمان”، وهذا ما أخرجهم من بوتقة الإسلام في نظر سائر المذاهب والفرق.

منظمة التعاون الإسلامي، والجزائر عضو فيها، منذ العام 1973 اعتبرت هذه الجماعة خارجة عن الإسلام. ويقابل الأحمديون الذين يقدّر عددهم بعشرة ملايين في العالم بالرفض في مختلف بلدان العالم.

وفي الجزائر، يقول الأحمديون إن عددهم يربو على الألفين، وهم يعيشون حياتهم الإيمانية في الظل، ويجتمعون في السر لدى بعضهم للصلاة، وليس لديهم أي مسجد أو مصلّى معترف به.

ويتحدث مازن الشريف، الخبير الأمني ومسؤول قسم الاستشراف ومكافحة الإرهاب في المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، لـ”العرب” عن الأحمدية مشيرا إلى أن “مبادئ الأحمدية متذبذبة، فيها من القرآن والإنجيل والتوراة”.

وأوضح الشريف أنه جرى في الفترة الأخيرة “تسييس هذه الجماعة لغايات استراتيجية” الأمر الذي يجعله يؤيد سياسة الحكومة الجزائرية في التعامل معها، ملفتا إلى أن الموضوع مازال غائبا في تونس، رغم أن صوت هذه الجماعة بدأ يعلو في البلاد.

ولا يقتصر الأمر على الجزائر، حيث سبق وأن حذر زعيم ديني كبير في إندونيسيا من تسييس قضية الأحمدية المثيرة للجدل في المجتمع المسلم في البلاد.

وقال إن القضية يمكن أن تخلق صراعات طائفية في أكبر بلد مسلم في العالم. وقال هاشم موزادي، الرئيس السابق لجمعية نهضة العلماء، أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا، “إن هذه القضية أصبحت تستخدم كورقة سياسية”.

ويقول مازن الشريف إن مركز نشاط هذه الطائفة في مدينة حيفا، وهي لا تملك مسجدا علنيا في الشرق الأوسط، فيما يشير الخبراء إلى أن الإنترنت سهلت انتشار هذه الطائفة حيث مؤلّفات ميرزا غلام أحمد “على مواقع مختلفة ضمن الشبكة العنكبوتية، ولم يعد بالإمكان التضييق عليها كما في السابق”.

ويقول الكاتب والصحافي الجزائري خالد عمر بم ققة إن الجزائر اليوم ترى نفسها، على خلفية ظهور مذاهب أخرى ليست من مذاهب أهل السنة والجماعة، ومخالفة للمذهب المالكي على حافة مواجهة بين الغالبية من المواطنين، وبين تمرد بعض الأفراد والجماعات على الخيار الأساسي للمجتمع الجزائري، ذلك لأنها اختارت منذ قرون أن تكون ضمن المذاهب الإسلامية السنية الأربعة، بعد أن جرّبت التشيع أثناء الدولة العبيدية (الفاطمية)، وهي بذلك ارتبطت بتاريخ الفقه الإسلامي، الذي يعود إلى القرن الثاني الهجري، أي حين تبلورت الآراء الفقهية للإمام مالك بن أنس في مذهب واضح ومستقل، مستندا في اجتهاداته وآرائه إلى أعمال “أهل المدينة”.

«كنت متشددا»
تسلط وكالة فرانس برس الأضواء على هذه الطائفة ضمن تقرير شمل شهادات ولقاءات مع أتباع الأحمدية في الجزائر، وعلى رأسهم محمد فالي، الذي التقت به الوكالة الفرنسية في منزله بمدينة تيبازة الواقعة على بعد ثمانين كيلومترا غرب العاصمة.

الكركية على خطى الأحمدية في إثارة قلق الجزائريين
لم يهدأ بعد الجدل الذي أثارته الحملة على الطائفة الأحمدية في الجزائر حتى ظهرت على السطح طائفة أخرى أكثر إثارة للجدل، وهي الطائفة الكركرية التي انتشرت في غرب البلاد.

ويتميز أتباع الكركرية بارتدائهم “جلابيب” بمربعات ذات ألوان كثيرة وملفتة للنظر، بالإضافة إلى طقوسهم الغريبة التي لا يتوانون عن ممارستها حتى في الأماكن العامة.

يبدأ فالي حديثه بالشهادتين، ليقول بعد ذلك إن القرآن هو المرجع للجماعة الأحمدية، معبرا عن استيائه من الاتهامات التي تكال لهم بالخروج على الدين الإسلامي، لا سيما من بعض وسائل الإعلام المحلية.

وتحدث أيضا عدد من أتباع الجماعة، منهم تجار وطلاب ومهندسون وأطباء، وهم يروون كيف أجابتهم الجماعة عن أسئلة كانت تؤرقهم وتثير شكوكهم. وهم يرفضون أن تلتقط لهم صور، أو أن يُفصح عن أسمائهم، خوفا من أن يكونوا عرضة للملاحقة من السلطات، أو الاضطهاد من المتشددين.

من بين المتحدثين عبدالرحمن، وهو تاجر في الثانية والأربعين من العمر، ما زال يرتدي العباءة السلفيّة واصفا أفكاره قبل الانتساب للجماعة الجديدة بأنها كانت “متشددة وإن كانت غير عنيفة”.

وقد شكاه أصدقاؤه القدامى لشيخ في المنطقة فاتهمه علنا بالردّة وطلب منهم منع أولادهم من الاختلاط بأولاد الأحمديين، ثم ألغي إعلان خطوبة شقيقته، لأنها شقيقة “كافر”، كما يقول.

«مؤامرة إسرائيلية»
في قاعة يقيم فيها الأحمديون الصلاة وترتفع فيها صورة لميرزا غلام أحمد، يشكو حامد واقع الحال ويقول “لا ينبغي أن يتركّز النقاش على الأحمدية، بل على حرية الاعتقاد”.

في يوليو الماضي، اتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى الجماعة الأحمدية بأنها تقف وراء مؤامرة إسرائيلية لزرع بذور الاضطراب في الجزائر. علما أن الجماعة تتمتع بحرية الشعائر في إسرائيل ولديها محطة تلفزيونية.

لكن محمد فالي يرى أن ما تتعرض له الجماعة في الجزائر ذو خلفية سياسية ولا علاقة له بالدين، معتبرا أن جماعته تشكل تهديدا للفكر السلفي. وتشير وكالة فرانس برس في تقريرها إلى أنها طلبت مقابلة مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف، فوافق أول الأمر ثم عاد ورفض.

تقول سيرين رائد، من منظمة العفو الدولية، إن الاتهامات لا تؤدي سوى إلى تغذية التعصب الديني، داعية السلطات الجزائرية إلى حماية الأقليات والتعددية الدينية داخل الإسلام وخارجه. وتؤكد أن العداء الذي يلاقيه الأحمديون في الجزائر لا مثيل له في بلدان المغرب العربي، إذ لم تتلق المنظمة أي إبلاغ عن انتهاك حرية الاعتقاد في المغرب أو تونس وغيرهما.

وردت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان على الااتهامات بتأكيدها أنها "تتابع بالاهتمام قضية ترويج للفكر الأحمدي والأساليب المنتهجة من قبل هذه الطائفة.

وأوردت الرابطة في تقرير معنون بـ"الأحمدية تهدد الجزائر"، وسائل أساسية تتخذها الأحمدية للانتشار وهي "عدم معرفة الأتباع الجدد بهذا الفكر إلا بعد فوات الأوان وهشاشة المؤسسة الدينية الذي تتميز بخطاب مضطرب وتقليدي جعلها تضعف أمام خطر يحدق بالإسلام والفقر والحاجة للمال، وأن أغلبية معتنقي هذا الفكر من والأميين والبسطاء من الجزائريين"".