المحرر موضوع: دخلت الخمينية من باب باقر الصدر وتخرج الان من باب مقتدى الصدر  (زيارة 1339 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل albabely

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 7917
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
بغداد نيوز -

كافي علي
أصدر مكتب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محمود الشاهرودي بيانا يقول فيه إن أسباب زيارة مرجع حزب الدعوة، المقرّب من مرشد الثورة الإيرانية، إلى العراق غير رسمية وإنها لغرض زيارة العتبات المقدسة. جاء البيان بعد رفض مرجعية النجف استقبال المبعوث الإيراني ليكون الطريقة الوحيدة لحفظ ماء الوجه، والتستر على اختلافات مرجعية النجف مع مرجعية قم التابعة لولاية الفقيه. أما عدم استجابة مقتدى الصدر لدعوة الشاهرودي ولقائه فقد بلورت موقف الأول الرافض للسياسة الإيرانية في العراق، وجعلت رفض السيد السيستاني استقبال الشاهرودي يبدو كتأييد للتوجهات السياسية الجديدة لمقتدى.

بعيدا عما تناوله الإعلام العربي في تفسير أسباب زيارة الشاهرودي إلى العراق كمحاولة إيرانية لتسوية الخلافات بين التيارات الشيعية، فإن أحداث الزيارة ونتائجها تشير إلى أنها محاولة إيرانية لتطويق مقتدى وكبح جماح تمرّده على أجندتها السياسية في المنطقة.

جميعنا يعلم بأن قاسم سليماني مسؤول عن إدارة التحالفات الطائفية في العراق وتسوية الخلافات بين أطرافها، لكن يبدو من زيارة الشاهرودي بأن مقتدى قد خرج عن الإرادة الإيرانية وأجبر خامنئي على الاستعانة بأستاذه في حوزة قم للتأثير عليه. الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها إيران للشاهرودي للتأثير على مقتدى، فقد لجأت إليه سابقا لإقناع مقتدى بالتخلي عن موقفه الرافض لنوري المالكي، والتصويت لصالح قرار ترشيحه لرئاسة الوزراء الثانية.

الخلاف بين إيران ومقتدى لم يعد مقتصرا على امتعاض الثاني وأتباعه من التدخل الإيراني في شؤون العراق، وقد فتحت زيارة مقتدى إلى السعودية، وطلبه من الرئيس السوري بشار الأسد التنحّي عن السلطة، ثم إدانته لصفقة حزب الله مع داعش، آفاقا لعودة آل الصدر إلى الواجهة السياسية لا في العراق وحسب ولكن في المنطقة.

القلق الإيراني القديم من آل الصدر وتأثيرهم على العرب الشيعة في المنطقة استفاق على صدى سياسة مقتدى الجديدة وتقاطعها مع توجهات المشروع الإيراني.

بالإضافة إلى الدور الوطني لموسى الصدر في لبنان وتقاطعه مع نظرية ولاية الفقيه، يعود الفضل للصدريين وتاريخهم في استقطاب شيعة العراق وتسخيرهم لمشروع ولاية الفقيه. من خلال استمرار تأزم العلاقة بين حكومة البعث السابقة وبين آل الصدر، تمكّن الخميني من ركوب موجة الغضب الشيعي على اعتقال وقتل المرجع محمد باقر الصدر، وجعل من ولاية الفقيه بديلا شيعيا للخلاص من التهميش والاضطهاد تحت وطأة دكتاتورية قومية سنية.

لازال تاريخ محمد باقر الصدر وموقفه من ولاية الفقيه السبب الرئيسي في توالي تقدم حزب الدعوة التابع لإيران في الانتخابات العراقية، وخروج مقتدى من تحالفات الحزب الطائفية التي تعتمدها إيران للهيمنة على القرار السياسي في العراق، يعني الانهيار الحتمي لمشروعها في المنطقة، العراق وشيعته قلب المشروع الإيراني النابض بالدم والثروة، ولن تسمح إيران لمقتدى بإسكاته وطنيا أو قوميا، حتى لو اضطرت للتآمر على قتله كما تآمرت على باقر الصدر ومنحت الحكومة العراقية الأسباب القانونية لإعدامه.

بعد عام من الثورة الإيرانية غيّب الموت باقر الصدر في معتقلات النظام السابق. مات الصدر تاركا خلفه عبارته الشهيرة “ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام”. هل الإسلام الذي ذاب فيه الخميني إسلام المذاهب والملل، أم إسلام الطائفة؟ وهل ذاب الخميني في الإسلام، أم أراد للإسلام أن يذوب فيه وفي نظريته ولاية الفقيه؟

رغم حجم وخطورة الأزمة الفكرية بين باقر الصدر ورئيس النظام السابق صدام حسين، ورغم دكتاتورية الثاني، كانت إيران ترسل برقياتها للمرجع الشيعي المحكوم عليه بالإقامة الجبرية في بيته عن طريق إذاعة إيران/ القسم العربي. كيف يمكن تفسير مثل هذا السلوك لدولة تعادي نظام البعث الحاكم في العراق من جهة، وحريصة على حياة مرجع شيعي مؤثر مثل الصدر من جهة أخرى؟

هل كانت الغاية من فضح العلاقة بين الصدر والخميني رمي الأول بين فكي أعدائه، كي لا يكون عقبة وطنية في طريق ثورة طائفية؟ وثورة الخميني التي أيدها باقر الصدر هل كانت دكتاتورية فقهية تمنح الفقيه دستوريا صلاحيات الحكم المطلق للدولة، أم ثورة إسلامية تتخذ من الشريعة دستورا لها؟ هل كانت ثورة على نظام الشاه العلماني، أم على باقي المذاهب الإسلامية؟ وهل تأييد الصدر لها كان من منطلق طائفي أم إسلامي؟

يقول باقر الصدر “ترفض النظرية الإسلامية النظام الملكي فضلا عن مختلف أشكال الحكم الدكتاتوري، كما أنها ترفض الأنظمة الأرستقراطية، وتقترح شكلا من أشكال الحكم الذي يحتوي على جميع الجوانب الإيجابية للنظام الديمقراطي”.

وهل نظرية الخميني إلا شكل من أشكال الدكتاتورية التي حررت المذهب من حدود الفقه والفتوى وقذفت به في متاهات السياسة والحكم؟ ومفهوم الفقيه الوارث للسلطة بعد أن أنتجته النظرية، وتبلور بوضوح في سيطرة أولاد المراجع على القرار السياسي في العراق، ألا يعتبر توريثا طائفيا للحكم؟ ماذا كان شكل الديمقراطية التي كان باقر الصدر يقترحها؟ هل هي الديمقراطية الأميركية التي يحكم بها حزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري العراق اليوم؟

الفكر الصدري كان فكرا فلسفيا إسلاميا قائما على الجدل مع الفكر العلماني بشقيه السائدين في ذلك الوقت، الماركسي والقومي. وعلى أساس جدلية الرؤى بين الأطراف كتب محمد باقر الصدر كتابيه “اقتصادنا” و“فلسفتنا”، وكتابا ثالث لم ير النور أطلق عليه “مجتمعنا”، لم يكتب الصدر في السياسة، ولم يجمع أفكاره عن الديمقراطية الإسلامية في كتاب، لأنه كان ملزما بشروط الرؤية المذهبية عن الحكم والسلطة. حتى حزب الدعوة الذي كان باقر الصدر من ضمن المجتمعين لتشكيله، انسحب منه وحَرّمَ الانتماء إليه لاحقا بعد تقديم مراجعة نقدية حول طبيعته وأهدافه.

اليوم هناك تجاذبات في الأوساط الشيعية حول النظرية الخمينية وشرعية ولاية الفقيه، وهناك رغبة واضحة عند مرجعية النجف بالابتعاد عن الحكم وحصر توجهاتها بالفقه، لكن ما هو دور مقتدى الصدر في هذا الصراع وهو الوريث الشرعي لدماء آل الصدر وأتباعهم؟

نعم من الصعب الرهان على قدرة مقتدى وثباته على المواقف، لكن يمكن أن يكون تأييد مرجعية النجف لمشروعه سبيلا لخروج العراق من الوصاية الإيرانية وعودته لعروبته، هويته الممهورة على لسان 80 بالمئة من شعبه.
http://www.baghdadnews.info/index.php?page=article&id=25406
مريم العذراء مخلصتي * ويسوع الملك نور الكون  الابدي * وبابل ارض اجدادي