المحرر موضوع: تزويج القاصرات دعشنة مذهبية شرّعتها العقلية الطائفية!!  (زيارة 858 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تزويج القاصرات دعشنة مذهبية شرّعتها العقلية الطائفية!!
أوشــانا نيســـان
بالامس أعلنت القوات العراقية قضاءها على اخر جيوب داعش المتاخمة للحدود السورية بعد ثلاث سنوات من المسلسل الدموي للتنظيمات التكفيرية ومسلسل قطع الرؤوس، سبي النساء، تحطيم معالم التاريخ والاثار والكنائس والمساجد والاستيلاء على ممتلكات الابرياء، قبل أن تكشف السلطة السياسية، أن الفكر الداعشي الذي صاغه الاسلام السياسي المتطرف أستقرتحت قبة البرلمان الوطني العراقي.
أذ مجرد تصويت الاحزاب الاسلامية في البرلمان العراقي "الجديد" على قرار تعديل مشروع قانون الاحوال الشخصية بتاريخ 1 تشرين الثاني 2017، يعتبر “نكسة للمرأة العراقية”، كما وصفت القرار الاوساط السياسية في بغداد والعالم المتحضر كله.
حيث بدأت تقاليد الثقافة الذكورية الجائرة تطل برأسها من جديد تحت سقف البرلمان الوطني العراقي، رغم مرور 58 عام على نضال المراة العراقية من أجل التحرر وتحقيق المساواة في القانون والمساواة في الموقف. هذا ما أكدته النائبة شروق العبايجي بقولها “الجميع متابع لمخاطر وأضرار تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 88 لسنة 1959 الذي حافظ على وحدة النسيج العراقي طوال هذه السنوات، لافتة إلى أن.. القانون المقترح الذي بينا اسباب رفضنا له كونه يتضمن مخالفة دستورية واضحة كما أنه يحيل الأحوال الشخصية إلى الأوقاف رغم أنه بكل دول العالم هي قضية قانونية لتنظيم أمور المجتمع وهذا خرق لمبدأ الفصل بين السلطات فكيف أعطي قضية الأحوال الشخصية إلى الأوقاف”، أنتهى الاقتباس.
للاسف الشديد بات من الواضح حتى في العراق الجديد عراق ما بعد قرن من الدكتاتورية السياسية والظلم والقهر ضد المرأة الام العراقية رغم أعتبارها نصف المجتمع وتربى النصف الاخر، أن شعاع التطورات الذهنية والعلمية المذهلة التي جرت وتجري في العالم المتحضربانتظام، لم يفلح في خلق المناخ الفكري الملائم لفتح أفاق التغييروالتجديد أمام المرأة العراقية المحصورة بين مطرقة التشريع وسندان المجتمع الذكوري ضمن المجتمعات الشرقية.
علما أن القانون الجعفري الجديد قانون تزويج الفتيات القاصرات يتعارض تماما مع مبادئ الديمقراطية وخرقا للمادة 14 من الباب الثاني في الدستور العراقي حيث تنص على أن "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي".
ومن الواقع هذا يفترض بالصفوة العراقية السياسية الى جانبها النخبة العراقية المثقفة أن تعملا بجدية وفق أجندة وطنية وأنسانية مدروسة من أجل تصحيح الحركة التشريعية وانقاذ وجود المراة  ومستقبل حقوقها من خلال تشريع قوانين عصرية عادلة  بموجبها يمكن اعادة مسيرة التشريع الى سكتها الصحيحية. علما أن مجرد "شرعنة" مسألة تحويل قضية الاحوال الشخصية من البرلمان الى الاوقاف، هو مخالفة دستورية بحق القوانين العراقية الخاصة بحقوق المراة العراقية أولا، ومخالفة دستورية أخرى بحق التيار المدني العلماني للاكثرية من الشعوب العراقية التي قارعت الدكتاتورية لعقود متواصلة من أجل تثبيت العدالة والمساواة ضمن المجتمع العراقي اسوة بديمقراطيات جميع الدول المتقدمة في العالم الغربي ثانيا.


عواقب الخلل في عقلية المشّرع العراقي
ما جرى ويجري هذه الايام في العراق الجديد، نكسة خطيرة ليس فقط للمراة العراقية وحدها كما يعتقد الكثيرون، وانما بداية لعواقب أشّد خطورة من شأنها تحريف نهج التطوروالعصرنة وبالتالي تعويق مسيرة الاكثرية في التوجه نحو بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الاتحادية المدنية وعلى أنقاض الدكتاتورية ودكتاتورية الفرد الواحد. ومن الواقع هذا يمكننا طرح التساؤلات التالية:

1- هل يتردد المشّرع العراقي في رفض أوألغاء القوانين الخاصة بالعدالة والمساواة بين العراقيين جميعا بغض النظر عن الانتماءات العرقية والمذهبية وحتى الايديولوجية، في الوقت الذي لا يتردد المشّرع نفسه في الغاء وجود ودور المراة بجرة قلم رغم اعتبارها نصف المجتمع ؟
هذا الخطر الذي تؤكده النائبة ريزان شيخ دليرعضو لجنة المرأة والأسرة في البرلمان العراقي بقولها، " تعتبر تعديل قانون الاحوال الشخصية انتكاسة لحقوق المرأة في العراق.. وتضيف.. إن مقترح القانون الجديد يشجع على زواج النساء القاصرات ويذكرنا بتصرفات تنظيم داعش مع الفتيات عندما أجبر صغيرات السن على الزواج من عناصره أثناء وجوده في الموصل والرقة".
2- ما هو الضمان لدى المشّرع العراقي الذي يلغي نصف المجتمع العراقي رغم اسلامية الاكثرية الملغاة، في تأمين الحقوق الادارية، المدنية والسياسية للشعوب والمكونات غير العربية وغير المسلمة وعلى راسها حقوق شعبنا الكلداني السرياني الاشوري" المسيحي" في العراق الجديد؟
علما أن المادة (26) من قانون البطاقة الوطنية الموحدة الذي أجازه مجلس النواب العراقي بتاريخ 27/10/2015 ، كان ايذانا باقتراب مرحلة مظلمة في تاريخ العراق وخرقا جديدا لحقوق المكونات العرقية غير المسلمة وتحديدا أبناء شعبنا المسيحي، حيث ورد فيها:
أولا: يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا للقانون
ثانيا: يتبع الاولاد القاصرون في الدين من أعتنق الدين الاسلامي من الابوين
هذه التشريعات التي تدل علنا على أصرار البرلمان العراقي "الجديد" على أسلمة المجتمعات العراقية وفق خطة مدروسة ومنتظمة بهدف القضاء على التعددية المذهبية والعرقية التي تميزت بها الدولة في وادي الرافدين، ذلك بسبب تصاعد وتيرة الاصولية الاسلامية وتنامي التطرف في العراق وبلدان الشرق الاوسط بعد ما سمي زورا بالربيع العربي. ولربما بسبب غياب المسؤولية المجتمعية وفقدان الالية أو الكوابح التي بموجبهما يمكن لمناصري الدولة العراقية الرصينة وعلى راسها الدكتور حيدر العبادي تسريع مسيرة التحول نحو الديمقراطية النزيهة والبدء ببناء الدولة العراقية المدنية.
3- وأخيرا هل يمكن بناء وترسيخ مقومات النظام الديمقراطي في العراق الجديد من دون فصل الدين عن السياسة؟
الجواب، طبعا لا يمكن تحقيق الديمقراطية والعدالة والحريات من دون فصل الدين عن السياسة. وان الازمة السياسية التي بدأت تعصف بالاسلام السياسي داخل البرلمان العراقي، يمكن حلها  طبقا للمادتين (1و2) من المبادئ الاساسية لدستور العراق الصادر عام 2005،تماما كما نجحت الثورة الفرنسية في حلها قبل 228 عام، هذا اذا نجحت السلطة التنفيذية او الحكومة في تنفيذ القوانين المشّرعة. حيث جاء في المادتين الاولى والثانية ما يللي:

المادة (1) جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي( برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق.
المادة (2) ب/ لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية
ج/ لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات
وعلى ضوء ما ورد أعلاه ضمن المبادئ الاساسية للدستورالعراقي الذي وافق عليه العراقيين في أستفتاء شعبي في تشرين الاول عام 2005، قرر "الشعب العراقي الناهض توّا من كبوته كما جاء في ديباجة الدستور، والمتطلع بثقة الى مستقبله من خلال نظام جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي، عقّدنا العزم برجالنا ونسائنا، وشيوخنا وشبابنا، على أحترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالمراة وحقوقها، والشيخ وهمومه، والطفل وشؤونه، واشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الارهاب"، أنتهى الاقتباس.
ومن المنطلق هذا يمكن القول، أنه حان الوقت على تنفيذ مضمون البنود وفقرات الدستور العراقي على أرض الواقع، من خلال تحرير العراق من قبضة التيارات الاصولية والسلفية التي أختطفت القرار السياسي في برلمان العراق الجديد لاكثر من عقد من الزمان. عليه تستوجب الضرورة الاسراع في توحيد أجندة فصائل القوى العلمانية وجهود التيارات المدنية لجميع شرائح المجتمعات العراقية التي تعمل باخلاص من أجل بناء عراق ديمقراطي عادل يتسع صدره لجميع المواطنين العراقيين بصرف النظر عن الجنس أو الدين.