المحرر موضوع: الموقف السياسي للمسيحيين السوريين تحدده المصالح والمخاوف والبدائل المتاحة... المطران أودو: مسيحيو حلب يخشون أن يصيبهم ما أصاب مسيحيي الموصل.  (زيارة 1271 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37766
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الموقف السياسي للمسيحيين السوريين تحدده المصالح والمخاوف والبدائل المتاحة
المطران أودو: مسيحيو حلب يخشون أن يصيبهم ما أصاب مسيحيي الموصل.

دمار قابل للإصلاح[/center]
عنكاوا دوت كوم/العرب 

بيروت – منذ أن اندلعت أحداث الربيع العربي، ارتبط الحديث عن الأقليات الدينية، وتحديدا المسيحيين، بالعنف الطائفي وغياب الحقوق وتهجيرهم واحتضار الوجود المسيحي في الشرق الأوسط، ورغم أن الكثير مما جاء في هذه التقارير حقيقي وملموس إلا أنه ساهم بشكل غير مباشر في تكريس مبادئ التفرقة وزيادة الإحساس بالاغتراب وعدم الأمان في أوطانهم، خاصة وأنه وفي مقابل الحديث عمّا يعيشه المسيحيون من اضطهاد لم يتمّ الحديث بشكل كبير عن مواقفهم حول ما يجري في بلدانهم، وتحديدا العراق وسوريا، ويختلف الوضع إلى حدّ ما في مصر.

السوريون المسيحيون مثلا، شأنهم شأن بقية المواطنين، جزء من مكونات الدولة السورية والمجتمع لهم مواقفهم ومصالحهم، منهم المساند للنظام ومنهم المعارض له، وأي تطور يحصل في الملف السوري يعنيهم مثلما يعني بقية السوريين، بغض النظر عن طائفتهم وديانتهم.

وفي صورة تختزل جزءا من هذا الواقع، ينقل الباحث روجيه أصفر حادثة جرت إثر استعادة الجيش السوري لمدينة حلب، حيث قام أحد التجار السوريين المسيحيين المعروفين في المدينة برفع ثلاث صور عملاقة: واحدة لبشار الأسد وأخرى لفلاديمير بوتين والثالثة لحسن نصرالله، في ساحة منطقة العزيزية، التي لها رمزيتها كقلب المنطقة المسيحية في حلب، وقد أرفق الصور بكلمات شكر.

انطلق روجيه أصفر من هذا التصرف ليقف في دراسة بحثية صدرت عن مبادرة الإصلاح العربي بعنوان “مسيحيو حلب: المسار والمآل”، على حقيقة ومسببات الموقف السلبي لمسيحيي حلب من الثورة السورية بالرجوع إلى تاريخهم في المدينة وسياسة الدولة تجاههم، وليطرح بعض الأفكار عما يمكن القيام به لإعادة اللحمة بين المواطنين من مختلف المشارب.
روجيه أصفر: الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط يعيش في حالة احتضار

وتقدم الدراسة ملخصا سريعا عن أوضاع المسيحيين خلال القرنين الماضيين عبر محطات أساسية من تاريخهم في حلب، مركِّزةً على تلك الأحداث (مثل “قومة البلد” و”فتنة سوق الأحد”) التي جعلت المسيحيين يشعرون بالتهديد، أو دفعتهم إلى الهجرة أو النزوح، أو خلفت لديهم شعوراً سلبياً تجاه مواطنيهم المسلمين، أو رسخت أفكاراً مسبقة سلبية بحقهم.

ويشير الباحث إلى أن سياسات الدولة، خصوصا إبّان عهد بشار الأسد، لم تكن عشوائية؛ فهي تعزز شعور المسيحيين بأن لهم حظوتهم عند النظام. وتؤكد على ما دأب النظام على ترديده من كونه الحامي للأقليات والتعددية في قلب منطقة تسودها اضطرابات استُهدِف خلالها المسيحيون مراراً على يد متطرفين.

ويجادل بأن الكنيسة ورجال الدين لم يمارسوا من خلال الأدوات التي كانوا يتمتعون بها دورا توفيقيا وتوعَويّا بين أبناء المسيحية والإسلام، إلا في حالات كانت قصيرة العمر أو مقتصرة على نخب محدودة التأثير لأسباب مختلفة. الأمر الذي أفرز ذاكرة مسيحية جماعية تتسم بالانتقائية، إلى جانب الدور الأساسي بالغ الأهمية لصعود التطرّف الديني وانفلات العمل المسلح في الطرف المعارض، الأمر الذي أنعش ذاكرة المسيحيين المُثقلة.

ويمكن للمراقب اليوم أن يكتشف بسهولة نسبية أن غالبية المسيحيين في المدينة اتخذوا موقفا مؤيدا للنظام، حتى أن التاجر الحلبي لم يتوان عن إضافة صورة المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئ الذي تساند ميليشياته النظام السوري ولعبت دورا في استعادة حلب.

من العوامل المهمة والمؤثرة أن أغلب مسيحيي المدينة هم سكان الشطر الغربي الذي بقي تحت سيطرة النظام، بينما هجر السكان المسيحيون القلائل في الشطر الشرقي بيوتهم حال وقوعه تحت سيطرة المعارضة، وهؤلاء من أفقر سكان المدينة وهم سكان أحياء شعبية “هامشية” بالنسبة إلى غالب العائلات المسيحية في حلب.

وحافظ المسيحيون على وجودهم في المدينة حيث تركزوا بجوار مواطنيهم المسلمين من أبناء الطبقات الوسطى فما فوق، وساعدت صورة الشطر الشرقي المترسّخة في أذهانهم على أنه مكون من مناطق شعبية وعشوائيات على نمو شعور عدم الاهتمام بمصيرها، وهنا يلفت روجيه أصفر إلى أن هذا الموقف لا علاقة له بالطائفية بقدر ما هو موقف مجتمعي طبقي حيث يتشاطر المسلمون من سكان الشطر الغربي “الراقي” لحلب نفس النظرة بالنسبة إلى الشطر الشرقي “العشوائي”.

يبرر رئيس أساقفة حلب للكلدان المطران أنطوان أودو موقف المسيحيين في حلب من الأحداث الأخيرة بأنهم “يخشون أن يصيبهم ما أصاب مسيحيي الموصل”. ويستخلص روجيه أصفر أن الموقف السلبي للمسيحيين الحلبيين من الثورة السورية قد يستدل به على حالة الاحتضار التي يعيشها الوجود المسيحي في الشرق الوسط، وخاصة في مدينة شكّلت موقعا محوريا في تاريخ مسيحيي المنطقة.

ويشير الباحث إلى أنه وكما أن ما خرب في علاقة المسيحيين بقسم من مواطنيهم، وفي مقاربتهم لعلاقتهم بمدينتهم والأحداث التي تمسها صار غير قابل للإصلاح. والقيام بأي خطوات من شأنها تنشئة جيل مسيحي صحيح النظرة إلى الآخر وترميم العلاقة معه لا يمكن أن تنجح في حال استمرار حكم نظام الأسد واستمرار علاقة المسيحيين، أو قياداتهم بالنظام، على أساس نمط واحد غير قابل لتبديل أو تغيير.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية