المحرر موضوع: ماذا بعد هزيمة داعش؟ إعادة اعمار المدن ...ام قيام كيان دولة كردستان  (زيارة 1232 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مما لا شك فيه لا ضير ان تعيش دول العالم في سلام ووئام واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، تلك اهداف الأمم المتحدة والتي جاءت بميثاقها والمحافظة على السلم والامن الدوليين. وقد خصص الفصلان السادس والسابع للتفصيل في هذا المبدأ. أمريكا والاتحاد الأوربي وروسيا ودول أخرى وضعت كل ثقلها القضاء على داعش في الموصل والرقة. وعقدت لجنة مشتركة بين أمريكا والعراق واخرى مع الإقليم. وناقشوا التصورات والمقترحات والمرتكزات السياسة الامريكية لعراق ما بعد داعش. ومن تلك المرتكزات الخمسة، الاولى بقاء القوات الامريكية وزيادة اعدادها لفترة لا تقل عن خمس سنوات. والأخيرة هي إعادة اعمار المدن التي دمرتها الحرب مع داعش. وما أدل على ذلك تلك القواعد الامريكية المنتشرة في العراق: مطار بغداد ومطار أربيل ومطار حرير، وقاعدة الأسد وبلد والتاجي والحبانية وبعشيقة وكرم لس قريب الحمدانية مع قواعد عسكرية جديدة أخرى في سبايكر بالموصل وكركوك وتلعفر. لقد نشر الأمريكي العسكري رالف بيترز رؤيا لمخطط تقسيم الشرق الأوسط على أساس ديموغرافي (ديني وقومي ومذهبي)، ونشر في مجلة عسكرية بعددها الصادر في حزيران/2006 واعتبر هذا التقسيم بسايكس بيكو جديدة. سقوط الموصل (بعدها الرقة) غيّر الكثير من المعادلات السياسية داخلياً واقليمياً ودولياً. المشهد السياسي في العراق تغير فيه كل شيء، الاعمار، مادة من الدستور العراقي 140، العراق الواحد، تغير العراقيون تغيروا شعبه كرداً وشيعياً وسنياً ومسيحياً وشبكياً وايزيدياً، كلهم تغيروا ولم يتغير إلا واحداً وهو الفكر الداعشي. مؤتمرات واجتماعات دولية لدول التحالف والعرب لسنتين جميعها ذهبت مع الريح. نسأل اين الاعمار والوعود؟ ان تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأخيرة بخصوص الاكراد وكردستان هم (العراقيين) اثارت حفيظة الكثيرين من المحللين والمراقبين. إسرائيل كما تبين من هذه التصريحات. باتت مقتنعة بان استقلال كردستان عن بغداد حان وقته و (أصبح امراً مفروغاً منه) بحسب قول وزير خارجيتها ليبرمان. هذه القناعة أكدها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس في رسالته الى الرئيس الأمريكي السابق أوباما. وقال: (لا يرى توحيد العراق ممكناً بدون تدخل خارجي كبير، وان هذا يؤكد انفصال الاكراد. الى جانب (التصريح القنبلة) فجأةً من رئيس الوزراء نتنياهو عن دعمه لقيام دول كردية. السؤال هو: لماذا تريد إسرائيل قيام دولة كردستان؟ (الرؤيا باتت مكشوفة لتحقيق مشروع رالف بيترز) لتفكيك الدول الى كيانات ودويلات. العلاقات المتنوعة بين الاكراد وإسرائيل ليست وليدة اليوم بل لعقود طويلة، وانما جاءت كنتيجة طبيعية ل (العشق الممنوع الممتد لسيرة الحب بين العشيقين) من السر الى العلن. في كتاب (انهيار الامل... العلاقات الإسرائيلية الكردية 1963- 1975)، يلقي اسحق شامير رئيس الوزراء الأسبق الصحفي شلومون نكديمون الضوء على الكثير من خفايا واسرار علاقات التعاون والتنسيق بينهما بقيادة الاب الروحي المناضل الكردي الملا مصطفى البرزاني (والد مسعود) الابن كان صادقاً ووفياً مع نفسه ومع العالم حينما صرح أكثر من مرة ان إقامة علاقات مع إسرائيل ليست جريمة فإسرائيل دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. حزب البرزاني يملك القناعة بان (دعم) إسرائيل قضيتهم سيمنحها قوة وزخماً كبيرين لتدويلها باعتبارها واحدة من أكثر القضايا الشائكة في المنطقة (ابعاد القضية الفلسطينية عن الأنظار)، إلا ان حزب البرزاني حرص دوماً على ان يبقي علاقاته معهم سرية لكيلا يثيروا غضب إيران وتركيا والمحيط العربي، وهذا الغضب الإقليمي سينعكس سلباً عليهم وعلى المكاسب التي حققوها خلال الثلاث عقود في كردستانهم التي تتمتع بشبه استقلال عن بغداد. فلها رئيسها ودستورها وحكوماتها وبرلمانها وجيشها ومخابراتها وممثليتهم في الخارج، مع هذا كله ان رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم كردي ونائب رئيس مجلس النواب كردي وكان نائب رئيس الوزراء كردي ومع أربعة من وزارات سيادية يتمتعون بها في كل وزارة عراقية مع نواب اكراد ولكل وزارة عراقية وكيل كردي. وحزب البرزاني يطالب (بحق تقرير المصير). إسرائيل وكردستان التي تسمى في ادبيات الاخلاق والادب والاحترام بإسرائيل الثانية كلاهما بحسب المبدأ خنجر في خاصرة شعوب المنطقة. صعود كيان كردي في العراق قد يغير معادلات كثيرة، ويخلق ميزان قوى جديد في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل وامنها القومي. إقامة هذا الكيان المستقل من وجهة نظر البراغماتية ي مصلحة متبادلة بينهما. النظرة البراغماتية تعتبر تحولاً جيوسياسياً واستراتيجياً كبيراً يخدم مصالح الفكر الصهيوني، خاصة لجهة اضعاف الخصوم التاريخيين. الغاية لكلاهما بإقامة وطن قومي يوصف كجزيرة صديقة في بحر من الأعداء. اعلان حزب البرزاني مشروعه في هذا الظرف بالذات الذي يمر به العراق، وتصريح ابنه مسرور (رئيس المخابرات والامن في الإقليم قال علناً: (ان الاكراد اعتباراً من 6/أيار/2006 ليسوا مواطنين عراقيين). الى اين يريدون الذهاب الكُرد العراقيين؟ تاريخياً يعرف الجميع والمؤرخون تاريخ المواطنة العراقية الحقيقية لإخواننا الاكراد. هنا لا اضطر الغوص بعيداً عن ذلك التاريخ الذي تعمد بدم الجنود والبا العراقيين في أيام الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم الذي أسبغ على الملا مصطفى وأركان حزبه ما لم يكن متوقعاً من التكريم والتبجيل حين عاده الى وطنه العراق عام 1958 من منفاه الروسي على اثر اعلان دولة مهاباد في ايران عام1945. ثم لا اريد ان افتح صفحات ذلك التاريخ في اعقاب الانقلاب الأسود عام 1963 ويذكره الجميع أيام السمن والعسل التي شهدها تحالف البرزاني مع البعثيين لإسقاط عبد الكريم قاسم. وعندما عاد البعثيين الى السلطة عام 1968 وتكرر التفاهم والتلاحم بين القادة الكبار في حزب البرزاني وحزب غريمه جلال الطالباني، وازدهرت العلاقات المتبادلة بينهما وبين صدام حسين، الى ان جاءت الحرب العراقية الإيرانية، واصطف كلاهما ضد الحليف الذي لم يستطع ان يهب مسعود والطالباني ما كانا يطلبانه. وقد جاء الزمن الأمريكي الإيراني ليكشف حقيقة ذلك المطلوب. أربعة عشر سنة من الفوضى والدمار والخراب والفساد والسرقة من كافة اقطاب الحكم ومنهم الاكراد. الاخوان الاكراد نسوّا لكن اُذكرهم في فتوى للمرجع الديني الراحل محسن الحكيم عام 1970 بتحريم قتال الاكراد باعتبارهم جزء من الشعب العراقي. وبعد الفتوى تناسى البرزاني اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران لمنحهم الحكم الذاتي، الحلم الكبير الذي لم يمنحهم إياه لأكراد دولتي تركيا وإيران. واليوم يستغلون الموقف. بالرغم من ذلك لدى البرزاني وسياسيوه عُقدة الشعور والإحباط مما يجعلهم يحقدون على إخوانهم العراقيون وعلى كل شيء جميل مما جعلهم من اجل حلمهم يبيعون أنفسهم وعراقيتهم ووطنهم الى الشيطان.   
                    الباحث/ ســــمير عســــكر