المحرر موضوع: باريس لن تنقذ العبادي من أزماته الداخلية  (زيارة 1155 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31445
    • مشاهدة الملف الشخصي
باريس لن تنقذ العبادي من أزماته الداخلية
دخلت فرنسا على خط الأزمة بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان العراق، على خلفية استفتاء الأخيرة للانفصال عن الدولة العراقية، حيث عرضت باريس دور الوسيط بين الحكومة العراقية والأكراد. وعبر عن ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه برئيس الوزراء حيدر العبادي. واعتبر المراقبون أن المبادرة الفرنسية، التي جاءت ضمن برنامج حافل تصدره لقاء العبادي برئيسي شركتي توتال النفطية وتاليس للصناعات العسكرية الفرنسيتين، تأتي ضمن مساعي باريس للحفاظ على تواجدها في العراق الذي عادت إليه في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وتخطط لقضم جزء من كعكعة الإعمار في مرحلة ما بعد داعش.
العرب [نُشر في 2017/10/06، ]

ورطة العبادي أكبر من أن تنقذه منها باريس
باريس- عرضت فرنسا، التي تسعى إلى استعادة علاقاتها القوية مع العراق على غرار ما كانت عليه قبل حرب الخليج، التوسط في الأزمة السياسية بين حكومة العراق وسلطات إقليم كردستان وتعهدت باستمرار وجودها العسكري هناك إلى أن توضع نهاية لتنظيم الدولة الإسلامية.

جاء العرض على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لباريس وهي الأولى له خارج البلاد منذ تصويت الأكراد في شمال العراق على الاستقلال في استفتاء أعلنت بغداد أنه غير دستوري. وكانت باريس أكدت عشية الاستفتاء، خلال زيارة قام بها إلى العراق وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان مع وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أنها “تؤيد حكما ذاتيا في كردستان في إطار الدستور العراقي”.

قشة العبادي
بينما وجدت باريس في الأزمة بين بغداد وأربيل مدخلا جديدا لتبقى حاضرة في مرحلة ما بعد داعش في العراق وتساهم في مشاريع إعادة الإعمار، رأى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الموقف الفرنسي دعما جديدا له في المرحلة القادمة وسندا أمام أي تطورات.

العبادي يحرص من باريس على إعلان تحرير قضاء الحويجة وتثبيت مسلمات بغداد في شأن الاستفتاء في إقليم كردستان
واعتبر مراقبون فرنسيون أن حيدر العبادي أراد من خلال زيارته التي استمرت يوما واحدا إلى فرنسا الإطلالة من خلال منبر دولي لتأكيد قوته على رأس الحكومة في العراق كما تسليط الضوء على دوره في الحرب ضد الإرهاب.

ورأى هؤلاء أن العبادي حرص من العاصمة الفرنسية على إعلان تحرير قضاء الحويجة وطرد داعش منها، وعلى تثبيت مسلمات بغداد في شأن الاستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان في 25 من الشهر الماضي.

وقال العبادي بعد لقائه بإيمانويل ماكرون في باريس “أعلن اليوم تحرير مدينة الحويجة على أيدي القوات العراقية”. وأضاف “هذا ليس انتصارا للعراقيين فقط، ولكنه انتصار لكل العالم“.

ولفت دبلوماسيون عرب في العاصمة الفرنسية إلى أن باريس أعادت تموضعها في شأن مسألة الاستفتاء وسارعت إلى تصويب أي لبس قد يفهم منه دعم لأربيل على حساب بغداد.

ولاحظت هذه الأوساط أن الطرف الفرنسي حرص على إظهار أن الزيارة تهدف إلى بحث مسألة مكافحة الإرهاب والعلاقات السياسية والاقتصادية بين فرنسا والعراق، فيما تم التطرق إلى مسألة استفتاء كردستان على نحو عرضي وإن كان أخذ حيزا من تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وحول مسألة الاستفتاء في كردستان، قال العبادي في ختام لقائه مع ماكرون في باريس “لا نريد مواجهة مسلحة، لكن يجب ان تفرض السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها“. ودعا قوات البيشمركة الكردية “في المناطق المتنازع عليها إلى العمل جنبا إلى جنب مع القوات الاتحادية”، مؤكدا أن الانفصال غير مقبول وأن العراق لكل العراقيين.

والمناطق المتنازع عليها هي تلك التي سيطر عليها الأكراد في محافظات نينوى وديالى وكركوك، مستغلين الفوضى التي حصلت بعد انهيار وحدات الجيش في منتصف 2014 في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

ورأى مراقبون فرنسيون أن ماكرون الذي تمثل بلاده ثاني أكبر مساهم في الحرب ضد داعش، حاول مقاربة مسألة الاستفتاء بدبلوماسية حذرة من خلال التأكيد على الوحدة العراقية واحترام حقوق الأكراد بما عد أنه محاولة مكشوفة لإرضاء كافة الأطراف.

وفي شأن هذا الاستفتاء كرر رئيس الوزراء العراقي في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي موقفه الذي يعتبر أن “الاستفتاء خروج عن الدستور ونحن رفضناه، والبرلمان أقر بأن الاستفتاء غير دستوري”. وأضاف “نعتز بالمواطنين الأكراد والدستور يؤكد حقوق جميع المواطنين ومنهم الأكراد”.

مصلحة فرنسا في عراق موحد
قال ماكرون معلقا على الاستفتاء الذي نظم في 25 سبتمبر في إقليم كردستان العراق، “ندعو إلى الاعتراف بحقوق الأكراد في إطار الدستور”، مضيفا أن “هناك طريقا في إطار احترام حق الشعوب يتيح الحفاظ على إطار الدستور، واستقرار ووحدة أراضي العراق”.

الطرف الفرنسي حرص على إظهار أن الزيارة تهدف إلى بحث مسألة مكافحة الإرهاب والعلاقات السياسية والاقتصادية بين فرنسا والعراق، فيما تم التطرق إلى مسألة استفتاء كردستان على نحو عرضي
وأضاف ماكرون “من الضروري في غضون الأسابيع والشهور المقبلة أن يبدأ حوار يحترم وحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته في إطار الدستور والاعتراف بحقوق الأكراد“. وقال “فرنسا مستعدة إذا كانت لدى السلطات العراقية رغبة في المساهمة بفاعلية في (جهود) الوساطة التي أطلقتها الأمم المتحدة“.

رأت أوساط عراقية أن العبادي أراد تسويق مسألة الحرب ضد داعش، لا سيما تداعيات ما بعد هذه الحرب على ملف الإعمار في المناطق التي دمرتها الخرب، على نحو يعزز من خلاله موقعه الحالي والمقبل على رأس الحكومة العراقية. وقالت هذه الأوساط أن العبادي الذي يحظى بالرعاية الأميركية أراد من خلال زيارته لفرنسا تطوير هذه الرعاية باتجاه الاتحاد الأوروبي.

وتعتبر مصادر دبلوماسية غربية أن فرنسا تحاول بصعوبة فتح أسواق لها في منطقة تهيمن عليها الولايات المتحدة في وقت تتقدم فيه روسيا على نحو مطرد ومقبول من عواصم العالم العربي.

وتسعى باريس للحصول على حصة وازنة من مشاريع الإعمار المقبلة في العراق. وتضيف المصادر أن ماكرون يحاول تحقيق اختراق لبلاده في العراق من خلال اعتماد دبلوماسية هجومية بعد فترة انحسار مارستها الإدارات الرئاسية الفرنسية السابقة.

واجتمع حيد العبادي في باريس مع فعاليات اقتصادية فرنسية. وقال مكتب العبادي في بيان الخميس إنه اجتمع أثناء زيارته لفرنسا مع رئيسي شركتي توتال النفطية وتاليس للصناعات العسكرية الفرنسيتين. وأشار البيان إلى أن الرئيس التنفيذي لتوتال باتريك بويان عبر خلال الاجتماع “عن رغبته في توسيع استثمارات النفط والغاز في العراق”، مضيفا أن الشركة تريد التعامل مع الحكومة الاتحادية.

وقال البيان إن العبادي اجتمع أيضا مع مندوبين من شركة تاليس من بينهم الرئيس التنفيذي باتريك كين لإجراء محادثات بشأن أمور من بينها تسليح وتجهيز قوات الأمن العراقية ومساعدتها في القتال ضد المتشددين.

وينقل عن خبراء أميركيين في شؤون العراق أن سعي فرنسا في العراق مرهون بتفاهمات دولية تقودها الولايات المتحدة. ويضيف هؤلاء أن موقف باريس من مسألة الاتفاق النووي مع إيران كما الموقف من مسألة الاستفتاء في كردستان إنما محاولة فرنسية مرتبكة لمسك العصا من النصف أملا في توسيع حصص باريس في الاستثمارات داخل إيران والعراق.