أدباء آثوريون في تجربتهم الأدبية قبل 43 عاماً
ميخائيل ممووبينما كنت منهمكاً في تصنيف وتصفية ما احتوته مكتبتي الخاصة بما شملت مما لا يحصى من الكتب بلغات مختلفة، ومن ضمنها مئات المجلات والصحف القديمة والحديثة التي تخص أبناء شعبنا بكافة تسمياته، بغية أرشفتها بشكل منظم وانتشالها من الزوايا والرفوف المنتشرة فيها، شاءت الصدفة أن أعثر على البعض من الصحف والمجلات، منها التي كنت بأمس الحاجة لها، وأخص بالذكر كوكبا أي الكوكب الصادرة عام 1906 والجامعة السريانية لعام 1934 والعراقية منها "بنقيثا" 1951 فطفت من بينها مجلة أي نشرة متضمنة 28 صفحة بإسم " صوت النادي الآثوري" في بغداد أي نادي تموز الرياضي فيما بعد، بإصدارالعدد الأول منها فقط 1972 بمساعدة الزميل الإعلامي يوسيفوس عمانوئيل (حالياً في استراليا يتولى إدارة إحدى الإذاعات المحلية)، ومن ثم طفت مجلة الف باء العراقية التي جذبت انتباهي وأعادت بذاكرتي لأكثر من أربعة عقود مضت باللقاء الصحفي الخاص بأربعة أدباء من النادي الثقافي الآثوري ببغداد.
ولهذا المصادفة، وبما إحتوته المجلة من معلومات، وَدِدْتُ هنا من نشر تلك المقابلة الصحفية التي أجرتها مجلة ألف باء العراقية الصادرة في بغداد والمنشورة في العدد 286 السنة السادسة في السادس من شهر آذار عام 1974 أي بعد مرور 43 عاماً.
شملت المقابلة الشاملة في قسمها الأول الذي افتقدناه من العدد 285 لقاء مع الأستاذ سركون ايشو سابر رئيس النادي الثقافي الآثوري في بغداد آنذاك، ملقياً الضوء على مهام ونشاطات النادي كصرح ثقافي وإجتماعي ملفت للنظر مقارنة بالمنتديات الأخرى المشابهة على مستوى العراق.
وفي القسم الثاني من اللقاء إنحصر مع مجموعة من النشطاء في الحقل الأدبي والصحافي، وعلى وفق خاص الذين تولوا مسؤولية هيئة التحرير في مجلة المثقف الآثوري الصادرة عن النادي المذكور، حيث صدر العدد الأول منها في شهر حزيران عام 1973 واستمرت لغاية عام 1985 بعددها التسلسلي المرقم بالعدد 32 باللغتين الآثورية والعربية وبإضافة اللغة الإنكليزية في بعض أعدادها. متضمنة العديد من المقالات التراثية والأخبار الاجتماعية واللقاءات الصحفية المتنوعة كالأدبية واللغوية والرياضية والفنية وغيرها من الأبواب الثابتة الخاصة بنشاطات النادي.
ونظراً لاحتفاظي بالمقابلة التي أشرنا إليها المنشورة في مجلة ألف باء العراقية، آثرت على استنساخها وإعادة نشرها هنا لأهمية ما تم التصريح به من قبل المعنيين، بعيدين عن التأثيرات السلطوية في ذلك الوقت الذي كانت تحاول الأيدي الغاشمة على تغيير سياسة النادي بالفرض على مسيرته القومية وإنجازاته الثقافية والأدبية والفنية، حيث يُعتبر هذا الريبورتاج من إحدى الدلائل الإيجابية على موقف أعضاء النادي في الحفاظ على نهج ذلك الصرح الذي كان يضاهي اتحاد أدباء العراق في محاضراته الدورية وأمسياته الفنية بعروضه المسرحية على أشهر مسارح العاصمة بغداد ومهرجاناته الشعرية والفنية السنوية على حدائق النادي، ودوراته المتوالية بتعليم اللغة الآشورية للمبتدئين والمتقدمين على أيدي الأعضاء الضالعين في محرابها، إضافة لإحياء المناسبات القومية التي نعتز بها والتي من جرائها تم حشر وزجّ الناشطين بين القضبان الحديدية لمواقفهم في التوعية القومية.
ومما تجدر الإشارة إليه عن الظواهر السلبية التي اعترضت مواقف دورات الهيئة الإدارية للنادي، كانت لبعض الأيادي الخفية المقصودة دورها في وخز جسد السلطات الأمنية للترقب بحذر مما يجري فيه، والتي أدت بالعديد من المرات على دعوة بعض الشخصيات من المسؤولين في اللجان العاملة للتحقيق معهم في مديرية الأمن العامة التي كانت على مقربة من مقر النادي، وبواسطة التعليمات التي يُزوّد بها العنصر الوحيد الذي تولى حراسته. ومن ثم توالت الإجتهادات والتوصيات والقرارات الإرتجالية الخاصة بالسلطة الحاكمة على فرض بعض الأعضاء الموالين للحزب الحاكم لتسنم المهام أيضاً في الهيئات الإدارية، رغم حيادية البعض في تعاملهم مع قرارات الهيئة. وكان لمواقف الأعضاء وعيهم التام من تلك الإجراءات اللاشرعية وفق النظام الداخلي للنادي. ومن جملة تلك الأمور حين تم عام 1975 من إنتخاب شخصية مرموقة بنضاله القومي وفوزه على اثنين من منافسيه للرئاسة، وبالتالي تجاوز السلطات الأمنية لإرادة الأعضاء بكتاب رسمي نص على ترقين قيده من العضوية ومحاربته وتولى مكانه نائبه الذي استمر لغاية عام 1977. وفي منتصف ذلك العام طلبت الداخلية بواسطة شرطة مكافحة الإجرام بإلزام الهيئة الإدارية على قبول غير الآثوريين أيضاً كأعضاء في النادي بفرض نسبة ما على ما أتذكر، وفي تلك الفترة وقبل سفري بإسبوع طلب مني رئيس النادي لأحرر رداً على طلب الداخلية، فأديت واجبي وأقدمت على الهجرة في نهاية تموز 1977. ومن الظواهر السلبية الأخرى والإجحاف بحق النادي التي لا يمكن حصرها في هذأ الإستذكار التاريخي هو محاولة القوى المهيمنة على دفة الحكم من استئصال جذور كل عمل تؤطره كلمة الآشوريين، بدلالة الكثير من الشواهد والتي منها رفض طلب الطلبة الجامعيين الآشوريين في الموصل وكركوك على تأسيس فروع للنادي الثقافي الآثوري، بالرغم من تأسيس فرع السليمانية بإنتدابي والسيد ولسن نيقولا لحضور يوم الإفتتاح ليتم في ذات اليوم الإعتداء على عدد من مؤازري النادي ومنهم عضو الهيئة االشهيد يوسف توما هرمز الذي تم اسعافه، وتأخر الإفتتاح لحين حضوره ليلقي قصيدة بتلك المناسبة، وذلك بتاريخ 20.12.1973 في قاعة فندق السلام في السليمانية، علماً بأن موافقة تأسيس النادي من قبل الجهات الرسمية في محافظة السليمانية كانت قد تمت في الثاني من كانون الأول 1973. وبغية الوقوف أكثر على شاكلة تلك الأحداث، عليه بما دونه الزميل أبرم شبيرا في كتاب خاص عن مسيرة النادي. وفيما يلي ننشر المقابلة الصحفية التي أشرنا إليها في بداية هذه العرض التوثيقي.