المحرر موضوع: طبيعة وقوى الصراع الجاري بالعراق  (زيارة 797 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاظم حبيب
طبيعة وقوى الصراع الجاري بالعراق
يتبلور الصراع الجاري بالعراق في المرحلة الراهنة فعلياً حول طبيعة الدولة التي يفترض أن تكون عليه بسلطاتها الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضاء، والمؤسسات الأخرى التابعة لها. ففي الوقت تسود العراق حالياً دولة طائفية - اثنية سياسية وزعت سلطاتها الثلاث ومؤسساتها العسكرية والمدنية على أسس المحاصصة الطائفية والأثنية السياسية المذلة لمبدأ المواطنة وكل المواطنات والمواطنين بالبلاد، والتي قادت البلاد إلى أسوأ العواقب، سواء أكان بتدمير النسيج الوطني والاجتماعي للشعب العراقي بكل قومياته واتباع دياناته ومذاهبه، أم بإشعال الحرائق الطائفية بين المليشيات الطائفية المسلحة التابعة للأحزاب الإسلامية السياسية وجر القوى الإرهابية الإسلامية المتطرفة والتكفيرية الإقليمية والدولية إلى العراق والتي ما تزال تمارس الإرهاب الواسع النطاق، أم ممارسة القتل على الهوية الدينية والمذهبية في طول البلاد وعرضها، أم بسيادة الفساد المالي والإداري في كل الدولة العراقية، وبالتالي تعطيل عملية التنمية والبناء والتعمير وتوفير الخدمات بالبلاد، أم بتسليم أجزاء عزيزة من الوطن العراقي إلى قوى الإرهاب الإسلامي الدولي (داعش) والبطش بالشعب قتلاً وسبياً واغتصاباً وبيعاً للنساء في سوق النخاسة الإسلامي ونهباً وتدميرا للإرث الحضاري العراقي. هذا النظام السياسي، وهو جزء أساسي ومركزي من سلطات الدولة الثلاث، الذي هيمن منذ العام 2005 على بقية السلطات، يدار من قوى وأحزاب إسلامية سياسية شيعية، مع وجود تبعي لأحزاب إسلامية سياسية سنية راكعة ومشاركة في كل ما وقع للعراق وشعبه من مآسي وكوارث مدمرة ما تزال مستمرة. هذا النظام، الذي يرفض المهيمنون عليه، إجراء أي تغيير حقيقي على قانون الانتخابات وعلى بنية المفوضية العليا "المستقلة!" للانتخابات، ويمارسون الفساد والتزوير والتشويه بأسوأ صوره، هو الذي يجب أن يتغير لصالح دولة ديمقراطية علمانية حديثة، دولة تترك خلفها الهوية الطائفية لصالح الهوية الوطنية وتحترم كل الهويات الفرعية، دولة دستورية ديمقراطية برلمانية نزيهة تكافح الإرهاب والفساد وتطهر البلاد منهما ومن رجس العنصرية والطائفية والإرهاب والعنف والفساد. إن الطائفية السياسية الجارية بالحكم والمجتمع هي من فعل الأحزاب الإسلامية السياسية، وهي لم تأت من فراغ ولم تنزل من السماء، بل من الأحزاب الإسلامية السياسية القائمة بالبلاد ومن دول الجوار ذات النهج والسلوك الطائفيين المدمرين، سواء أكانت حكوماتها تتتبع المذهب الشيعي، كما بإيران، أم المذهب السني، كما بالسعودية وقطر وتركيا، على سبيل المثال لا الحصر. هذا هو جوهر الصراع. وهذا الصراع تخوضه قوى بعينها، تخوضه قوى وأحزاب إسلامية سياسية، سواء أكانت ضمن البيت الشيعي، أم الجماعات السنية، سواء تلك المتحالفة حالياً مع رئيس قائمة "دولة القانون!" وعرابها النظام الإيراني، أم خارج هذا التحالف، ولكنها تمارس النهج الطائفي أيضاً من جهة، والقوى الديمقراطية، سواء أكانت يسارية، أم ليبرالية، أم قوى مستقلة، أم قوى دينية علمانية تؤمن بضرورة إبعاد الدين عن السياسة وعن الدولة من جهة ثانية. في هذه المسألة الجوهرية يفترض أن يكون الموقف واضحاً وجلياً وليس ضبابياً يقود إلى عواقب وخيمة بالنسبة للرؤية السليمة للواقع العراقي ولحركة الأوساط الشعبية والفئات الاجتماعية.
يتبلور اليوم وبشكل ملموس نسبياً اتجاه مهم في المجتمع، ولاسيما بين المسلمين، وهو موجود لدى أتباع الديانات الأخرى بالعراق، بأن على الدولة أن تكون حيادية إزاء الديانات وأتباعها، من أجل تجنب الصراعات الدينية والمذهبية التي سقط في مستنقعها العراق منذ العام 2003 حتى الآن. وهو درس مهم للوقت الحاضر والمستقبل. والقول الذي يشير إلى أن الصراع الجاري ليس مع المسلمين، هو صحيح جداً، ولكن الصراع هو مع تلك الأحزاب والقوى الإسلامية السياسية التي ما تزال تصر على ممارسة السياسة الطائفة وترفض الدولة الديمقراطية العلمانية وترفض المجتمع المدني الديمقراطي، إذ لا يكفي أن يقول الإنسان ضد الطائفية، وكفى المؤمنين شر القتال، إذ أن الطائفية ليست حالة مجردة، بل هي محمولة من قوى وأحزاب إسلامية سياسية ولديها ميليشيات وعلى القوى الديمقراطية تشخيصها بوضوح ودون مجاملات فارغة لا تقود إلى الرؤية المطلوبة، ولكي لا يلتبس الأمر على الناس ويتشوش الموقف الصحيح المطلوب في الصراع الجاري في المجتمع. نحن في صراع مع الإسلاميين الطائفيين السياسيين الذي فرضوا الطائفية السياسية على الحكم والمجتمع ومارسوا التمييز والتهميش والإقصاء بكل أشكاله المرضية التي وضعت العراق في حالته الراهنة! وهؤلاء هم في الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية والسنية التي لم تتخل عن نهجها حتى الآن!