المحرر موضوع: منگيش، بغداد، وجزيرة الفصح؛ ذكريات لا يطويها النسيان  (زيارة 2750 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
منگيش، بغداد، وجزيرة الفصح؛ ذكريات لا يطويها النسيان
كتابة: فرنسيس كلو خوشو/ سان دياكَو
ترجمة بتصرف: حنا شمعون / شيكاغو


ثمة ذكريات هي منطبعة وان صح التعبير جامدة لا تتزعزع من مخيلتي. وهي بمثابة شريط فديو استرجع اي مقطع منه متى ما شئت.
هذا التالي هو اقدم المقاطع وأجملها ويعود بيّ الى أواخر الخمسينات من القرن الماضي وفي قريتي منگيش التابعة حينذاك لقضاء دهوك. هذه الأرض الطيبة كان لها جمال خاص وكنت اظنها هي العالم كله مع بعض القرى الكردية المحيطة  ومنها بروژك وكوريمي وكوڤلي التي كنت اسمع عنها في حديث الكبار وكلما زادت سنين العمر كنت اسمع عن قرى اخرى مسيحية/ سورايي مثل داويدية وأرادن ودهي و حتى طَرق سمعي مدن بعيدة مثل إتوك / دهوك ، موصل ، وبغداد. فأصبح ذلك عالمي الصغير الكبير.
في هذه القرية الواقعة بين طورا / الجبل و زوري / التلال المتموجة  كان ثمة إيقاع لطيف للحياة بعيد عن الأختراعات الحديثة ومنها السيارة او اللوري الذي كان يسوقه مجيد المصلاوي حيث كان حدها مدخل القرية عند القشلة / مركز الشرطة اما ابعد من ذلك فقد كان "قف ممنوع المرور" وليس ذلك بأوامر نظام السير، إنما الأزقة الضيقة التي كانت تخترق القرية مفروشة مثل الخطوط التي تظهر في راحة اليد لم تكن لتسع هذه الصناديق الحديدية المتحركة.



صورة فنية لقرية منكَيش، الرسام غير معروف

كنيسة القرية المبنية من الحجر والآجر كانت وسط القرية التي معظم بيوتاتها كانت طينية وكل ما  يقارب ثلاثة او اربع منها وحتى خمسة وستة كانت تشترك بحائط ليجمعها سطح / گاري واحد وان كان احياناً يرتفع واحد منها قدم او قدمين عن الآخر بحيث يمكن لطفل بعمري حينذاك لن يقفز من سطح الى آخر بكل سهولة. من على هذه السطوح كان ينبثق أنبوب الدخان المغطى بقلنسوة حتى لا ينفث المطر من خلاله الى المدفئة الأسطوانية التي عادة تكون في غرفة الجلوس/ صوپا وكان وقودها الخشب. كما كان فوق كل سطح مندروني/ دلاكة لدلك السطح الترابي كي لا يتسرب ماء المطر عبر الشقوق الى فتتناقط في المنزل دلوبي / قطرات الماء.

عبر دروب الأزقة كانت تساق الدواب الى مراعيها اما الرجوع فقد كان مخيراً بين استقبالها قبل ان تصل أطراف القرية بعد صلاة الرمش/ العصر والعودة بها مُساقة او انها ترجع من ذواتها الى بيوتات أصحابها وخاصة المواشي ، اما الأتنات فقد كانت احياناً تضيع طريقها بقصد أوغير قصد -- لأن ثمة حمل ثقيل معد لها في اليوم التالي -- ولذا كان يلزم للفتيان جلبها عنوة الى البيت. اما الدجاج الذي لايستغنى اي بيت عن تربيته فقد كان يسرح في الدروب او في مزبلة المحلة يأكل ويشرب نهاراً ولا تسمع صوتها الا اذا باضت في قِنها فتسمع نققتها اشارة ان لها هدية صغيرة لذويها، وقبل المغيب كان يركن الدجاج طوعاً الى القنة/ مسكن الدجاج .

  المعلمون في مدرسة منكَيش الأبتدائية في نهاية الخمسينات صورة من بولص ايشو تبو

حين بلغت السابعة كانت مرحلة جديدة من عمري وهي مرحلة الدراسة الأبتدائية حيث كان معظم المدرسين من أهل القرية وكانوا حريصين لتنشئة جيل شغوف بالدراسة وفعلاً كانوا موفقين حيث عُرفتْ قرية منگيش بنسبة عالية من اصحاب الشهادات والخريجين بفضل معلميها . وفي هذه الفترة كان حدث ثورة ١٤ تموز وأتذكر ان الأحتفال بالذكرى السنوية لهذه الثورة كانت تقام أقواس النصر في مداخل القرية من الجنوب والشمال وكنا نحن الأطفال من يجلب الأغصان لعمل الأقواس.
اعتمد دستور جديد للعراق وحصلت المساواة بغض النظر عن القومية او اللغة او الدين ، ولأول مرة شعر الناس في منگيش بإنتمائهم الوطني العراقي ودخلت السياسة في عقول الناس.

مدرسة منكَيش الأبتدائية في نهاية الخمسينات ، من صور المرحوم داود جركو

وشهدت هذه الفترة حرية الصحافة وانتشار الكتب وظهرت لأول مرة اجهزة الراديو في القرية وكانت تمتلكها بعض البيوتات المتمكنة وهكذا أدركنا نحن الطلبة الصغار ان العالم اكبر بكثير من محيط قريتنا زاد الوعي واهتم البعض  الطلبة الكبار بالسياسة ولكن الغالبية فضلوا الاهتمام بالدراسة والمعيشة على الانتماء الحزبي الذي صار فيما بعد نكبة بعد استيلاء القوميين العرب على مقاليد الحكم في العراق،

  
 باصات الطابقين الحمراء في العاصمة بغداد                                 


شارع المتنبي في بغداد

المقطع الثاني من ذكريات هذا لفديو هو مرحلة انتقالي من القرية الصغيرة الى مدينة كبيرة هي بغداد العاصمة وكان الصيف في بغداد حاراً مع سماء صافية وكانت الحرارة تبلغ ذروتها في فترة الظهيرة ليدخل الجميع الى البيوتات الا من كان مضطراً للتنقل. كان السكون يغلف كل مكان والنَّاس داخل البيت ليناموا القيلولة  حتى العصر ويخرج الناس لرش امام البيوتات والحدائق الصغيرة لتلطيف الجو قليلاً. مرة اخرة كانت تدب الحياة في شوارع بغداد ليخرج الناس الى الشوارع والمنتزهات وقسم من ميسوري الحال اوالذين ذخروا بعض الفلوس يذهبون الى الكازينوهات على شارع ابو نواس المحاذي لنهر دجلة، والبعض الآخر يذهب الى السينمات وحينها المشهورة منها كانت غازي ريكس روكسي، السندباد، الخيام ، والنصر.
عندما انتقلت الى بغداد نشأت عندي رغبة التعرف عليها لانها كانت شاسعة وذلك عن طريق المشي وركوب الحافلات / الباصات من محطة البداية الى آخر محطة ثم العودة على نفس الباص مفضلاً الباصات الحمراء الحكومية ذات الطابقين وفي الطابق العلوي وعند النافذة الأمامية لأرى آلاف الناس جيئاً وذهاباً . كنت أسأل نفسي من أين كل هؤلاء الناس والى أين هم ذاهبون . طبعاً كان هذا مقارنة بأهل قريتي الذين كنت اعرفهم غالبيتهم . كان الباص رقم ٤ يمر قرب دارنا ويرحل الى ساحة الميدان عبر شارع الرشيد المشهور وغالباً ما كنت اترجل من الباص للتجوال في شارع الرشيد سيراً على الأقدام لتفحص أعمدته المليئة بالإعلانات واقف امام المقاهي لأرى كبار السن يدخنون الأرجيلة او يلعبون الطاولي او الشباب منهم يقرأون الجرائد والمجلات مع صوت ام كلثوم الصداح منبعث من جهاز الراديو . وأحيانا كان يقودني سمعي قبل قدماي الى سوق الصفافير لأرى كيف تصنع الصواني والأباريق او يأخذني الفضول الى سوق الهرج لأرى فيه جميع انواع الألبسة والأدوات المستعملة من الأدوات الكهربائية والأدوات المنزلية.
احدى ذكرياتي المميزة في هذه الفترة من عمري كانت الذهاب الى شارع المتنبي وهو شارع منعرج بحدود ربع ميل وسمي الشارع لذكرى الشاعر المشهور ابو الطيب المتنبي وكان مليئاً بالمكتبات والأكشاك والعربات للكتب كما أرصفته كانت تفرش  بأنواع الكتب التي غالبيتها مستعملة . كنت شغوفاً بالقراءة لذا كان هذا الشارع ملاذي وخاصة يوم الجمعة يوم العطلة المدرسية لأنهل كل ما أستطيع من المجلات والكتب المفروشة وحين كان لي بعض النقود كنت أغادر المكان بكتاب او كتابين.

 
غلاف كتاب أكو أكو                                                 

 منظر من جزيرة الفصح

في احد الأيام كنت واقفاً قبالة كشك في شارع المتنبي ولمح بصري كتاب التقطته باستغراب لان على غلافه كانت صور لتماثيل  غريبة ذوات انوف كبيرة وغريبة وأذان مثلثة الشكل وشقوق العين عميقة . عنوان الكتاب ذكر فيه جزيرة الفصح.
في صيف عام ٢٠١٥ وصلتني رسالة الكترونية عن رحلة سياحية الى جزيرة الفصح وعنوان الرسالة كان " كشف اسرار والغاز آثار من الحديقة الوطنية روبا نوي في جزيرة الفصح" ، ولاحظت نفس الصور التي كنت قد رأيتها في شارع المتنبي اي بعدما يقارب النصف قرن وغلبني فضول لمعرفة المزيد عن هذه الجزيرة واتفقنا انا وزوجتي برناديت لزيارة هذه الجزيرة الغريبة في شهر كانون الثاني من عام ٢٠١٦.
تقع هذه الجزيرة النائية نحو ٢٠٠٠ ميل الى الغرب من تشيلي في الجهة الجنوبية من المحيط الهادئ. اكتشفها الهولندي جاكوب روج فين في عيد الفصح ( القيامة) من عام ١٧٢٢، ولذا سميت بهذا الأسم. المواطنون الأصليون يعرفون جزيرتهم حسب لغتهم بإسم " تبي بيتو اوتي هينا" اي نهاية الأرض او سُرَّة العالم.

 
في نمرود مع الثيران المجنحة عام ،1973 من صور الكاتب       


في بابل مع أسد بابل عام 1963 ، من صور الكاتب                 

في هذه الجزيرة وجدنا تماثيل ضخمة لأشخاص تسمى " موي" تم نحتها قبل مئات السنين. نُحتت هذه التماثيل من الصخور البركانية او البازلت. وعندما وقعت عيني على هذه التماثيل الضخمة تذكرت في الحال تماثيل رأيتها في ارض الرافدين / بيث نهرين، في بابل حيث وقفت ايام دراستي في المتوسطة مرعوباً امام أسد بابل، وفي نمرود حيث وقفت بإعجاب احاول تفسير المعنى امام تماثيل الثور المجنح التي كانت تحرس أبواب القصور الآشورية قبل أكثر من الفيتين ونَيف سنة.


تماثيل موي في جزيرة الفصح، تصوير الكاتب                   



الكنيسة الوحيدة في جزيرة الفصح، تصوير الكاتب

تماثيل جزيرة الفصح رأيتها تحمل الغازاً اكثر من تماثيل العراق ولا زال العلماء محتارين متى وكيف بنيت هذه التماثيل الغريبة العملاقة المدفونة في الأرض لحد العنق. هل تمثل اله معين ام هي تجسد أشخاص معينين ام هي اضرحة للموتى؟؟
دليلنا السياحي ابلغنا ان المستوطنين الأوائل وصلوا الى هذه الجزيرة حوالي القرن الخامس الميلادي من جزر بولينيزية .
ويقول التقليد ان سكان الجزيرة كانوا أولاً  يعبدون هذه التماثيل  ثم صار تقليداً ان يعبدوا بيردمان الذي يتم اختياره تقليدياً من سباق سنوي يمر فيه المتسابقون بمجازفات منها السباحة في مياه تكثر فيهأ سماك القرش القاتلة الى جزيرة صغيرة وجلب بيضة طير من عش فوق صخرة  ضخمة . الفائز الأول كان يُنصب حاكماً والهاً معبوداً لمدة عام كامل ينتهي بمسابقة اخرى لأختيار حاكم ومعبود جديد.  وبطل هذا التقليد عام  ١٨٦٠ إذ اصبحت المسيحية الدين الرسمي للجزيرة .الكنيسة الوحيدة في هذه الجزيرة مزينة بتماثيل يسوع المسيح ومريم العذراء والملاك ميخائيل على غرار الفن البولينيزي . كما يرى التأثير زخارف رابا نوي القديمة على المنحوتات في المقبرة  المسيحية الموجودة في الجزيرة.

 
 عام 2016 في جزيرة الفصح مع زوجتي برناديت                       


منظر الغروب الساحر في جزيرة الفصح

على حافة سانجو روا البلدة الوحيدة في جزيرة الفصح كنا نستمتع  مع كثير من الناس الذين يتجمعون على جانب من التل لمشاهدة غروب الشمس الساحر من وراء تماثيل موي وهذا المنظر ذكرني بغروب الشمس في منگيش وراء مقبرة نشموني التي تقع على تلة صغيرة لتختفي بشكل حزين ومؤثر حيث نهاية جبل منگيش الأشم وحيث يقل ارتفاعه ليوازي الأرض المستوية مثل استواء البحر خلف جزيرة الفصح.
ذكرى الغروب من منكَيش هي لوحة فنية مطبوعة في مخليتي وان كان لي ان اعطي اللوحة عنواناً معبراَ فأني بلا شك سوف اختار عنوان : الوداع الأخير. ومع هذه الذكرى الحزينة من الشريط الأول انهي تقريري هذا على أمل اللقاء في موضوع آخر عن قريتي العزيزة.

الموضوع الأصلي بالأنكَليزية على الرابط:
https://mangish.net/mangeshi-baghdad-and-easter-island-frozen-moments/


غير متصل د.عبدالله رابي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1269
  • د.عبدالله مرقس رابي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ العزيز حنا شمعون المحترم
تحية
شكرا لمساهمتكم الرائعة لترجمة المقال الذي كتبه الاخ العزيز فرنسيس باللغة الانكليزية عن ذكرياته في قريتنا العزيزة ،وقد اخذنا الى عالم الطفولة وذكرنا بتلك السنوات التي قضيناها ببساطة الحياة وجمالها في ربوع منكيش الجميلة في وديانها وجبالها وبساتينها ومراعيها وازقتها وينابيعها ومدرستها وبين اهلنا الطيبين جميعا ،وعرج الى مقارنة جميلة بين تلك الحياة الاجتماعية والاحداث الى حياة المدينة المزدحمة والمجتمع الحضري الذي يختلف تماما عن حياة الريف واخص بالذكر بغداد الجميلة،وثم ابداعه الفني الذي تميز بخيال واسع لينسج ذكرياته مع رحلته الى جزيزة الفصح .في الحقيقة ان المقال هي سلسلة افكار لكاتب مبدع ربط مسيرة حياتية حافلة بالاحداث والوصف الجميل لكل حدث وممتعة وشيقة .شكرا للاخ فرنسيس ولك اخي حنا لتعريفكما قريتنا الجميلة لقرائنا الاعزاء.
اخوكم
د. رابي

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
حضرة الدكتور عبدالله رابي المحترم،
تحية واحترام،
أشكرك على مداخلتك القيّمة والمعبرة عن فهمك للموضوع بإدق تفاصيله وكل الذي أشار اليه الكاتب الاستاذ فرنسيس  كلو خوشو من الذي لا تسعه الأسطر. انت ادرى ان الكتابة عن منگيش لا يسعها كتاب وقد مررت بهذه التجربة حين أصدرت كتابك عن الحياة الأجتماعية في منگيش وحدسي يقول انك تريد كتابة المزيد عن هذه القرية العريقة التي لها مكانة خاصة للوجود المسيحي في بلاد ما بين النهرين.
انت بثقافتك وخبرتك خير من بامكانه الكتابة عن منگيش القديمة وكيف تشتت ابناءها في بغداد وبقية المدن العراقية وثم الهجرة المعاصرة التي بعثرت اَهلها في أمريكا واروبا وأستراليا.
كلي أمل ان يمنحك الرب القوة والصحة والعمر المديد لتحقق هذه الأمنية على قلوب المنگيشيين، الا وهي إصدار كتاب شامل عن تاريخ منگيش القديم والحديث.

                                        حنا شمعون / شيكاغو

غير متصل سامي ديشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 940
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ حنا شمعون المحترم

في البداية نشكر الاخ فرنسيس خوشو على هذه المقالة القيّمة عن بلدتنا العزيزة منكيش. كما ونشكركم لترجمتها الى العربية لتعريف القرّاء الكرام ببعض جوانب الحياة فيها ولو بصورة مختصرة.

طرحتَ فكرة جيدة ومهمّة لتأليف كتاب شامل عن بلدتنا قديماً وحديثاً يشمل كافة جوانب الحياة فيها. انها فكرة رائعة، وشخّصت بجدارة، الدكتور القدير رابي للقيام بهذه المهمة لخبرته الطويلة في هذا المجال. بامكان كل من له: مقالة، خبر، فقرة، ملحوظة ...الخ عن منكيش( تاريخيا، جغرافيا، كنسيا، اجتماعيا، زراعيا، فوكلوريا ....الخ) أن يبعثها الى الدكتور رابي (مخزن المعلومات) ليقوم بدوره بهذه المهمة. أملنا كبير بان الدكتور رابي سيقبل هذه المهمة الشاقة، مع الشكر له ولجميع المساهمين سلفاً. تقبل تحياتي...

سامي ديشو - استراليا

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ العزيز سامي ديشو،
شكراً لردك وتأييدك لمقترحنا بأن يكتب تاريخ قرية منگيش بقدر المستطاع . والحقيقة من القليل الذي نعرفه عنها فقد كان لها نظام اجتماعي قلما تجد مثيله في باقي القرى. كل بيت كان له اكثر من بستانين وكرمين وللأغلبية قطعة او قطعتين من الأرض الصالحة لزراعة الحنطة وهناك الغالبية كان لها جنائن / گنياثا للفاكهة، وكل هذه كانت متداخلة بعضها مع البعض وانت والمانگيشي يعرف القصد. هذا عدا عن المواشي والأبقار التي كانت ترعى سوية " بقرا وصوادي ". سقي هذه الأراضي و والحفاظ على ديمومتها وتربية كل هذه الحيوانات  بالمفهوم الحديث كان يتطلب " وزارة زراعة " . لم يكن هكذا وزارة لكن لم اسمع قط ان تجاوزات حدثت وكان المختار والكنيسة هما المسوؤلين عن تمشية شؤون القرية.  الى ان جاءت العصرنة وتدهورت الامور. هناك الكثير من الكلام عن الموضوع ولذا وقبل فوات الأوان ملزم علينا ان نوثق تاريخ هذه القرية وإن كان ذالك متأخراً بعض الشيء لان المسنين قد توفاهم الرب ولم يبقى الى القلة القليلة التي لها المعلومات اللازمة.
انهي حديثي لأن علي الذهاب للشغل، واعرف انك والدكتور رابي وكل محبي قريتنا يعرفون القصد والنية.
لك مني المحبة والمودة والسلام لأهلنا في سدني.

        حنا شمعون / شيكاغو

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
Dear Hana, Sam and Dr. Rabi,

First, thank you Hana for the outstanding job translating this article to Arabic. Your efforts are always highly appreciated, professional and helpful.

Also, thank you, Sam and Dr. Rabi for reading and offering your comments on this article. Yes, I remember my home town Mangeshi very well. Specifically, the narrow alleys full of us as young children playing and laughing. The sounds and voices still echo in my mind like a forgotten dream.

Hana and Sam you have raised some good points about publishing a comprehensive book about our home town Mangeshi. I would suggest that the book have many contributors. Their different insights and dedication will make the publication invaluable.

There are many people around us who have the skill and flair for writing (a book inside just waiting to be expressed). With the help of Dr. Rabi, who I suggest be the editor of the book, the following minds would likely be wonderful resources/contributors: Werda Essa from Windsor, Canada; Hana Shamon from Chicago, IL; Sam Desho from Sydney, Australia; Odesho Mano from Melbourne, Australia; Anton al Sana from Detroit, MI; Ablehat Qulo from Hamilton, Canada; Klara Bufro from Duhuke and many others. I believe their contributions will be significant.

God bless.

Francis K. Khosho
[/pre]

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ فرنسيس كلو خوشو المحترم،
لي كل الشرف اني ترجمتُ موضوعك هذا الذي قرأته بالأنگليزية وجذبني محتواه. تكلمت عن حياتك وانا اقرأ كأني ارجع الى الوراء ذكريات حياتي في منگيش وبغداد. اعرف اننا مررنا بنفس الظروف وفي نفس الأماكن ولكن كيف انطبعت في مخيلتي نفس الصور التي انطبعت مخيلتك رغم اني ذاكرتي التقطت صورها بعد ما يقارب ثلاث من السنين. ثم جاء بعد عدة سنين الأخوة د. عبدالله رابي والأخ سامي ديشو ليكون لهم ذكريات تقريباً مطابقة .
لا أظن ان منگيش الحالية لها نفس الخواص الأجتماعية ولكن بالتأكيد فإن الطبيعة المتمثّلة في الجبل جنوباً  و زوري  شمالاً هي هي وهكذا فإن كل من عاش في رحاب هذه الطبيعة هو منگيشي وعليه ان يعرف تاريخ قريته وتراث اجداده . العبء يقع علينا ان ندون التاريخ والتراث الي استلمناه من الأباء والأجداد وننقله بأمانة للجيل الحديث والأجيال القادمة.
تقول من الأفضل ان يساهم الكتاب من منگيش في هذا المشروع الكبير وهذا امر جيد، ولكن كتابنا مبعثرون  في شتى أنحاء العالم ولذا اقترحت ان يتحمل العبء الدكتور عبدالله رابي صاحب المعلومات والخبرة والثقافة اللازمة لهكذا مشروع كبير يحفظ اسم هذه القرية الجميلة التي احلى ما فيها ان ساكنيها كانوا عائلة واحدة كبيرة يعيشون الحياة سوية بحلوها ومرها وكان لهم مصير مشترك.
أخي فرنسيس لقد ذهبت الى جزيرة غريبة عن منگيش وبعيدة جداً ولكن رأيت مشتركات ذكرتك بقريتك العزيزة مثل التماثيل والكنيسة الوحيدة والغروب. هكذا فإن ذكريات منگيش لا يطويها النسيان وما زال ثمة غروب في كل مكان فهذا كاف لان يذكرنا بالغروب الأول الذي شهدناه ونحن أطفال صغار.
اعرف انك لا تكل ولا تمل من الكتابة عن منگيش ، ولذا فنحن بإنتظار ابداعك القادم في اللغة التي حقاً تحسنها جيداً ، الأنكليزية.
مع التحية الأخوية،
                حنا شمعون / شيكاغو