رسالة محبة ونخوة إلى إخوتي وأخواتي الأحبة أبناء كنيستنا الكلدانية
الأب نويل فرمان السناطي
أكتب هذه أول رسالة موجّهة إليكم شخصيا، في ظل الظروف الاستثنائية المفصلية التي تعيشها كنيستنا في بلادنا بين النهرين، ومع ما نعيشه نحن الكلدان من تحديات في بلدان الشتات.
وأتوجه بنحو خاص الى الزملاء الكتّاب الأحبة، الى من اختلط مداد أقلامنا بدماء عروقنا محبة لجذورنا وشعبنا.
إلى من أتاحت الشاشة الالكترونية الصغيرة، أن نطلق العنان لعواطفنا الجياشة، كل بطريقته، وفي نهاية الأمر جعلتنا كتاباتنا، نتفاعل وجدانيا ووديا تجاه كل ما يجمعنا.
إلى الذين دفعـَنا التعبير عن الرأي، الى بعض التقاطعات،
إلى الذين، ما أن لمسنا لمس الوريد اننا نعيش الارهاصات عينها، بطرق متفاوتة، حتى تواصلنا بمكالماتنا الهاتفية وسواها، بدون ان نرى بعضنا البعض، وتواصلنا عبر صورنا الالكترونية، وتصالحنا وتحاببنا.
إليكم وإلى جمهور قرائنا مشتركا بالارهاصات عينها،
أكتب من نبضِ ما يحرّك مشاعرنا من البلد الأم، بصداقة وصدق، وبروح انتخاء لتلك أقلامكم النزيهة الشريفة.
أكتب من ذكرى أزقة البتاوين والمربعة المهجورة، ومن ذكرى بغداد المهشـّمة،
ومن ذكرى شوارع شمالنا التي قطع أوصالها مقاولو السوء والابتزاز.
أكتب من ذكرى وحنايا قباب كنائسنا التي يصلي في ظلها، جمهور من مؤمنينا، وصليت معهم.
أعرف أن جلّكم يكن لي الود والاحترام، ولعلّ الآخر يذعن بصمت بمسافة وبإطراق من لا اعتراض لديه.
فاسمحوا لي جميعا بدالّة مخاطبتكم كالاخ والابن والتلميذ.
أكتب إليكم والبلد تعصف فيه ريح صفراء لا تبقي ولا تذر.
تهدد سهلنا وجبالنا وقرانا الضاربة في عمق تاريخ المنطقة، وتشتهي أن تأتي على ما تبقـّى منّا في السهل والقرى فلا تترك منا اي أثر يذكر.
إن ما يجمعنا الآن يا إخوة، ليس كما أعتقد، مجرد تظاهرة هنا وهناك محتمين ببلدان الانتشار باعة الاخبار، إنه أكثر من ذلك.
إن ما يجمعنا، بعيد أن يكون، بأنّ نستفز في بلادنا الام، شمالها ومركزها، ونحرّك الغرائز التي تستهدف ما تبقى من أهلنا، عندما "يدفعون" بهم الى المحرقة تحت شعارات واجندات لا قـِبـَل لأهلنا بها.
إن ما يجمعنا، أبعد ما يكون روح الاستياء عن بُعد، فقد يجعل ذلك مواطنينا أنفسهم وأبناء البلد الواحد، يسوّقون أهلنا لقمة سائغة، ووقودا لصراعاتهم الاقليمية والاستراتيجية.
أكتب لكم والقلب يخفق نحو مسيحيينا وأبناء كنائسنا وهم وسط بؤرة صراع ومصالح متلاطمة.
فكل بقعة من بقاعهم وبقاع ابرشياتنا أصبحت تتحدى الواحدة الاخرى وعلى حساب من تبقى من شعبنا وسائر الاقليات.
أكتب لكم للوقوف على أمل الوقوف سوية وفقة صمت للتآزر مع من تحبون وتعشقون من عناوين وقامات تاريخية من أبناء كنيستنا...
أكتب إليكم حيثما كنتم، أفي ربوع البلدان الاسكندنافية الآمنة، أو في اوربا الراقية أو في امريكا الحرة أو في استراليا الدافئة،
كيما نرفع أناملنا جميعا عن لوحة مفاتيح شاشاتنا الصغيرة البيضاء،
بعيدا عن النقد الهدّام،
بل نضمّ بالأحرى أصابعنا أكفّا بأكف متشابكة،
تجمعها محبة كنيستنا التي لا شك أنها تسري في أحشائنا،
فلنعمل على وحدتها وتقدمها، فهي على الارض بأحبارنا وبطريركنا، وفي الميدان تحمل ثقل النهار وحرّه،
ولنحتضن أمنا الكنيسة، في شخوص أحبارها، ومن معهم من أحبار سائر كنائس بلادنا النهرينية، ممن أقرّوا أن مسيحيي بلادنا هم جميعا على متن سفينة واحدة تتقاذفها الامواج، ولنا برغم اختلافاتنا ان نجد ما يجمعنا لنشدان طريق للخلاص.
إن أبناء شعبنا الجريح، لا ينتظرون، كما أرى، من أقلامنا سوى أن تدعو إلى حكمة ترجيح العقل وحوار الفرسان،
وألا يكون شعبنا لقمة سائغة في أفواه المصالح، دون ان تأبه لزوال أي أثر لها، لنكتب متفهمين كنيستنا اليوم بما تشهده على الارض من واقع مرير.
لنتوجه برسائلنا وإيميلاتنا، أيها الأحبة، الى من يحبّه أي منكم من زعاماتنا الروحية معبـّرين لهم عن تآزرنا، مستفسرين منهم على أرض الواقع، عن سبل دعمهم للخروج من الأزمة، التي أوجدها الذين لا يهمّهم تسويق أهلنا، بدون أن يكون أمام مسوّقيهم شيء يخسرونه.
وهذه دعوة إلى أقلامنا الحرة الشريفة النزيهة، حيثما كانت، لكيما نشدّها مع بعضها حزما من سنابل الخير والرجاء، ولنقل لأحبارنا، سواء بصمت صلاتنا، او برسائلنا عبر موقع بطريركية مار أدي الالكتروني، أننا معكم قلبا وروحا.