المحرر موضوع: الأرمن والأكراد 1915 الجزء الثاني بقلم آرا سوفاليان  (زيارة 6363 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sound of Soul

  • الاداري الذهبي
  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 13100
  • الجنس: أنثى
  • اردت العيش كما تريد نفسي فعاشت نفسي كما يريد زماني
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://www.ankawa.com/forum/index.php/board,53.0.html





كانت حالة الصدمة والذهول قد أصابت الأرمن والكل بين مصدق وغير مصدّق، الشعب صار بدون قيادات فقافلة الرجال الأولى التي كان فيها كريكور زوهراب والأب كوميداس تم قتل كل المرحلين فيها عدا كوميداس وتلاها قافلة ثانية تحوي 500 أرمني من القيادات الأقل شأناً تلاها قافلة ثالثة تحوي 1000 رجل منهم المعلمين والأدباء والكتاب والشعراء واصحاب المهن المتميزة والمتعلمين بشكل عام وكانت حجة التراك ضرورة اخلاء الداخل خاصة وأن معركة البوسفور قد بدأت وأضحت كل استمبول تحت الخطر...وصدّق الأرمن هذه الكذبة الى ان اكتشفوا ان حرّاس السوقيات كانوا يعودون سريعاً، ففهم الأرمن أنه يتم التخلص من أفراد السوقية في أقرب مكان منعزل، وازدهرت مهنة صناعة الأصفاد والجنازير فكان يتم ربط المعصم اليمين لكل رجال السوقية فلا يستطيع أحد الافلات أو الهرب إلا إذا استطاع ان يقطع يده بنفسه حيث لا توجد أقفال ولا مفاتيح بل تباشيم حديدية يتم ادخالها في ثقب وتضرب بالطرقة فتتحدب ويصبح التخلص منها مستحيلاً وعند ذلك يكفي 4 حراس لقيادة خط يحوي مئة رجل...وعند اي بادرة تمرد يتم اطلاق النار فيموت صاحب محاولة التمرد على الفور فيضطر رفاقه الى حمله لكي لا تعيق جثته التقدم.
أما الذين يسقطون على الطريق من العطش أو الانهاك فيتم تهديدهم بأن يختارو بين الموت والتابعة وفي حالات كثيرة كان يطلق النار عليهم فيموتون.
كانت هناك اتفاقات شيطانية بين الجنود النظاميين أصحاب الرواتب الهزيلة ورؤساء المخافر وبين الأكراد فكان يتم الاتفاق بشكل مسبق على شراء أفراد السوقية من قبل الاكراد وغالباً كان المعيار هو العدد فالسوقية التي تحوي عدد أعلى من الارمن يكون سعرها أغلى وكذلك السوقيات القريبة من مناطق الابعاد أما السوقية التي جاءت من مكان بعيد فلا خير فيها وسنشرح الأسباب تباعاً.
كان يتم الاتفاق على شراء السوقية بشكل مسبق ويتم اعلام الأكراد وجهة سيرها وغالباً يقوم باكوات الأكراد بعمل مزايدة في ما بينهم ويتم ترشيح أحد الباكوات لشراء السوقية ويذهب البيك مع رجاله الى نقطة يتم تحديدها مسبقاً وبالاتفاق مع مخفر الشرطة أو قائد الحرس وعند وصول السوقية الى النقطة المتفقة عليها تصدر الأوامر بالجلوس على الارض وأخذ استراحة وفجأة يختفي الحراس ويغادرون المكان بخيولهم ويعودون مسرعين الى نقطة البداية ليتم تكليفهم بسوق سوقية جديدة واتفاقية بيع جديدة وهكذا دواليك.




بعد هروب الدرك يصل الأكراد على احصنتهم وعاصفة التراب تنبعث من سنابك خيولهم فيستسلم الارمن للأمر الواقع ويبدأون بتلاوة صلاتهم اما الاكراد فينزلون عن خيولهم ولأن الوقت ثمين جداً ويجب عدم اضاعة ثانية واحدة، تبدأ طقوس المسلخ، بل ان طقوس المسلخ ربما تكون أرحم، في المسلخ يتم التشهد والبسملة ويذكر اسم الرحمن الرحيم ويبدأ الذبح أما في المسلخ البشري هذا فالأمر يختلف لأن للثانية قيمتها كما أسلفنا حيث يجري فوراً شق بطن الضحية وسط صرخات الألم الرهيبة وفسخ اللحم من جانبي الشق وادخال السكين وفتح المعدة التي يمكن ان تحوي ليرات من الذهب المبتلع ومن هناك كانت مناطف الترحيل هي التي تحدد سعر السوقية فاذا كانت منطقة الترحيل قريبة فعلى الأغلب سيتم العثور على الذهب المبتلع في المعدة واذا كانت منطقة الترحيل ابعد ففي الأمعاء واذا ابعد فسيعثر الجنود الاتراك على الغنيمة ويأخذونها ويتعرض الأكراد للخديعة ويكونون ضحايا للنصب وسيخسرون المال الذي دفعوه لشراء السوقية.
الويل كل الويل للمرأة الحامل فلقد كانت تعزل ويتراهن الجنود والتشاتا من الاكراد على جنس الجنين ويضع المراهن ماله امامه ويسارع اثنان الى تثبيت المرأة على الارض وثالث يفتح بطنها بالسكين ويخرج الجنين ويكون غالباً من المراهنين فان كان رهانه على ذكر وكان الجنين ذكر انتعش بالنصر وعلت الابتسامة على ثغره وان كان رهانه على ذكر وكان الجنين انثى بصق على الجنين وامه.
نعم بلغت الوضاعة والدعّة الى هذا الدرك ووصلت قيمة الانسان الى ما وصلت اليه، وكان يتم اختيار النسوة والأمهات بالتحديد والعجائز من الجنسين ذكور أو إناث لأن الكبار يستطيعون ابتلاع كمية أكبر ويصبرون على بقاء الذهب في جوفهم بعكس الصغار، أما الصغار فكانوا يتركون الى الآخر فاذا كن من البنات فيتولى البيك توزيعهن على رجاله كل بحسب شدته وبأسه ونشاطه ومحصلة الغلّة التي استطاع تسليمها لمعلمه ويحتفظ بالجميلات لبيعهن او اهدائهن للغير.







وقد حدثت حالات لا ترقى الى مستوى التبني لأطفال الارمن وكان الهدف هو تشغيل هؤلاء في الزراعة واستعبادهم وكان الفلاح التركي او الكردي يفاخر بعدد زوجاته وعدد ابنائه وكل هؤلاء هم قوى عاملة مجانية ويلاحظ ان البيت الذي فيه عمالة اكثر يكون مردود صاحبه اكبر.
قد يتبادر لذهن القارئ سؤال ملحّ وهو... اين رجال الارمن وكيف تُترك النساء والعجائز هكذا بدون حماية ولماذا ؟؟؟ !!!!
الجواب معروف لأن الابالسة تقف حائرة وتحاكي نفسها ان اجتمعت بالاتراك وزبانيتهم الأكراد وهم ينفذون الشر.
فلقد دخلت السلطنة العثمانية الى جانب الالمان في الحرب العالمية الاولى وتم سوق كل شباب السلطنة الى خدمة العلم والارمن منهم...وحدث ذلك في العام 1914 أما مذابح الارمن فلقد بدأت في 24 ابريل نيسان في العام 1915 وهذه المدة كانت كافية لسوق كل شباب الارمن وايضاً كل شباب السلطنة لخدمة العلم فلقد صدر قرار السوق الاول وبموجبه تم سوق الشباب من عمر العشرين الى عمر الخامسة والاربعين وبعد شهر تلاه قرار السوق الثاني وتم سوق الشباب من عمر الـ 18 الى العشرين ومن عمر الـ 45 الى عمر الستين، كانوا يقولون ان السلطنة في خطر وليس للسلطنة الا شبابها والحريم في السلطنة هم اخوات السلطان وبناته ومن سيعتدي على امرأة فسيحاكم وكأنه اعتدى على بنات السلطان، وذهب شباب الأرمن الى الحرب ولم يعرفوا أن فرصة الحرب كانت فرصة ذهبية للخلاص من الارمن ومن مسيحيي السلطنة بالكامل.
وتم زج شباب الارمن في الخطوط الأمامية ليقتل أكبر عدد منهم وكانت هناك اجتماعات في الخفاء يروّج فيها الضباط اشاعة يتم تسريبها بالهمس وهي ان الارمن كاوور أي كفار وهم خونة ويقفون في صف الروس ضد السلطنة ويجب التخلص منهم بأسرع وقت، وكانت تصل رسائل وهمية الى المقاتلين الأرمن على الجبهات ويزعم قادتهم انها رسائل من أهلهم وتبين فيما بعد انها رسائل مزورة تتحدث عن امور تافهة اما الرسائل الحقيقية فتتم مصادرتها والتخلص منها.

وعاش شباب الارمن على امل ان يستبسلوا ليساهموا في انتهاء الحرب وانتصار الدولة العليا ليعودوا الى بيوتهم سالمين غانمين وهم لا يعرفون انهم لن يعودوا ابداً ولن يحظى أحدهم بقبر يئوي عظامه...فلقد صدر امر من القيادة بتجريد الجنود الارمن من اسلحتهم وتحويلهم الى كتائب السخرة، وتم تزويدهم برفوش ومعاول وأدواة حفر وقالوا لهم سيأتي العدو من هذا الاتجاه وبالتالي عليكم الحفر هنا نريد ان يكون عمق الخندق الدفاعي بطول قامة رجل مع بعض الزيادة ويجب وضع التراب على الحواف ليتمترس المقاتل خلف التراب...نريد ان لا يصاب اي واحد منكم بأذى ...وينتهي الحفر وتستعرض كل فرقة أعمالها ليتم اطلاق النار على افرادها من الظهر ويتم صف القتلى في هذه الخنادق الدفاعية وينهال رفاقهم بالتراب عليهم خوفاً من انتشار الامراض ويتم التخلص من هؤلاء الكاوور وكل واحد من هؤلاء لديه زوجة وبيت واطفال وغالباً جد وجدة بالاضافة الى الاب والام والأخوات...وكان الذهاب الى خدمة العلم في تركيا عبارة تعني الموت الأكيد...وكانت الاستثناءات تشمل كل الناس عدى الارمن، حتى ولو أدى الارمني بدل خدمة العلم فإنه يؤجّل الى السوقية القادمة.
الى من يسأل عن شباب الارمن نقول هكذا ضاع شباب الارمن واختفوا في اغلبهم قبل مذابح العام 1915 وان تم وجود العدد القليل منهم فهؤلاء هم الهاربون من الجندية أو المنضوون تحت لواء المجموعات الفدائية أما البقية فهم أحياءً عند ربهم يرزقون.
أمام هذا الواقع المرير وتسلط الدولة المروّع كان المشرفون على السوقيات يسخرون من النساء الأرمنيات فإذا رأؤوا امرأة تبكي يقولون لها أيتها الشقية لماذا البكاء نحن نريد أن نأخذك الى زوجك فعليك أن تقولي أدام الله السلطان ايتها الفاجرة بدلاً من البكاء والنحيب.
للأسف هذا ما حدث وهو غيض من فيض حيث وجد الشعب الارمني نفسه بلا قيادة ووجدت العائلات نفسها بدون أب ولا أخ ولا عمّ ولا معين، ووجدت بعض النساء بعض الحلول وهي طلي الوجه بالطين وهذا المنظر يوحي بالدمامة والقبح ولكن هذه الحلول كانت قصيرة الامد وغير مجدية، فتم استنباط حلول أخرى ولكنها كانت حلول بطولية ولكن مفجعة وتوجد اليوم اغانٍ وطنية في ارمينيا وفي خارج ارمينيا تتحدث عن هذه الحلول ويغنيها الشبان والشابات في المناسبات الوطنية وفي ذكرى 24 نيسان حيث، كانت الفتيات في السوقيات يعرفن ما سيؤول اليه مصيرهن فتسارع واحدة من الفتيات لتقنع البنات في السوقية بأن الخلاص من هذا الوضع هو الموت وهو اسرع الحلول واضمنها والموت ارحم من الاغتصاب وتقول اغنية تترجم حادثة واقعية حدثت بالفعل وفيها فتاة تقول لصديقاتها كل واحدة منّا خسرت ابيها واخوتها وكل شباب عائلتها وخسرت حبيبها فما الشيء الذي بقي ويؤسف عليه...سيكون مصيرنا محظيات لدى الباكوات وسيمزقون شرفنا ويفترسوننا وسنباع في اسواق النخاسة والافضل ان نتقابل جميعنا في السماء مع السيدة العذراء وابنها يسوع تعالوا صديقاتي ضعوا يدكم في يدي لنمشى في صف واحد فهذا الجسر الذي يلوح في الافق سوره منخفض امسكوا يدي واتبعوني سألقي بنفسي الى الاسفل فهناك صخور مسننة ستتكفل بكل شيء... صخور ناعمة لا تؤلم ستدخل في اجسادنا وتخلصنا من العار.
وطارت الفتاة في الهواء وتبعتها صديقاتها ولم يحدث شيء سوى ان لون الماء في النهر تحول الى اللون الاحمر...وهذا سيُحدث مصيبة لحرس السوقية فلقد نقص العدد واختفت الفتيات من السوقية...سيظن معلمهم انهم سرقوا الفتيات وسيوقع فيهم اقصى العقوبات لأن الذي حدث سيجعله يعيد للأكراد ما دفعوه من ذهب، فكيف ستتم اعادة المبلغ الذي ذهب في معظمه الى الناس الأعلى رتبه ومنصب...وفي أماكن أخرى كان الأكراد يحتجزون النسوة في الزرائب مع البهائم وكانت بعض الفتيات يطلبن مكان غير هذا المكان القذر وكان الكردي يمني النفس بما يمنى نفسه القذرة في الحصول عليه ويسارع الى تنفيذ المطلوب ظناً منه ان الفتيات سيطاوعونه في ما يريد، فيقول لهم سأنفذ ما تطلبونه ولكن تذكروا ان الدنيا أخذ وعطاء وانني دفعت ثمنكم الكثير من الذهب...قولوا لي ماذا تريدون؟ ويأتيه الجواب نريد التخلص من هذه الروائح الكريهة والصعود الى السطح لإستنشاق الهواء العليل ويسارع النتن الى تنفيذ طلبهم ويتشغل في حساباته ويضرب الاخماس بالاسداس ويخطط ان تلك سنبيعها الى فلان وتلك سأبيعها الى علتان ويجمع المال المتوقع ويسرح في خياله ليسمع طرقاً مروع على الباب ويسمع خدمه وهم ينادونه فيخرج ليرى رأس ماله قد ضاع فلقد انتحرت كل الفتيات برمي انفسهن من السطح فضاع المال ورأس المال وعليه البدئ من الصفر.
هذا ما حدث لشعبي المسكين الذي تحوّل الى فراخ في العش بلا ماء ولا طعام ولا حماية.
حلول نسائية لم تعد تنطلي على الجلاوزة فصار يتم تقييد البنات ويتم اطلاق النار على كل فتاة متمردة، لو أن الذي حدث حدث بلا خيانة ولا ندالة لكان الأمر عاديا أما أن يتم سوق كل الشباب الى خدمة العلم والهجوم المتوحش على النساء فهذا لم يكن بالحسبان، لقد ظن الارمن ان الوطن في خطر وهم لا يعرفون انهم وحدهم في مركز الخطر ولم يهتم احد لأمر الوطن أكثر منهم وتلقوا أعظم المكافآت تلقوها في شرفهم وفي ابنائهم ودورهم وكل ما يملكون.
كانت هناك حوافز للقتلة من قبل باكوات الأكراد تجاه الذين يبذلون بعض الجهد من الأزلام للحصول على الغنائم والاسلاب في مواجهة العزّل ويدفعون الكثير لأسيادهم الاتراك الذين لا يفعلون شيء غير عدّ المال والاعتداء على الاعراض والتفنن في ذلك.
لقد وقع هذا الشعب الراقي وقع وقعة ظالمة وعلى طريق الابادة كان شعبي او من بقي منه يلتقط قوته من التراب او المزابل، ماء الله يمنع عن الناس فيقع الاطفال موتى نتيجة الجوع والعطش، وكل هذا والله غير موجود والمشايخ يقدمون الفتاوى ويباركون هذه الاعمال التي تقرب اصحابها من الله.
وظهرت اغنية تخاطب الله وتقول كلماتها: اين كنت يا رب عندما اصاب مس من الجنون امة كاملة من القتلة، اين كنت عندما بقروا بطون الحوامل، واغتصبوا الصغيرات ؟
نحن على الدوام كنا نصليّ لك ونرتّل لك حتى بحت حناجرنا واختفت أصواتنا، ونعبدك وانت كنت على الدوام تقدم المساعدة لأعدائنا.



إذهب لشأنك فنحن لم تعد لنا حاجة بك.
وفي نهاية هذا الجزء الاني من المقال المتعب الذي كتبت كل كلمة فيه والألم يعتصر قلبي، يطيب لي ان اختم بمقولة شامية يعرفها الطفل الصغير الذي يلعب الطابة في حارة من حارات الشام وهي : من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب، وهذا الكلام هو برسم كل ارمني منذ اليوم وحتى اليوم الذي يرث فيه الله الارض وما عليها.
لقد جربنا الاكراد في عصر عبد الحميد ورأينا ما فعلوه وجربناهم في عصر الاتحاد والترقي ورأينا ما فعلوه فتحية لأطفال الشام الذين يعرفون ان : من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب وأعيد للمرة الثانية ان هذا الكلام هو برسم كل ارمني من اليوم وحتى اليوم الذي يرث فيه الله الارض وما عليها.
وأن: من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب : من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب : من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب : من جَرَّب المُجَرَّب كان عقله مخرَّب.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني



http://www.ankawa.org/vshare/view/10418/god-bless

ما دام هناك في السماء من يحميني ليس هنا في الارض من يكسرني
ربي لا ادري ما تحمله لي الايام لكن ثقتي بانك معي تكفيني
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,603190.0.html
ايميل ادارة منتدى الهجرةsound@ankawa.com