المحرر موضوع: التاريخ يتكلم الحلقة 47 ترسيخ ثقافة اللاعنف قبل المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام  (زيارة 1239 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاترين ميخائيل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
د. كاترين ميخائيل
التاريخ يتكلم الحلقة 47 ترسيخ ثقافة اللاعنف قبل المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام

1-هل ممكن الغاء عقوبة الاعدام بدون المساهمة الفعالة للمراة بعملية صنع القرار؟؟؟
2-هل ممكن ازالة عقوبة الاعدام في العراق بدون الاهتمام بازالة او تخفيف ظاهرة العنف الموجودة في المجتمع العراقي .
3-كيف يمكن الغاء عقوبة الاعدام ونحن شعب قبلي في سلوكنا الخارجي والداخلي ؟
هذه الاسئلة تركد في رأسي لسنين طويلة قسم منها رسخها في كياني المرحوم والدي الذي كان يبث روح السلام في مبادئه السياسية وكان هذا التوجه محرم في زمن الطاغية صدام واعوانه . انا اليوم اكمل مشوار والدي وحققت اول خطوة عندما استلمت "وسام سفيرة السلام" وانا فخورة به واعتبر هذا احدى انجازاتي المهمة في حياتي لاني اتواجد دائما اينما تواجدت كلمة السلام وبهذا الوسام تربطني علاقات طيبة مسالمة مع الالاف من سفراء السلام من كل العالم .
 في العراق اليوم فوضى سياسية يغيب القانون لمعاقبة المجرم,  التهجير القسري مستمر رغم الخطة الامنية , فقدان الخدمات البسيطة للمواطن مثل الماء والكهرباء و لعدم توفر الامن تقضي العائلة العراقية معظم وقتها في البيت مما يخلق الاجواء العصبية في العائلة وتتفجر بالعنف بالاضافة الى مصاعب اخرى .  كما تتعرض الالاف من العوائل العراقية الى التهجير القسري الذي يسببه الارهاب المتحالف مع البعض من رموزالبعث المنحل زائدا بعض الميلشيات الممولة من ايران. هذه الاسباب كلها تعمل على تصاعد العنف العائلي والسياسي والمراة هي في مقدمة ضحايا هذا العنف داخل العائلة وخارجها  .
 يرى العديد من الباحثين بان المجتمع الشرقي مبني على العنف وبالتالي يتحول العنف الى ثقافة مجتمع كما نشاهد في المدارس العراقية ، العنف عادة تقليدية شائعة ومقبولة في العلم التربوي العراقي !!!! وهذا خلل كبير. لغة التفاهم ضعيفة في اجوائنا العائلية اولا ثم المدرسة ثم المجتمع ثم الدولة . السبب في ذلك لان ثقافة احترام الراي الاخر ضعيفة جدا بل" تعودنا على ثقافة الخضوع للانظمة وإلا يُقطع رأسنا" وهذا ينطبق على معظم الدول في المنطقة .اكثر من ذلك الثقافة الذكورية التي تفتقر الى روح التسامح هي المتغلبة والمسيطرة على ذهنية المجتمع وهنا هي العلة الحقيقية . عقوبة الاعدام هي اعلى صوت لثقافة العنف .
 الاعدام وخصوصا امام الاعلام وامام الاطفال هو اكبر خطأ ترتكبه الحكومات وعلى رأسها حكومة المالكي التي!!!! ،  والاحزاب السياسية الكبيرة وعلى رأسها الميلشيات المأجورة   . فكيف بنا ان نطالب الغاء عقوبة الاعدام من امثال هؤلاء الفاشلين. كل هذه الامور طرحتها لاذكر بأن التمنيات شئ والواقع الذي نعيشه شئ اخر والنظرة المستقبلية لكل ظاهرة تحتاج دراسة مكثفة قبل طرح اي شعار كي لا يفقد الشعار قيمته عندما تبقى الاقلام تكتب دون جدوى .  نبدأ بنبذ ثقافة العنف في مجتمعاتنا اولا . ثم ترسيخ سياسة التسامح واحترام رأي الاخر واللجوء الى اسلوب الدائرة المستديرة في حل مشاكلنا ثم المطالبة بالغاء عقوبة لإعدام .
ماهي الخطوات التي يجب ادراجها بخصوص نبذ ثقافة العنف.   
يجب تشجيع طلبة الجامعة من كلا الجنسين الى الدراسات الاجتماعية ليكون هو الجيل الصاعد للتثقيف بهذه القضية العويصة في المجتمع العراقي الجديد .
2- الاهتمام بالقضاء العراقي وتغيير ذهنية القضاء امر ضروري جدا والمجيئ بنساء قاضيات للبت بقضايا العنف .
3- يجب تشكيل هيئة من نقابة المحامين تضم نساء ورجال حقوقين يدرسون كل حالات العنف في مجتمعنا اليوم مستعينين بتقارير طبية وتقارير مراكز الشرطة وتقارير المنظمات المدنية والنسوية ابتداءا من الريف ثم المدينة وفضح كل هذه الحالات بدون استثناء على مستوي الاعلام .
4- يجب ان يهتم الاعلام بترسيخ ثقافة اللاعنف ويكرس برامج كثيرة لمعالجة هذه الظاهرة وتوجيه الشباب لينصرفو الى العمل والرياضة والفن . اتذكر ايام كنت طالبة جامعية عندما كان يحصل خصام بين الطلبة لاي سبب كان كنا نستعمل الديباجة التالية ( استقبلها بروح رياضية ) يعني روح الود والوئام . نتخاصم في الملعب ونتصادق خارج الملعب .   
في الاونة الاخيرة اخذت مجموعة من الاكادميين تدرس وتبحث بامور العنف ضد النساء في المجتمعات الشرقية وهذه بادرة ممتازة يجب تشجيعها والاخذ بها والاجمل من ذلك ان الدراسات التي جاءت من قبل الرجال هي دراسات دقيقة وغاية الاهمية وهي ضرورية اكثر مما تقوم بها المراة لان الرجل الشرقي يسمع الى الرجل اكثر من المراة . لكن الاعلام المرئي والمسموع وهو الاكثر تأثيرا في مجتمعاتنا لازال ضعيفا بترسيخ ثقافة الللاعنف .
هل هناك اكثر اجراما من ان يقتل زوج زوجته او اخته او بنته بحجة غسل العار اننا بحاجة ماسة للخوض في هذه المعركة  تحتاج اعطائها اهمية اكثر من قبل رجال القانون ورجال الدين ورجال علم الاجتماع . تحصل هذه الحالات في المجتمعات المتطورة ايضا لكن المجرم يحاسب امام القانون بعكس ما موجود في مجتمعاتنا يخرج الى" الجيخانة" وهو مرفوع الرأس لانه ارجع الشرف الى عائلته .
 في الريف تتعرض المراة للعنف في كل المجتمعات لان الموروث القبلي مترسخ اكثر من غيره  وقلة الوعي الاجتماعي يكون عامل اساسي للاحتفاظ بهذا الموروث السئ.
المعروف عن المراة انها تملك روح مسالمة .صبورة  وتصنع السلام واكبر دليل النساء في الدول المتطورة هي التي تعمل في منظمات السلام وتحافظ على السلام بنسبة 80% بعكسها في الدول النامية لان لاتعطى فرصة لذلك النشاط المهم.
في اللحظات التي كان صدام يعدم اجرت قناة CNN مقابلة معي وسئلت عن شعوري لكوني كنت مشتكية وشاهدة في محاكمة الطاغية صدام يوم 11 ايلول 2006 . كان جوابي كالاتي :" لا يهمني يعدم صدام او لايعدم لكن المهم بالنسبة لي ان حكمه وايدولوجيته القاسيين انتهت . هو لا يمثل غير شخص مجرم دكتاتور اصبح وصمة عار في التاريخ منذ ان اعتقل ورأسه مملوء بالحقد والكراهية واخرج من ثقب الجرذان قرب مدينته العوجة التي خلفت اعوجا .واضفت قائلة
"انا عراقية من ضحايا صدام لم اتفق مع وجود عقوبة الاعدام في بلدي لكن لو اضع على كفة الميزان 27 مليون عراقي يقتلون ويعذبون كل يوم بسبب الارهاب البعثي القومجي وبكفة اخرى اعدام صدام . كان هدفهم الاول والاخير هو ارجاع صدام الدكتاتور الى الحكم . فأقول الف اعدام والف لعنة على صدام واعوانه وارهابه . اذهب وبئس المصير فإنّ 27 مليون اهم من شخص مجرم اسمه صدام . كان يعتقد انه سيعيش ديكتاتورا الى الابد."
اتمنى ان يكون اعدام صدام عبرة ودرس كبير لحكام الدول في المنطقة لم اذكر اسمائهم لانهم كثر وليكن هذا درس ايضا الى شعوب المنطقة وليعلم التاريخ حق الظالم يأخذه المظلوم والتجارب في التاريخ كثيرة . كنت اتمنى ان يقف العالم الشرقي مع الحق فقط . الى متى تبقى حكومات هذه المنطقة بعيدة كل البعد عن الوعي البشري والاجتماعي والتكنولوجي والسياسي والاحساس الانساني.
 لا ارغب ان يعدم شخص في بلدي وبما فيهم صدام حسين . بل كنت اتمنى ان تتولى المعاهد والجامعات الاكاديمية بدراسة دماغه لان هذا الرجل لم تتوفر فيه معالم البشر ومن اين جاء بهذه الروح العنيفة قرأت في مذكرات شخص قريب عليه . عندما كان صدام يسكر وهو مدمن على السكر  يقول العبارة التالية ( جيبولي دم ) هذا كان يعكس عقله الباطني .
 التوجه الى ترسيخ روح التفاهم اولا بين اعضاء الحكومة العراقية وثانيا بين الحكومة والشعب ثالثا بين ابناء الشعب على اختلاف انتماءاتهم الوطنية  . اذا بدأنا بوضع ما في جعبتنا على الطاولة المستديرة نكون قد بدأنا بتغير ثقافة العنف الى ثقافة التفاهم اللاعنفي .
البدأ بعدالة القانون وتطبيقه هي الخطوة الاولى لفرض ثقافة التفاهم والتحاور والالتزام باخلاقية نبذ العنف . اذن الغاء عقوبة الاعدام هي الخطوة الثانية لنبذ ثقافة العنف والبدأ بتغير موازين الثقافة في مجتمعاتنا الشرقية المتخلفة من ثقافة العنف الى ثقافة اللاعنف .   
نيسان 2007 كاترين