المحرر موضوع: الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر سركون بولص  (زيارة 1696 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر سركون بولص
بقلم: ميخائيل ممو


وفاءً لروح الشاعر العراقي الآشوري الأصل سركون بولص، ولمناسبة ذكرى مرور عشر سنوات على رحيله بتاريخ 22 أكتوبر 2007، شدتني ذكرياتي معه لهذه المناسبة الأليمة أن أجسد مشاعري بتلك الليلة التي دار الحديث بيني وبين الشاعر المرحوم مؤيد الراوي عن حدث رحيله لأبلغ أقرب المقربين له في أمريكا. وحين استرسل بوصف الحدث المؤلم هزتني مشاعري لأقول:
في عمق زاوية حزينة التكوين
بين جدران البعد الثالث من إحدى غرف برلين(1)
شدّه إليها الحنين
ليعيد فيها ذكرى السنين، بألم دفين
لا يفارقه وحش الأنين.
هناك.. شع دويٌ نوراني
مخاطباً كاهن الكلمة
المضطجع، المكثف فكراً
الثمل صبراً
قائلاً:
لم أدعك ترحل الليلة
ليلتك قدسية، للذكرى الأبدية
لزميلين حائرين (2)
يهمسان، يتأوهان
ينأملان ويتاسفان
بعبارات الصمت
ويناجيان إله الموت
إرحمه
إزرع في قلبه رحمة البقاء
علّه يفق من غيبوبة العزاء
ليعود ثانية
لحياته الكهنوتية البوهيمية المعطاء.(3)
 ***
في اليوم التالي
زاره الإثنان
مؤيد والمعالي
في وقت الصباح
ليجداه مرتحل الروح
في الأعالي
ليلقاه جسداً هامداً
كالليث راقداً
للشعر ساجداً
وكأنه مناشداً
استودعكم الله
بألف آه وآه
لتعلنا وتنشرا الخبر
عن غيابي الأبدي
لمن كان في عرفكم القمر
عمّا إعتراني من ضرر
وغاب عنكما السمع والبصر
بمشيئة القدر
فما عليكما
إلا أن تحافظا على الأثر.
***
وأنتم أيها الأعزاء
الذين ستناجون روحي
بقناديل الضياء
وبشمع الوفاء
في ليلة العزاء
لا أغالي، ولا أنشد التعالي
إن كشفت لكم سر آمالي
وأحلامي على التوالي
بمناجاة روح ترفرف في الأعالي
هائمة
تنشد التواصل من زحم الحنين
تحنو التعامل وأياكم برفق ولين
والمخلصين الصادقين المحتفين
بغيابي المباغت
للعالم الـصامت
***
نعم، يا سركون
وأنا الثاني بجمع خلاني
في يوم ذكراك لا نغالي
إن هزتني مفردات الشوق
بشحنة البرق
بمقولة مفادها:
تيتمت بحور الحداثة
إكـتأبت لغة الوراثة
وغابت عبارات وصفات الدماثة
لنناجي روحك بكل حرف مؤتلق
علنا نزيح عن روحك غفوة الأرق
وريب الظنون
يا سيد الشعر
يا سر الكون
يا سركون.
***
نعم، يا سركون
عرفناك وعهدناك
طاوعت نداءات كل الآلهة
برموزك الشعرية ولم ترتجف
رحلت في دهاليز الصمت
ولم تعتكف
تجاوزت قوانين النظم
ولم ترتخف
أو أن تخف.
***
نعم، كلمح البصر غاب وميضك
لتترك تلك أيقوناتك
تتأملك بحزن دفين دون ابتسامة
ترثيك بدمع سخين دون ملامة
تعليك لسموّ ٍ
في علياء مملكة الشعر والسفر
لتُضئ من هناك
بفانوسك السحري
بأجمل الصور، كطلعة القمر
لتذيب ذرات الحجر
لتعلن وأنت مغمض البصر
بترحالك الجديد، لعالم بعيد
بمقولة سامحكم الله
يا من كان منكم قد حفر الحُفر
ويا من كنتم تقطعون عني ترانيم الوتر
بظنٍ وشكٍ لم يكن أبداً بحسباني المُنتظر (4)
وأنتم أيها الأصدقاء الأوفياء
يا من تعمذتم بزيت الحرف
بأنامل إله الشعر والحكماء
يا من جعلتم مني روضة العطاء
يا من خففتم عني عبء العناء
ويا من سعيتم
بإزاحة كابوس داء العياء
ويا من قلدتموني
وسام ملك ذلك المساء
أنا حتماً بينكم
أنا منكم وإليكم
أعيش عشقكم
ألمس حبكم
أشدو شدوكم
أرنو بعمق لطلعتكم
وأصغي لهمسكم
ولعلو صوتكم
وأتحسس دفء حنينكم
بذات الكيان
دائم الإصغاء، يا أوفياء.
***
أقولها، وكما قلتها
في السنوات الغابرات
في " الوصول إلى مدينتين"
سأعيش عمرين
في مدينة الأرض والسماوية "أين"
حبي للحياة، ككرهي للبقاء
في عالم لم يعد يقوى
أيّ شاعر
على كل ما يشاء
إلّا في سر الخفاء
أو الإختفاء في أعالي السماء.
***
ها أنا اليوم، والآن بالذات
روحي ترفرف
مثقلة بالآه والجراح
أراكم وأتأملكم أمامي
بعيون تحملها الرياح
من مدينة "أين"
التي وصلتها طليق الجناح
مخاطباً المدن التي عشقتها
تأملتها وعبدتها
لتولد من رحم فكري
ذراري البقاء في موانئ
" الأول والتالي"
" حامل الفانوس في ليل الذئاب"
" الحياة قرب الأكربول"
" غرفة مهجورة"
" إذا كنت نائماً في مركب نوح"
" أساطير وتراب"
" يوميات في السجن"
" الوصول إلى مدينة أين"
" شهود على الضفاف "
" عظمة أخرى لكلب المدينة"
" شاحذ السكاكين"
وتدوينات "دجلة" (5)
وأخيراً ما إرتأيته من وحي
" فيروز وجبران" (6)
***
قبل الرحيل، وقبل الختام
اعذروني، إن نسيت أن أخبركم
وأن أقول لكم
اليوم التقيت
بمن سبقوني
بمن انتظروني
وبمن افتقدوني
في مدينة "أين"
من جماعة " كرخ سلوخ" (7)
جان دمو والقيسي
الغساني والراوي
والقديس يوسف سعيد
ليقيم الصلاة
بالذكرى العاشرة لرحيلي
والصعلوك جان
كعادته، صاح الآن قد حان
موعد اللقاء
لقد إكتمل النصاب
دعنا اليوم نجتمع
لحديثك نستمع
في فردوس مدينتنا الجديدة
نعيد مجد أيامنا التليدة
ونؤطر الختام
ببيان جديد مذيل باسم جماعة " أين "
في مدينتهم الجديدة "أين".

1.   الغرفة التي كان مستلقياً فيها سركون وهي على شكل مرسم تعود للأديب مؤيد الراوي.
2.   الزميلان هما الأديبان خالد المعالي ومؤيد الراوي الذي لقي حتفه يوم 9 أكتوبر 2015 في برلين.
3.   البوهيمية: مظهر من مظاهر الرومانتيكية يتحلى بها الأديب والشاعر والفنان كأسلوب لحياة ذات معايير متميزة يتسم بها بحريته الشخصية.
4.   الشعراء الذين خالفوه وحدثني في حينها عن البعض منهم من الذين زاملوه ومن أبناء جلدته أيضاً.
5.   مجلة " تايكرز أي دجلة " أصدرها سركون بالغة الإنكليزية أثناء وصوله إلى سان فرانسيسكو.
6.   كتاب عن المطربة فيروز اسطورة وتراث بالإشتراك مع كمال بولاتا، صدر عام 1981 في سان فرانسيسكو باللغة الإنكليزية، وكتاب النبي لجبران الذي ترجمه عن الإنكليزية، وصدر عام 2008 بعد وفاته عن دار الجمل في ألمانيا، وكان قد حدثني عنه قبل ذلك قائلاً: بأن من ترجمه لم يفهم جبران على حقيقته.
7.   كرخ سلوخ يُعنى بها مدينة كركوك باللغة الآشورية، أي الآرامية كما يشير العلامة مصطفى جواد في مقالة له عن كركوك في التاريخ.
 





غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1834
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذ العزيز ميخائيل ممو المحترم
تحية
وتحية اخرى أيها الغيور  على روح ومودة وشغف   الثقافة التي تخزنها في صدرك وتنقلها لنا ذكرياتك ويطرزها  لنا قلمك السامي العاشق للثقافة وانت  احد رجالها  ورموزها التي نعتز بها وبك   كنّا ولازلنا .

سيدي الكريم انا من مواليد  كركوك الحبيبة العجيبة
وكان لي وسيبقى عشق واعجاب بالمرحوم الشاعرالاشوري العالمي  الحزين سركون بولص الذي تعب جداً في حياته مع رفيق دربه الاخر الشاعر الكركوكلي المرحوم  جان دمو 

في شبابي تأثرت  ببعض الشعراء العراقين ومنهم بدر شاكر السياب والسوري نزار قباني  ولكن  سركون بولص
قد نال اعجابي  وسرق   عقلي  وشد من عزيمتي   هو   والشاعر الاشوري الراحل  الاخر جان  دمو .

الرب يرحم الشاعر الخالد سركون بولص
وشكراً على المقالة وكنّا نتمنى  منك كتابة أين أخذت هذه الصورة ومتى ولو أمكن بعض المواقف التي تتذكرها معه .
تحية
والبقية تأتي
جاني 

 

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الأخ جان يلدا الذي لا يبخل قلمه من دبج ما في ذاكرته
شكراً لك على ما تفضلت به.
وعن سؤالك بالنسبة للصورة التي تجمعنا سوية هي في دارنا أثناء زيارته لي في السويد عام 2001 ولمدة أسبوع قضيناها لدراسة بعض المشاريع المستقبلية الخاصة بالأدب الآشوري وترجمته إلى العربية التي غيبتها رحيله، وفي وقتها نظمت له أربع محاضرات بالعربية والآشورية في منتدياتنا. وهناك العديد من أفلام الفيديو التي احتفظ بها عن لقاءاتنا في لندن والسويد.. وكلي أمل أن أنشرها في يوم ما حين تتيسر لنا الظروف المؤاتية.
مع بالغ الشكر لإهتمامكم
ميخائيل ممو