ألعزيز زيد
سلام ومودة
قبل الدخول في صلب الموضوع أود أن أقول بأن الخبير في توزيع المكرمات يرقد في الدنيا الآخرة , وحينما كانت الدجاجة مكرمة شهر رمضان للعائلة الواحدة , كانت بعض الفنادق في ألمانيا تعزف عن تقديم الدجاج في مطاعمها باعتباره طعام الفقراء حسب ما نقله لي أحد الزملاء الموفدين إليها عند عودته .
يقال عن الشعر بأن المعنى في قلب الشاعر لذلك ليس بالضرورة أن تنطبق بعض الشروحات الشعرية على المضمون الفعلي . وما جاء في صدر البيت الشعري:
أنتِ أم القرى رضيَ البعضُ أم أبى ......
بالطبع ليس موجهاً لك وإنما المقصود أن المقولة حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها سواء أراقت للبعض أو لم ترق . فمثلاً لو ألّف أي كان كتاياً بعنوان " ألقوش أم القرى , أو ألقى محاضرة أو نشر مقالاً بهذا الصدد, عندها سيتطرق عن أصل التسمية ومن أطلقها وكيف انتشرت . وذلك يسري على كل المفاصل الحياتية . سبق وأن عرف مرض الجذام بالبرص , وأطلق على العراق تسميات عديدة منها " ميسوبوتاميا " , وحتى الروح القدس بالباراقليط , والشيطان بلوسيفر , وهكذا . لا يمكن التجني على الحقائق التاريحية والأفضل أن يلزم المرء السكوت بدلاً من تسييف الحقائق عندما لا يرغب بالوقوف مع الحق لسبب أو آخر , رغم ما يقال أن : ألسكوت عن الحق شيطان أخرس ’ أما أنا فأقول : ألصمت سيّد الكلام " .
أخي زيد : أنت لم يسبق لك أن ترعرعت في القصبات المسيحية , فالأفضل أن تسأل الأخوة ممن سكنها كي يشرح لك لماذا تطلق على ألقوش " أم القرى " , والكثير من رواد الكنيسة عندهم الجواب . ألتميّز حالة حياتية طبيعية وأنا أتفق معك كلياً أن لا فرق بين قصبة وأخرى بما يخص جوهر الإنسان ففي كل قصبة الصالح والطالح , ولكن هنالك تميّز الواحدة عن الاخرى بمقومات متعددة , والأهم أن لا يفهم من ذلك أنه تمايز أو استعلاء حيث أرفضهما قطعاً .
للأسف أقرأ في توضيحك " أن الحس القروي المتعصب يلغي نقاط الإلتقاء " . ولا أعلم كيف توصلت إلى هذا الإستنتاج معي وألمفروض أنك تعرفني حق المعرفة . هل تذكر مقالي عن طلبي عودتك إلى الموقع علماً معرفتي معك آنذاك كانت في بدايتها ’ فهل أنت من " أم القرى " .وماذا عن مقالي " ألمطران دلّي في عيادتي " , فهل المرحوم من " أم القرى " , وماذا عن موقفي مع من كتب مقالاً مشيناً بحق بيتك , ألم أطلب منه الإعتذار علماً أنه من أهالي " أم القرى " ومن معارفي . الإعتزاز ليس تعصباً . نعتز بعراقيتنا ونعتز بمسيحيتنا , وأعتز بكلدانيتي بدون تعصب , وأعتز بالقوشيتي بدون أي تمايز أو استعلاء .
عندي كلام كثير سأتكلم عنه عندما نلتقي . بصراحة أخي زيد مقالك أعلاه لا يزيد إلا فرقتنا , فهل أسباب تشرذمنا قليلة كي تضيف إليها صراع القرويات لمجرد أن تسمية " أم القرى " لا تستسيغها . أم القرى وأبو القرى وأخت القرى وأخ القرى وما شاكل , ألا تعتقد أنها لا تستحق تضييع الوقت بنشر مقال عنها في هذا الظرف . أملي أن لا تتغلب العاطفة في مقالاتك المستقبلية وأن تعود لرؤياك الواضحة للإمور وأن تتقبل الآراء المتقاطعة بروح شفافة ومتحضرة وأن تحافظ على ما تبقّى لك من الإرث بعد أن خسرت الكثير ’ ولا تقل لي لا تهمك الخسارة حيث أن ذلك لا يتناسب مع مرحلتك العمرية والحياتية .
تحياتي