المحرر موضوع: ثقافة أسمها "شكراً"  (زيارة 1000 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل جميل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 258
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
ثقافة أسمها "شكراً"
« في: 23:55 13/11/2017 »
ثقافة أسمها "شكراً"
طلب مني صديقي وأخي العزيز رمزي أن أتحدث في أحدى الكروبات الخاصة عن خبرتي الشخصية إن كانت في داخل الوطن أو خارجه، كي ننقل للآخرين تجاربنا في معترك الحياة ...
وللوقت تذكرت حادثة كانت منطلقاً في تغيير مجريات حياتي العملية في أحدى الشركات الكبرى في بغداد ...
القصة تبدأ بأن مدير الشركة طلب مني أن أبدأ بإدارة وأشراف مباشر لأحدى شركاته المتخصصة في مجال الأدوية وأجراء جرد عاجل وسريع لأن الأمور في الشركة كانت في تدهور ملحوظ ...
ولهذا أصدر أمراً إدارياً بتعييني "مشرفاً عاماً" مع صلاحيات واسعة لحين الأنتهاء من هذه المهمة ....
وعند مباشرتي لمهامي الجديدة، قمتُ بالخطوة الأولى لمعرفة ومسك رأسمال الشركة من خلال إجراء جرد عام وشامل لخمسة مخازن كبيرة تابعة لهذه الشركة.وبعدها أصدرتُ تعليماتي بتطبيق النظام وبضرورة الألتزام بتتبع آليات البيع والشراء من هذه الشركة إلى جميع وكلائها من المذاخر المهمة في مدينة بغداد وباقي المحافظات ...
وفي اليوم التالي من أصدار التعليمات وقبل وصولي إلى مقر الشركة، فوجئت بأن مديرة المبيعات (أم س...) أوعزت ومنذ الصباح الباكر بتجهيز سيارة "كيا 2 طن" بالأدوية وبدون أي فاتورة أو مستند تجهيز مخزني وأنما بطلب شفهي منها إلى السائق ...
وحال وصولي أبلغني أحد الموظفين بأن "أم س..." هي التي طلبت منا تجهيز السيارة بطلبية سريعة لأحدى المذاخر المهمة في بغداد "البتاوين" ... وللحال أوقفت التجهيز وطلبت منهم تفريغ حمولة السيارة وإعادة ما تم تحميله إلى المخزن ...
وهنا أنتبهت "أم ...." بأن السيارة لم يكتمل تحميلها، ولهذا أسرعتْ إلى المخزن لتقول إلى السائق: "لماذا لم يتم تحميل السيارة لحد الآن ..!؟" فأجابها السائق بأن الأستاذ نبيل طلب منا إفراغ الحمولة في الحال ... وهنا توجهت إليَّ مسرعة والغضب يسيطر عليها،
وقالت بصوت عالٍ وبعصبية حادة: "من قال لك بأن تفرغ الحمولة ..!؟"
فقلتُ لها وبكل برودة أعصاب: "النظام الجديد للشركة" ...
فردتْ عليّ وبكل عصبية: "كذا منك ومن نظامك ومن شركتك ومن مدير شركتك" وشتمتني بكل صلافة ووقاحة ....!!!
فما كان مني إلا أن أقول لها: "شكراً" ...
وحال سماعها مني هذه الكلمة، أمتلأت غيظاً وشتمتني مرة أخرى وبقوة ...
فقلتُ لها: "شكراً" ...
ولهول الوقعة، ما كان منها إلا أن صفعت باب المخزن بوجهي بقوة وغادرت إلى مكتبها ...
ولم تتجاوز العشر دقائق حتى أتصل بي مدير الشركة (د. ف) من لندن، قائلاً لي: ما الذي جرى بينك وبين "أم س..."
فأوجزتُ له ما جرى حرفياً ...
فقال لي: نبيل هل أنت متأكد من نفسك بأن ردّك عليها كان فقط كلمة "شكراً" أم كان هناك كلام آخر ..!؟
فقلت له نعم يا دكتور، فقط كلمة "شكراً" ...
ولم تتجاوز النصف ساعة حتى أتت "أم س..." لتعتذر وتطلب مني السماح لتجاوزها عليّ ولتصرفها الغير اللائق أمام أنظار جميع الموظفين ...
ولكن قالت لي: نبيل من علمك مفهوم هذه الثقافة الجديدة ...!؟
فقلتُ لها أي ثقافة تقصدين ...!؟
قالت لي: ثقافة أسمها "شكراً" .. التي دمرتني بل قتلتني بها مرتين عندما تلفظت بها بكل برودة أعصاب وبأبتسامة لا تخلو من سلام عميق في نفسك ....
قلتُ لها: علمني أياها "المعلم رابوني" ...
و "شكراً" لإستماعكم ...

أخوكم ومحبكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا