الباحث الإيزيدى داوود الختاري: نُعامل في العراق وسوريا ككفرة.. (حوار)
داوود مراد
حرب ضروس أشعلها تنظيم داعش الإرهابى، على الإيزيديين فى العراق وسوريا منذ أن أعلن التنظيم عن وجوده عام 2014، مكبدًا هذه الأقلية الدينية خسائر فادحة فى الأرواح بجانب تجارتها فى نسائهم وأطفالهم، الأمر الذى دفع الإيزيديون لرد الحرب على التنظيم انتقاما لأفعاله الإجرامية.
«الدستور» تحاور واحدا من أهم الباحثين فى الشئون الإيزيدية وهو «داوود مراد الختارى» ليتحدث عن جرائم داعش بحق الإيزيديين، ومستقبل هذه الأقلية الدينية فى العراق وسوريا، فـ إلى نص الحوار..
ـ قص لنا أبرز معاناة الإيزيديين فى العراق وسوريا فى الفترة الأخيرة؟
فى ظل الأنظمة الدينية والرجعية فى الدولتين عبر السلطات المتعاقبة على الحكم، تمت محاربة كل الأقليات فى العراق وسوريا، وأصبحت هذه الأقليات من وجهة نظر الحكام لا تستحق الحصول ولو على أبسط حقوقها القانونية والإنسانية، كما يتم استغلالهم فى جميع المناسبات باعتبارهم كفرة ويعيشون فى أرض الإسلام، بينما فى الحقيقة الأرض أرضنا وجاءت الأقوام العربية المسلمة من الجزيرة العربية لتعيش هى فى وطننا.
ـ من هم الإيزيديين لمن لا يعرفهم من المصريين والعرب وخاصة فى ظل الاعتقاد السارى أنهم عبدة نار؟
الديانة الإيزيدية من الديانات القديمة، ديانة توحيدية غير تبشيرية، تؤمن بالله الواحد الأحد، خالق الكون، وهى تحمل إرث الديانات الشمسية الطبيعية ومنها الديانة الميثرائية، تؤمن بالخير والشر من منبع واحد وهو الله، أما بالنسبة إلى أسماء الله فى الإيزدياتى (خودى أو خودا، يزدانى باك –حرف الباء بثلاث نقاط) وجاء اسم الإيزيدية من كلمة يزدان.
ويتحدث الإيزيديون باللغة الكردية، ويقدسون الملائكة السبعة برئيسهم (طاووس ملك)، وللشيخ آدى المتصوف دور بارز فى تاريخ الإيزيدية، وتعتبر الشمس إحدى تجليات الله، ولها مكانة عند الإيزيدية حيث يتم التوجه إليها عند أوقات الصلاة، كما أن الإيزيدية تحرم الزنا والقتل والربا.
ـ لماذا استهدفهم تنظيم داعش الإرهابى بهذه القوة؟
تم استهدافهم من قبل تنظيم داعش الإرهابى باعتبارهم كفرة يعيشون فى أرض الإسلام، وأن الدولة الإسلامية يجب أن تتوسع وتلغى كل الأديان غير المسلمة من على وجه الأرض، وداعش حينما يحتلون أرضًا يحللون لأنفسهم كل شيء سواء كان المال أو الإنسان، فيقتل الرجال وتسبى النساء والأطفال، والمال غنائم لمقاتليهم.
ـ ما أبرز الجرائم التى ارتكبها تنظيم داعش الإرهابى فى حق الإيزيديين؟
داعش قام بقتل الآلاف من الرجال، كما تم سبى الآلاف من النساء، وتم بيعهن فى سوق السبايا الخاص بالتنظيم كما تم بيع الأطفال كذلك، كما تم هدم كل مؤسسات العبادة الخاصة بالإيزيديين فى جميع القرى والمجمعات السكنية، كما تمت مصادرة حيواناتهم وزرعهم وحتى عفش المواطنين.
ـ مع من يقف الإيزيديين فى المعارك المشتعلة فى العراق وسوريا؟
قاتل الإيزيدية الدواعش فى جبل سنجار (شنكال) ولم تستطع قوة الدواعش من احتلال الجبل بالرغم من طول الجبل (72) كم، وقلة المواد الغذائية للمقاتلين ورداءة أسلحتهم البسيطة، وقاتلوا مع البيشمركة والجيش ضد الدواعش، إذا فالإيزيديون ضد الدواعش وضد تطرفهم ومع أى فصيل يحترمهم ويقدرهم ويقاتل هذه التنظيمات الإرهابية المسلحة.
ـ ما حقيقة رغبة الإيزيديين فى الانفصال بدولتهم ؟
الإيزيدية يريدون أن تتم حمايتهم فى المستقبل من أى عدو جديد ولا يكونون لقمة سهلة لعدو مستقبلى، يريدون أن تتم المحافظة على رجالهم ونسائهم وأطفالهم.
ـ كم عدد ضحايا الإيزيديين بسبب الإرهاب المشتعل فى العراق وسوريا؟
كان عدد الإيزيديين فى العراق نحو 700،000 نسمة، إلا أن 400 ألف منهم خرجوا من العراق بدخول تنظيم داعش الإرهابى، ووفقا للإحصائيات الخاصة فهناك 1500 قتيل إيزيدى لقى مصرعه على يد تنظيم داعش الإرهابى، وتم تيتيم 1759 طفلا بقتل آبائهم و407 أطفال بسبى وقتل أمهاتهم، فى حين هناك 220 طفلا والداهم لا يزالون أحياء ولكن برفقة تنظيم داعش الإرهابى.
ومن ضمن الإحصائيات الخاصة بى أيضا أن هناك ما يقرب من 45 مقبرة جماعية للإيزيديين بجانب العشرات من المقابر الفردية، ودمر تنظيم داعش الإرهابى ما يقرب من 70 مزارا إيزيديا، فى حين أن من هاجر خارج البلاد من الإيزيديين وصلوا حتى الآن إلى ما يقرب من 100 ألف شخص كما يوجد 4500 مختطف لدى داعش و3200 شخص تم تحريرهم.
ـ لماذا استهدف "داعش" إيزيديات لأسرهن ومن ثم التجارة فيهم؟
اعتقدوا أن هذا أمر إلهى منصوص عليه فى آيات القرآن الكريم والحديث النبوى، فقاموا بهذه الجريمة البشعة التى لا تمت للبشرية والإنسانية بأى صلة.
ـ من أبرز الأبطال الإيزيديين الذين شاركوا فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى؟
هناك العديد من الأسماء التى برزت فى المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابى، منهم الأبطال (قاسم دربو – قاسم ششو، شمو عيشانا.. إلخ) والكثير من الأبطال استشهدوا للدفاع عن الأرض والعرض والذين سيتم تخليدهم فى كتب التاريخ.
ـ ما آخر دراساتك وأبحاثك؟
لدى 25 مؤلف تاريخى مطبوعة و20 مؤلف غير مطبوعة ومنها كتب عن حملة الدولة الإسلامية لإبادة إيزيدية سنجار، ألفت الكتب التالية وستتم طبعها فى المستقبل.
1ـ إبادة الإيزيدية فى مجزرة كوجو شنكال 2014.
2ـ مقاتلو جبل شنكال فى أيام المحن.
3ـ المقابر الجماعية فى شنكال.
4ـ مأساة المختطفات عند الدولة الإسلامية.
5ـ حوارات حقيقية من مأساة الإيزيدية.
6ـ تعذيب أطفال الإيزيدية فى دولة الخلافة الإسلامية.
7ـ إحصاء حملة إبادة الإيزيدية فى شنكال.
ـ كيف ترى مستقبل تنظيم داعش الإرهابى فى العراق وسوريا؟
الدواعش فى زوال حالهم حال الحركات الإسلامية السابقة كتنظيم القاعدة وغيرها، بما أنهم يعتمدون على القتل الجماعى، فمن وجهة نظرى لا يمكن أن يستطيعوا توسيع دولتهم بأدمغتهم القديمة التى تسيطر عليهم.
ـ هل هناك أى وثائق رصدتها للتنظيم فى التعامل مع الإيزيديين؟
ألفت سبع كتب بالوثائق الدامغة حول ارتكاب الدواعش جرائم ضد الإنسانية وخاصة الإيزيدية، وبهذه الكتب فضائح كبرى عن التنظيم الإرهابى.
ـ ما هى رسالتك للعالم العربى؟
رسالتى إلى العالم العربى، أن يشرعوا قوانين فى دولهم تشرع إلى ضرورة فصل الدين عن الدولة كما فعلت أوروبا لأن أوروبا قد مرت بنفس الظروف القاسية فى القرون الوسطى نتيجة استعمال الدين كتشريع لقوانين الدولة، وهذا من وجهة نظرى هو السبب فى كل ما يحدث فى العالم العربى الآن.
ـ هل تدعم انفصال الدولة الكردية عن العراق وسوريا وإيران؟
باختصار شديد نعم والأسباب كثيرة ويعلمها الجميع.
ـ كيف ترى مستقبل الإيزيديين فى ظل الأوضاع الراهنة؟
حاليًا هناك هجرة إلى أوروبا، وهذا يؤثر على تواجدنا فى الوطن، نتمنى من السلطات القادمة أن تحترم حقوق الأقليات الدينية فى الوطن، وأن يتم تطبيق قوانين حقوق الإنسان وحقوق الأقليات واقعيًا، وليس مجرد إصدار قوانين دون تطبيقها حتى يعود من هاجر إلى وطنه من جديد بعد انتهاء تلك الحرب.
