المحرر موضوع: فرقة شرارة نافذة جديدة لفن المسرح الآشوري في كندا  (زيارة 993 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ابراهيم برخو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 268
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فرقة شرارة نافذة جديدة لفن المسرح الآشوري في كندا
     نحو بناء ثقافة مسرحية واعية ومواكبة لباقي أنواع الفنون الأنسانية ،إنطلقت في مدينة هاملتون الكندية فكرة لأنشاء فرقة لمسرح تجريبي يستقطب القضايا المعاصرة التي يعاني منها مجتمعنا وطرحها بشفافية وواقعية ليسهل الوصول الى الفكرة المستوحاة من النص المسرحي، ولكن أن نقف عند كل المنعطفات والأمتدادات الواقعية الأجتماعية منها والأخلاقية فلا بد من بروز كتاب للمسرح، يعتمدون الواقعية. كذلك الأعتماد على أهم عناصر المسرح وهي الممثلين .إن فرقة شرارة للتمثيل المسرحي وليدة جديدة بقدرات شبابية واعدة أستطاعت وبعملها المسرحي الأول ان تستأثر الناس بعملها وأن تعلن للجماهير بأن شعبنا له من الطاقات تمكنه من الوقوف عند كل عمل من شأنه رفع المعنويات بطرح نقد مجتمعي  يحاول بناء الثقة بالنفس والأنطلاق نحوما يعزز من وجودنا كبشر يتعامل مع الحياة بواقعية ومفهوم حياتي جديد، وبنبذ كل مايؤدي الى تشتيتنا وتفرقنا.
    من هنا برز كاتب مسرحي واعد من عمق المعاناة،ليلقي بتجربته المسرحية بخلفية فكرية وبصيغة غاية في الجمالية في النص المسرحي المتين بواقعيته تارة و بكوميديا ساخرة هادفة تارة أخرى.إنه المؤلف والمخرج روميل بثيو في مسرحيته ( نكران الذات واللغة )لتجسد المسرحية واقع نعيشه يوميا.
     مايميز هذه المسرحية في القائها باللغة الأشورية بلهجة أهالي التياري حيث تتميز هذه اللهجة بخشونة لفظ بعض حروفها وبكثرة الأمثال ذو النكهة الكوميدية المحكية،ناهيك عن الدلالة الموضوعية للخطاب بلغة الأم. إن عنصر الأضحاك ليس هو الهدف الرئيسي من المسرحية بل هو أحد عناصرها،ولكن توصيل الخطاب لأرساء ثقافة حب اللغة والنهوض بالواقع المخالف نتيجة العيش في المهاجر هو أحد أهم الأهداف الرئيسة.
    أما بشأن مضمون بناء النص المسرحي لمسرحية ( نكران الذات واللغة ) فقد جاء البناء محكما في الأسترسال والتمهيد لأعطاء صورة شاملة مختزلة للصورة الحياتية اليومية للشارع الآشوري.مبينا بذلك التباين في العلاقات الأجتماعية بين أعضاء الأسرة الواحدة في الوطن وما آل اليها من تغيير في المهاجر بعد تركها العادات والتقاليد ،مختزلا بذلك صورة اللامبالاة عند البعض وعدم الشعور بالمسؤولية نحو ما يترتب من التزام أخلاقي في الحفاظ على العادات والتقاليد رغم تغيير الظروف الزمكانية .
   عند مراجعة المشاهد للفصول الأربعة للمسرحية يمكننا الأستنتاج بأن إداء الممثلين جاء متأرجحا مابين الأداء الجيد وآخر ليس بالمستوى المطلوب،نتيجة عدم تلقي الممثلين للتدريب الكافي والقصور في إداء بعض الحركات المطلوبة والمنسجمة مع النص لا سيما عند اللقطات المضحكة كالرقص او أستخدام الحركات كلغة بلغية للجسد، كما لم يكن هناك تواجدا لكومبارس ماوراء الستار لأداء بعض الأصوات المطلوبة. بالأضافة الى عدم الأهتمام بدورلغة الجسد التي يتمتع بها بعض الممثلين .فقد جاءت كل هذه الحركات بعفوية لتتناغم وبصعوبة مع روح النص.ليخرج بذلك الأداء ضعيفا في بعض الأحيان. وما أثار إنتباهي هي عدم وجود موسيقى من لحن وإيقاع  والمؤثرات الصوتية مصاحبة في العرض والتي هي بأهمية النص  وأحد عناصر المسرح الناجح،ولآعطاء زخما للمعاني والحركات في الإداء المسرحي . أما الملابس والمكياج وكتجربة أولى كانت مقبولة ،بل جاءت ملبية للحاجة والهدف.كان من الممكن ان يكون الزي الذي يلبسه شخصية قريو المثيرة للجدل ان تكون صارخة لافتة للنظر،مما يثير بذلك سايكولوجيا عند المشاهد وتجعله الشخصية المصاحبة للشخصية الرئيسية المدعو دنو والذي كان هو الأخر مبدعا في الأداء ،لولا بعض مايتطلبه الدور من حوار ونطق وبتغير النطق أو إضافة بعض حورات بنطق مخالف الذي قام به والذي يتطلب مهارة أستثنائية في الحركة والأيماءة المسرحية كهز للرأس .كان من المفروض أن يقوم دنو ببعض الحركات الجريئة والصعبة مصاحبة بغناء شعبي فلكلوري مترنحا هنا وهناك لتتوضح صورة الأنسان الهامشي في الحياة  واللامبالاة في التزام الأنساني في مجتمعنا المعاصر.أما بالنسبة لشخصية شوشن زوجة العم أنويا فقد أدت الدور بنجاح منقطع النظير مستغلة بذلك صوتها الرائع والحركات الأيمائية من هزا الرأس والأطراف، لتجسد بذلك ما مطلوب من أداء ناجح ومناسب.وبالنسبة لبقية شخصيات المسرحية  فقد جاء دورهم بالمستوى الملائم لتملأ بذلك العمل الدرامي جوا من الأنسجام والتوافق في الأداء وفق النص وضمن حدود الأداء الدرامي المتكامل .إن الحوارات وبجمل قصيرة هي أحد مقومات نجاح المسرحية، وذلك لضمان تواصل الجمهور مع النص وبدون ملل باستخدام حوار كوميدي مدروس بعيدا عن المغالاة وإعادة المفردة اللفظية بين الحين والآخر.
     أحد أهم المشاكل التي أعترضت الأداء المسرحي في القاعة هو الفراغ الفضائي الواسع للقاعة ثم هندسة الصوت الضعيفة والتي هي الأخرى أثرت بصورة مباشرة على الصوت الصادر من مايكات الممثلين والتي تتطلب فحصا دقيقا قبل البدء بالعرض المسرحي ولا سيما أثناء البروفات.  أما الأضاءة فقد كانت هي الأخرى بسيطة ليس هناك تركيز بأضواء لافتة للشخوص بل كانت اضواء غير مدروسة مع ما يوافق العرض المسرحي.أقول مخاطبا كل الفنانين الذين أدوا أدوارهم بشجاعة فائقة شكرا لكم ولجهودكم،مؤلف ومخرج وفنانين وكل من ساهم في تقديم هذا الجهد الجبار .أملين بان تكون مقالتنا هي للفائدة المرجوة في الأعمال القادمة،وللأب الفاضل داؤد أدور راعي كنيسة مارت شموني/ هاملتون كل الشكر والأمتنان لرعايته الأبوية لكل نشاطات الفرقة المسرحية.
   نستخلص من كل ما عرضناه في مقالتنا هذه التي هي مراجعة سريعة لكل النجاحات والأخفاقات التي واكبت العمل الفني متجاوزين بذلك الصعوبات المادية والأقتصادية .أملنا كبير بأبناء شعبنا في الدعم والأسناد المادي والمعنوي .إن رسالة المسرح في مخاطبة الجمهور هي الهدف السامي والوحيد لفن الجدار الرابع، فمن خلاله تعكس المرآة للمشاهد الواقع  والى المزيد من الأعمال المسرحية لغرض كشف ما يعانيه شعبنا من صعوبات، والتي يتم  توثيقها  بذلك ، ثم طرح الحلول بجراة للحيلولة دون تفاقم المشكلة. إن المسرح اليوم أصبح لغة العصر الحديث في الثقافة الأنسانية لا بل احد جسور التواصل بين البشر بكل تنوعاتهم العرقية والمذهبية،إنه فن يتجاوز هوية الأنسان لتقفز الى ما يهم الأنسان وجوده وبقاءه أو صراعه وفناءه.
بقلم
إبراهيم برخو
أكتوبر/ تشرين الأول 2017