المحرر موضوع: صناعتنا.. بين عقلية الموظف وعقلية التاجر  (زيارة 712 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زيد شحاثة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 196
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
صناعتنا.. بين عقلية الموظف وعقلية التاجر
المهندس زيد شحاثة
يتصرف الإنسان مع مختلف القضايا, حسب فهمه ومعرفته لهذه القضايا, لذا قيل أن الإنسان عدو ما يجهل.
قد يُقصد بالجهل, نقص المعرفة, وليس بالضرورة نقص الإدراك, ويقصد به, نظر الإنسان لجانب واحد من القضية, دون النظر لبقية جوانبها, فيكون فهمه قاصرا لها, وسيبني فكرته وتصرفاته, إعتمادا على الجانب الذي فهمه منها فقط.
تضم الدولة, جيشا من الموظفين, ممن يعتاشون بشكل مباشر, على ما تصرفه الحكومة لهم كرواتب.. وهؤلاء بدورهم يحركون الإقتصاد المحلي, بشكل صغير جدا.. لمحدوديته كمورد مادي, وكثرة القنوات التي تستنزفه.. فيلجا كثير منهم لعمل اخر, لتعظيم مواردهم, بعد حساب الربح والخسارة, وجدوى عمله ومشروعه الثاني.. رغم أن ذلك يؤثر على حياته الاجتماعية, ومتطلبات أسرته, لكن للضرورة أحكام.
تفكير الموظف والفرد العادي, مقبول لظرف معين.. لكن نفس الموظف, عندما يعمل بدائرته لا يفكر بنفس الطريقة.. فلا يهتم بموارد معمله أو مؤسسته, ولا بالربح والخسارة, وكلف الإنتاج وجدوى كل خطوة يقوم, أو إجراء يتخذه, فهو يفكر أن الإنتاج هو المهم, هذا إن كان مخلصا, ولاوجود لحسابات الربح أو تخفيض الكلف, وتحسين الجودة, على عكس التاجر.. فأنتج هذا معامل ومنشآت خاسرة, صارت عبئا على الدولة, فلاهي جاذبة للإستثمار الحقيقي, و لاهي رابحة تمول الميزانية, فصارت الدولة  تحتفظ بها, لوجود موظفين فيها, يجب دفع مستحقاتهم.
جزء من مشاكل تلك المصانع, تنافس الأحزاب, على مناصبها, وصولا للمناقصات ومواردها, لتمول نشاطاتها.. فأضافت خرابا على خرابها, ناهيك عن أن معظم تلك المصانع تعمل بتكنلوجيا تعود لستينيات القرن الماضي, وعدم وجود دعم حقيقي, كخفض أجور الكهرباء والوقود, وتقديم التسهيلات المصرفية, وتقليل, روتين توريد المواد الإحتياطية, وتعاقدات التحديث.
يتذكر من عاش فترة سبعينات وثمانينات القرن الماضي, جودة الصناعة العراقية, وتمكنها من السوق الإقليمية حينها, وقدرتها على المنافسة, من حيث الجودة والأسعار, لكن ما لا يعلمه الكثيرون, أن من كان يقود تلك المؤسسات, معظمهم من أهل تلك الصناعات, ويفهمون عملهم , ويعرفون معنى الكلف  الإقتصادية, والجودة والسمعة التجارية, وكان هناك دعم حكومي للصناعة, أتاح لها هذه المنافسة.
هل صناعتنا اليوم قادرة على المنافسة, بهذا الوضع المزري, من حيث التخطيط الإستراتيجي, والأهداف المتواضعة؟!
هل من يتولى شان الصناعة العراقية, بمختلف المستويات, يعرفون معنى أن تنتج صناعة بجودة عالية, وبكلفة مقبولة يمكنها المنافسة؟
هل هم من أهل الصناعة أصلا؟!