المحرر موضوع: عصمت شاهين الدوسكي بين الحلم والواقع قصائد تروي غابات من الحزن  (زيارة 1441 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عصمت شاهين الدوسكي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي


عصمت شاهين الدوسكي بين  الحلم والواقع
قصائد تروي غابات من الحزن

بقلم : الأستاذة المغربية وفاء الحيس


 

قصائد عصمت شاهين الدوسكي فيها رؤية رومانتكية للشعر وما يدور فيها ، مما يخالجه من صراع خفي داخلي يتعانق مع صراع خارجي لتتحول القصيدة إلى صرخة محملة بدلالات الترجي كقوله : ( عذبيني ومن حبك لا تجرديني ) الشاعر عصمت استخدم لغة شعرية جميلة فمزجت في صورة مدهشة بين الوصف والمشاعر ، وأن شفافيته الوجدانية غالبت شعره مما جعلته رومانسيا بامتياز فأبحر في عمق الكلام والتقط محارات العشق من أغواره وكل هذا من صميم الإحساس الذي يعمل على تجاوز الواقع الصادم بقسوته وفظاظته كقوله : ( آه منك ومن قلبك يحس بي مجروح ، وأنت بالصمت تعذبيني ) . يتمتع الشاعر بشخصية أنيقة جذابة بالغة الشفافية مظللة بهالة حزن بليغ جديرة في حضارة النفس والروح والوجدان كقوله : ( أنا ابتليت بالحب والجمال فمن غيرك بالدنيا يشفيني ؟ ). عصمت شاهين الدوسكي إحساس أكثر من رائع عندما تصرخ فتجد من يستقبل صرخاتك بكل حب ووفاء ، فالاهتمام الجميل في حق مبدع يستحق هذا الاهتمام , قصائد تروي غابات من الحزن ، بداخلك رقعة الضياع المتسعة بكيانك قد تكون الغربة وطنا وقد يكون الوطن غربة ، هو إحساس مرعب بأننا لا ننتمي لمن حولنا هي اختناقنا رغم الهواء نعشق البكاء على الأطلال لكن ما أروع أن نحيا بالأمل والصبر فلولاهما لتشوهت المساحات البيضاء في داخلنا وأصبح اليأس يلتهم أحلامنا . نعم ابتسم ففي الابتسامة نخفي تجاعيد الأيام لهذا افتح عينيك للنور ولون حياتك بألوان السعادة والفرح لأن الحياة كاللوحة تنتظر الألوان لتغدو أكثر جمالا . كل مرة تحط حروفك بنغمات جديدة بهمسات رائعة فصهيل حروفك يصل إلى الدواخل معتليا صهوة الضاد شاعر متميز وإلهام من رب السماء تخفيه ملامح ضائعة في زحمة الأرصفة وتحت زخات المطر .
( أبتسم ، فالعصافير
  على أشجار يابسة تغنينا
  وإن رحل الدرهم والدينار
  أبتسم ،
  وتأمل الطيب
  والجمال والنعم ميادينا
  إن جرعتك الأيام علقماً
  أبتسم ،
  تسير النحلة أميالا
  على زهور ورياحينا
  ليبقى ثغرك باسماً
  قد تواسي بالبسمة
  من كان مثلي ًحزينا ) .

المفكر الشاعر عصمت شاهين الدوسكي يتربع على عرش الأدب فتحت له صاحبة الجلالة أبوابها فكان فارسا في ميادين معاركها المتشعبة ، يعرج إلى بحور الشعر فيبدع ، جعل من المرأة أيقونتها، الحب عنده لون احمر لكنه حينما يكتبه يجعله رواية تتحدث عن فنان مبدع و تشكيلي و كاتب وعاشق ومحب نادر الوجود ، فحديثه عن إبداع المرأة ، يتجاوز الرواية ذاتها إلى ما هو ابعد ، كأن الكون لا يسعه وهو يكتب بعمق المشاعر وبحرفة الكاتب التي قلما نجدها إلا عند الكبار. قصيدة  عصمت تصدر من الأعماق لتلامس الأعماق عبر حمولتها السياسية ودلالتها الاجتماعية وعمقها الثقافي وحسها الأدبي الوارف آه يا بلد صرخة في وجه وطن عاق قصيدة تئن مع وجع مؤلم جدا ورصد جل النقط السوداء والعقد الصماء التي عكرت صفو البلد دام غيورا وقلما حرا جريئا بامتياز .
مهما حاولنا أن ننسى إلا أن الذكريات تبقى محفورة في دواخلنا تذهبنا لعالم جميل نتذكر فيه أجمل اللحظات حتى وإن كانت مؤلمة لكن يبقى لها رونق خاص بالقلب لأن حياتنا عبارة عن قاموس مليء بالمواقف والمشاعر وبالصور والأشخاص لكن الأحلام التي تبقى أحلاما لا تؤلمنا أما الألم العميق هو الذي يحدث لنا مرة واحدة ولن ندري أنه لن يتكرر.

( سيدتي
  عندما تكون للذكريات
  صوت أحزان ، ألام ، حياة
  عندما ينكروا عليك
  صهوة حصانك الشعري
  وإبداعك الترابي
  بين جبالك وعشقك وصدى المناجاة
  عندما يغتال جمالك
  بسمتك ، عسلك ، حتى دمعتك
  بين الرغبات والخرافات
  كيف أحيا
  وصدى أوديتي تناديني
  وحصاني مقيدا ينتظرني
  فوق قمم العذابات  ؟ ) .

أرى عصمت قد أدم قصة الأمس ونحن معك أدمناها هي ذكريات بحبر القلب كتبتها / هي كلمات لها بصمة في حياتك فصبر جميل من أنين أبدي ليس بالسهل لكن الله على كل شيء قدير .
أيها المبدع الراقي  النفس هائمة بين حروفك وكلماتك وجمل مسكوبة بأروع تعبير ، أمام قصائد جميلة من شاعر الحب والإنسانية كلها إحساس وإبداع  .

( أي حلم يستبيح كل أحلامي
  وبين الكوابيس كالنهر يجري ؟
  أي خيال يمضي في ليال
  مجردة من نجمي وقمري ؟
  أي روح ملاك تشع نورا
  وفي روحي نورك يسري ؟  ) .

. أثمن ما يكتبه عصمت شاهين فهو يعتبر أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر يتناول في معظم شعره الأغراض الشعرية من مديح ورثاء وعتاب تارة وغزل إلا أنه يتميز بوصفه للمرأة وإحساسه فيها لأن المرأة في نظره كالوطن لا يريد الانتماء لغيره لهذا دائما نجد أسلوب عصمت يتسم بالرومانسية والحنين ، كلامه في الشعر عن المرأة راق يصنعه عمدا حتى يغير من مستوى الإنسان وحتى يكون للأستاذ عصمت شاهين الدوسكي في زمن قادم تاريخا يبحث فيه ويدرس بعناية
( صلب ، يصلب ، صلباً
  لكن ، مصلوب بلا صليب
  قتل ، يقتل ، قتلاً 
  لكن ، مقتول بلا حسيب 
  فعل ، يفعل ، فعلاً
  من فعل هذا بلا رقيب ؟ )  .

 ويبقى السؤال ملازما للشعر وغائصا في أعماقه وموسعا عند الشاعر بإبحاره  العميق ، سؤاله هو مساحة التعبير عن الدهشة والقلق إزاء الوجود والزمن إنه السؤال الذي يهش بالحيرة والضياع في متاهة الوجود ، مادمت تواصل سعيك في البحث عن الحقيقة ومزاحمة الأشياء عن مكانها ومصيرها لكن تبقى مفتوحة على أفق التأويل عند المتلقي  ،عصمت عالم نابض بالمحبة من غير رياء والصدق في الإبداع والعطاء  .
 ( ما زالت اللعبة مستمرة
  يا سيدتي لا تصدقيهم
  كذبوا عليك حينما
  قالوا : أنت الملكة ، أنت القمر
  كذبوا عليك حينما
  قالوا : أنت الوطن ، أنت القدر
  تجلت أنانيتهم
  وأظهروا على نهديك السيف والخنجر  ) .
عصمت شاعر المرأة, شاعر الحب , شاعر متفرد وجديد في أفكاره ومتجدد في موضوعاته بل شاعر الثورة في شعره يعالج لقضايا المرأة والمجتمع في شعره يرتكز تارة في تمرده عليها عندما ينصرف إلى ذكر ه لأوصاف ندرك من خلالها بأنه مبدع مؤمن بقضية تحرر المرأة . هي صرخة في وجه المجتمع الذي تمزقه الازدواجية , لقد ظل عصمت شاهين الدوسكي يمثل هموم وأزمات وصرخات الأنثى كما هو الشأن للشاعر العظيم نزار قباني الذي تعددت جوانب المرأة الإنسانية في شعره الذي لم يعد حضورها حضورا جسديا فقط بل حاول عصمت التغلغل في عالمها وإضاءة الجوانب الإنسانية باعتبارها المجتمع ،هي الأم هي الأخت والحبيبة والرفيقة. عصمت شاهين شلال من الإبداع منهمر في جداول رقراقة لقلبك السعادة والحب للإنسانية .
************
المقاطع الشعرية من صحيفة الفكر للثقافة والاعلام