المحرر موضوع: رحيل عاشق العراق البروفيسور شموئيل (سامي )موريه  (زيارة 1136 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بطرس نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 416
    • مشاهدة الملف الشخصي
رحيل عاشق العراق  البروفيسور شموئيل (سامي )موريه 

بطرس نباتي

شكرا للاخت ميسون نعيم لانها اثارت   شجوننا  بالخبر الحزين التي نقلته إلينا عبر كتابتها الرقيقة في موقع عنكاوا عن  رحيل الأديب العراقي سامي ( شموئيل )موريه  .. فعلا  أنها  لخسارة كبيرة ان يفارقنا كاتب احب العراق والعراقيين بجميع انتمائاتهم وشرائحهم واراد ان يرتبط معهم  وجدانيا سواء بالكتابة عنهم او تذكرهم بالمناسبات التي اتاحت له بالاجتماع بهم ولقائهم .

رغم ما فعلته الطائفية والانغلاق المذهبي بابناء العراق سواء من اليهود او من المسيحيين  حيث تم إجبارهم  على ترك الوطن والرحيل  عنه  ، وًرغم ما عانوه ضل الوطن يترعرع وينمو ويكبر في وجدان من فارقوه ،   حملوه  معهم في حلهم  وترحالهم  ، رغم المسافات ،  وأمثال هذا النموذج كثيرون وفِي طليعتهم الراحل سامي ( شموئيل ) موريه ،اسحق بار موشيه ،وسمير نقاش ،شمعون بلاص  ، مراد ميخائيل  (الذي يعتبر اول مجدد في الشعر العربي الحديث)  نعيم قطان  واخرون .. ومن الجدير ان اذكر هنا ، للأسف قلة من ادباء العراق والعرب يذكرون  بان مراد ميخائيل هو اول مجدد للشعر العربي الحديث ) ،لسبب اتركه للقراء .

من يقرأ فقط رواية بغداد حبيبتي  او القصائد التي نضمها موريه (رحمه الله)  يشعر بمدى عشقه لوطنه  العراق ،وبذلك الحب الأزلي والارتباط الروحي والوجداني بين يهود العراق ووطنهم الذي لفضهم ، لمجرد انهم  يهود  أحبوا وطنهم   وتعلقوا به  و لانهم يتبعون ديانة اخرى  ،  غير ديانة الأكثرية ، وهذا ما يذكره موريه وغيره من الكتاب وخاصة عندما يتذكرون ما تعرضوا له منذ فرهود بغداد عام 1941 وما تبعه من اضطهادات مريرة ، من يقرأ نتاجاتهم يشعر بأن تعلقهم بالوطن  يفوق حجم  تلك المعانات والاضطهادات ، لذلك نجدهم  لا زالوا يشعرون بهذا الارتباط الروحي   بوطنهم لانهم  ينتمون  منذ الازل لهذه الارض الطيبة التي اقتلعوا منها عنوة  ..

وهنا لا بد ان أجتزأ  هذا المشهد القصصي من روايته بغداد حبيبتي  يقول ما ملخصه. (بلغ به الشوق الى تراب بغداد وأوصى احد أصدقائه عندما التقاه في احدى الدول الأوروبية ان يرسل له تراب حديقتهم في بغداد ووصف له المكان بشكل جيد ورسم له خارطة المحلة وبيوتاتها بدقة ، ورغم بحث صديقه عن المكان  الا انه تعذر عليه العثور على بيت موريه فأرسل له ترابا من احدى حدائق القريبة من هذا الوصف ، حيث ارسله بمضروف خاص بالبريد عبر المغرب الى تل ابيب  وفِي تل ابيب اثيرت شكوك رجال الكمارك بالمادة المرسلة لانها من العراق  وبعد فحصه وجدوا انه مجرد تراب عندها استلمه موريه كشيء عزيز ومقدس عنده وسط دهشة الرجال الذين فحصوه )  أليس هذا بحد ذاته عشقا لحبيته بغداد  التي عاشت معه طيلة ثمانون عاما اي منذ ولادته الى يوم رحيله ، وفِي احدى كتاباته يذكر بان والده  وأصدقائه المقربين  أطلقوا عليه اسم ( سامي ) خشية عليه عندما يكتشف احد الحاقدين على اليهود بان اسمه شموئيل وانه يهودي ، ويذكر عدد من المواقف الطريفة حدثت معه سواء في  المدرسة او بعض محلات بغداد .

أَجِد  من الطبيعي جدا  ومن الواجب ايضا ان ينظم ادباء العراق احتفاء خاصا لذكرى هذا الرجل الذي حمل العراق في ضميره ووجدانه وضل مخلصا  لذكرى بلده حتى يوم رحيله  ..

وآخر ما قراتهُ له كانت هذه الأبيات  الرائعة والتي ينوح بها على خان شيخون وهي بلدة سورية تقع شمال غرب أدلب قصفت بالكيماوي 



وقصيدته  هذه بعنوان بكى الله في خان شيخون

أهديها  للاخت ميسون نعيم ولقراء عنكاوا كوم   



من  الجَحِيْم هَبَتْ نِيرانٌ ودُخان تَحْمِلهُ طُيورُ الآبَابِيلْ

بِأمرِ السُّلطانِ الجَائِرِ، على خَانِ شَيْخُونْ،

على المَساجِدِ والمَشافِي وفي الطُرقَاتْ!

وَصْمَةُ عَارٍ على جَبِينِ قايينْ.

رَأى الله تشنّج الاطفالِ والاجنةِ في أرحامِ الامهاتْ

وهِي تُحْتَضَرُ في الرَمَقِ الاخيرْ،

غَضِبَ اللهُ وصَاحَ: أيْنَ رَعِيّتكَ يَا قايين؟

ردّ قايينُ بصَلافَةِ الأئِمةِ الجائِرينْ:

هَلْ أنَا الحَافِظُ رَعِيّتي؟ فهَذا قَطِيعِي أرْعَى بِهِ كَيفَما أشاءْ!

فَأنَا أسَدُ العَريِنِ! أنَا جزّارُها،

ومعِي جَيشُ الشّيطانِ وطُيورُهُ الأبابيلْ!

سَمعَ اللهُ صَرخَةَ الأطْفَالِ والأمهاتِ والشيوخْ

فِي غَرْغَرَةِ النزْعِ الأخيرْ،

وبكَى بِحرقَة كمَا بَكَى حيْنَ سَمِعَ صَرْخَةَ المُسْتَعْصِمِ

يَومَ سَمَلَ هُولاكُو عَيْنَيهِ وَسَقطتْ بَغْدَاد،

وَسَماعِهِ في حَمامَاتِ الغَازِ في أوشْويتْس صَلاةَ الضَارِعِينْ

وَبكاءَ الارْمَنِ والايْزِيدِيينِ في العِرَاقْ،

وَصُراخَ الأطفالِ في الأنْفَالِ وَخَانِ شَيْخُونَ، أُمَاه! أُمَاه!

وَحِينَ بَكَى اللهُ لِظُلمِ الأئِمَةِ الجَائِرينْ،

نَادَيْتُ: أيْنَ أنْتَ يَا أرْحَمَ الرَاحِمِينْ؟

يَا قاضٍ ومُنتقمٍ مِن الحُكَامِ الجَائِرينْ؟