الاستفتاء : هل هو بداية لنهاية وجودنا القومي في شمال الوطن ؟
آشور قرياقوس ديشوتورونتو – كندا
يقال بأن احد الجوانب المؤلمة في الديمقراطية هي أنها تسمح للأغلبية بأن تدوس على مصالح الأقلية وأحد هذه الوسائل التي يسود بها طغيان الأغلبية على الأقلية هي الاستفتاء . حيث من مساوئ الاستفتاء هو أنه يضعف تمثيل الأقلية وتقوض دورهم واهمية مشاركتهم في الحكومة .
لقد أكدت حقائق الاحداث والظروف التي مر بها شعبنا منذ 2003 في الوطن من سرقة حقوقه والتجاوزات على أراضيه وعدم العدالة بان هذا كله حصل من خلال العملية الديمقراطية ومن خلال طغيان الأغلبية وما تجيزه القوانين والقرارات ونفوذ الشخصيات والميليشيات والدساتير التي تصوغها هذه الأغلبيات ضد مصالح الأقليات .
اليوم ونحن نتحدث عن هذا الاستفتاء يجب ان نعلم بان الغاية منه هو تشكيل الإرادة السياسية للحكومة الكوردية ليمكنهم صنع القرار السياسي لأنشاء دولة على أساس عنصري وقومي (واحد ) و خير دليل على توجه الحكومة لهذا المسعى هو أسم الدولة التي ستقوم ( كوردستان ) . وهذه الدولة قد لا تكون مشرعة لوجود عناصر قومية أخرى معها على تلك الأرض أوان هذا الاستفتاء قد لا يضعنا على قدم المساواة مع نظراءنا في تلك المنطقة . وكل هذا سيخلق أرثاً من العلاقات غير المتوازنة والتجاهل لقيمة المجتمعات والاقوام الأخرى التي تعيش في تلك المنطقة .
والكثير من كتابنا وسياسيينا ومثقفينا وحتى بعض من رجال الدين يحاولون أن يدلّون بأراءهم في مسألة ( أستفتاء الكورد ) من خلال النظرة العامة التي يحاول الكثير الاختفاء خلفها والتي هي عبارة ( حق الشعوب في تقرير مصيرها ) من غير ان نفهم بانه نحن كأشوريون ومن ندعي باننا نعمل وندعوا لتحقيق حرية شعبنا ووجوده وحقوقه ووجوده في تلك الارض . يجب ان نعطي رأينا من خلال حق خاص لنا فقط . لأننا (مكفليين ) لأبداء رأي جماعي حول (المصلحة العليا لشعبنا ) بعيداً عن الراي الشخصي الضيق و التحزب والمصالح الفئوية.
مهما حصل من اتفاق او أختلاف في الآراء حول حقوق الشعوب في تقرير مصيرها فأننا يجب أن نفهم بأن هذا الاستفتاء اذا نجح لا يحدد مصير الشعب الكوردي فقط . بل سيرسم صورة ناقصة لمصير شعبنا الاشوري في شمال الوطن الام . وسيجعلنا نعيش في طي النسيان وفي حالة من عدم اليقين لعدم اكتمال صورة حقيقية ونهائية لمصيرنا القومي على تلك الأرض . وقد يخلق وضعاً من عدم المساواة والعنصرية والتجاهل لقيمة المجتمعات والاقوام الأخرى التي تعيش في الإقليم الان .
لذا فأن أحزابنا السياسية والمؤسسات الدينية يجب أن تدرس مسألة الاستفتاء بشكل جيد لانه يخص مسألة مهمة وهي مصير شعبنا في الإقليم ووجوده الازلي هناك وليس مجرد أبنية وهياكل ومقرات حزبية او مراكز ومناصب عائدة لهذه المؤسسات ...لذا على هذه المؤسسات القومية والدينية أن تكون اكثر حكمة ولا تكتفي بالوعود الشفهية الصادرة هنا وهناك من المسؤولين الكورد . لان اطلاق الكلمات الرنانة والعواطف في الاعلام لا يعكس النيات الحيقية .
وفي ظل هذه الظروف والاحداث المطلوب اليوم من مؤسسات شعبنا القومية السياسية والدينية جميعاً أن تضع الاختلافات جانباً وأن تجلس معاً للحوار من أجل خلق رؤية مشتركة حول ما يمكن أن يؤدي اليه هذا الاستفتاء . وبدأ الحوار حول الضمانات التي يمكن أن تقدمها لهم حكومة الإقليم والتوصل الى التوافق في الآراء حول تفاصيل يتم وضعها في بيان واحد مشترك حتى لا يمكن أن تهضم حقوقنا القومية على تلك الأرض ولتظهر هذه المؤسسات ولو لمرة واحدة مسؤولة وحكيمة وقادرة على مواجهة التحديات معاً.. ونود ان نقدم بعضاً من الأفكار والمقترحات التي يمكن ان تكون مقدمة بسيطة تخدم هذه المؤسسات لفتح حوار مع بعضها :
أولاً - أنشاء هيئة أستشارية من خبراء وأختصاصيين في القانون يكون واجبها أسداء المشورة بشأن اية قوانين مقترحة من اجل حفظ مصالح وحقوق شعبنا ووجوده في الإقليم كشرط للاشتراك في الاستفتاء .
ثانياً – الاتفاق مع حكومة الأقليم على أيقاف مسلسل التغيير الديمغرافي رسمياً ومن خلال قوانين تصدر حالاً وإلغاء القرارات الصادرة في استملاك أراضي شعبنا والتجاوزات كما حصل في كري كافانا – دهوك ونالا وغيرها العشرات بل المئات من قرى شعبنا في الإقليم .
ثالثاً - أن تتعهد حكومة الإقليم رسمياً ومهما جاءت نتائج الاستفتاء بمحاربة ثقافة الفصل العنصري والعرقي مستقبلاً ويجب ان يعامل أبناء شعبنا بموجب قوانين الدولة في مساواة وحقوق مشتركة وليس فقط كأسماء موجودة في الدستور من دون صدور اية قوانين أو تشريعات تضمن حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية في الإقليم فيما اذا تغير وضعها أي وضع الإقليم .
رابعاً - البحث مع حكومة الإقليم على وضع ألية يمكن بموجبها أضفاء الطابع القانوني على جميع الحقوق التي تحققت لشعبنا لحد الان والتعهد الرسمي على عدم الحنث بها مستقبلاً.وعدم اقرار قوانين آخرى تنافي هذه الحقوق وتلغيها أذا نجح الاستفتاء وحصل الاستقلال .
خامساً - الضغط على حكومة الإقليم من اجل إدارة مشتركة في الدولة وأن لا يتم قياس نسبة ممثلي شعبنا في البرلمان بنسبة ابناءه الحالية في الإقليم ولكن بالنسبة الحقيقية له قبل الهجرة والتهجير . والدعوة الى إدارة ذاتية في المناطق التي يسكنها شعبنا وتوفير أساس دستوري لقوانين بشأن شؤون وحياة شعبنا الادارية في المستقبل .
ان الاستفتاءات ليست الطريقة المثلى للمساواة وهذا الاستفتاء يمكن ء أن يهضم حقوق شعبنا وأن الأحزاب والمؤسسات والشخصيات من شعبنا التي أظهرت موقف الترحيب بهذا الاستفتاء تعبر عن جهل متعمد لمصلحة شعبنا والقوانين والحريات التي كافحت نفس هذه الأحزاب من اجلها . لأن نتائجه ستقرر نظاماً جديداً للفصل العنصري بين مكونات الإقليم . واليوم أذا كان دستور و برلمان الإقليم لا يستطيع القرار الا عن طريق الاستفتاء فأن هذا يضيف في تعقيد مسألة حصولنا على حقوقنا القومية . لان التصويت بنعم في هذا الاستفتاء يمكن أن يشجع الى تشريعات لاحقة قد تؤدي الى الغاء دستور الإقليم الحالي وظهور وقيام تشريعات لاحقة جديدة لا يكون لوجودنا القومي فيها مكان أو رأي .
أيلول – 10 - 2017