المحرر موضوع: السفرطاس وسجن الفرقه الثانيه في كركوك  (زيارة 2656 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصفر طاس وسجن الفرقة الثانية في كركوك ..................(من دفاتر مذكراتي)
لطيف نعمان سياوش

قبل ايام وقعت عيني على (صفر طاس) قديم في البيت .ذلك الاناء الذي كانت تعتز به  امي العجوز لانه يحمل ذكريات عذبة ومرة لعقود من السنين الخوالي.
فهذا (الصفر طاس) كانت تعبأه الوالدة بالطعام كل يوم ليحمله الوالد الذي يعمل في شركة نفط العراق IPC بكركوك منذ خمسينات القرن الماضي ... ولكن شاءت الاقدار ان يزج بابنها البكر في السجن في بداية الستينات بتهمة انتمائه الى احدى الحركات السياسية المناوئة للسلطة الحاكمة . وتنتقل خدمات ذلك (الصفر طاس) من ورش ومحطات ضخ النفط الى (بناكل) ، (جمع بنكله) السجون في كركوك ..
ظل الابن ينتقل من سجن الى سجن ، وكانت الوالدة تعدو خلف السجانين وتتوسل اليهم لايصال (الصفر طاس) لابنها ، وهي اما تفلح بمسعاها او يخيب جهدها .. وكم من مرة اخذ السجانون (الصفر طاس) ، والتهموا محتوياته وسط ضحكاتهم العالية ، وهم يسخرون من السجناء وذويهم ، وتظن الام ان ولدها سيتهنى بما اتت به اليه ..
كان السجانون يكيلون الاهانات والكلمات البذيئة للسجناء وعوائلهم . وغير ذي مرة تحرشوا بالنساء ، وهم يصوّبون نظراتهم النارية تجاههن ، هذا ناهيكم عن ضربات عصى الخيزران على ظهورهن ورؤوسهن .
حدث هذا خلال عامي 1963-1964 عندما كان (الحرس القومي) السيء الصيت قد استكلب ، واسرف في الاعتداء على الناس  وتفنن في الغدر بهم.
كان المقبور (ناظم كزار) يتصدر قطاعات هذا الحرس .
في ظهيرة احدى ايام اب 1963 ذهبت الوالدة الى السجن لمواجهـة ابنها ، وهي تحمـل (الصفر طاس) المعبأ بالطعام . بعد سويعات عادت خائبة حزينة تبكي ، والدم يسيل من راسها !! جن جنوني لمنظرها ، سألتها على الفور ما خطبك؟ اجابت : عريف دحام .. عرفت انه اصابها بعصاه الاثمة .
كان دحام اسم لامع في تعذيب السجناء وذويهم ، وقساوته تفوق الوصف ..
وقتها كنت في سن المراهقة شعرت بغمرة من الغضب العارم ، وآليت على نفسي ان انتقم لدم امي مهما كلف الثمن ، وبأية وسيلة كانت ...
كان بامكان الناظر من بعيد ان يميّز عريف دحام من بين مئات الناس لكونه مكتنز الجسم ، اسمر البشرة ، دميم الوجه ، يحمل على شفته شاربا عريضا ، وصوته يدوّي عاليا..
في اول يوم مواجهة السجناء بعد اصابة الوالدة اخذت (نبلتي) مع بعض الحصى كذخيرة لهذا السلاح . وامتطيت دراجتي (الفرشقة) متجها الى سجن الفرقة الثانية ..
رصدت المنطقة جيدا . وجدت على مقربة من مكان المواجهة سيارة (زيل) عسكرية عاطلة تراكم الغبار عليها ..
التفت ذات اليمين والشمال ، تاكدت من اني في منأى عن نظر الجميع .. تسللت الى المركبة , واختبأت فيها مستفيدا من الجادر الخاكي الذي يكسو جسمها ..
عثرت على ثقب بطول 10سم في الجادر , وسعّته ليتسنى لي التصويب بعناية . انتظرت حوالي نصف ساعة وكانت ثقيلة ، اذا بصوت عريف دحام يلعلع..
وضعت حصوة في جلد (النبلة) وصوبتها نحو الهدف ، ورميت بعتادي بقوة ، اذا به يصيب عريف دحام في راسه مباشرة ، ويتدفق منه الدم بغزارة. وسط مشاعر ممزوجة بين الفرح والهلع .. نزلت من المركبة بخفة متناهية بعد ان اخفيت نبلتي في لباسي الداخلي وانا اعدو على دراجتي كالغزال ..
عدت الى البيت لاحتضن امي بقوة واقبل جرحها وابشرها بالانتقام ، ثم علمت فيما بعد على اثر اصابة دحام بمنع المواجه لذلك اليوم ، وتلقي السجناء قسطا اضافيا من الضرب المبرح ، وعادت العوائل الى منازلها خائبة وهي تحمل (صفر طاساتها) الممتلئة بالطعام ..
عنكاوا



 



غير متصل جلال مرقس عبدوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 156
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي العزيز لطيف
تحياتي

نعم للنضال أنواع وأشكال ، ما قمتَ به هو أحدها رغم صغر سنك .
إنها مشاكسة تستحق التقدير .!
 شكري وتقديري على ذاكرتك المتقدة دوما .
أسعفنا لنتلذذ بطعمها.

غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ لطيف نعمان المحترم
شلاما
نعم، فقد آلفنا الصفرطاس، فكان بحق جامعاً بين جميع فئات الشعب العراقي، في الجيش، في العمل، في المصالح الخاصة (اسواق ودكاكين)، حتى انه، اي الصفرطاس، استطاع ان يخترق السيطرات الامنية ويصل الى المناضلين في سجونهم، ويرى كيف كان يتصرف رجال الامن، وهم ليسوا الا رجال دم وجريمة، بحق الانسان وآدميته.
تحياتي

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخي وصديقي جلال مرقس عبدوكا المحترم
كل التحايا لكم
يقينا تكون المشاكسه الممزوجه بالمغامره كالتي حصلت عمل جدير بأن يؤرشف لاسيما عندما يتعلق الامر برد الاعتبار  لأعتدا آثم  نابع من سلطة غاشمه  على  اقرب انسانه اليك  وهي  بريئه لاذنب لها ..
أن فعل كالذي حصل لابد منه على الاقل ربما يكون درسا يعلم الاشرار  الف باء الخوف من المجهول الذي ينتظرهم في حال تماديهم واسرافهم في الاعتداء على الاخرين ..
شكرا لك صديقي على مرورك العذب ..
تقبل خالص تقديري ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عزيزي رابي أوراها دنخا سياوش المحترم
شلامي وايقاري
نعم صديقي قد يكون (السفرطاس)  شيء من الماضي ، وعلى هذا الاساس ربما تعد الكلمه من الفلكلور .. لكن تذكرها اليوم  بالطريقه التي وردت وربطها بالسياسه والعذابات الناجمه منها والتي كانت السجون والمعتقلات التي نبعت من رحمها احدى اهم  تلك الافرازات الموجعه التي دونها التاريخ  والواقع ..
لكن علينا نحن المثقفين ان لا نهمل توثيقها ما استطعنا الى ذلك سبيلا .. على الاقل لتبقى شواهد على ماضي البعث ومافعل  من اثام خلال فترة حكمه الاسود الذي لم يدع عائله الا ووشم في مذكراتها عذاب والم ..
تقبل خالص تحياتي ، وشكرا لحلو كلماتك ومرورك الرائع ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا

غير متصل أيوب عيسى أوغنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 83
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من لايتذكر السفرطاس ( سفر+ طاس)حيث كان عمال شركة نفط العراق ( الأنكليزية) يحملونه بعناية وكأنه طفل صغير , لكي لاينسكب منه سائل المرقة ولو قطرة واحدة .
كانوا يحملونه كما كنا نحمل كتبنا المدرسية في زمن لم تتوفر فيه الحقائب وخاصة المعلقة على الظهر التي يسهل على الأطفال حمل أوزانها .
أتذكر رؤية ما تبقى من بقايا بعض طاسات متناثرة من سفرطاس ضحايا السيارة المنكوبة في القابعة رأسا على عقب في قاع خاصة صو , لحادثة مرت عليها سنوات عديدة بعد صقوطها من أعلى الجسر القديم أمام قلعة كركوك , والذي كنا نمر فوقه مشيا على الأقدام  من آخر موقف لباص الأمانة الذي كان ينقلنا من عرفة ( كركوك الجيدة) , بعد أن انتقلنا أليها من القلعة , ولكن كنا لانزال نداوم في مدرسة الطاهرة الأبتدائية للبنين , قبل انتقالنا الى مدرسة الخالدية الأبتدائية في كركوك . وتذكر والدتي المرحومة , بان والدي تأخر عن عمله بسبب وعكة صحية , وكان يستقل يوميا ذلك الباص ذو الهيكل الخشبي من محطة القطار الى أمام مدرج القلعة , وربما هذا السبب كانت نظراتنا تطول في الأمعان ونحن نمشي بسرعة للوصول الى صفوفنا المدرسية , وأن مشهد السفرطاس ليس من الماضي , لأن العمال الهنود والأسيويين هنا في مسقط لايزالون يحملونها الى مقرات عملهم في مواقع البناء , وتحملنا بعيدا الى تلك الذكريات القديمة في قلعة كركوك و والتي سبق وأن نشرت عدة حلقات منها على صفحات الحوار المتمدن و عنكاوة دوت كوم , ,ايضا عن عنكاوة القديمة
أن مغامرة الأخ لطيف أبداع مسرحي رائع و يستاهل عمل سيناريو سينمائي , وهذا يثبت قابليته ونجاحه على المسرح العراقي سواء بالتمثيل أو بكتابة السيناريو للمسرحيات التي كتبها , لايزال في تعليقاته الصحفية على صفحات الفايسبوك , وربما سيصدر له كتاب عن تلك الذكريات ونشد على يده لأكمال هذا المشروع , ليدون فيه تاريخ أيام وسنوات وعقود عصيبة عصفت بالبلاد والعباد ولاتزال مستمرة ولا أمل أو ضوء في نهاية هذا النفق الرهيب !!.., أنها تراجيدية عراقية شبيهة بتراجيديا الأغريق والرومان , ولكن بدون نهاية
شكرا للأخ العزيز لطيف لأسهاماته الرائعة التي تصيب كبد الحقيقة بجرأته المعهودة , على صفحات الفايسبوك , والى المزيد من الأبداع !!!..

أيوب عيسى (بيو) أوغنا
معماري وخبير ومحكم دولي وخليجي معتمد
مسقط/ سلطنة عمان 


غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاستاذ والصديق العزيز ايوب عيسى بيو اوغنا المحترم
تحياتي لكم
كما تعلم صديقي العبره من المقال ليس السفرطاس  ، انما السجون ومدى الظلم والهوان الذي تعرض له الشعب العراقي بكل مكوناته  في زمن البعث ، وكان نصيبنا نحن الكلدو آشويون  والارمن في كركوك بالقياس الى اعدادنا نصيب الاسد ..
ولمجرد وقوع بصري على ذلك الاناء  فجّر هذه الذكرى وتلك الايام العصيبه الخوالي وهي بانوراما الوجع العراقي ..
محبتي لكم ، وتحياتي لأفراد الاسره كافه .. كل الشكر لمرورك العذب وكلماتك الرائعه ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا