المحرر موضوع: إرهاصاتٌ باكية  (زيارة 1427 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إرهاصاتٌ باكية
« في: 12:36 05/11/2017 »
إرهاصاتٌ باكية

د. صباح قيّأ
________________________________________
ألأبيات الشعرية موجهة إلى ألزميل الأكاديمي الدكتور ليون برخو تعقيباً على مقاله الموسوم " ألسينودس الكلداني ومقرراته " والمنشور على موقع عنكاوة

عنْ أيّةِ جذورٍ أنتَ تتحدّثُ                       وعلامَ الحسرةُ مِنْ قلبِكَ تنْفُثُ
كأنكَ غريقٌ يستنجدُ مُنقِذاً                        وبقشّةِ شُجيْرةٍ تتشبّثُ
أو ظامئٌ في الفلاةِ سعيرُ صيفِها                نحوَ السرابِ ماءٌ لهُ تسعى تلْهَثُ

لغةٌ وطقسٌ ولحنٌ وريازةٌ                        على أملِ الصحوةِ هلْ تتريّثُ ؟
فوالدُ الأمسِ زاغً عنهُ وليدُهُ                     وليسَ للذخائرِ مَنْ حقاً يوْرِثُ
مُزارعُ الحقلِ قدْ تنامى حصادُهُ                 وما زلْتَ في البيداءِ رمالاً تحْرُثُ
ثقافةُ الماضي تزعزعتْ أركانُها               وفي صفَحاتِ الجيلِ بادٍ تلوّثُ
في كلِّ قضيّةٍ رأيٌ وموعِظةٌ                    ويا ليتَ مَنْ بالمواعظِ لا ينْكُثُ

طبيعةُ الإنسانِ دوامُ تجدُّدٍ                       وقدْ يرتقي القديمُ أو بهِ يحْنَثُ
فهلْ ترتجي مِنَ الرحمنِ معجزةً                تعيدُ ما ضاعَ أصيلاً لهُ تبْعثُ
أم الحلّ عندَ الذي صاغَ يراعُهُ               حملةَ التحديثِ مثيلُها لا يحْدُثُ
فمَنْ لا يرى الواقعَ بأمِّ عينِهِ                     سيندمُ وبهِ الندامةُ تعْبَثُ

تَذكَّرِ التاريخَ وخذْ منهُ مَثَلا                   فما يحصلُ حيناً مِنْ بَعْدٍ لا يلْبَثُ
واسألِ الأسلافَ عنْ أزمِنةٍ عَصَفَتْ           بِمنْ ظنَّ الربيعَ لهُ دوماً يمْكُثُ
مأساةُ الدهورِ في سوادِ أناسِها               تحني الرؤوسَ لِمَنْ في السلطةِ يضْغَثُ
لهُ مِنَ الأحبابِ نماذجُ شُلَّةٍ                    أقربُها للقلبِ مَنْ بَينَهُمْ أخْبَثُ
خطورةُ المرءِ في رِياءِ وَلائهِ                 يُعَظِّمُ بالأقوى ولوْ هوَ أرْوَثُ

فإلامَ النحيبُ وتلكَ حقيقةٌ                      يعيها الثقاةُ وعاصرتها الأجْدُثُ

بلْ إبْكِ على عليمٍ فاقَهُ جاهِلٌ                  وعلى جَسورٍ هَزَّهُ مُتَخَنِّثُ[/b][/size]

[/b][/size][/color][/b][/size]


غير متصل ليون برخو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2141
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: إرهاصاتٌ باكية
« رد #1 في: 23:00 05/11/2017 »
الزميل الدكتور صبا قيا المحترم

هذه الأبيات الرائعة موجهة لي وقد قرأتها مرات ومرات. لقد دخلت قلبي دون استئذان. هكذا خطاب سام لا يأتي الا من قلم سام ومتألم وحزين، وهل تعلم أي شجون يبعث القلم الحزين.

بيد ان الأبيات رغم مخاطبتها لي، فإنها تخاطب أي واحد منا من أبناء وبنات شعب مظلوم يكتوي بظلم القربى.

هذه الأبيات لا تخاطب ليون برخو. إنها تخاطب شعبنا وعلى الخصوص المكون الأصيل منه وهم الكلدان ومعهم مؤسستهم الكنسية العتيدة.

وقبل ان أقدم تحليلا مبسطا لبعض الأبيات من هذه القصيدة الموجهة لكل واحد منا، يحضرني قول لك قرأته قبل مدة يسيرة وفيه تؤكد في نقاشك مع زميل أخر او بالأحرى تحذره ألا يعول على الكدان لأنهم سيخذلونه في اول فرصة.

قبل حوالي خمس سنوات، قلنا اتانا الفرج وأمامنا فرصة ذهبية لأحياء أنفسنا ومعرفة من نحن وإننا امام نهضة شاملة نحي فيها ثقافتنا، وقارنتها بالنهضة التي حمل شعاعها الموارنة العرب من المسيحيين الذي لولاهم لما استفاق العرب ونهضوا وحموا لغتهم وثقافتهم وإرثهم وفنونهم وآدابهم.

كم كنت مخطئا وأنا هنا اعتذر للقراء الكرام في صفحتك عن كل كلمة اتيتها في مديح وتشجيع العهد الجديد، لأنه ظهر أنه عهد لا يقيم أي وزن للخطاب ولا يوزن المفردات وأن مسألة النهضة لدى هذا العهد هي طمس الثقافة التي دونها لن نعرف من نحن.

وهكذا أتت كلماتك معبرة تؤرخ لمرحلة من أخطر المراحل التي يمر بها الكلدان وهي مرحلة طمس الثقافة عن سبق إصرار والكلدان يتفرجون. ولماذا العجب، ألست القائل ونعم القول: "أردد دوما: لا تعول كثيرا على الكلدان حيث سيخذلونك من أول فرصة."

هذا حدث معك وسبب لك ألما كبيرا. وحدث معي وسبب لي الما مبرحا قد أخذه معي الى القبر. ومع ألمك وألمي وألم الالاف من الكلدان من محبي نهضتهم التي لن تتم دون إحياء ثقافتهم أصبح لزاما علينا إطلاق صرخة بين الفينة والأخرى ولكني لا أظن هناك صرخة مدوية مثل أبياتك هذه. إنها تصرخ في وجه كل كلداني وليس وجه ليون برخو وحسب، ولكن هل من مجيب؟

نعم "عن أي جذور" نتحدث أذا كان المؤتمنون على سقي هذه الجذور قطعوا الماء عنها وأخذوا بقلعها من أساسها.

كلنا غرقى وكلنا أصبحنا نتشبث بالقشة لأن الجذور جرى اقتلاعها وأمام الأنظار في حملة شعواء لم تتعرض لها أمة أخرى كما تعرض ويتعرض لها الكلدان.

"الصحوة" التي تصورنا اننا قريبون منها، صارت الأن ابعد من الخيال وأخشى انه جرى طمرها واستبدالها بالهجين والدخيل الذي لا تقبل به أي أمة أخرى غيرنا.

نحن شعب غريب الأطوار لأننا نستهزئ ونشمئز ونهمش ومن ثم نستبدل ما لنا من "لغة وطقس وريازة" وبدلا من ان نحاسب وندين ونجبر الذي يفعل ذلك على ترك القيادة للذي يحب ما لنا من "لغة وطقس وريازة" نغدق عليه المديح. هل هناك شعب بهذه المواصفات في الدنيا.

لقد اختصرت وضعنا المؤلم المبكي، وضع شعب يلهث وراء من يبدد صحوته وثقافته. في هذه الأبيات، ويا لها من ابيات جميلة، أرخت لهذه السنين العجاف التي نمر بها والتي ستدخل التاريخ. إنها السنين التي قضت على أي أمل لنا بالنهضة او الصحوة:

فوالدُ الأمسِ زاغً عنهُ وليدُهُ                     وليسَ للذخائرِ مَنْ حقاً يوْرِثُ
ثقافةُ الماضي تزعزعتْ أركانُها               وفي صفَحاتِ الجيلِ بادٍ تلوّثُ
في كلِّ قضيّةٍ رأيٌ وموعِظةٌ                    ويا ليتَ مَنْ بالمواعظِ لا ينْكُثُ

اكتفي بهذا القدر وأشكرك مرة أخرى لهذا الأبيات التي أراها مرثية لشعب اصيل صاحب ثقافة أصيلة لكنه ركن ثقافته جانبا وخسر نفسه.

تحياتي

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: إرهاصاتٌ باكية
« رد #2 في: 18:33 15/11/2017 »
ألأخ الدكتور ليون برخو
سلام المحبة
بدءً أعتذر عن تأخر إجابتي على تحليلك للخطاب الشعري , ولن أبرر ذلك بأعذار بل كل ما أقوله : أرجو المعذرة .
وشكراً على إشارتك الصائبة والسليمة على ما جاء في الأبيات الشعرية التي تعبر جزئياً عن ما آل إليه واقع الشعب المسيحي عموماً والشعب الكلداني خصوصاً الذي يمثل الغالبية الكبرى من أبناء الرعية الرابضين خلف قضبان الوطن الجريح أو المنتشرين في بلاد الشتات الموعودة .
إنني أحترم المواقف المبدأية حتى ولو تقاطعت معي في الفكر والرؤيا . من لا يتجرأ على قول الحقيقة عليه السكوت بدلاً من تزييف الحقائق  ولكن , للأسف الشديد , قد استشهدت المبدأية هذه الأيام بفضل شلة المتقلبين والمجاملين بالحق وبالباطل . أخطر ما موجود على الساحة حالياً هي المجموعة التي تتملق وتحابي المتنفذين والسلطويين بلا بصيرة ثاقبة بل على نغمات " موافج وصدق القائد العظيم . ومن المؤلم جداً أن العدوى هذه انتقلت وأصابت من كان يضع نفسه في موضع العدل وثبات الموقف .
نعم أردد دائماً وسوف أستمر في ترديدها : لا تعول كثيراً على الكلدان حيث سيخذلونك من أول فرصة . وقد حصل ذلك فعلياً معي ومعك ومع العديد من النخبة المثقفة والمتميزة من أبناء الرعية بفضل النشامى من الزمرة  التي تتمتع بإطلاق الكلمات المعسولة والمنمقة للجالسين على الكراسي حتى ولو كان الجالس جسماً يتمايل بلا هدف واضح بل بتخبط وضياع .
تحياتي