المحرر موضوع: من بابل إلى رتبة أول وزير سرياني في السويد... إبراهيم بايلان يريد تحويل السويد إلى أول دولة تستغني عن النفط إلى الأبد  (زيارة 3120 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


من بابل إلى رتبة أول وزير سرياني في السويد

عنكاوا دوت كوم/العرب ملكون
الوزير السرياني يكشف عن وجود 10 محطات للطاقة النووية في السويد، مبينًا أن أربعة محطات منها ستغلق عام 2020، فيما ستتم مراقبة وفحص المحطات الست المتبقية.

ستوكهولم - عاش سريان العراق في الموصل وسهل نينوى “بغديدة قره قوش” وهي أكبر تجمع لهم إضافة إلى بغداد وكركوك والبصة وسنجار وأربيل والعمارة، وفي سوريا في الشمال الشرقي ومنطقة الجزيرة، بعد أن كانوا قد انطلقوا ذات يوم من الصحراء السورية حوالي 2300 قبل الميلاد إلى أعالي ما بين النهرين.

أسس السريان ممالكهم المستقلة غير الموحدة التي دخلت في صراع مع الشعوب المجاورة كالآشوريين والحثيين والكنعانيين والعبرانيين. وبالرغم من انتصار الآشوريين على السريان إلا أن النفوذ الثقافي والحضاري للسريان ظل مستمراً، وخصوصا في الممالك التي بقيت حية مثل مملكة الرها في تركيا ومملكة تدمر في سوريا ومملكة الحضر في العراق ومملكة الأنباط في الأردن.

واليوم بقي من السريان في تركيا قرابة الـ25 ألفا، ووجودهم التاريخي كان في ماردين جنوب تركيا والقريبة من أرضهم في شمال العراق وسوريا حيث بابل وما بين النهرين.

إبراهيم بايلان مهاجر من مدينة ماردين التي تقع في جنوب شرق تركيا من أصول سريانية، هاجر أهله إلى السويد في أوائل الثمانينات من القرن الماضي واستقروا بداية في بوتشيركا إحدى ضواحي العاصمة ستوكهولم. وفي المهجر أنت أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تستكين وتستسلم للاكتئاب المتسلّل من نوافذ الثلج، أو تنفض عنك ملل الإحباط وتعمل على أن تكون مخلصاً للثقافة والحضارة التي تنتمي لجذورها.

كان بايلان حينها طفلاً لم يتجاوز السنوات العشر، وكانت خطواته الأولى في بلد جديد ولغة جديدة وثقافة جديدة، وأصدقاء طفولة جدد. صعوبة الخطوات الأولى في زمنٍ كانت النظرة للشعر الأسود في بلاد الفايكينغ تثير الامتعاض وربما الإهمال في مدارس السويد. ولكن الطفل إبراهيم كان يصادق الطموح يبوح له بأحلامه وأمانيه.

التحصيل العلمي أصبح على رأس أهدافه، فتدرّج في الدراسة حتى بلغ المرحلة الجامعية ليختار كلية الاقتصاد في جامعة أوميو. ومدينة أوميو كانت اختباراً جديداً لإرادته فهذه المدينة تقع في شمال السويد وهي أكبر مدن نورلاند، وتتميز ببردها القارس وبعدها عن العاصمة. ومع دراسته للاقتصاد كان يعمل بشكل موازٍ في النشاطات السياسية الطلابية، فتم اختياره عام 1997 ليترأس رابطة شباب الحزب الاجتماعي الديمقراطي السويدي في أوميو، ولم يكد العام ينتهي حتى كان الاختيار يقع عليه رئيساً لاتحاد الطلاب في المدينة وعضواً في بلديتها.

عندما بلغ بايلان سن الخامسة والعشرين ومع إطلالة الألفية الثالثة كان يتبوّأ منصباً مهماً في النقابات السويدية، قبل أن تخيّب نتيجة الانتخابات البرلمانية الأوروبية أمله عام 2004. لكن جاءه التعويض في نفس العام عندما اختاره رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون ليتولّى وزارة المدارس ويصبح أول مهاجر غير أوروبي عضو في الحكومة السويدية، واستمر في منصبه لعامين، انتخب بعدها في عام 2007 رئيساً للجنة البرلمانية السويدية للنقل والمواصلات، وفي عام 2009 أصبح الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي السويدي. ليستقيل في مارس 2011، ويتولى في حكومة ستيفان لوفين حقيبة وزارة الطاقة منذ عام 2014.

في عام 2011 تقدم بايلان باستقالته من منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ورغم أن المراقبين حينها وجدوها خطوة متوقعة تفتح الباب أمام نقاشات مطولة حول شكل وطبيعة القيادة في الحزب.

أما بايلان فقال في كتاب استقالته “أريد أن أتيح الفرصة لانتخاب قيادة جديدة تساوي بين الجنسين، واستقالتي ستسهّل عمل لجنة الإعداد للانتخابات وتوسّع خيارات انتخاب امرأة أو رجل لرئاسة الحزب ومنصب السكرتير العام”.

المهاجر الطامح تعامل بذكاء مع حزبه الذي كانت شعبيته قد تراجعت ووجد أن عودة الحزب للواجهة لا بد من أن تكون عبر ضخّ دماء شابة وجديدة في الهيكلية القيادية، هذا القرار الشجاع والحكيم من بايلان أدى لفوز حزبه بالانتخابات البرلمانية لعام 2014.

    وزارة الطاقة تنتظره فيها ملفات ساخنة عالج بايلان أغلبها بخطط مستقبلية، فهو يرى أن الطاقة جزء أساسي في بناء مجتمع مستدام، لذلك عمل على إقناع الحكومة بإنشاء نظام للطاقة المتجددة بنسبة 100 بالمئة، مركزا على أن السويد لديها فرص كبيرة لتصدير شبكات الطاقة الذكية

قلب الكلداني

في عودة تحمل الحنين للمكان الأول لطفولته في السويد، يعود بايلان إلى نوشبوري في ستوكهولم ليتذكر طفولته التي انتقلت من الريف التركي لتصطدم ببناء شاهق سكنه، وفي منطقة تعج بالمهاجرين السريان، يقترب من مهاجر مسن يبادره التحية باللغة السريانية، يتمتم بايلان “لا يزال هنا صامداً منذ أن وصلنا إلى السويد”.

الصحافيون الذين رافقوا الوزير في زيارة الحنين هذه استمعوا له يقول “قطعنا مسافة أربعة آلاف كيلومتر حتى وصلنا من ماردين، لكنها بالحقيقة قد تساوي مئة سنة. كل شيء تغير على الناس القادمين من الريف التركي، المصعد المياه الباردة والساخنة في الشقة، الدجاج الذي ينتظر في البراد كانت دهشة كبيرة لنا عندما وصلنا، ففي منازل القرية لم يكن هناك كهرباء، والمياه نتزود بها من بئر قريب، وعادة ما يتم تقديم اللحوم فقط لعيد الميلاد وعيد الفصح”.

يضيف الوزير المارديني “في اليوم الأول للدراسة أرسلوني للمركز الصحي في هالوندا واكتشفوا وجود مشكلة خلقية معي في القلب منذ الولادة، عولجت منها بكل اهتمام وشعرت أن لي قيمة، ربما لو كنت في تركيا لكنت في عداد الميتين”.

هذه الزيارة دفعت بايلان لتسليط الضوء على الصعوبات التي تعاني منها برامج الاندماج في السويد. ففي عام 1975 كانت الدولة تراهن على إنفاق ملايين الكرونات على ما يسمّى بـ”المناطق الضعيفة”، لكن منذ ذلك الحين طرحت عدة مشاريع والكثير من الخطط والبرامج وصرفت في سبيل ذلك مبالغ طائلة.

وقد تم تحليل مختلف المشاريع من قبل البلديات والباحثين والسلطات والمنظمات، واستعرض المسؤولون في المكاتب الحكومية مختلف التقييمات، وفي هذا الصدد يقول بايلان “لم يكن ذلك هدراً للمال، فمن الواضح أن هذه البرامج والخطط ساعدت الأفراد، لكنها لم تحل المشكلة من جذورها، حتى الآن سياسة الاندماج تتوازى مع العمل السياسي المعتاد وهنا لا بد من التغيير، يجب أن يعمل السياسيون وبقية المجتمع معاً، ويجب على السلطات والباحثين والمجتمع المدني ورجال الصناعة أن يتعاونوا في إطار جديد، فنحن ننفق حوالي 150 مليار سنوياً على النظام المدرسي، فما المشكلة أن ننفق 100 مليون لمعالجة مشاكل الاندماج لطالما أن الـ150 مليارا لم تفعل شيئاً”.

بايلان ضحية العنف

العنف هو واحد من خمسة مجالات ذات أولوية في الجهود الحكومية في السويد، وأحد أهم القضايا السياسية، وللوزير بايلان حكاية مؤلمة مع العنف والجريمة يرويها هو قائلا “في نهاية التسعينات من القرن الماضي قُتل أرجين سالسي أحد أصدقاء طفولتي، فقد هاجم اللصوص منطقة هالوندا في الصباح معتقدين أن الكبار في السن فقط سيكونون في المنازل، واللصوص كانت لديهم قناعة أن المهاجرين يحتفظون بأموالهم في منازلهم لأنهم لا يثقون بالبنوك، أرجين صديقي استيقظ في صباح يوم 16 فبراير 1999 عندما سمع والده يصرخ، في الصالون هاجمه اثنان من اللصوص وأطلقوا عليه النار في قلبه، ومات. كان شاباً في السادسة والعشرين من عمره” ويضيف بايلان “دائما أفكر به وبلهونا ونحن صغار في الحديقة أمام المنزل، بعدها بسنوات كان أحد أقربائه ويدعى عيسى إيبار يكاد يقتل بإطلاق نار من عصابة إجرامية، تم إنقاذه ولكنه فقد عينه”.

لم يعد خافياً ارتفاع معدل الجريمة في السويد التي كان يضرب بها المثل في الأمان، لذلك فإن الشرطة السويدية صنفت الكثير من المناطق في السويد على أنها مناطق خطرة وتعاني من مشاكل اجتماعية، ومنها مدينة مالمو التي زارها بايلان هذا الصيف مُكلفاً من رئيس الوزراء بعد عملية قتل وحشية حدثت في المدينة وسبقها ما يقارب ستون جريمة قتل.

بايلان الذي زار عشّ الدبابير وجد أن من المهم جداً زيادة ميزانية الشرطة لمساعدتها في مهمتها التي تبدو صعبة جداً في تفكيك بنية العصابات الإجرامية. يقول بايلان “من السهل أن نتحدّث عن الخطط والاستراتيجيات والميزانيات المخصّصة، لكن الواقع أصعب فالمناطق المصنفة بالخطرة ارتفع عددها من 15 منطقة إلى 22 منطقة، هذه الأرقام تجعلنا ندعو بشكل جدّي لتشكيل لجنة وطنية للكوارث، ولا أعتقد أن الشرطة ستتمكن لوحدها من مكافحة هذا الخطر بل تقع على المجتمع أيضاً مسؤولية استعادة السيطرة على هذه المناطق التي تصبح قاعدة للتطرف والعنف”.

بايلان يبدو فخورا بمشروعه الكبير، يقول “لقد قطعنا شوطا كبيرا في ما يتعلق بالوقود الحيوي ومصادر الطاقة البديلة، ونستعد لإنهاء الاعتماد على النفط والوقود الأحفوري بحلول عام 2030، بواسطة الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح والطاقة المنتجة من النفايات الخشبية وأمواج البحر”

سياسة بايلان

في كل مهمة يكلّف بها بايلان فإنه يضع بصمته ولا يريد أن يكون المنصب مجرّد مرحلة وسطراً في سيرته الذاتية، فعندما كان وزيراً للمدارس انتقد بشدة تقريرا قدمته الوكالة الوطنية السويدية للتعليم يضع مشروعاً تعليمياً وجده ضاراً بالسياسية التعليمية في السويد، وأثبت صحة وجهة نظره حتى اضطرت الوكالة لسحب تقريرها ومشروعها.

وفي وزارة الطاقة كان تنتظره ملفّات ساخنة أغلبها بخطط مستقبلية فهو يرى أن الطاقة هي جزء أساسي في بناء مجتمع مستدام، لذلك عمل على إقناع الحكومة بإنشاء نظام للطاقة المتجددة بنسبة 100 بالمئة، مركزاً على أن السويد لديها فرصاً كبيرة لتصدير شبكات الطاقة الذكية معتبراً أنه “من العار أن لا ننتهز هذه الفرصة”.

يقول بايلان إن السويد قطعت شوطًا كبيرًا في خطتها لإنهاء اعتمادها على النفط والوقود الأحفوري حتى العام 2030. ويضيف إن الحكومة السويدية، أقدمت على خطوات مهمّة لجعل بلادها أوّل دولة في العالم تتمكّن من إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.

يبدو بايلان فخوراً بمشروعه الكبير، يقول “لقد قطعنا شوطًا كبيرًا فيما يتعلّق بالوقود الحيوي ومصادر الطاقة البديلة، ونستعد لإنهاء الاعتماد على النفط والوقود الأحفوري بحلول عام 2030، بواسطة الطاقة المتجددة والكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح والطاقة المنتجة من النفايات الخشبية وأمواج البحر”.

يكشف بايلان عن وجود 10 محطات للطاقة النووية في السويد، مبينًا أن أربع محطات منها ستُغلق عام 2020، فيما ستتم مراقبة وفحص المحطات الست المتبقية.

إصرار بايلان على الخوض في كل القضايا الشائكة في سبيل إيجاد حلول جذرية لها دفع ثمنه رسالة مجهولة المصدر فيها مسحوق مكوّناته غير معروف، أرسلت إلى منزله في مدينة فليمنغسباري في ضواحي ستوكهولم قبل أيام.

الشرطة السويدية تلقّت تنبيهاً بوجود رسالة مريبة في منزل الوزير فضبطت الرسالة وتولّت التحقيق في الموضوع مع جهاز الاستخبارات السويدية “سابو”.

وفي مثل هذه الحالات تتعامل الجهات الأمنية السويدية بتكتّم كبير دون أيّ إثارة إعلامية فقط خبر مقتضب وتصريحات غائمة، فصرحت صوفيا هيلكفيست المسؤولة الصحافية في سابو لصحيفة “ميت” أنه “في حالة التهديدات الموجهة إلى الحكومة المركزية، بصفة عامة، نحن نتولى التحقيقات”.

لم يعلق بايلان، واكتفى المسؤول الإعلامي لوندفيست داهلين بالقول “إننا لا نعلق على القضايا الأمنية، ولكننا نحيلها إلى سابو”.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية