المحرر موضوع: تقرير من المونيتور: المسيحيون منقسمون حول مصير مناطقهم في شمال العراق  (زيارة 1430 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37768
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

المونيتور/ عمر ستار
كاتب وصحافي عراقي مختص في الشان السياسي عمل لوسائل اعلام محلية وعربية حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية.

بغداد — في مقابلة صحافيّة معه، أبدى بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق مار لويس روفائيل الأوّل ساكو في 16 تشرين الأوّل/أكتوبر الحاليّ، قلقه من مخاطر الأزمة الكرديّة على الوجود المسيحيّ في العراق، معتبراً أنّ النزاع الجاري في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل يعيق عمليّة عودة المسيحيّين إلى مناطقهم، ويرغبهم بالإسراع في الخروج من البلد بلا عودة.

وقد دعا ساكو إلى توحيد الصفّ المسيحيّ عبر الحوار لضمان حفظ المكوّن المسيحيّ في العراق، ولكن يبدو أنّ دعوات الكنيسة إلى حوار الأطراف المسيحيّة في العراق، من أجل بحث مستقبل المكوّن المسيحيّ، لن تتحقّق في ظلّ الانقسامات الكبيرة بين تلك الأطراف، وخصوصاً بعد استفتاء استقلاق إقليم كردستان الذي جرى في 25 أيلول/سبتمبر الماضي.

وينقسم المسيحيّون إلى ثلاثة أطراف تخلتف في رؤيتها ومواقفها السياسيّة: الطرف الأوّل القريب من الشيعة والسلطة الاتّحاديّة، ويمثّله زعيم كتائب "بابليّون" المنضوية في الحشد الشعبيّ ريان الكلداني، ويتمسّك بوحدة العراق ويرفض انفصال كردستان التي تضمّ الجزء الأكبر من الأقلّيّة المسيحيّة في العراق، والطرف الثاني المؤيّد للانفصال والانضمام إلى الدولة الكرديّة، ويضمّ الكثير من الجهات الآشوريّة والسريانيّة، ومن أبرزها المجلس الشعبيّ الآشوريّ الكلدانيّ السريانيّ، وطرف أخير يرى ضرورة تحقيق وضع خاصّ للمسيحيّين ضمن العراق الاتّحاديّ وبرعاية دوليّة، ويضمّ البطريرك ساكو.

ويقدّر عدد المسيحيّين في العراق بنحو 450 ألف مسيحيّ، ويتركّز وجودهم في مناطق دهوك وأربيل التابعة إلى إقليم كردستان، وفي سهل نينوى والقوش وبرطلة في محافظة نينوى، وكذلك هناك أعداد قليلة في العاصمة بغداد وباقي المحافظات ذات الغالبيّة العربيّة.

وتعرّضت مناطقهم إلى عمليّات سبي وتهجير قسريّ بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق شمال البلاد وغربها في عام 2014، وخصوصاً في الموصل، لذا فضّل غالبيّتهم الهجرة إلى الإقليم الكرديّ خلال السنوات الثلاث الماضية، كما فعلوا إبّان أحداث العنف الطائفيّ في بغداد قبل ذلك، وهم اليوم رقم مهمّ في المعادلة الكرديّة-العراقيّة، وشارك الكثير منهم في استفتاء الاستقلال الكرديّ.

وقال عضو المجلس الشعبيّ الكلدانيّ الآشوريّ السريانيّ هالان هرمز في حديث إلى "المونيتور" إنّ "المكوّن المسيحيّ جزء أساسيّ من إقليم كردستان، بل إنّهم السكّان الأصليّون في هذه الأراضي، لذا كان لا بدّ من المشاركة في الاستفتاء على استقلال كردستان".

وبيّن هرمز، وهو عضو المجلس الأعلى لاستفتاء كردستان أيضاً، أنّ "الغالبيّة العظمى من المكوّن المسيحيّ تؤيّد الاستقلال، لأنّها تعرّضت إلى عمليّات قتل وتهجير في باقي مناطق العراق، ووجدت في كردستان الأمن والاستقرار".

وفي خصوص رؤية المجلس الشعبيّ الكلدانيّ الآشوريّ السريانيّ لمستقبل المسيحيّين، قال هرمز: "نسعى إلى تشكيل إقليم مستقلّ داخل الدولة الكرديّة، وفي حال لم يتحقّق الاستقلال، نريد أن نشكّل محافظة تضمّ أيضاً سهل نينوى على أن تكون ضمن إقليم كردستان أيضاً".

واللافت أنّ المسيحيّين لا يشكّلون غالبيّة في كلّ مناطق تواجدهم، وخصوصاً خارج إقليم كردستان، على سبيل المثال، تبلغ نسبتهم في سهل نينوى نحو 15%، فيما يشكّل الإيزيديّون نسبة 40% تقريباً، والشبك نسبة 25% والعرب نسبة 20%، وهناك 65 ألف مواطن في قرقوش، وهم من أصل 175 ألف نسمة يتوزّعون بين شبك وأكراد في قضاء الحمدانيّة.

أمّا في قضاء تلكيف، فيعيش الآن ما يقارب الـ25 ألف مواطن مسيحيّ من أصل 175 ألف من السكّان، وفي شيخان، يبلغ عدد المسيحيّين قرابة الـ7 آلاف شخص، في حين أنّ تعداد سكّان القضاء لا يتجاوز الـ37 ألف شخص.

وعلى هذا الأساس، يرى النائب المسيحيّ عن كتلة الوركاء في البرلمان العراقيّ جوزيف صليوا في تصريح إلى "المونيتور" أنّ "لا مصلحة مسيحيّة في تشكيل إقليم حاليّاً أو تأييد انفصال إقليم كردستان عن العراق". واعتبر أنّ "الاستفتاء أثار الكثير من الأزمات في البلاد ومشاكل مع دول الجوار وباقي دول العالم، وأنّ إشراك أقلّيّة مثل المسيحيّة في هذا الأمر لن يعود بالنفع عليها".

ورأى صليوا أنّ "الحلّ الأنسب للمكوّن المسيحيّ هو تشيكل محافظة جديدة تابعة إلى الحكومة المركزيّة في بغداد، تضمّ سهل نينوى وكلّ المناطق المجاورة لها داخل الإقليم وخارجه، وتضمّ أيضاً باقي المكوّنات الصغيرة، مثل الشبك والإيزيديّين، وبرعاية الدول المتقدّمة، لتكون تلك المحافظة مثلاً للنموّ والتطوّر في العراق".

وأضاف: "هناك قرار سابق من مجلس الوزراء العراقيّ بتحويل سهل نينوى إلى محافظة، سنحاول تفعيله الآن من خلال البرلمان". واعتبر صليوا أنّ "اختلاف المواقف المسيحيّة يعود إلى تعرّض بعضها إلى ضغوط كبيرة من قبل الأطراف المسيطرة على مناطق تواجد المسيحيّين".

في المقابل، يرفض الأمين العامّ لحركة "بابليون" المنضوية في الحشد الشعبي الكلداني، الاستفتاء وانفصال المسيحيّين عن العراق، كما أنّه يرفض تشكيل أيّ حالة خاصّة لهم، واعتبر في بيان صادر في 13 تشرين الأوّل/أكتوبر الحاليّ أنّ السلطات الكرديّة تقوم بـ"تكريد" المناطق الكرديّة، وأنّ الاستقلال بمثابة "الحريق" الذي اشتعل في العراق.

والحال، فإنّ أبناء المكوّن المسيحيّ في العراق، يبحثون عن الأمن والحقوق المدنيّة أكثر من بحثهم عن وضع سياسيّ أو إداريّ مستقلّ، وذلك بسبب ما تعرّضوا إليه من مضايقات على أيدي الجماعات المسلّحة والميليشيات، وما يتعرّضون إليه من استغلال سياسيّ من متختلف الأطراف العراقيّة التي ترى في ورقة الأقلّيّات أهمّيّة كبيرة في كسب الأراضي واستقطاب الدعم الدوليّ المتعاطف.

وحتّى تتمكّن الأقلّيّات، وخصوصاً المسيحيّة، من تحقيق وضع خاصّ أو حلّ مشاكلها الأمنيّة والاجتماعيّة، فإنّها تحتاج إلى الاشتراك في تسوية سياسيّة تاريخيّة قد تتطلّب تعديل الدستور العراقيّ، وتضمن الاستقرار الأمنيّ والسياسيّ وانتهاء مطالبات الأقلمة والاستقلال.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية