آشور المُـحتلــــّـــــة
والأخلاق المُـنحلـــــّـــــة
رأي شخصي08/تشرين الأول/2017
"
الشدائد تحبط آمال الفاشلين، فيما تــُــلهــِم الناجحين" - (الفيلسوف الهندي ديباسيش مِردها)
صراع أجيال وليس أحزاب وحـُـزيبات : درجت في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد استفتاء الإحتلال الكردي على استقلاله، عادة آشورية سيئة وهي الدفاع المستميت البائس عن الكيان الكردي المحتل، وما لاحظناه هو أن هذا الدفاع يأتي من صنف واحد نستطيع أن نعتبره طرفا في صراع جيلين آشوريين أكثر من كونه صراع بين أحزاب وحـُــزيبات ... فأغلب المتملقين للإحتلال الكردي هم من الإجيال الفائتة، تلاميذ المدارس الرومانسية التي دعت (ايام شبابها) إلى تعليم لغة سوريا في "بيث نهرين" أو "نريد حقوقنا في عراق ديموقراطي" ولم يفهم عليها حتى كوادرها الذين انصدموا وتركوا بعد سقوط النظام في بلد ومحاولة اسقاطه في بلد آخر... فيما كانت طوال سنوات نضالها الرومانسي تضطجع في سرير الجبهات الكردية في كلا البلدين.
ونحن هنا نتحدث عن مدرسة حزيبات عدة، أضاعت 60 سنة من عمر الحركة القومية الآشورية التي تخدّرت منذ إبادة عام 1933 على يد الحكومة العثمانية العراقية والدخلاء الأكراد، وخلال هذه السنوات تأسس أكثر من 15 حزب وحزيب آشوري وحتى اليوم يختلف آشوريـّـان على هوية "شعبنا"، لغته، وجغرافية مطلب الأرض الآشورية ... وهذه هي العوامل الثلاث التي يجب أن تؤسس عليها الحركات القومية.
بهذه المقدمة البسيطة نستنتج بأنه بعد 60 سنة ليست هناك "حركة قومية آشورية" رغم وجود "قضية آشورية" ومن هذا المنطلق لا يحق لعجوز على حافة قبره، السخرية من الجيل الجديد الذي لجأ الى الخطة "باء" والتي هي فضح العدو الحقيقي للشعب الآشوري والمطالبة باللجوء إلى أساليب جديدة – قديمة، يفهمها ذلك العدو جيدا.
لذا، فإن ظاهرة السخرية من الهوية الآشورية ومطلب الأرض في المجتمع الآشوري تعد انحلالا أخلاقيا يجب معالجته قبل أن ينتشر، وليس من المقبول أن يقوم الآشوري من الجيل الفاشل، بالسخرية من القضية الآشورية التي استشهد أجداده في سبيلها، وأن ينشر هرطوقات لا ترضي إلا "الحـَـورونيه" البسطاء المنجرين وراء نظرية "الواقع"، سواء كان قسـّـا مشاكساً في كنيسة فوضوية لا تستطيع لجمه، أو قزم من مدرسة فاشلة تحوّلت إلى خربة.
ذريعة الواقع : إنها الذريعة الأم لدى المستكردين الآشوريين (ساسة و أبواق) وهي تقوم على أن أصحابها "خائفون" على مصير من تبقــّـى في آشور المحتلة، متناسين بأن حـُـزيباتهم عارضت البعث التعريبي بدون أن تفكر بمصير الآشوريين في بغداد والموصل وغيرها، وهذه النظرية مدعومة بدعوة من تعتبرهم "خياليين" إلى العودة لآشور والنضال من هناك، علما أن أغلب الداعين لذلك هم هاربون يحاولون تبرير سكوتهم بجلد ذاتهم على أنهم جبناء مذنبون ولا يحق لهم نقد الحـُـزيبات "الصامدة في أرض الوطن" وأغلب أبناء هذا الصنف هم من لهم أقارب موظفون في دوائر الإحتلال الكردي، علما أن هناك من نادى بمطلب الأرض الآشورية من داخل العراق منذ 2005 ولم يتم دعمه من قبل من يدعون الآخرين إلى العودة.
التعاطي مع صنــّـاع العراق: كانت الجغرافية التي تقوم عليها الدولة العراقية اليوم، مجرّد ثلاث ولايات عثمانية (البصرة وبغداد والموصل) إلى أن جمعها الإنكليز عام 1921 ليدمجوا فيها طوائفا متخلــّــفة متصارعة من 600 سنة وقوميات لا تثق ببعضها (آشوريون، عرب، تركمان، أكراد) لكي يسهل عليها التحكم عن بعد بالكيان الجديد وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الهيمنة الأميركية على العالم حيث أصبح العراق برئاسة عميل السي-آي-إيه صدام حسين أداة أميركية إلى حين انتهت مهمته عام 1991 وبدأت العداوة التي اضطرته لأن يضيف شعار الجهاد الإسلامي "الله اكبر" على العلم البعثي العراقي ساعيا إلى استقطاب السنة حول العالم وفشل في ذلك، وفي العام 2003 قامت الولايات المتحدة بإسقاط النظام التعريبي العراقي بمساعدة عملائها من أقطاب ما سمّي بـ"المعارضة العراقية" لتضع مكانه دولة إسلامية متخلفة بقبول كردي مقابل اعتراف عراقي بالكيان السرطاني المحتل لآشور، وهنا لم يعرف الآشوريون مجددا كيف يتعاملون مع الوضع حيث قام ممثلهم المنتخب بتدمير كل أمل آشوري وتغطيه كل عمل إرهابي ضد شعبه مقابل سكوت الدولة العراقية على ماضيه الأمني الوسخ، فيما كان الشعب الآشوري في المهجر الحرّ الكسول سكراناً بشهادة ثلاث شهداء رغم أنه سبق أن أعطى 500.000 شهيد في الحرب العالمية الأولى على يد داعش ذلك الزمان وكل زمان (الدخلاء الأكراد والأتراك) في سبيل وطن آشوري حر مستقل...
ليس لدينا أي شرح آخر لنــُـفهم أولاد المدرسة الواقعية بأن العراق هو صنع الخارج، وبأنه تم ترميمه عام 2003 أيضا من الخارج، وبأن ساسته من ذلك الحين إلى اليوم يأتون بتعليمات من الخارج، ورغم أن 90% من الشعب الآشوري اليوم يعيش في ذلك الخارج بسبب "الأخوّة" الكردية التي أدخلت داعش إلى جنوب المثلث الآشوري المحتل (سهل آشور)، لا نزال نسمع جملة "تفضل إلى الساحة وطالب بأرضك من هناك"، وأغلب المنادين بهذا هم من الهاربين، بينما سمعنا أصواتاً ترفض الإحتلال الكردي منذ العام 2005 (المؤتمر الآشوري العام) وحتى اليوم (كيان أبناء النهرين) وكلاهما في ما يسمّى "أرض الوطن" مما يسقط الجملة المذكورة أعلاه خصوصا أن هاذين الطرفين لم يتم دعمها من المنادين بها.
وبالعودة إلى موضوع "التعامل مع صنــّـاع العراق"، رأت "حركة آشور الوطنية" بأنه لا فائدة من التعامل مع دولة فاشلة مثل العراق، واتجهت منذ تأسيسها إلى روسيا التي هي ضمانة لمصير الشعب الآشوري ليس حبا به بل كرها بالهيمنة الأميركية على العراق، وهذه الرؤية واجهت معارضة من بعض من لا يرون أبعد من أنفهم، لذلك حاولت الحركة التواصل مع عدة مؤسسات سياسية آشورية من أجل عقد اجتماع لتدارس خيار آشوري استراتيجي ولكن تبين لها فيما بعد بأن تلك المؤسسات لا تزال في مرحلة الحضانة السياسية وغير قابلة لأن تستوعب كيفية لعب لعبة يلعبها أعداء الأمة الآشورية، فكيف لو كانت "كل" – وأكرر؛ "كل" تلك المؤسسات السياسية تتلقى المال إما من الـ بي كي كي، أو حزب البرزاني، أو الدولة الإسلامية العراقية، أو تركيا أو إيران ؟
كما سبق أن اقترحنا مناظرة سياسية على قناة آشورية مستقلة وتم تبليغ العديد من المؤسسات السياسية الآشورية فرفضت، لذلك يحق لنا الكتابة بهذا الشكل خصوصا بعد تفشـّـي ظاهرة "الإنحلال الأخلاقي" في التعاطي بالشأن الآشوري من قبل اولاد الجيل الفاشل، وفي النهاية إنها مسألة كرامة شخصية قبل أن تتحوّل إلى جماعية، كون القضية القومية تتعلق بالكرامة والمصير بغض النظر عن الإمكانات (نضال الشعب الإيرلندي، التاميل وغيرهم) ومن كان قليل الكرامة لن يفهم حرفا مما ورد أعلاه، ولكن مهما يكن، كلما اشتدت علينا الشدائد زادت قوتنا كوننا أبناء هذا الجيل الذي يعيش أغلبه في المهجر، ونحن مؤسسة مهجرية ونفتخر بذلك طالما أننا نستغل فرصة الحرية عوضا عن أن نكون أبواقا كردية من ألمانيا وشيكاغو الحرّتين.
لا للإحتلال الكردي لآشور.
رئيس "حركة آشور الوطنية"
آشور كيواركيس – بيروت
للمتابعة على الفايسبوك :
https://www.facebook.com/Assyria.is.Occupied/