المحرر موضوع: حينما يعبث من بالأرض يلعبون بذكرى من عند ربهم يرزقون  (زيارة 7888 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حيدر عراق

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 167
    • مشاهدة الملف الشخصي
حينما يعبث من بالأرض يلعبون بذكرى من عند ربهم يرزقون

حيدر محمد الوائلي
alwaelyhayder@gmail.com

خلود الأمم بشهداءها ومن ضحى لترابها وسكانها، ومن لا يُخلد شهداءه سيكون مصيره الفشل والنسيان والخذلان.
ما عاشت وخُلِّدت أمة من دون شهداء، والأمة التي تخلد شهداءها لا تموت. بل تبث الروح في الساعات والأيام والشهور والسنين وتصيرها منارات تضيء الدرب كي لا تُنسى وتذكر الناس لماذا إستشهد الشهداء؟! ولماذا رغم موتهم هم أحياء؟!
هم أحياء عند ربهم يرزقون، وفي الأرض لأهل الحق يناصرون، وضد الباطل والظلم يحاربون. 
ولكن حينما يعبث ويلهو من هم بالأرض يلعبون بدماء أولئك الذين هم عند ربهم يرزقون، فأنا لله وإنا إليه راجعون.
وحينما يسترزق بدماء من هم عند ربهم يرزقون أناس جعلوا الشهداء غطاء. أرادوا تغطية فساد ما عندهم وحولهم، فأنا لله وإنا إليه راجعون.
(ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين .  الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة 155- 157
ونحن لازلنا مهتدين ولا نحسب شهداءنا أمواتاً كمثل أكثر المسؤولين والسياسيين والناس الذي اتخذوا من شهدائهم جوازات عبور للعيش بالقصور ولأغتنام المناصب لا خدمة للناس بل تكبراً وعلياءاً وجبروت.
قد نال من هم عند ربهم يُرزقون رزقهم بعد عطاء وبذل وأثر ونتيجة وجود بالنفس وتضحية لمبادئ نبيلة وأهداف سامية، ولكن من هم بالأرض يحكمون بتلك الأسماء، فلم يرى منهم بذل ولا أثر ولا عطاء ولا نتيجة بل أكثرهم فاسدين ومستهترين بحقوق الشعب ومغفلين وجهلة وحاكمين الناس بأسم الحزب لا بأسم الشعب كله دون استثناء.
قد نال من هم عند ربهم يُرزقون رزقهم لأنهم لم يضحوا لأجل أن يتلاقف الحكم والمناصب تلاقف الطفل للكرة. أليس هذا ما قاله يزيد عند مقتل الحسين فمالكم تكررون قوله بسوء أفعالكم وسوء ادارتكم للدولة وسوء نيتكم.
 
حسبتموهم أمواتاً ولا يعلمون ما تفعلون بالحكم والسلطة من لا مسؤولية وإهمال وعبث وعدم جدية بالعمل والخضوع للحزبية والمجاملات السياسية على حساب الحق والعدل ومحاربة الفساد.
والناس كذلك. معهم، ينتخبونهم، يبررون لهم، مغفلون بأمتياز.
ولولا الناس لما وقع الفاس بالراس، وقل أعوذ برب الناس من الناس، ومن كل سياسي وسواس ومسؤول خناس. وصف الله الشيطان بأنه وسواس خناس. يوسوس بأن يبث الشك ويزعزع الثقة وخناس أن يخنس (يتوارى) إذا ذُكر الله، والله حق وعدل.
بربكم أليس من حكم العراق من أبسط مدير دائرة بالمحاصصة إلى أعلى هرم السلطة بالمحاصصة أيضاً وجميع من برر لهم ومكنهم من رقاب الناس هم كذلك يوسوسون بعقول الناس كي ينتخبوهم وليغطوا عن سوء فعالهم وحينما تبان الحقيقة وتصدمهم يخنسون ويبتعدون ولا يقروا ويعترفوا بتقصير أبداً.

شهداء بأسمهم وبفضل دمائهم أنتم تحكمون، فمالكم كيف تحكمون؟!
ببركات دماء شهداء العراق طوال سنين حكم البعث الظالم، قد وعى الشعب وثار ضد ظالميه بثورات وإنتفاضات قبل سنين وسنين من ثورات الربيع العربي مؤخراً.
سطّر العراق أول ثورة ضد حكم صدام حوالي العام 1978 بأنتفاضة شهر صفر ورجب، وبعدها الأنتفاضة الشعبانية العام 1991 ولم يقدر للشعب أن يسقط نظام الحكم بيده لكثرة مؤيدي حكم صدام من شعوب عربية وحكومات ومخابرات وهو الذي فتك بالشعب فتكاً وقتل عشرات الالاف لمجرد مطالبتها بحقها في الحرية والعدالة.
فليسمع من يطالب بالثورة اليوم ومن يؤيد الثورات وليعي وليسأل نفسه أين كان عمّا يحصل في العراق في سنين المحنة وأيام الحصار.
واليوم ببركة دماء تلك الشهداء تحكمون اليوم يا حاكمي العراق الجديد والتي من المفترض أن تعطيكم دروساً في الحرية والعدالة بحق الشعب، فما دهاكم لمّا إستلمتم السلطة ببركة دماء الشهداء والشعب الذي إنتخبكم لأنه تصور أنكم تمثلون تلك الدماء ولكن لم تكونوا كذلك أبداً.

يتفاخرون بفعلٍ ما قد فعلوه وعدوه منجز ويغطوا عن الاف الأفعال المخزية التي جرت الويلات على الناس والبلاد.
بل حتى صاروا يستنكفون من الشعب الذي إنتخبهم ويتقاعسون عن أداء واجباتهم التي يتقاضون عليها الملايين من أموال الشعب.   

مسوؤلون وسياسيون (مثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث)-من آية قرآنية- ، تناقشهم فيحرفون الكلام ويذروا الرماد في الأعين ويخادعون أنفسهم ويغمضون أبصارهم عن هموم الناس ومشاكلهم ومتطلباتهم، وأن تنصحهم يلهثون ويتغابون وإن تتركهم يلهثون ويتغابون أيضاً.
يدافعون عن الفساد ويغطون عليه ولو برز فاسد منهم ومن جماعتهم عتموا على القضية.
يحلون السرقات ويستبيحون أرزاق الناس ويتصرفون بلا مسؤولية بالأموال العامة ويهدرونها على تفاهتهم ومصالحهم الشخصية والحزبية.
وهنالك وهنالك.
في أرض الأمجاد والمهالك.
في أرض كل من يحكمها يحسب أنه لها مالك.
ويعدها ثروة وعوائد له وممالك.
فيا شعب العراق ما لَك؟
قد سرقوا أمام عينيك مالِك!

ليأتي البعض ممن يتاجرون بتلك الدماء من أجل مكاسب سياسية وحكومية.
إجتثاث ... رفع إجتثاث !!
منصب سيادي ... ومنصب غير سيادي !!
منافع إجتماعية ... ورواتب خيالية !!
سيارات مصفحة ... وفلل فارهة ... !!
وحمايات وهمية ورواتب خيالية... !!
تسكن الجيوب، وتستر العيوب، وتفرح بها القلوب.
وزراء، محافظين، أعضاء برلمان، أعضاء مجلس محافظة، أعضاء حكومة، مدراء، قيادات عسكرية، سفراء، سفرات، ولائم، ايفادات، مجاملات على حساب رزق الناس ومعايشهم، تزوير شهادات، رحلات سياحية لهم ولعوائلهم على نفقة الشعب، سكن على نفقة الشعب، خدمات مميزة للمسئولين فقط يتحمل ضريبتها الشعب.
وكلما إنتعش المسئول بلقمة وفندق خمس نجوم وسفرات سياحية فقد عانى وتأذى وتحسر بقدرها الالاف المؤلفة ممن أساء الأنتخاب والأختيار.
وما تأذى مواطن من سوء الخدمات إلا بقدر ما مُتع به المسؤول.
كلها بأسم يا شهيد؟!

إستثمروا تلك الدماء الزكية لا كمشاعل للحرية وتنير لهم درب الحق والعدالة ومراعاة هموم الشعب بل كوسيلة لملأ الجيوب ونيل المناصب ومواكب الحمايات وقطع الشوارع والجلوس في المكاتب وعقد الصفقات الفاسدة والمشبوهه ووضع العراقيل لعدم مقابلة الناس ووضع أنفسهم بمعزل عن هموم الناس ومشاكلهم.
لا بل يستنكفون حتى من مقابلة عامة الناس والاستماع لهم.

رحمك الله يا شهيد وكم بأسمك اليوم تقترف الآثام.