المحرر موضوع: ملاحظات أولية في الدستور  (زيارة 2126 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ملاحظات أولية في الدستور
« في: 10:06 30/08/2005 »
ملاحظات أولية في الدستور
لست من رجال القانون، ولا خبرة لي في سن القوانين، وأعلم أن العراق كان مهدا لأول قانون عرفته البشرية، لذلك فإن هذه مسؤولية كبيرة في أعناق العراقيين لكي يقوموا بتشريع القانون المتكامل؛ ليكون مفخرة ليس للعراق بل للإنسانية جمعاء.
بتاريخ 29/8/2005 صدر في بعض الصحف العراقية مسودة لآخر ما أقرته لجنة كتابة الدستور، كما طالعناها في الشبكة الدولية للمعلومات، ومن المفترض أن تكون لجنة كتابة الدستور قد صادقت عليه، وسمعنا أن المغيبين عن الانتخابات هذا المصطلح الذي بدأ التداول به إشارة إلى العرب السنة لم يوقعوا على هذه المسودة.
ومن قراءتي الأولى لهذه المسودة، شخصت بعض النقاط واضعا تحتها خطوطا لاعتقادي أنها تهم فئات من الشعب العراقي وخصوصا غير المسلمون منهم، والخطوط التي وضعتها ليست فقط لما وجدته غير منصف بل للمنصف منها وهنا سأحاول الإشارة لما ألحق حيفا بالبعض منهم وكما يلي:
الديباجة: ورد فيها: "... فجائع شهداء العراق شيعة وسنة، عربا وكوردا وتركمانا، ومعهم بقية أخوانهم من المكونات جميعا..." أسأل هنا من وضع هذه الديباجة؟ ولماذا حدد العرب والمورد والتركمان، ووضع الآخرين دون ذكر مسمياتهم في خانة (ومعهم...)أليس هذا تمييزا لفئة دون أخرى؟ ألم يعطِ الكلدان أو الآشوريون أو السريان أو اللإيزيديين أو الصابئة شهداء أو لم يُفجعوا حالهم حال الكرد والعرب والتركمان، وهل لجنة كتابة الدستور بحاجة لأن نذكرها بما لحق من قرى أهلنا في الشمال من خراب وتدمير وقتل جماعي، ولعل مذبحة صورية هي إحدى الشواهد على ذلك التي لم يسلم منها حتى رجل الدين كاهن القرية وكافة المساكين من أبناء تلك القرية. وتدمير مئات القرى، وتجريف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي، وتهجير الشعب من موطن آبائه وأجداده ألا يُعدّ دليلا لنا أبناء اليوم يساعدنا لكي ننصف هذا الشعب ونذكره بالاسم بدلا من تهميشه وعدم ذكر اسمه أسوة بباقي مكونات الشعب الذين تحملوا معا ثقل المعاناة سواء في الحروب أو في الممارسات القمعية وغيرها.
فحري هنا أن تعود اللجنة الموقرة إلى إصلاح الخلل ورفع الظلم أو الحيف الذي ألحقته بمكونات الشعب العراقي الأخرى في هذه الديباجة.
المادة (2) : رغم ما ورد في الفقرة أولا (أ) منها، نجد لو تبحرنا في (ب ، ج) منها سنجد أن تناقضات كثيرة ستظهر لو طبقت حرفيا؛ فأحيانا سنجد قانوا يتعارض مع (أ) وآخر مع (ب) أو (ج) وسيكون المشرعون في حيرة فالقانون الذي يتلائم مع ثوابت الإسلام قد يتعارض مع مبادئ الديمقراطية أو مع الحقوق والحريات فيتم أيقاف تشريعه، وبالعكس الذي يتوافق مع الحقوق والحريات قد يتعارض مع الثوابت ويتم أيقاف تشريعه، أليست هذه الضوابط شروط تعجيزية أمام المُشرعيقف أمامها حائرا لا يعلم ماذا يعمل وكيف يقوم بالتوفيق.
أما في الفقرة ثانيا من نفس المادة فهو يضمن الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، أما هوية باقي الأديان يبدو أنها غير مضمونة، فقط المضمون منها هي كامل الحقوق الدينية. فإن كان هذا يعوض ذلك فلماذا التمييز، أم المقصود هو فقط ضمانة حرية العقيدة أو الممارسة الدينية، وهل هاتين النقطتين وحدهما بحاجة لهما أبناء الشعب المسيحي – الإيزيدي – الصابئي، ألم يكن من الأجدر أن يتم مساواتهم وهم أبناء أصلاء لهذا الوطن مع أخوتهم من المسلمين، كأن يتم صياغة ثانيا كما يلي: يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي والهوية المسيحية والإيزيدية والصابئية المكونات الأخرى لهذا الشعب حافظا لهم الحرية في ممارساتهم الدينية والعقائدية.
المادة (4): كانت منصفة للمسيحيين ولكن أين اللغة المندائية؟ أليست هي لغة أبناء الصابئة المذكورين في المادة (2) ثانيا؟ أما في الفقرة (خامسا) من المادة ذاتها؛ فما الحكمة من أدراجها أصلا؟ وهل نتوقع أن لغات جديدة مستقبلا ستظهر لتعمّ محافظة معينة مثلا بحيث يطلب شعب تلك المحافظة أن تعتبر لغة رسمية أخرى فيها !!! أليست هذه مفارقة؟ فالقاصي والداني يعرف لغات العراق، فلماذا نترك الموضع هكذا شديد المطاطية؟ إن هذا باعتقادي يفتح أبوابا لدخول لغات أجنبية كثيرة، خاصة عند عودة الأمان والبدأ في الحياة الطبيعية، عندها ستفد إلى العراق عمالة أجنبية هائلة، فمثلا لو كان ثقل هذه العمالة من الهند أو الفلبين هل سنضطر لكي نقر بلغة تلك الدول في محافظاتنا؟ أم نجعل من الوافدين يتعلمون لغتنا أقله لنحاول نشر لغاتنا المحلية بينهم، أي نؤثر نحن بهم ونستفيد من خبراتهم ونعلمهم لغتنا وهذا ما هو متبع في العالم كله.
المادة (122): يضمن الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والآشوريين وسائر المكونات الأخرى ... وهنا يجب أن نتساءل من هم سائر المكونات الأخرى؟ أليست مكونات الشعب العراقي معروفة؟ ومالذي كان سيزيد من حجم الدستور لو يتم أدراجها بالأسماء، ألم تلاحظ لجنة كتابة الدستور المظاهرات التي تخرج مطالبة بحقوقها في الدستور؟ وما هي الحقوق الإدارية؟! أو السياسية والثقافية؟ ومن يكون ذلك المُشرع الذي يسّن القانون الجريء الذي ينصف هذه الشرائح إن لم يستطع أعضاء لجنة كتابة الدستور إنصافها، هل نعتبر أن هذا الأقرار يعني أن يكون سهل نينوى منطقة أدارية للكلدانعلى أقل تقدير مع أن هؤلاء موجودين في دهوك وأربيل وبغداد !!!! ألا يسود الغموض هذه المادة بحيث تدفعنا للاعتقاد أن هذه المادة ستبقى مادة في الدستور دون تطبيق عملي!!!!
ملاحظات أولية وسريعة وجدت نفسي مضطرا لكتابتها منبها عما اعتبرته أمورا مهمة تنصف مكونات مهمة وفاعلة من أبناء الشعب العراقي، في عراق الغد المشرق الزاهر بإذن الله، داعيا من المولى أن يوفق الجميع.
عبدالله النوفلي