المحرر موضوع: اوقفوا الحقد القومي المدمّر !!  (زيارة 935 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اوقفوا الحقد القومي المدمّر !!
                                            
د. مهندالبراك
ahmedlada@gmx.net

انتهى الإستفتاء في كردستان بنجاح و لم تكن نتائجه مفاجئة، فمعروف طموح الشعب الكردي العادل بتكوين دولته بعد ان قدّم طيلة عقود انواع التضحيات جنباً الى جنب مع ابناء الأقليات القومية و الدينية في كردستان العراق من اجل الحرية و الديمقراطية، و ناضل مع شقيقه العربي من اجل الديمقراطية لعموم العراق و بلور معه صيغة الهدف الجامع (على صخرة الأخوة العربية الكردية تتحطم المؤامرات).
   في وقت لعبت فيه السلطات العراقية المتعاقبة ادواراً قومية شوفينية وصلت حد التهجير و القتل الجماعي و محاولات الإبادة ضد الشعب الكردي، كما حصل باستخدام السلاح الكيمياوي في نكبة حلبجة و عمليات الأنفال سيئة الصيت. و لعبت بسياساتها الخرقاء تلك و بحروبها و اعلامها في تشكيل الفكر و الخوف و الحذر في الجانب الكردستاني، و تشكيل الغرور القومي و الاعتقاد بين عرب العراق و كأن العراق مُلك للعرب العراقيين فقط، و قد لعبت فيها سياسات التعريب ادواراً كبيرة.
   من جانب آخر لعبت كردستان العراق ادواراً كبيرة في احتضان كل المناضلين العراقيين باختلاف قومياتهم و اديانهم و اصولهم، في النضال من اجل الديمقراطية و التقدم و الإجتماعي لكل البلاد، و لعب المناضلون الكردستانيون و جماهير كردستان ادواراً بارزة في النضال ضد الظلم الإجتماعي و الديني و ضد الدكتاتوريات العسكرية التي حكمت العراق، حتى سقوط دكتاتورية صدام و بداية حقبة جديدة في مسيرة البلاد، رُسم لها بناء دولة دستورية مؤسساتية على اساس اشاعة الديمقراطية و التساوي العرقي و الديني و الطائفي، وفق دستور اقرّ بالتصويت الشعبي عليه و على تعديل فقرات منه.
   حتىّ تحوّل الحكم الى حكم طائفي قائم على اساس محاصصة طائفية عرقية، ان صحّت كبداية و كخطوط عريضة للم الشمل الوطني لمواجهة التمزّق و الإرهاب الذي اندلع بفعل عصابات فلول صدام تحت راية (الإسلام و الطائفة المنصورة) المدعومة اقليمياً و دولياً .  . الاّ ان الاستمرار على المحاصصة و تعميقها و تركّز الحكم بيد كيانات طائفية اشاعت بسلوكها و صفقاتها غير المعلنة بين قادة العملية السياسية شيعة و سنة و كرد، و استهانتها بالدستور و تزايد اعتمادها على دول الجوار بشعارات الطائفة و القومية وخروجها حتى عن تعاليم الإسلام الداعي الى (اكرمكم عند الله اتقاكم) و (لا فرق بين عربي و لا اعجمي الاّ بالتقوى) .  .
   تسبب بشيوع الفساد الإداري و السرقات الكبيرة من قوت الشعب تحت اغطية مسميات متنوعة ، ادّت الى اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضدها من الأطراف و الشخصيات المدنية و من كل مكونات الطيف العراقي، و تصاعدت بشعار " بإسم الدين باكونا الحرامية " داعية الى انهاء الإرهاب و نزع سلاح الميليشيات الطائفية و محاربة الفساد، و الى الخبز و الحرية و الدولة المدنية .  . التي واجهتها سلطات المالكي بالرصاص الحي بداية، لتزداد توسّعاً و حدة و لتشمل كل محافظات البلاد مدعومة بدعاوي و فتاوي المرجعية العليا للسيد السيستاني و باطراف من العملية السياسية .  . حتى ادّت الى فشل المالكي في الحصول على دورة ثالثة لحكمه .  .
في وقت دخل الصراع فيه على كعكعة الحكم و الإمتيازات الى بيت المحاصصة الحاكمة ذاته، و وصل الى بدء تصدّع التحالف الشيعي ثم التحالف الشيعي ـ الكردي، حين تحوّل الحكم الى حكم طائفي متزايد مؤسف .  . رغم انواع الإعتراضات و تواصل النشاطات الداخلية و الإقليمية و الدولية المنادية بالدستور و بالديمقراطية و بالحكم المدني.
و فيما تواصلت الإختلافات و النزاعات بين حكومة اقليم كردستان و الحكومة الإتحادية، و تواصل استمرار الحكومة الإتحادية بالتسويف في وضع حلول للمشاكل  و لما اتفق عليه في الدستور و بسبب التفاسير المتباينة لفقرات الدستور من الطرفين او السكوت عنها و تأجيل تطبيقها .  . اتفق الطرفان على مواجهة داعش الإجرامية بالقتال معاً و سالت دماء الجنود و الحشد و البيشمركة في خندق واحد، حتى حققوا معاً بمعارك دامية نصراً عسكرياً كبيراً باقصاء دولة الإرهاب داعش .  .
   و يشير مراقبون محايدون الى ان تكرار احتكاكات و مشاكل وحدات الحشد الشعبي التابعة لولاية الفقيه الإيراني مع البيشمركة اثناء العمليات ضد داعش و برايات ولاية الفقيه، قد صعّد روح الحساسية القومية (التي تكوّنت بفعل العقود السابقة كما مرّ) بين الطرفين، زاد منها تمييز الحكم الإتحادي في حقوق افراد وحدات الحشد الشعبي لولاية الفقيه (*) و افراد البيشمركة في صرف الرواتب و حقوق الشهداء و سنّ ذلك في قوانين ، في وقت انتظر فيه تسريح افراد الحشد و عودتهم الى اعمالهم بعد استيعاب الصالح منهم للجيش و للقوات الأمنية.
   الأمر الذي، اضافة الى المشاكل العالقة التي تركت بلا حلول .  . اشاع روح الحذر اكثر في الجانب الكردستاني العراقي و التجربة الكردستانية الإيرانية ماثلة امامه، حين دكّت قوات الباسداران الاسلامية الإيرانية مدن و قرى كردستان الإيرانية المطالبة بحقوقها القومية بعيد الثورة الإيرانية و سقوط الشاه، دكّتها حين تفرّغت برايات (دولة الإسلام و شعبها واحد)، حيث شاع الحذر من تفرّغ وحدات الحشد تلك، للهجوم على وحدات البيشمركة و كما جرى سابقاً في مواجهة الصحوات و في صولة الفرسان .  .   
   و فيما يشير مطّلعون الى انه رغم ماقيل و يقال عن الإستفتاء، فإنه لم يخرج عن الدستور و روحه و انه ممكن ان يبقى كعلامة من علامات المطالبة بالحقوق القومية بنبرة عكست واقعاً و امنية حيّة، خاصة و ان رئاسة و حكومة اقليم كردستان تطالب بالعودة الى المفاوضات التي تدعو لها الدول الكبرى و المجتمع الدولي .  .
و من اجل القيام بعملية اصلاح كبرى تلغي المحاصصة و ترسي الحكم على اساس المواطنة و و تعمل على ارساء مؤسسات الحكم الدستورية و مكافحة الفساد الإداري في العراق بضمنه كردستان، من اجل تلبية المطالب المشروعة للشعب العراقي بعربه و كرده و سائر مكوّناته، بالعيش الكريم، و من اجل التطبيق الخلاّق للدولة الفدرالية و استكمال تطبيق بنود الدستور فيها صعوداً نحو تطوير الدولة الفدرالية .  .
الاّ ان تصعيد العداء الكردي ـ العربي و الإستعدادات العسكرية السريعة لدول الجوار و لغات التهديد و التخويف، لا تشجّع الاّ الاوساط القومية الأكثر تطرفاً في الجانبين، و تسهّل الانسياق الى تحويل النضال، من النضال المتصاعد ضد المحاصصة و الفساد و من اجل الحكم المدني و تلبية حاجات الغالبية الساحقة من ابناء الشعبين المهددة حياتهم بسبب الفقر و البطالة، تحويله الى صراع قومي يراهن على العواطف الاكثر تطرفاً، ليستر مايجري و يزيد من التوجه الطائفي للحكم.
و هو ماتريده جهات حاكمة و اقليمية اكثر شوفينية، و مؤسسات اشعال الحروب و تجارة السلاح الاقليمية و الدولية، اضافة الى داعش الاجرامية التي اشاعت بتكوينها دولتها الارهابية التي سقطت، اشاعت افكاراً تتبنى تقسيم المنطقة و تحويلها الى دويلات صغيرة يسهل بناؤها و بالتالي ابتلاعها من اساطين المال و السوق السوداء، بتقدير سياسيين و خبراء.

5 / 10 / 2017 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) بعيداً عن وحدات الحشد المقاتلة التي لاتتفق معها .