المحرر موضوع: السامري الصالح , في كل مكان  (زيارة 1154 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوزيف إبراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
{ السامري الصالح , في كل مكان }
جوزيف إبراهيم.
داخل القطار, كان الطالب الجامعي ابن الثامنة والعشرون ربيعاً جالساً خلف الكمبيوتر { اللابتوب }, يضع اللمسات الأخيرة لمشروعه الدراسي , وهو متوجهاً إلى جامعته لمقابلة مسؤوليه ليقدم لهم تفاصيل دراسته, فجأة ملئ صُراخ الحافلة , رفع الشاب رأسه نحو جهة الصوت وإذ به يرى أحد المُسنين يتلوّى من شدة الألم واضعاً يده على معدته, لم يستطيع هذا الشاب الانتظار حتى يُسعفه أو يُساعده أحد المتواجدين داخل القطار, ولم يكترث لمدى أهمية واجبه الدراسي , فأقفل اللابتوب وتوجه إليه مُسرعاً وبدأ يُكلمه ويسأله مستفسراً عن مرضه بلسان أهل البلد { الإنكليزية } لكن تبين له أن الرجل المُسن لا يعرف سوى لغته الأم الشرق أوسطية. نزل معه في المحطة التالية تاركاً موعده المهم للغاية بجامعته, وأجرى اتصالاً مع قسم الإسعاف و بقي بجانبه يشجعه ليُهدئه و ينسيه ألمه إلى أن حضر الكادر الطبي مع الإسعاف.
بما أن غالبية المقيمين في تلك المنطقة يتكلمون لغة الرجل , لذا تأمل الشاب خيراً بإيحاد متطوعاً يساعد بالترجمة بين الرجل المريض والكادر الطبي , فبدأ يطلب وبرجاء حار من جميع الذين مروا بمحاذاتهم , ولكن لم يعر أي منهم أهمية للحدث بسبب انشغالهم بمتطلبات الحياة وخوفهم من الاحتكاك بقضايا من هذا النوع , وخاصة أبناء جلدته وبلده واتباع ديانته ومذهبه.
تعجب الشاب الشهم من المشهد المُخزي, وصُعق أكثر عندما تقدمت إليه سيدة من ديانة أخرى وقومية مختلفة تعرض المُساعدة , حتى لو تتطلب الأمر مُرافقة المريض في سيارة الإسعاف لغاية المشفى.
فبدأ الشاب يُقارن بين كرم وشهامة السيدة ومثل السامري الصالح الذي طرحهُ السيد المسيح , كيف أن رجُلاً تعرض للضرب المُبرح من قبل اللصوص وقطاع الطرق ورُمي على قارعة الطريق بين الحياة والموت, ولم يلقى أي اهتمام من أبناء جنسه ولا من كاهن مدينته , في حين أن رجل غريب الجنس والدين وهو سامري تحنن عليه وضمد جراحه بالخمر والزيت, ووضعه على حماره وأخذه إلى أفضل فندق في المدينة المجاورة , ودفع درهمان لصاحب الفندق طالباً منه الإعتناء به مهما كلف علاجه, وسيدفع له كامل مُستحقاته حين عودته , أيقن حينها الشاب والرجل المريض , أن لا حدود ولا قواعد ولا موانع ولا أديان تسطيع أن تقف حاجزاً أو عائقاً بين بني البشر, لمُساعدة وخدمة بعضهم البعض عند الشدة والحاجة المُلحة.
جوزيف إبراهيم في /19/10/2017/