المحرر موضوع: العواصف الترابية في بلاد الرافدين  (زيارة 699 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لَطيف عَبد سالم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العواصف الترابية في بلاد الرافدين
لَطيف عَبد سالم
تخضع بعض مناطق البلاد خلال هذه الأيام إلى موجةٍ شديدة مِن العواصف الترابية؛ إذ أعلنت وزارة الصحة - قبل أيام - عَنْ تسجيلِ أكثر مِنْ أربعةِ آلافِ حالةِ اختناق فِي أغلبِ المحافظات العراقية، مع العرضِ أَنَّ بعضَ تلك الحالات شكلت خطورة عَلَى المصابين، وَلاسيَّما كبار السن والأفراد الَّذين يعانون مِنْ مرضِ الربو وعجز القلب. وَالمتوجبُ إدراكه أيضاً هو أَنَّ العراقَ صنف فِي العامِ الماضي - مِنْ قبلِ علماءٍ يعملون فِي منظماتٍ تابعةٍ للأممِ المتحدة - بوصفِه أحد أهم مصادر العواصف الترابية الَّتِي تشهدها المنطقة، فضلاً عَنْ الإشارةِ إلى أَنَّ تلك العواصف مِنْ شأنِها التأثير سلباً عَلَى صِحةِ الإنسان. وَبحسبِ علماء البيئة والمتخصصين العاملين فِي مركزِ التنبؤ بالعواصفِ الترابية التابع لمنظمةِ الأنواء الجوية العالمية، تتقدم إيران والكويت قائمة البلدان الأكثر تضرراً فِي المنطقةِ بفعلِ الأتربة والرمال القادمة مِنْ سوريا والعراق، بالإضافةِ إلى أَنَّ الاستغلالَ السيء للتربةِ والمياه المتأتي مِن الحروب الَّتِي ما تزال المنطقة تشهد شراسة وقائعها، يُعَدّ مِنْ بَيْن أهم العوامل المسببة لظاهرةِ التصحر وزيادة العواصف الترابية، إلى جانبِ المساهمةِ بتصاعدِ وتائر التغير المناخي بشكلٍ عام.
يمكنُ القول إنَّ تحولَ العراق إلى أحد أبرزِ مصادر تلك العواصف، مرده بالأساسِ إلى انحسارِ مناسيب المياه فِي المجاريِّ المائية؛ جراء ركون دول المنبع إلى بناءِ السدود عَلَى نهري دجلة والفرات، وهو الأمر الَّذِي أدى إلى جفافِ الاهوار والبحيرات فِي بلادنا مخلفة ورائها الأتربة والرمال الَّتِي تذروها الرياح. وَأَدْهَى مِنْ ذلك أنَّ برنامجَ البيئة التابع لمنظمةِ الأمم المتحدة تشير تنبؤاته إلى أنَّ العراقَ سيتعرض لِمَا يقرب مِنْ (300) عاصفة ترابية سنوياً فِي غضونِ السنوات العشر القادمة، قبالة (120) عاصفة سنوياَ يشهدها حالياً؛ نتيجة تزايد فعاليات استخراج النفط غير المستدامة، والأنشطة الزراعية الجائرة، فضلاً عما شهدته البلاد مِنْ حروب شرسة طوال أكثر مِنْ ثلاثةِ عقودٍ مِنْ الزمان، وَالَّتِي ساهمت فِي زيادة الوضع سوءاً. وَلَعَلَّنا لا نبعد عَنْ الواقعِ أو نبالغ إذا قُلْنَا إنَّ إقدامَ النظام السابق عَلَى تجفيفِ الأهوار، واهتداء  الأهالي إلى اقتلاعِ الاشجار والنباتات مِنْ أغلبِ المناطق بقصد توظيفها لأغراضِ الطاقة، فضلاً عَنْ إهمالِ القطاع الزراعي، كان فِي مُقدمةِ العوامل المساهمة فِي إنضاجِ مشكلة التصحر، وَالَّتِي تفاقمت آثارها المباشرة بفعلِ جملةِ عوامل موضوعية فِي طليعتها ضآلة إطلاقات المياه فِي أنهارنا، وَالَّتِي  أفضت إلى نقصٍ كبير فِي المواردِ المائية بالتزامنِ مع انخفاضِ مستوى الامطار وانحسارها فِي بعضِ السنواتِ خلال المدة الماضية، إلى جانبِ ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة نسبة ملوحة الأرض وتدني مساحة الغطاء النباتي الَّذِي ظهر بشكلِ غطاءٍ متناثر للنباتات؛ عَلَى خلفيةِ انخفاض الإنتاج الزراعيّ الَّذِي ترتب عَلَيه تنامي ظاهرة النزوح مِن الريفِ إلى مراكز المدن بحثاً عَنْ فرصةِ عملٍ فِي ظلِ زيادة العوامل المسببة للتصحر.
فِي أمانِ الله.