المحرر موضوع: كنا صغار ننطر جية أبونا  (زيارة 920 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوزيف إبراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كنا صغار ننطر جية أبونا
« في: 21:01 14/11/2017 »
{ كنا صغار ننطر جية أبونا }
جوزيف إبراهيم.
مهما كبر المرء في العمر ومهما بلغت مرتبته و شأنه, لابد من أن يتواجد بداخله طفل يحب الظهور بين الفترة و الأخرى, هذا الطفل المتواجد في جينات الإنسان يدفعه ليحن باللاشعور لكل ما يخص لعالم الطفولة من صلة, فهو يتوق أحياناً لأن يلعب ألعاباً طفولية بسيطة , أو أن يكون شغوفاً كي يشاهد أو يلمس شخصية عالمية مشهورة لها مكانة خاصة في قلبه.
هذه المشاعر العفوية و الصادقة, تجلت على أرض الواقع بين أبناء الجالية السريانية في استراليا بشكل عام وفي مدينة ملبورن بشكل خاص, وظهر ذلك جلياً في لهفتهم العارمة للقاء أبيهم الروحي قداسة البطريرك السرياني مار إغناطيوس أفرام الثاني البطريرك 123 ثلاثة وعشرون بعد المئة من سلسلة بطاركة أنطاكية, تلك اللهفة لم يكن لها وصف أقرب من براءة و اشتياق الطفل لأبيه القادم إلى البيت بعد غياب طويل, أو الانتهاء من العمل اليومي الطويل كقول الموال العراقي الجميل والحزين { جنا صغار ننطر جية أبونا }
خمسة أيام هي الفترة الزمنية التي قضاها قداسته بين أبناءه الروحيين في مدينة ملبورن, ابتدأت من صباح الثامن من تشرين الثاني /8/11/2017/ وانتهت في الساعة السادسة مساءً من يوم الأحد المصادف في /12/11/2017/ , حقيقة كانت أيام قليلة بقياسها الزمني, لكنها حفرت بصمات وذكريات رائعة في قلوب كل من تواجد ونال البركة الأبوية من قداسته, لقد أظهر حناناً و عطفاً كبيرين و أثبت قدرته الثيلوجية والعلمية الممزوجتين بالتواضع والبساطة والعفوية, مبرهناً على إنه خير خلف لأعظم سلف ( مؤسس الكرسي الأنطاكي الرسولي والتلميذ الجريء للسيد المسيح بطرس الرسول , الموصوف بصخرة الإيمان ).
قبل وبعد وصول قداسته كان نشاط وعمل المؤسسات الإدارية ولفيف المؤمنين شبيهاً بخلية النحل في الكنائس السريانية الستة, أربعة منها تابعة لسريان الشرق الأوسط { مار أفرام السرياني ,مار يعقوب البرادعي, السيدة العذراء , ومار جرجس } , واثنتين تابعتين للسريان الهنود اليعاقبة ,{ مار جرجس التي انتهى تشيدها مثل هذه الأيام من العام الماضي وقد دشنها قداسته في زيارته هذه باحتفال وحضور شعبي إكليروسي مهيب, وكنيسة مار توما تيمناً بتلميذ السيد المسيح مار توما الرسول, الذي أدخل المسيحية إلى شبه الجزيرة الهندية, هذه الكنيسة قدمت حباً واستقبالاً كبيرين و أدّت عرضاً فنياً نموذجياً و مميزاً ظهر ذلك بالتنظيم والانضباط الذي يليق بالأب الأكبر.
أثناء لقاءه الموسع مع الشبيبة المسيحية التابعة لمختلف الطوائف, أجاب وبرحابة صدر عن خمسة أسئلة رئيسية اختارتها الشبيبة, وهو متنقلا بين موائدهم قائلاً : أشعر كأنني شاباً مثلكم وسوف استمع ببهجة وتمعن إلى أسئلتكم ومقترحاتكم وحتى لنصائحكم التي ستقدمونها لي , مشجعاً إياهم للانخراط بالعمل السياسي المتلازم مع القيم والأخلاق المسيحية, وحثهم على العمل الدؤب للدخول في معترك الحياة بثقة عالية بالنفس , وقال لهم : لقد قيل إن الشباب هو أمل المستقبل وأنا أضيف إنكم أنتم الحاضر والمستقبل معاً.
في لقائه مع أتباع كنيسة السيدة العذراء لوضع حجر الأساس لبنائها لاحقاً الذي كان لي شرف الحضور وأخذ بركة أمنا العذراء, لفتت انتباه الحاضرين جملة بمنتهى الجمال والتواضع من الكلمة المرتجلة المعبرة التي ألقاها قداسته , والتي تركت وقعاً وأثراً إيجابياً بليغاً في نفوس الحاضرين , وهي { أشعر أنني داخل أعظم كاتدرائية في العالم , لإن هذا المكان المتواضع يُذكرني بالمذود الذي ولد به السيد المسيح }, والمكان كان عبارة عن كراج صغير من التوتياء لا تتجاوز مساحته الثلاثون متراً مربعاً و بداخله البطريرك والوفد المرافق مع أكثر من خمسين شخصاً , ودرجة الحرارة لذاك اليوم تجاوزت الثامنة والعشرون درجة مئوية مع وهج الشمس الأسترالية الحارقة.
وكان لختام زيارته في مدينة ملبورن طعم خاص لن يُنسى أبداً , ففي صباح يوم الأحد المصادف /12/11/2017/ توافدت مئات العائلات من مختلف الطوائف والمناطق الجغرافية المحيطة بالمدينة إلى كنيسة مار يعقوب البرادعي , هذه البيعة التي تشرفت مع راعيها الأب أفرام أفرام ولجنتها الإدارية ومؤمنيها , بإقامة القداس والذبيحة الإلهية برئاسة البطريرك أفرام الثاني , البهجة والسعادة كانت عارمة على وجوه الجميع . تجمع أكثر من ألف شخص لرؤية رأس الكنيسة السريانية في العالم , لقد كان حدثاً تاريخياً مميزاً, أعطى أقوى رسالة حب معنوية و أبدى المؤمنين ولائهم الصادق وتعضيدهم للبطريرك, إذ لم تشهد أي كنيسة سريانية منذ قدوم السريان إلى استراليا في خمسينيات القرن الماضي مثل هذا التجمع الجماهيري المهيب وهذه الفرحة العارمة , وفي المقابل السعادة والابتسامة لم تفارق شفتي البطريرك , فأعطى وبسخاء إلى كل من شاهده أو تكلم معه تشجيعاً وعطفاً ومحبة أبوية , جعلت الجميع يتجدد في نشاطه ويستعيد حيويته لمسيرة الحياة , حقاً لقد كان عرساً جميلاً لن يُنسى .
جوزيف إبراهيم.
في /12/11/2017/ ملبورن.